-
إلى متى ستصمد سُلطة "القانون" أمام كورونا؟
في أواخر ديسمبر 2019، أبلغت السلطات الصينية عن تفشّي التهاب رئوي غير معروف النشأة في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية، وذكر التلفزيون المركزي الصيني، نقلاً عن مجموعة المختصّين في التاسع من مارس بأنّ الفحوص المخبرية كشفت عن وجود نوع جديد من فيروس كورونا، وبعد إجراء الاختبار باستخدام طريقة الحمض النووي، أثبت الخبراء أن سبب حالات الالتهاب الرئوي الفيروسي غير المعروف نشأته هو نوع جديد من فيروس كورونا. القانون
ومذ ذلك الحين، تعرّف العالم على وباء جديد، لم يكن ليتصور الإنسان أن كل التطورات التي شهدها قطاعه الصحي، وأن الدول المتقدمة في مجال التقنية والصحة والتجهيزات، ستكون عاجزة عن ردع فيروس، معروف إليهم من قبل، لكنه ربما قام بتطوير ذاته، فأضحى أسرع في الانتشار مقارنة مع أقرانه من العائلة ذاتها، وأقل فتكاً من بعضها الآخر كـ"سارس"، ليبدأ معها الفيروس رحلته الغير مرحّب بها عالمياً، وتعلن الدول بشكل متوالي تسجيل حالات الإصابة به.
انتشار الفيروس و تحذير الصحة العالمية
ورغم رغبتها في عدم إفزاع العالم، وسعيها إلى محاولة زرع الطمأنينة لدى سكان الأرض على اختلاف مشاربهم وتلويناتهم، وأعراقهم وألوانهم وأديانهم، لم تستطع منظمة الصحة العالمية إلا أن ترفع تقديرها لمستوى الخطر النابع من تفشّي فيروس "كورونا" الجديد الناشئ في الصين، على النطاق العالمي، من "معتدل" إلى "مرتفع" في السابع والعشرين من يناير.
ونوّهت "الصحة العالمية" في تقديراتها، إلى أن خطر سلالة فيروس "كورونا" 2019-nCoV مرتفع للغاية بالنسبة للصين، ومرتفع للمنطقة، ومعتدل على المستوى العالمي، فيما بدأ العلماء بدورهم التنبيه من مخاطر الفيروس فيما لو انتشر ولم يتمّ كبح جماحه، فاعتبر رئيس الأكاديمية الروسية للعلوم، ألكسندر سيرغييف، أن تفشّي فيروس "كورونا" الجديد بالوتيرة الحالية قد يؤدي إلى انتشار المرض على الصعيد العالمي بحلول مارس. القانون
ماذا لو واصل الفيروس فتكه بالبشرية؟
ومع مواصلة انتشار الفيروس، ولجوء قرابة مليار إنسان حول العالم إلى التزام الحجر الصحي، وتوسّع دائرة الدول المصابة به بدرجة شديدة عقب الصين إلى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول بوتيرة أخفّ، بدأت استفسارات عديدة تهيمن على عقول الناس في مختلف أرجاء المعمورة، تتعلق بمستقبل الفيروس واحتمالات إيجاد علاج أو لقاح له، مقارنة مع احتمالات استمراره في حصد المزيد من الأرواح البريئة في الجهات الأربعة للأرض.
ولعلّ أهم ما قد بات يقلق الناس عموماً، حفاظهم على إمدادتهم من الغذاء والشراب والخدمات الأساسية كالكهرباء وغيرها، في ظلّ تعطل الكثير من معامل إنتاج المواد الغذائية حول العالم نتيجة دخول معظم الدول الصناعية والإنتاجية في عمليات الحجر الصحي، وهو ما قد يؤثّر سلباً على الإمكانات المالية للطبقات الفقيرة، ويفقدها القدرة على تأمين احتياجاتها الأساسية، خاصة إذا استمرّ توقف الأعمال لفترة طويلة، في ظلّ تمديد معظم الدول فترات الحجر الصحي، نتيجة مخاطر فكّه التي قد تؤدّي إلى تفشّي كارثي للوباء.
وفي السياق، صرّح رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، في السابع والعشرين من مارس، بأن الاضطرابات يمكن أن تندلع في أوساط الفقراء والمهمشين بالمدن الكبرى في الغرب، لافتقارهم لموارد الدخل مع تفشّي فيروس كورونا، وذكر فرانشيسكو روكا، وهو إيطالي ويرأس اتحاد أكبر شبكة إغاثة في العالم، إنه بجانب الاضطرابات الاجتماعية، تتزايد مخاطر الانتحار بين الضعفاء والمعزولين. القانون
وأردف في إفادة صحفية بمقرّ الأمم المتحدة في جنيف: "يوجد كثير من الناس يعيشون مهمشين للغاية داخل ما يسمى الثقب الأسود في المجتمع. أخشى أنه في غضون أسابيع قليلة ستكون لدينا مشاكل اجتماعية في أصعب الأحياء في المدن الكبرى"، موضحاً أن هذه قنبلة اجتماعية يمكن أن تنفجر في أي لحظة، لأنه لا طريق أمامهم للحصول على دخل".
هل يفتح كورونا الباب أمام الجريمة؟
وإلى جانب العجز على تأمين القوت اليومي الذي قد يصل إليه الكثير من البشر ممن كانوا يحظون بأعمال قبل تفشّي الفيروس، والذي قد يدفع بعضهم لاختيار طرق أقل ضرراً كالانتحار وفق ما ورد في تصريح روكا، فإن آخرين قد يلجؤون إلى أساليب عنيفة لتأمين مستلزماتهم الحياتية، مستندين إلى قاعدة (البقاء للأقوى)، وهو ما قد يكون تحدّياً حقيقاً أمام الكثير من الدول لضبط القانون وحماية السكان، ومحاولة توفير ما أمكن لهم من حاجيات.
فرضيات سلبية للغاية، لكن يبدو أن السكان في بعض الولايات من المتحدة الأمريكية قد بدؤوا بإعداد العدّة لها، من خلال السعي إلى شراء الأسلحة التي قد تمكّنهم من حماية عائلاتهم، فيما لو تعرضوا إلى هجمات من ذلك القبيل، لو اهتزّت ثقة السكان بقدرة السلطات المحلية على ضبط الأمن، وتمكّن ضعاف النفوس من تشكيل مجاميع تخريبية مستغلة لأي تراخي أمني، حيث بينت وسائل إعلام أمريكية في الرابع والعشرين من مارس، أن محلات بيع الأسلحة في الولايات المتحدة تشهد إقبالاً كثيفاً، خشية اضطرابات اجتماعية محتملة على خلفية أزمة الفيروسات.
وبينت وسائل إعلام أمريكية بأن بعض متاجر بيع الأسلحة شهدت اصطفاف طوابير طويلة أمام مداخلها، منوّهةً إلى أن مبيعات الاسلحة ازداد بشكل جنوني، وأن أرباح الطلبات على شراء السلاح خلال شهر فبراير زادت 309% مقارنة بنفس الشهر من العام 2019، لافتةً إلى أن أصحاب متاجر الأسلحة استغلوا أزمة كورونا من أجل تحقيق مزيد من الأرباح، وكشفت وسائل الإعلام في الولايات المتحدة أن نسبة كبيرة من هؤلاء يشترون أسلحة نارية للمرة الأولى في حياتهم. القانون
وذكر صاحب محل أسلحة أمريكي يدعى لاري هايات، بولاية نورث كارولينا، في تصريح لصحيفة "غارديان" إن مشاهد الشراء الجماعي في متجره كانت غير مسبوقة، مردفاً: "هذه هي المرة الثانية فقط خلال 61 عاماً من العمل التي رأينا فيها شيئا من هذا القبيل. المناسبة الأولى كانت في أعقاب إطلاق النار الجماعي في مدرسة ساندي هوك الإبتدائية في كونيتيكت عام 2012"، مستكملاً: "إننا نشهد اندفاعاً هائلاً لشراء الأسلحة والذخيرة حيث يشعر الناس بالحاجة إلى حماية أنفسهم وعائلاتهم"، مشدداً أن نوع الأسلحة التي يتم شراؤها يعكس الخوف السائد بين العملاء".
وأفصح لاري أنه لم يكن هناك أي اهتمام تقريباً ببنادق الصيد، كاشفاً أن هناك طلباً كبيراً على بنادق AR-15 شبه الآلية، كما شدد موقع متخصص ببيع الأسحلة على الإنترنت في الولايات المتحدة، أن مبيعاته من الأسحلة ارتفعت من 23 فبراير إلى 4 مارس بنسبة 68 بالمئة، فيما أكد تقرير نشر على موقع الراديو القومي الأمريكي أن مبيعات الذخائر زادت بنسبة 20% خلال الأيام القليلة الماضية، فيما ازدادت مبيعات الأسلحة الخفيفة والمتوسطة إلى نسبة 400% في الفترة ذاتها. القانون
ورغم أنه قد يكون من المبكر الحديث عن تطور سلبي كبير في مسار تفشّي الفايروس، قد يفضي إلى نهايات مأساوية غير مرغوبة في مختلف البلاد، لكن تلك الاحتمالات لا بد أن تضحى على طاولة نقاش السلطات المحلية في كل بلد، خاصة لو امتدّ عمر الفيروس شهوراً أخرى، ما قد يستنزف المزيد من المُقدرات الوطنية والمُدخرات القومية للبلدان. ليفانت
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!