-
أنفلونزا الكلاب.. من لينين إلى كيم وبشار
دأب كارل ماركس على القول بحتميّة انتصار الاشتراكية على الرأسمالية، بعد أن تستكمل الرأسمالية توسّعها وشمولها للعالم كنظام يقوم على التوسّع، سوف ينهار كلياً عندما يشمل العالم كله ويوحده في دائرة إنتاج واحدة، وهذا ما تبنته الحركات الثورية العمالية في أوروبا الصناعية، وانتقل إلى روسيا الإقطاعية أيضاً.
لكن فلاديمير إيليتتش لينين انقسم عن الحركة العمالية الثورية الروسية (المناشفة) التي تعتمد مبدأ الثورة على الإقطاع الذي يعرقل النمو الرأسمالي وإنجاز مهام الثورة البرجوازية الديموقراطية، كمقدمة ضرورية للتحول للاشتراكية فيما بعد، وابتدع فكرة التحوّل الثوري المباشر من الإقطاع للاشتراكية دون المرور بالمرحلة الرأسمالية الديمقراطية، وأسس حزب (البلاشفة) الذين تبنوا نظرية التحوّل الثوري الشيوعي بقيادة الطليعة الثورية التي عليها تسلّم السلطة وامتلاك الاقتصاد وبناء المجتمع الاشتراكي بطريقة علمية مدروسة نصّت عليها نظرية صاغها ماركس وإنجلز ثم طورها لينين ومن معه.
وبالفعل بعد نجاح المناشفة في الإطاحة بالقيصر نهاية الحرب العالمية الأولى وتحويل النظام القيصري لنظام ديمقراطي، وبسبب ظروف الحرب والفوضى العارمة التي خلقتها ظروف الهزيمة والمجاعة وهزالة الديمقراطية والمؤسسات وغياب المجتمع المدني، تشكلت مجالس محلية من العمال والجنود لإدارة الأزمة بسبب عدم وجود سياسات ومؤسسات جديدة قادرة، فاستغلّ لينين الظرف وطلب اجتماعاً عاماً كاملاً لمجالس العمال والجنود (السوفييت) في العاصمة بطرس بورغ، وهكذا وعشية الاجتماع قام مجلس سوفييت بطرس بورغ، بقيادة الحزب البلشفي، بالإطاحة بالسلطة الهشة للمناشفة، وسلم السلطة نظرياً لمجلس السوفييت الأعلى، تحت شعار كل السلطة للسوفييت.
وهكذا صار العمال العاطلين والجنود الفارين، وجحافل المتمردين والجائعين هم السلطة، بقيادة الحزب الشيوعي الروسي البلشفي، الذين صار زعيمهم الملهم لينين هو رئيس مجلس السوفييت الأعلى الحاكم المطلق للبلاد، والذي يمتلك الشرعيّة الثورية للاستيلاء على كافة مؤسسات الدولة وأدوات الإنتاج ومقدرات البلاد، من أجل قيادة التحول الاشتراكي بطريقة علمية مدروسة ومخططة، وليس بالفوضى التي تطلقها الديموقراطية، أعدم لينين القيصر وأسرته انتقاماً لإعدام أخوه الفوضوي من قبل، وقاد جحافل المتمردين للاستيلاء على كافة الملكيات وتحويل الجميع لعمال وجنود عند الحزب والجيش الأحمر، وخاض حرباً أهلية استمرت خمس سنوات حتى استكمل السطو والسيطرة الكاملة، ومرض ومات قبل ذلك، وتسلم ستالين الذي فهم السلطة الجديدة كسلطة شخصية لا تنازع، يجب على الجميع طاعتها وتنفيذ توجيهاتها، وبدأ عملية البناء الجديد من الفقر والمجاعات وبواسطة المجازر، تحت سلطة حزب الجيش الأحمر.
وسرعان ما انتشر الفكر الشيوعي في العالم كأداة عملية للقفز إلى السلطة، يقوم بها تنظيم سري يتبنى العنف، ويستغلّ قضية العمال والفقراء الذين صاروا وقود ثورته، ومن ثم ضحيتها عندما يتحولون هم أنفسهم لعبيد عندها، بينما تتمايز مصالح المستبدين الجدد تدريجياً لتحول النظام السياسي لنظام استعباد حديث تحت شعار الاشتراكية، وبذلك حققت ثورة لينين ليس الانتقال للاشتراكية كأعلى مرحلة حضارية، بل عادت بالحضارة إلى مستوى العبودية، حيث عممتها وحولت كل الشعب لعبيد عند السلطة، السلطة المطلقة كقوة غاشمة تقتل كل من يعارضها.. وهكذا فعل ماو تسي تونغ، وكيم إيل سونغ وكاسترو.. وقلّده في دول العالم الأخرى ضباط وصلوا للسلطة بالانقلاب العسكري وأرادوا شرعنة تسلطهم باستخدام مبادئ النظرية الاشتراكية، التي تبرر لهم استعباد كامل الشعب والسيطرة على كامل مقدراته وقمع كل من يعارضهم كرجعيين وعملاء للإمبريالية ومستغلين.
يقوم اليوم كيم جونغ أون، حفيد كيم إيل سونغ، الذي حوّل الدولة الكورية الشمالية لملكية شخصية، ومزرعة خاصة، بتشغيل الكوريين الشماليين في معامل السخرة داخل وخارج البلاد لجمع الأموال له ولرفاهيته فقط، ولا يعطيهم أي حق من حقوق البشر الأحرار ولا شرعية لأي ملكية، بل يسرق خيرات عملهم كلها تقريباً، ويتركهم عرضة للجوع محكومين بالخوف عبيد يتحركون بالأوامر.. وهذا ينطبق على النظام الصيني والكوبي والفيتنامي، ومعظم الدول الاشتراكية، لكنه يظهر جلياً عند نظام بشار الأسد، وريث حافظ الأسد، بشار الذي قرر قتل وتهجير الشعب الذي تمرد على نظامه الذي تعلمه أبوه من صديقه ومعلمه ومرشده كيم إيل سونغ، وما يزال كلا النظامين يتعاونان على استغلال وسرقة شعوبهما وترهيب العالم، بدعم من مافيات الشيوعية في روسيا والصين، كآخر نسخة من فيروس الكلاب الذي ابتدعه دماغ لينين الحاقد الراغب بالانتقام والتسلّط منذ قرن من الزمن.
ليفانت - كمال اللبواني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!