-
التحركات الدبلوماسية لعباس عراقجي محاولة يائسة لإنقاذ نفوذ إيران في المنطقة
ليفانت: محمود حكميان
رغم التحديات العسكرية المتزايدة وتراجع نفوذها فی المنطقة، تسعى إيران إلى تعزيز حضورها الدبلوماسي في الشرق الأوسط من خلال زيارة عباس عراقجي، وزير الخارجية، إلى لبنان وسوريا. هذا التحرك، الذي يبدو في ظاهره استعراضًا للقوة، يعكس في الحقيقة المخاوف العميقة للنظام الإيراني بشأن موقعه الاستراتيجي في المنطقة، خصوصًا بعد الهزائم التي تعرضت لها وكلائها في المنطقة. زيارة عراقجي جاءت في ظل تراجع الدعم الملموس لحلفاء طهران، الذين يعانون من إحباط متزايد جراء ما يرونه وعودًا فارغة وتأخيرات في الدعم الذي كانوا يتوقعونه.
بدأت زيارة عراقجي في بيروت في 5 أكتوبر، حيث التقى برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، وأكد مجددًا على دعم إيران للبنان ولما تصفه بـ"حركات المقاومة" هناك. لكن، ورغم تسليط الإعلام الإيراني الرسمي الضوء على هذه اللقاءات على أنها تأكيد لاستمرار النفوذ الإيراني، إلا أن الحقيقة على الأرض تعكس واقعًا أكثر تعقيدًا بكثير.
طهران كانت تعتمد في السابق بشكل كبير على فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لإدارة علاقاتها مع حلفائها الإقليميين، من خلال شخصيات عسكرية قوية لإبراز القوة والهيمنة. لكن حضور عراقجي، وهو شخصية دبلوماسية وليست عسكرية، يعكس تحولاً في السياسة الإيرانية، حيث يبدو أن طهران ترغب في إظهار موقف أقل عدوانية، ربما خوفًا من استهداف قادة رئيسيين في حرسها الثوري ووكلائها بشكل مباشر.
في الشهور الأخيرة، تعرض وكلاء إيران في المنطقة لضغوط كبيرة وهجمات متواصلة، مما أدى إلى شعورهم بالإحباط من طهران. كانت استجابة الأخيرة في الغالب خطابية، مع تقديم قليل من الدعم الملموس، وهو ما زاد من استياء الحلفاء الذين شعروا بأن النظام الإيراني يتخلى عنهم في وقت الحاجة. خلال اجتماعات عراقجي في لبنان، كانت هناك إشارات واضحة إلى هذا الإحباط المتزايد، حيث بدأت الجهات الفاعلة الإقليمية ترى أن طهران بطيئة في تقديم الدعم، فيما تواجه هي ضغوطًا متزايدة على الأرض.
في تغطية إعلامية، نشرت وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري تقريرًا حول تصريحات عراقجي، حيث ركز التقرير في البداية على الخطاب التصعيدي الذي تبناه نائب وزير الخارجية الإيراني تجاه إسرائيل، محذرًا من رد إيراني قاسٍ في حال قيام إسرائيل بأي عمل عسكري ضد إيران. لكن في نهاية التقرير، تغيرت اللهجة بشكل ملحوظ، حيث أشار عراقجي إلى أن الوضع في لبنان "ليس طبيعياً" وأن زيارته تهدف إلى مناقشة جهود وقف إطلاق النار. هذا التغيير في اللهجة يعكس الحذر الذي تتبعه طهران في خطابها، وهو ما يشير إلى إدراكها لحساسية الأوضاع في المنطقة.
في المرحلة الثانية من جولته، زار عراقجي دمشق حيث التقى بالرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية بسام صباغ. وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام السورية أشارت إلى أن هذه الاجتماعات ركزت على جهود وقف إطلاق النار في لبنان وغزة، إلا أن الهدف الأساسي من زيارة عراقجي يبدو أنه يتعلق أكثر بمحاولة السيطرة على الأضرار الدبلوماسية الناجمة عن تراجع النفوذ الإيراني، بدلاً من تحقيق أي تقدم دبلوماسي حقيقي. وكما حدث في لبنان، بالغ الإعلام الإيراني في تغطية هذه.
*عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!