الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الخمينيون وعقيدة نبش القبور
الخمينيون وعقيدة نبش القبور

استفاق العالم على جريمة شنيعة تضاف إلى سجل طويل حافل بالجرائم والقتل والتنكيل والإبادة والتعذيب والإرهاب إنها جريمة نبش القبور التي قامت بها المليشيات الإيرانية في إدلب وحلب بعد استيلائها على العديد من المدن والقرى في المحافظتين وطرد سكانها المحليين منها، ويعكس هذا الحدث على بشاعته المدى الوضيع الذي وصلت إليه هذه المليشيات الطائفية ومشغليها في إيران، ولعل في هذا رسالة واضحة للأحياء أن التعايش مع هؤلاء الذين يحملون هذا الكم من الحقد على عظام الأموات وجماجمهم يكاد يكون ضرباً من المستحيل، فلم يسلم الأموات من حقدهم وأذاهم فكيف يسلم الأحياء.


ولعل تكرار هذا العمل الشنيع في مناسبات كثيرة وفي أماكن عديدة وخلال فترات تاريخية مختلفة يدل على عقيدة راسخة عند هؤلاء، فقبل سنوات تعرض قبر الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه في حمص للتخريب والنبش، وكذلك حصل لقبر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز في دير شرقي التابعة لمعرة النعمان في محافظة إدلب السورية ليكملوا ما فعله أجدادهم الفرس الذين دخلوا دمشق عام 132هـ مع جيش أبو مسلم الخراساني فذبحوا ما تبقى من بني أمية، ونبشوا قبور أمواتهم، ورقصوا على جماجمهم، وخربوا أسوار مدينة دمشق، وكذلك فعلت مليشيات الحشد الشعبي الإيرانية بالقبور في الأنبار والموصل وغيرها من مدن العراق، بل أنهم يقولون أن مهديهم المنتظر سينبش قبور الصحابة في البقيع وسيعاقب المذنبين على أخطائهم، ولعل هذه النصوص هي ما دفع الخمينيون إلى نبش قبور البقيع في المدينة المنورة في سنة 2009م، وسط هتافات طائفية في مشهد يعكس سوداوية أفكارهم ومعتقداتهم.


إن من يلاحق البشر إلى قبورهم ويتصارع مع جماجمهم ويطحن عظامهم لن يكون قادراً بهذه العقلية الخمينية المريضة على قبول الآخر فضلاً عن أن يسمع صوتاً معارضاً، وهذا ما نراه واضحاً جلياً في البلدان الخاضعة للنفوذ الإيراني، فقد رأينا كيف تحركت المليشيات الإيرانية المأجورة لقمع ثورة الشعب العراقي فاقتحموا ساحات الاعتصام ونكلوا بالثوار وقتلوا وجرحوا ولما فشلوا في إسكات صوت الثائرين دفعوا بورقتهم الأخيرة مقتدى الصدر ومليشياته الإرهابية صاحبة التاريخ الإجرامي في العراق للتنكيل بالثائرين وإسكات صوتهم بالقتل والاختطاف والتهديد بالاغتصاب وغيرها من الأعمال التي يندى لها جبين الإنسانية، وكذلك تفعل مليشيا حزب الله في لبنان مع الثورة الشعبية اللبنانية فلا يتورعون عن مهاجمة أي تجمع أو حراك سلمي في الساحات والشوارع اللبنانية فضلاً عن التهديد والوعيد لكل من يعارضهم.


أما في سوريا فجرح كبير ومآساة عظيمة فقد وقفت إيران ومليشياتها سنداً وعوناً للنظام الإجرامي الذي اقتلع أظافر أطفال درعا ونكل بالمتظاهرين السلميين ورد على هتافاتهم بالحرية بالرصاص والقتل والاعتقال والتعذيب، ولما حمل أهلها السلاح للدفاع عن أنفسهم أرسلت إيران ميليشياتها لقتلهم بعدما لوثت عقولهم بثقافة القبور الظلامية، فأقنعتهم أنهم يقاتلون دفاعاً عن قبر السيدة زينب الذي يريد أهل السنّة نبشه وتخريبه، وبالتالي امتلأت سوريا بآلاف المخدوعين من عوام الشيعة وفقرائها يغريهم ما تدفعه إيران لهم ولعائلاتهم من أموال، فعاثت هذه الميليشيات في أرض الشام فساداً ونهباً وقتلاً واغتصاباً، ولا يختلف الحال كثيراً في اليمن فميليشيا الحوثي تتحرك بأمر السيد الإيراني وتحت وصايته.


إن نباش القبور هؤلاء لا يؤمنون بحرية الشعوب ولا بحقها في التظاهر والتعبير عن الرأي، فلا صوت عندهم يعلو فوق صوت الولي الفقيه، ولا حرمة عندهم للدماء والأعراض، ولا يتورعون عن النهب والسلب والاختطاف، بل ويحلون لأنفسهم ارتكاب الموبقات بحق مخالفيهم حتى وإن كانوا على نفس ملتهم ومذهبهم، ويدعمون الحكومات المستبدة الفاسدة الظالمة التي تنفذ أوامرهم وتوجيهاتهم، ويحققون من خلالها مآربهم في نشر الفكر الصفوي الإيراني ونهب ثروات البلاد ومقدرتها، ويجندون أبنائهم لخدمة المشروع الإيراني مقابل دراهم معدودة، فقد ألفوا حياة الذل والهوان تحت أقدام الإيراني.


إن هذه المليشيات التي نبشت قبور أموات خان السبل وحيان تربت على هذا الفكر الإيراني القبوري الظلامي، فهم عبيد السيد الإيراني ورهن إشارته، ومعروفون بتاريخهم الإجرامي وبسجلهم الدموي، فقد لفظتهم مدنهم وقراهم لكثرة موبقاتهم بحق أبناء جلدتهم، فتشكلت منهم لجان شعبية وقوى دفاع وطني بدعم إيراني، وليس هذا بغريب على النظامين الإيراني والسوري فهم يعتمدون على المجرمين وأصحاب السوابق ويجعلونهم رأس حربة للتخلص من خصومهم ومعارضيهم، ولعل هذا يذكرنا بما فعله كسرى أنوشروان ملك الفرس عندما أرسل عتاة المجرمين الذين أخرجهم من السجون لاحتلال اليمن عندما استنجده سيف بن ذي يزن الحميري لطرد الأحباش منها في سنة 570م.


إن هذه العقيدة الإرهابية الظلامية التي تلوث بها إيران عقول أتباعها في العراق وسوريا واليمن ودول الخليج العربي يجعلنا نصدر التحذير تلو التحذير للعرب والمسلمين وللعالم كله أن تنبهوا واستفيقوا فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب، فإيران التي تعتاش على الإرهاب والقتل ونبش القبور لن تهدأ حتى تعيد الإمبراطورية الفارسية؛ وذلك عبر بوابة نشر التشيع الفارسي الصفوي في الدول العربية وغيرها، فإن كان هذا حقدهم على الأموات فكان الله في عون الأحياء، فلابد من وقفة جادة لمعاقبة هذه الدولة المارقة وملاحقة مليشياتها ومنع وصول أي تمويل إليها، وتوعية الشباب بخطورة هذا الفكر الخميني الهادم؛ وذلك عبر برامج إصلاحية توعوية تعتمد الحجة والدليل؛ بهدف إنقاذ شبابنا من الوقوع في براثن هذه الفكر عبر إغراءات مالية وجنسية، وبالتالي سيتحول هؤلاء الشباب إلى خناجر مسمومة بيد الإيراني يحركها كيف يشاء لخدمة مشروعه الطائفي الحاقد في المنطقة.


عبدالله الرفاعي - باحث وكاتب سوري

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!