-
إيران تفتتح مصنع للطائرات دون طيار في طاجيكستان: الأسباب والتداعيات
ترجمات ليفانت/وائل سليمان
مركز جيمس تاون
كتب: Vali Kaleji
في الفترة من 16 إلى 17 مايو/أيار، مع تركيز الكثير من الاهتمام في أوراسيا على الحرب الروسية الأوكرانية، زار رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، طاجيكستان حيث التقى بالرئيس إمام علي رحمن وكبار المسؤولين العسكريين.
كان أهم حدث في هذه الزيارة افتتاح الجنرال باقري ومضيفوه مصنع أبابيل 2 الإيراني للطائرات دون طيار (UAV) في العاصمة الطاجيكية دوشانبي.
و"أبابيل" لغةً "سرب الطيور" والإشارة هنا إلى القصة القرآنية المعروفة. استخدمت النسخة الأولى في سلسلة أبابيل للطائرات دون طيار (أبابيل 1)، التي أنتجتها شركة صناعة الطائرات الإيرانية (HESA)، خلال المراحل الأخيرة من الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988.
النسخة التالية منها أبابيل-2 هي طائرة دون طيار تكتيكية منخفضة التكلفة مصممة لمهام الاستطلاع والمراقبة والهجوم. يبلغ مداها 200 كيلومتر ويمكنها البقاء في الجو لمدة 1.5 ساعة. يمكن للطائرة دون طيار أن تصل إلى ارتفاع 11 ألف قدم، ويمكنها، في عمليات المراقبة والاستطلاع، مراقبة مساحة 770 كم2. إضافةً إلى ذلك، لديها القدرة على الإقلاع من القوارب والقوارب السريعة.
فيما يتعلق بزيارة أعلى مسؤول عسكري إيراني إلى طاجيكستان الشهر الماضي، توجد عدة نقاط تستحق دراسة من كثب:
أولاً، مع أنّ أن تاريخ تصنيع الطائرات دون طيار في إيران يعود إلى ثلاثة عقود مضت، فهذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها إيران رسمياً وعلناً خط إنتاج تشغيل مركبات طائرة دون طيار في بلد آخر.
المصنع هو نتاج تنفيذ الاتفاقات الثنائية التي توصلت إليها اللجنة العسكرية والدفاعية المشتركة خلال زيارة وزير الدفاع الطاجيكستاني العقيد شيرالي ميرزو إلى طهران في 5 أبريل/نيسان 2021. وقال آنذاك إن "اللجنة المشتركة ستضع مسودة مستقبل التعاون العسكري والدفاعي بين البلدين".
ثانيا، يعد التعاون العسكري بين إيران وطاجيكستان، بما في ذلك افتتاح مصنع أبابيل-2 الإيراني للطائرات دون طيار في دوشانبي من أهم النتائج التي تمخضت حتى الآن عن رفع حظر السلاح عن إيران. بناءً على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 (يوليو 2015)، الذي صدّق خُطَّة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) بشأن البرنامج النووي الإيراني، وانتهت صلاحية جميع القيود المفروضة على توريد الأسلحة الرئيسية إلى إيران وجميع الأسلحة في أكتوبر 2020.
هذا يعني أن إيران ستكون قادرة قانونياً على شراء وبيع الأسلحة التقليدية وفيها الأسلحة الصغيرة والصواريخ والمروحيات والدبابات. لذلك، على المدى الطويل، يمكن أن تصبح إيران منافساً جديداً لروسيا والصين وتركيا وإسرائيل من حيث صادرات المعدات العسكرية إلى آسيا الوسطى.
ثالثا، ينبغي اعتبار تطوير التعاون العسكري والدفاعي بين إيران وطاجيكستان علامة أخرى على تراجع التصعيد في علاقاتهما الثنائية. لعبت زيارة الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي إلى طاجيكستان في سبتمبر 2021 (أول رحلة خارجية له كرئيس للدولة) دوراً مهماً في التغلب على الخلافات والتوترات بين البلدين بعد عام 2015.
سافر الرئيس رحمون إلى طهران أول مرة منذ تسع سنوات، بعد أيام قليلة من زيارة الجنرال باقري إلى دوشانبي وافتتاح مصنع أبابيل-2. وخلال زيارة رحمن، قال المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي في لقاء مع الزعيم الطاجيكستاني إن "مثل هذا التعاون مهم للغاية. فالطائرات دون طيار هي عامل مهم في أمن البلدان اليوم ".
رابعا، يمكن أيضا النظر إلى هذا التعاون الأمني "الصعب" المعزز بما يساير انتقال إيران الأوسع نطاقاً من مراقب إلى عضو دائم في منظمة شنغهاي للتعاون (SCO). لقد انضمت إيران بشكل كامل إلى منظمة شنغهاي للتعاون في قمة المنظمة في دوشانبي، طاجيكستان في الفترة من 16 إلى 17 سبتمبر/أيلول 2021.
ومع ذلك، فإن العملية القانونية المرتبطة بأن تصبح إيران العضو التاسع في منظمة شنغهاي للتعاون ستستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات. وِستعزز الاتفاقات العسكرية الأخيرة مع طاجيكستان موقع إيران العسكري والدفاعي في منظمة شنغهاي للتعاون وتمهد الطريق لاتفاقيات مماثلة مع دول آسيا الوسطى الأخرى.
خامسا، تشترك طاجيكستان في حدود طولها 1200 كيلومتر مع أفغانستان، وواجهت تهديدات من الدولة الإسلامية وطالبان. زيادةً على ذلك، شهد النصف الثاني من مايو/أيار أسوأ أعمال عنف في منطقة جبل بامير في طاجيكستان منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1997.
بالرغم من أن القاعدة العسكرية الروسية رقم 201 تقع في دوشانبي، وقد عززت روسيا هذا الموقع بدبابات وصواريخ جديدة-منذ عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، وينصب تركيز موسكو الحالي على حربها ضد أوكرانيا. في مثل هذه الظروف، تأمل دوشانبي في تعزيز استعدادها الأمني، جزئياً، بواسطة الحصول على قدرات عسكرية مُحسَّنة للطائرات دون طيار بمساعدة طهران.
بدورها، تشترك إيران أيضاً في حدود طولها 945 كيلومتراً مع أفغانستان، وقد واجهت مخاوف أمنية مماثلة منذ أن استعادت طالبان السيطرة على كابول. لهذا السبب، قال آية الله خامنئي، في لقائه الأخير المذكور مع الرئيس رحمن، إن "المخاوف الأمنية خاصة فيما يتعلق بأفغانستان وانتشار الإرهاب هي قضايا مهمة بين البلدين".
سادسا، شهدت طاجيكستان عدة حوادث حدودية عنيفة وتوترات مع قيرغيزستان خلال العام الماضي. ورداً على ذلك، كانت قيرغيزستان أول دولة في آسيا الوسطى تشتري الطائرة دون طيار التركية Bayraktar TB2 القتالية. يبدو أن تطوير التعاون الدفاعي والأمني لقيرغيزستان مع تركيا كأعضاء في منظمة الدول التركية وكذلك النجاح المعلن للطائرات التركية دون طيار في حرب كاراباخ الثانية وفي أوكرانيا، لعب دوراً مهماً في قرار الحكومة الطاجيكية افتتاح مصنع إيراني للطائرات دون طيار في دوشانبي.
أخيراً، كان صمت موسكو على التعاون العسكري الإيراني الطاجيكي، ولا سيما مصنع أبابيل-2 في دوشانبي، جديراً بالملاحظة بشكل خاص. ردت بعض وسائل الإعلام الروسية على هذه القضية لكنها تجنبت الخطاب الناقد.
اقرأ المزيد: في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب.. عن انتهاكات بحق سوريين في تركيا
من ناحية أخرى، لم يقل المسؤولون الروس شيئاً علناً. وعلى هذا، فإن تحفظ موسكو قد يشير إلى مستوى من الرضا الروسي عن هذا التعاون الأمني بين إيران وطاجيكستان، ولا سيما لمواجهة تهديد الإرهاب والتطرف من أفغانستان.
يبدو أن المنطق الروسي في هذا الصدد مشابه لقبولها السلبي للتعاون العسكري بين الصين وطاجيكستان. في الواقع، تفضل روسيا أن يتلقى حلفاؤها الإقليميون المقربون دعماً دفاعياً وأمنياً من إيران والصين إذا كان ذلك سيعني مزاحمة تركيا والدول الغربية.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!