الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الشرق الأوسط في النظام الدولي
خالد الزعتر

لقد كانت الاستراتيجية التي تبنتها واشنطن بالاستدارة نحو شرق آسيا والانسحاب من الشرق الأوسط مدفوعة بقناعة أن منطقة الشرق الأوسط قد فقدت أهميتها وأن نقطة الارتكاز في النظام الدولي الجديد ستكون لمنطقة شرق آسيا.

وقد كان لصعود الصين الاقتصادي تأثير كبير على تغيير ميزان القوى، فبعد أن كانت القوة العسكرية تتمتع بمزايا لا مثيل لها في تحقيق الفائدة السياسية والاقتصادية للدولة، جاءت تحولات العصر وتطوراته لتجعل من الأداة الاقتصادية هي المقياس الفعلي لقوة الدولة وفي سلم أدوات السياسة الخارجية ما دفع العالم لتغيير بوصلة الاهتمام نحو شرق آسيا.

كان لاستمرارية هذا الوضع أن يدفع نحو تعميق تهميش منطقة الشرق الأوسط في التوازن الدولي، لكن جاءت رؤية السعودية 2030 لتعيد بناء اقتصاد سعودي قوي يمتلك أدوات المنافسة الإقليمية والعالمية، وكبح جماح تهميش منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي إعادة ترتيب توازن القوى، وإعادة هيكلة الرؤية والاستراتيجية السياسية الدولية لتنظر لمنطقة الشرق الأوسط من منظور المستقبل القائم على المنافسة في النظام الدولي الجديد بعيداً عن مسألة (النفط)، والتي كانت محصورة فيها، ما دفع الدول المؤثرة في النظام الدولي لتتوقف عن النظر لمنطقة الشرق الأوسط من منطلق "النظرة الهامشية" إلى اعتبارها ركيزة أساسية في مرحلة التنافس التي يشهدها النظام الدولي على مركز القيادة الاقتصادية.

لقد أعادت رؤية السعودية 2030 الاعتبار السياسي والاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط، واعتبارها ركيزة أساسية في مرحلة التنافس التي يشهدها النظام الدولي بين الدول الصاعدة اقتصادياً، والتي تحاول الحفاظ على موقعها الاقتصادي في النظام الدولي، مثال الصين وروسيا والولايات المتحدة، ما كان لها تأثير في دفع معدلات النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط  نحو التعافي، فلم يقتصر تأثير رؤية السعودية 2030 على تحفيز دول المنطقة لإعادة الاعتبار للمسألة الاقتصادية بل عملت على تحصين النمو والمستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، وخلق أرضية خصبة لاقتصاديات الشرق الأوسط لتكون حاضرة في التنافس العالمي.

يمكن النظر إلى المراجعة التي يخضع لها الفكر الأمريكي والذي كان يصر على الاستدارة نحو شرق آسيا إلى إعادة الانخراط في منطقة الشرق الأوسط بأنه يحمله معه، تأكيد بأن خارطة التأثير في النظام الدولي تشهد الكثير من المتغيرات التي تفرض إعادة التفكير في استراتيجيتها التي تبنتها في العام 2008 والتي كانت قائمة على تعزيز الوجود في منطقة شرق آسيا والتقليل من أهمية الشرق الأوسط.

لكن تبقى العودة الأمريكية إلى منطقة الشرق الأوسط يشوبها الكثير من التعقيدات لأن الساحة السياسية والاقتصادية الشرق أوسطية تشهد الكثير من التنافسات من قبل الأقطاب الصاعدة الروسية والصينية والأوروبية، وليست كما كانت ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حيث كانت الولايات المتحدة هي المنفردة عالمياً وميزان القوى لصالحها، ولذلك فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى إعادة تأسيس علاقاتها مع منطقة الشرق الأوسط، وهذا يضع الكرة في ملعب دول المنطقة لتفرض رؤيتها السياسية وفق ما يخدم مصالحها، خاصة وأن ميزان القوى في صالحها وليس في صالح الولايات المتحدة.

 

ليفانت – خالد الزعتر

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!