الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • السويداء ومشروع المجلس العسكري والشعب السوري المسلّح

السويداء ومشروع المجلس العسكري والشعب السوري المسلّح
السويداء ومشروع المجلس العسكري والشعب السوري المسلّح

لا يكاد يمرّ يوم على هذه المنطقة، كما عموم سوريا، إلا وتسمع عن حادثة إطلاق نار واستخدام للأسلحة النارية لتسوية خلافات بينية، في غالبها بسيطة، ولا تحتاج لكل هذا العنف القاتل لحلها. السويداء 


ثقافة امتلاك السلاح واستخدامه أصبحت هي السائدة في عموم المجتمع السوري، فلقد وعى وبلغ الرشد جيل كامل منه لم يسمع إلا أصوات الانفجارات وقرقعة الرصاص. فعلى الرغم من كل الضخّ الذي يبثّه المتبصّرون والخائفون على أولادهم، وعلى جيل كامل، أن يقع فريسة هذه الثقافة، يذهب هباء بسبب الحالة الرثّة التي آل إليها المجتمع، فلتاناً وتشظّياً. وحيث ما زال النظام يغدق على أزلامه وأنصاره ويمدّهم بالسلاح، لا بل يغضّ الطرف ويسهل للآخرين امتلاكه، لتتسع وتكبر غابة السلاح، ولكن مع الحفاظ على أن يبقى الجهة الأكبر عدداً ونوعاً لتلك الحامية له.





السويداء


وهذا الموضوع لا يقلق السويداء فقط، فهذه الآفة منتشرة على كامل الأرض السورية. ولم يفكر أحد، حتى الآن، بمعالجته لأنّه استباق لا طائل منه، طالما هذا النظام موجود ومحافظ عليه وباستثماراته الأمنية والعسكرية. السويداء 


من هذا الجانب، تأتي أهمية ما تم الحديث عنه كثيراً، في الآونة الأخيرة، والمقصود هنا (المجلس العسكري الانتقالي)، كضامن سوري، بعد أن بات كل الضامنين للسوريين غرباء عنهم. والمجلس هنا يأتي بفرضية أنّه ضامن يعمل بأجندة قوام الأرض التي يقف عليها لا بأجندات الآخرين على أرضه. فإن وثق السوريون به وبأنّه سيضمن لهم أمنهم وسلامتهم ومصالحهم، فلن يتردّد الغالبية منهم بتسليم هذا السلاح، والتخلص من شروره مبدئياً، وهو ما يعزّز فرص نجاحه. لكن هنا الحديث يدور عن أفراد وربما مجموعات صغيرة، ولكن كيف ستنظر الفصائل الكبرى لهكذا طرح؟ فقد بنت وبفضل هذا السلاح وثقافته المنفلتة إمبراطوريات الفوضى الصغيرة، لما مارسته الكثير من الميليشيات والفصائل، من خطف وسلب ونهب، وكدّست ثروات ليس بالسهل التفريط بضمان استمرارها وتوسّعها، ولا ضامن لهذا الاستمرار إلا الفوضى وامتلاك السلاح، فكيف سيتصرف (المجلس العسكري) اتجاه هذه الفصائل؟ ولا ننسى من خلال الصيغة المطروحة سيكون هذا المجلس متعدد الرؤوس، تتقاسم مواقع النفوذ المتناقضة على كامل المساحة السورية، وهناك رأس يمثّل هذه الفصائل، فهل ستبدأ هذه الرؤوس بتقديم التنازلات لبعضها البعض والتغاضي عن تجاوزات من يمثلوهم بحجة ضمان عملية إنجاح المسار نحو الدولة الجديدة؟


أسئلة عدّة أمام مشروع المجلس العسكري الانتقالي عليه أن يبدأ بالإجابة عنها تدريجياً. بالعودة إلى ما يؤرق الأهالي المحليين من احتكام هذه الفصائل إلى فضّ نزاعاتها بالقوة واستخدام السلاح ضمن الأحياء السكنية، وما ينتج عنه من سقوط قتلى وجرحى مدنيين يقطنون أو كانوا بالمصادفة في مكان الاشتباك، ناهيك عن الأضرار المادية عموماً، التي لا يتحمل مسؤولية التعويض عن هذا الضرر أحد. وبدون شك يبقى المثال الأوضح لتفاقم هذه الحالة واستفحالها هو ما يعيشه الأهالي في الشمال السوري، الواقع تحت الوصاية التركية، فخلافات الفصائل هناك تتحوّل إلى حروب تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة بدون أي رادع وبدون أي تحمل للعواقب، وفي النهاية من يدفع الثمن بسبب كل هذه الفوضى طبعاً الإنسان البسيط العادي الذي لاحول له ولا قوة، والذي بالأساس لا يعرف كيف يكمل حياته في مثل هذه الظروف الكارثية التي يعيشها على كامل الأرض السورية المنكوبة.


لتصبح الأسئلة التي سيجيب عليها مشروع المجلس العسكري كبيرة ومعقدة، كما الحالة السورية، وذلك بمستوى اللاعبين الدوليين على المساحة السورية، أو بمستواها المحلي، وأقربها في الشمال السوري، في إدلب، وتعدّد خطوط التماس والاشتباك فيها، أو في جنوبه في مكان لم تطله آلة الحرب مباشرة بقدر الفوضى والفلتان الأمني وفوضى امتلاك السلاح، سواء كان ذاتي الملكية للحماية والدفاع المشروع عن النفس، أو الموجه ضد الناس ولترويع المجتمع المحلي. السويداء 


ليفانت - سلامة خليل ليفانت 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!