الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
إنه الاقتصاد يا غبي.. ترمب هاجم
إبراهيم جلال فضلون (1)

منذ عام 2010 دخل الشرق الأوسط مع الإدارتين الديمقراطيتين في عهدي أوباما وبايدن، نفقاً مظلماً، عماده الدم والدمار، والإفقار المتعمد، والسعي إلى فرض رؤى التطبيع المُتعمد والتي لا يمكن أن يقبلها العالم العربي عموماً، ودول الخليج خصوصاً.. بل وإن الولايات المتحدة نفسها لم تسلم من الخراب الاقتصادي والاجتماعي، وانخراطها في صراعات الغرب التي تخشي فوز ترامب، فقد دعم الديمقراطيين والغرب أوكرانيا في حربها مع روسيا، وصل في مرحلة ما إلى تهديد السلام العالمي باستخدام السلاح النووي، والتهديد بحرب عالمية ثالثة، وذلك ما جعل ترامب يُبين بل ومستغلاً الضعف الديمقراطي بوصفهم "حزب شيطاني" وساخراً من بايدن وهاريس التي قالت: "يجب أن نتحرك. الصلاة وحدها لا تكفي، والكلام وحده لا يكفي" وادعت أنه "في غضون يومين فقط سيكون لدينا القدرة على تقرير مصير أمتنا للأجيال القادمة. 


لا شك الجميع في المنطقة يريد أن يرى أميركا الدولة العظيمة التي بناها جورج واشنطن وجيمس ماديسون، وجون أدامز، وأبراهام لينكون، ودوايت أيزنهاور، سعيا إلى الحرية والديمقراطية، التي تم وأدها أو قتلها قبل أن تولد في الشرق الأوسط على يد أسلافهم، ولعل عودة، ترامب، نقطة تحول في السياسة الأميركية الخارجية، خاصة مع نهجه غير التقليدي في التعامل مع القضايا المختلفة. التي تحتاج لتقليم أظافر بعض الدول الشريرة، ولجمها من دون حروب، كمدللة أميركا ورئيس وزرائها الدموي نتنياهوا، الذي أرهق شعبه في حرب غزة بعد طوفان الأقصى، وهو طوفان بالفعل زلزل مكانة القوى المارقة وكشف النقاب عنهم وعمن عاونهم، وبالتالي لابد من العودة إلى استراتيجية حازمة خارجة عن نطاق الدم والتدمير والتجويع بل والإذلال للشعوب، كما يحدث في عدم احترام الإنسانية في غزة والسودان ولبنان وغيرهم، ولعل عودة الرئيس 47 إلى البيت الأبيض دلالة على التغيير من الداخل الترامبي لرؤية المواطن الأميركي، ولهذا قفزت المؤشرات المالية والاقتصادية كافة عندما أعلن فوز الرجل، وإحاطته بماسك وفانس وجونيور... وجوه في صورة ترمب الجديدة، وأخري يكتنفها الغموض قد تلتحق بالإدارة الأميركية الجديدة مثل ريتشارد غرينيل وسوزي وايلز وداغ بورغوم سيُفتح الطريق أمام تحقيق ما يسمونه "مشروع 2025"، وهو أجندة مرعبة لديكتاتورية انتخابية. 


ها قد عاد، الزومبي الأمريكي من دون أي ضوابط. سواء رضيتم أم لا، سيحكم لأربع سنوات أخرى. والكُل يُفكر ماذا لو كنت فلسطينياً؟، أو عربياً؟ أو لو كنت صينياً؟، أو أوكرانياً، لشعرت بقلق عميق حقاً.. كونهُ رجل أعمال لا يُفكر إلا في المال والاقتصاد، "إنه الاقتصاد يا غبي"، كما تقول العبارة المبتذلة.. ولقد نعتته كامالا هاريس و"مستوى ذكائها المنخفض"،بـ"الفاشي"، وأنه "مستبداً بطبيعته"، ولو كانت على صواب، فقد رأى ترمب في الاقتصاد القضية الأساسية، وضغط في هذا الاتجاه.. على الرغم من ما حدث، بعد أحداث السادس من يناير 2021، وصدور حكم الإدانة بحقه، وكل القضايا القانونية العالقة، ليعتقد الجميع أنه هلك ولا رجعة له!.. لكنه عاد محققاً أكبر عودة منذ عودة أليعازر من الموت (أو أقله منذ غروفر كليفلاند عام 1892). 


لقد عاد وطائفة "ماغا" التابعة له شخصياً، وسيطر على مجلسي الشيوخ والنواب وحصل أساساً على "الحصانة المشروطة" qualified immunity التي تشكل سداً منيعاً أمام محاكمته ليفلت من العقاب في مختلف القضايا العالقة ضده.  


باختصار، سيجعل ترامب في ظني عالمنا مكاناً أفقر وأكثر زعزعة، بل وقد تعود الحروب بالوكالة لسابق عهدها، وسينشب مزيد من الحروب. ففي قطاع غزة، ينتظر الغزييون أسوة ببقية العالم كيف سيحقق ترامب تعهداته، وعلى غرار القطاع والضفة، فإن ملف لبنان ينتظر هو الآخر على طاولة ترامب حلا بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المصنف إرهابياً لدى أميركا، وهو صراع على شفا الانزلاق لحرب إقليمية في ظل تبادل الهجمات الصاروخية بين إسرائيل وإيران.. وطار شررها حتى عرقلت مسارا أطلقه ترامب في ولايته الأولى لتطبيع إسرائيل مع السعودية تتويجا لاتفاقيات إبراهيم التي شملت عدة دول عربية في صفقة القرن المُزلة.


وأخيراً: قد يكون اختيار الأميركيون مساراً مُظلماً، لكنهُ أفضل من حُكم الديمقراطيين رمز (الحمار)، ومن الصعب أن نرى نهاية جيدة طالما هناك دولة احتلال لا تراعي الاتفاقيات أو القوانين الدولية أو غيرها.. فبعد أربعة أعوام من حكم ترمب، قد لا يعود لدينا سلام أو أمن يذكر.

ليفانت: إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!