الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح (57)

  • العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟
أفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح (57)
د. محمد الموسوي

مصير حتمي طبيعي لأي مسيرة تقوم على الادعاء بعيدة عن الحقائق وعاجزة عن التعايش مع ما تطرحه من أفكار وعن تنفيذ ما تُطلِقه من وعود أو حماية ما ترفعه من شعارات مرحلية أو أضعف الإيمان الحفاظ على تماسك أركان بيت السلطنة بيت سلطان كهنة ولاية الفقيه.
كان أول سقوط مدوٍ لمنظومة ولاية الفقيه في تسعينيات القرن الميلادي الماضي

وهو سقوط واندحار عامل الثقة في تلك المنظومة كلياً بعد أكثر من عقد من التجارب المباشرة مع مختلف مؤسسات نظام الملالي وخاصة المؤسسة السياسية التي بدت حماقاتها وجرائمها تتجلى للعيان وتطفو على سطح الحياة العامة بعد انتهاء الحرب مع العراق وانتهاء مرحلة الصمت المرعب الذي أصاب المجتمع عقب مجازر الإبادة الجماعية بحق عشرات الآلاف من السجناء السياسيين

الذين أصابت فاجعتهم كل مدينة وحي في إيران، وفي بعض الأحيان أتت هذه الفاجعة على عوائل بأكملها فقطعت نسلهم أو هددت وجودهم..، وبدأ المحك المباشر بين الملالي السلاطين وبين أبناء الشعب الذين صحوا بعد ما يربو على عقد من الزمان على أُكذوبة الولي الفقيه والادعاء باسم الدين..


الدين الذي لم يبقى منه سوى بعض الشعائر والعقائد التي دأب عليها الناس وقد مس بها الملالي وحجموها خاصة بعد وفاة المرجع الديني آية الله العظمى السيد الكلبايكاني وآية الله العظمى الشيخ الآراكي في بداية عقد التسعينيات من القرن الميلادي الماضي على نحو مفاجئ حيث خلت الساحة لخامنئي وفرضوه مرجع ديني دون مرجعية ودون توفر شرط العلمية فيه إلى جانب الشروط الأخرى التي لم تتوفر أيضاً، ولولا تداركهم لسفاهتهم لفرضوه مرجع أوحد مستندين لعامل القدرة التي في أيديهم، وليتهم فعلوا ذلك وعجلوا بتناحر أفاعي بيت الكهنة ومضوا معا إلى الجحيم.


مرحلة تلو الأخرى وتجربة تلو الأخرى والحياة في ظل حكم الكهنة في إيران في تراجع، ولم يكن مستوى المعيشة وحده في تراجع بل كانت العقيدة السياسية في مقدمة هذا التراجع إلى اليوم، ومس هذا التراجع العقيدة الدينية في مقتل إذ تصاعدت الجرائم وحالات الإدمان والفساد الاجتماعي والعزوف عن الدين والعبادات وحالات الإلحاد وخروج بعض الناس عن الدين في سلطة الكهنة الحاكمة باسم الدين وكانت أول من فسد وخرج عن الدين وأحلت ما حرم الله وحرمت ما أحل الله ولم تُبقي للمجتمع واعظ ولا رادع ولم يقتصر الحال على إيران وحدها بل وصل للعراق أيضاً بعد أن حكمته نسخة فاسدة من نفس حكم الكهنة موالية طائعة لبيت الكهنة في طهران.


من المؤكد أنه في ظل طغمة الكهنة الجاهلة تلك المتعطشة للسلطة؛ لن تكون هناك خيارات للحفاظ على السلطة ونعيمها سوى القمع والاستبداد والتعسف والقتل الحكومي تحت مسمى الإعدام والتعذيب والتنكيل داخل السجون والخطف في الشوارع ومن ثم إلقاء المخطوفين قتلى ممثلٌ بهم على قارعة الطريق مقطعي الأوصال حليقي الرؤوس مهشمة وجوههم في صورٍ بشعةٍ لا تعبر عن وجود مؤسسة حكم رشيد أو وجود بشر داخل مؤسسات الحكم، ومع هذا الإمعان في القمع

والتنكيل لم يتمكن كهنة النظام من الوصول إلى غاياتهم فكفروا بما نشأوا عليه وخرجوا عنه ببدعة جديدة داخل نظامهم الشمولي ألا وهي بدعة وأكذوبة الإصلاحيين التي أنهكت المجتمع الإيراني أيضاً وخدعت الغرب وعبثت بعقوله وبالنهاية أُفتُضِحَ أمرهم أمام الشعب الإيراني والعالم، وقد اكتشف الجميع أن الدور الذي لعبه أولئك الذين إبتدعوهم وأسموهم بالإصلاحيين كان دوراً خبيثاً مكن سلطان الكهنة من الاستمرار لأكثر من عقدين بحكم الحديد والنار متسلطين على رقاب الشعب الإيراني الذي طالت محنته منذ بداية حقبة الشاهنشاهية البغيضة وإلى اليوم في ظل هذا النظام القائم.



ومن سوء تدبير الكهنة أن عصابة الإصلاحيين التي كانت لهم مخرجا ومنقذا باتت منذ زمن بعيد تصدق بأنها بديل وأن بمقدورها التقدم قليلا للأمام لنيل امتيازات أكبر ممن صنعوهم كمناورين داخل البيت الواحد لكن سوء عملهم وسوء تدبير الكهنة كما أسلفنا أفقدهم أخر خياراتهم وقطع شعرة معاوية التي كان الكهنة يعتقدون بوجودها وتواصلها مع الشعب الذي زاد من حالة العزلة بينه وبين النظام ولم يشارك في الانتخابات الأخيرة إلا القليل من المنتفعين أو المضطرين، وبعض من شارك دخل لكي يُبطِل صوته ويُوصل رسالة رفض النظام بكل عصاباته، وهذا هو المصير المأساوي المتوقع لهذا النظام وستكون مسرحية الانتخابات الرئاسية المقبلة أكثر مسخرة وقبحاً ومأساوية.. هذا وللحديث بقية.. وإلى عالم أفضل.


ليفانت: د. محمد الموسوي 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!