الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الصحراء الغربية.. مفاوضات متعثرة ومساع جديدة لرأب الصدع المغاربي

الصحراء الغربية.. مفاوضات متعثرة ومساع جديدة لرأب الصدع المغاربي
الصحراء الغربية.. مفاوضات متعثرة ومساع جديدة لرأب الصدع المغاربي/ ليفانت نيوز
  • الصحراء الغربية.. أحد أطول النزاعات في القارة الأفريقية
  • الخطة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء الغربية
  • التوترات الجزائرية المغربية
  • هل ينجح دي ميستورا فيما فشل الآخرون
  • المواقف الدولية من نزاع الصحراء الغربية

منذ تعيينه مبعوثاً خاصاً جديداً للأمم المتحدة لقضية الصحراء الغربية، يسعى دي ميستورا لإنعاش المفاوضات الرامية لتسوية أحد أطول النزاعات في القارة الإفريقية. مع تزايد التساؤلات حول قدرة الدبلوماسي الإيطالي لإيجاد أرضية ثابتة، لبدء محادثات فعلية وجمع الأطراف على طاولة واحدة، لاسيما في ظل التوترات المتجددة بين الجارتين المغرب والجزائر.

ياتي ذلك في وقت تتأرجح فيه مواقف الدول بشأن خريطة الطريق الممكنة لحل هذا النزاع، تهرباً من التدخل في هذه القضية الشائكة للمواجهة بين المغرب والجزائر.

بدأ مبعوث الأمم المتّحدة إلى الصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا، زيارته إلى الرباط في منطقة المغرب العربي يوم الأربعاء 12 يناير 2022 ، في أول محطة في جولته الأولى بالمنطقة والتي سيزور خلالها أيضاً الجزائر وموريتانيا.

اقرأ أيضاً: تقرير يحذر من نزاع مسلح بين المغرب والجزائر

وأعلن المتحدّث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك خلال مؤتمره الصحفي اليومي، بأنّ المبعوث الجديد إلى الصحراء الغربية يعتزم: "سماع وجهات نظر جميع الأطراف المعنية حول سُبل المضيّ قدماً نحو استئناف بنّاء للعملية السياسية بشأن الصحراء الغربية".

والصحراء الغربية التي يدور حولها نزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر هي منطقة تصنّفها الأمم المتحدة بين "الأقاليم غير المتمتّعة بالحكم الذاتي".

وتقترح المغرب، منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً تحت سيادتها، في الوقت الذي تدعو فيه جبهة بوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة تقرّر عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المملكة والجبهة في أيلول/سبتمبر 1991.

الصحراء الغربية.. أحد أطول النزاعات في القارة الأفريقية

تعتبر أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية والإنسانية في القارة الأفريقية. وتعود جذورها إلى العام 1975، عندما وقعت إسبانيا قبل جلائها من الصحراء الغربية، اتفاقية مدريد مع كل من المغرب وموريتانيا.

وبناءً على الاتفاقية فقد اقتسم البلدان الجاران الصحراء، لكن الصحراويين المسلحين الذين أسسوا جبهة البوليساريو، رفضوا الاتفاقية وواصلوا مطالبتهم بالانفصال. وصعدت الجبهة من وتيرة عملياتها وقامت بالتحريض على المظاهرات المطالبة بالاستقلال، بينما اتجه المغرب وموريتانيا إلى محكمة العدل الدولية.

تمتد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة. ويقول المغرب الذي يسيطر على ثمانين في المئة من أراضي الإقليم إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه ولا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر على استفتاء لتقرير المصير.

زعيم جبهة البوليساريو
زعيم جبهة البوليساريو

ويتباين تقديرعدد اللاجئين في الصحراء الغربية، وينسب موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للحكومة الجزائرية القول بوجود 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف في حين تشير بعض وكالات الأمم المتحدة إلى أن العدد يتراوح بين 90 و125 ألف لاجئ.
وقد تمكنت الأمم المتحدة من فرض وقف لإطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو عام 1991 دون التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع حتى الآن.

وتمت إقامة منطقة عازلة بطول المنطقة المتنازع عليها، لتفصل بين الجزء الخاضع للإدارة المغربية والجزء الذي تسيطر عليه الجبهة. وتضطلع قوات حفظ السلام الأممية بتأمين المنطقة.

الخطة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء الغربية

أعلنت المملكة المغربية عام 2007، عن تقديمها مبادرة "الحكم الذاتي في الصحراء المغربية". لاقت ترحيباً من قبل العديد من الجهات الدولية والإقليمية التي رأت في هذه المبادرة حلاً لنزع فتيل الأزمة المغاربية.

واعتمدت المبادرة المغربية على مجموعة من القواعد التي ترسم ملامح الحكم الذاتي وفق ما اقترحته الرباط. حيث تقترح المبادرة على المستوى الإداري والاقتصادي أن يمارس سكان الجهة الإدارة المحلية والشرطة المحلية وكل ما يتعلق بمحاكم الجهة، وأن يختص السكان بكل ما يحقق التنمية الاقتصادية والتخطيط الجهوي وتشجيع الاستثمارات في كل من المجال التجاري والصناعي والسياحي والفلاحي.

اقرأ أيضاً: مروحيات صغيرة معدلة لتهريب المخدرات من المغرب إلى أسبانيا (فيديو)

بالمقابل تحتفظ الدولة المغربية باختصاصات حصرية تتعلق بالسيادة: النشيد الوطني والعملة.

وكانت قد أيّدت 40 دولة دعمها لمقترح "الحكم الذاتي" لحل قضية إقليم الصحراء، المتنازع عليه بين المغرب وجبهة "البوليساريو". وجاء ذلك في البيان الختامي للمؤتمر الوزاري الذي نظمته الرباط وواشنطن، في الشهر الأول من العام المنصرم، لدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، عبر تقنية التواصل عن بعد.

التوترات الجزائرية المغربية

شهدت العلاقات الجزائرية المغربية توترات متصاعدة على مر العقود السابقة، أساسها قضية الصحراء الغربية. ولم تكن بداية التوتر عندما أعلنت الجزائر، في 24 أغسطس 2021 قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بحجة "الأعمال المعادية". ثم منعت الجزائر الطائرات العسكرية والمدنية المغربية من استخدام مجالها الجوي.

حينها، اتهم وزير الخارجية الجزائري المغرب بالتجسس على قادة الجزائر من خلال برنامج التجسس بيغاسوس، ودعم الحركة الانفصالية لتقرير مصير منطقة القبائل. ويتهم المغرب الجزائر بخلق مشكلات متتالية لا أساس لها.

كما اتهمت الحكومة الجزائرية المغرب بدعمها مجموعات أشعلت حرائق مميتة في غابات البلاد. 

مجدداً، تصاعدت التوترات بين المغرب والجزائر في عام 2020 عندما اندلع القتال من جديد في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها.

في خطوة تزيد الخلاف.. المغرب يكرر تصريحات استفزازية للجزائر

واعتبرت الجزائر الورقة التي تقدمت بها الحكومة المغربية لحركة "عدم الانحياز" تدعوا فيها لدعم ما سماه بـ "تقرير المصير للشعب القبائلي"، واصفاً منطقة القبائل بأنها "خاضعة للاستعمار الجزائري". بأنها خطوة تصعيدية من جانب المغرب.

وجاءت الخطوة المغربية بعد إعلان الجزائر البدء في إجراءات ترسيم الحدود مع جبهة البوليساريو. وتعترف الجزائر بجبهة البوليساريو دولة مستقلة.

وفي 3 من نوفمبر/تشرين الثاني اتهمت الجزائر، المغرب بالمسؤولية عن مقتل ثلاثة مواطنين جزائريين، في خطوة من شأنها زيادة حدة التوتر بين البلدين.

وتعود الخلافات في بدايتها للعام 1963، حيث وقوع خلاف حدودي بين البلدين حول منطقتي تندوف وبشار اللتين طالب بهما المغرب، وأدى ذلك الخلاف إلى اندلاع مواجهات عسكرية بينهما عرفت بـ"حرب الرمال".

وفي العام 1974، أحال المغرب ملف الصحراء الغربية إلى محكمة العدل الدولية التي أبدت رأيا استشاريا غير ملزم رأت فيه الرباط ما يدعم وجود "روابط تاريخية" بينها وبين القبائل التي تسكن المنطقة.

اقرأ أيضاً: شرطة الاتحاد الأوروبي تحطم حلقة تهريب مخدرات بين المغرب وأوروبا

وبعدها بعام، نظم الملك المغربي الحسن الثاني ينظم ما عرف بـ" المسيرة الخضراء" التي دعا فيها 350 ألف مغربي للذهاب إلى الصحراء الغربية. على إثر ذلك، قررت الجزائر طرد آلاف المغاربة المقيمين فيها بعد مرور شهر على تنظيم المسيرة الخضراء.

هل ينجح دي ميستورا فيما فشل الآخرون

تم الاتفاق في شهر أكتوبر من العام 2021، على تعيين السويدي ستيافان دي ميستورا مبعوثاً خاصاً لملف الصحراء الغربية، بعد رفض كل من المغرب، أو جبهة البوليساريو نحو 12 مرشحاً منذ شغور المنصب في مايو 2019.

حينها، اعتبر المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، لدى إعلانه التعيين، بأنه "مؤشر إيجابي" لإمكانية حل الصراع بين طرفي النزاع.

ويأتي قرار تعيين دي ميستورا بعد استقالة المبعوث السابق، الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر في مايو/ أيار عام 2019. والتي حاول فيها إنعاش المحادثات بين المغرب وجبهة البوليساريو بمشاركة الجزائر وموريتانيا، إلا أنها لم تفض إلى أي نتيجة ملموسة.

وكانت البداية لتدخل الأمم المتحدة في قضية النزاع حول الصحراء الغربية مع نهاية الثمانينات من القرن الماضي.

ويستمر الوضع على حاله حتى العام 2018، عندما دعت الأمم المتحدة المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو إلى إجراء محادثات في جنيف بشأن الصراع الدائر في المنطقة الصحراوية. لكن حتى تاريخه لم يستطع كل الأطراف وضع مبادئ أساسية لحل نهائي ترضى عنه كافة الأطراف.

قد تستمر الأوضاع على ما هي عليه، ويرجح محللون عدم حصول أي تقدّم مهم في مسار التسوية السلمية بين الجانبين، حيث يغيب التفاؤل بسبب مواقف أطراف النزاع وأيضا الوضع الإقليمي، وأقصى ما يمكن لدميستورا فعله هو الحيلولة دون تفاقم الأزمة. 

المواقف الدولية من نزاع الصحراء الغربية

تتخذ المواقف والتصريحات الدولية، ابتداءً من الأمم المتحدة إلى الاتحاد الأفريقي عبر الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، موقفاً حذراً ومتحفظاً في مواجهة الصراع بين المغرب والجزائر.

فعندما وضع المغرب خُطَّة للحكم الذاتي للصحراء الغربية عام 2007، تراجعت عدة دول عن اعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، أو حددت موقفها المؤيد للبوليساريو، عادت الرباط إلى الاتحاد الأفريقي.

الدبلوماسي الإيطالي السويدي ستافان دي ميستورا/ الأمم المتحدة
الدبلوماسي الإيطالي السويدي ستافان دي ميستورا/ الأمم المتحدة

وفي ديسمبر 2020، وقع المغرب اتفاقاً مع الولايات المتحدة، تعترف بموجبه واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وتواصل اعتبار خُطَّة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب جادة وذات مصداقية وواقعية. الأمر نفسه بالنسبة لباريس، التي تعتبر أن الخُطَّة أساس لنقاش جاد.

في حين امتنعت روسيا عن التصويت في الأمم المتحدة في 29 أكتوبر، على القرار 2602، الذي يعتبر لصالح الرباط. ودعت إلى "مفاوضات مباشرة"  بين المغرب وجبهة البوليساريو في 15 ديسمبر.

وأبدت الحكومة الألمانية، في أول رد فعل رسمي بعد انتخاب مستشار جديد خلفاً لأنجيلا ميركل، باستعدادها للجلوس مع المغرب من أجل تجاوز تداعيات الأزمة الدبلوماسية القائمة منذ شهر مارس الماضي، مشيدةً بالجهود المغربية بشأن قضية الصحراء.

وقالت وزارة الخارجية الألمانية، إن خُطَّة الحكم الذاتي تشكل "مساهمة مهمة" من المغرب لحل الخلاف حول الصحراء. وأضافت الخارجية أن "ألمانيا تدعم جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول على أساس القرار 2602"، مشيرةً إلى أن موقفها "بقي من دون تغيير لعقود من الزمن".

فيما تتبادل الرباط ومدريد الاتهامات بشأن الخلاف الدبلوماسي الذي أثارته مسألة الصحراء الغربية، وأدى إلى أزمة مهاجرين في جيب إسباني (سبتة) بشمال المغرب، علماً بأن المغرب يطالب بالسيادة على الجيبين سبتة ومليلية.

ووصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز قيام المغرب على ما يبدو بتخفيف القيود الحدودية مع جيب سبتة بأنه غير مقبول وهجوم على الحدود الوطنية. وفي تلك الأثناء، حمّلت وزارة الخارجية المغربية إسبانيا مسؤولية العبث "بالثقة والاحترام المتبادل" وشبّهت الصحراء الغربية بإقليم كتالونيا الإسباني الذي توجد فيه أيضا حركة تنادي بالاستقلال.

اقرأ أيضاً: نتائج مشجعة لاكتشاف الغاز قبالة الساحل المغربي

واعتبر المغرب هذه الأزمة "اختبارا لمصداقية الشراكة" بين البلدين، وجاء في بيان أصدرته الخارجية المغربية عشية مثول الأمين العام لجبهة بوليساريو ابراهيم غالي أمام القضاء الإسباني أن الأزمة "غير مرتبطة باعتقال شخص أو عدم اعتقاله، لم تبدأ الأزمة مع تهريب المتهم إلى الأراضي الإسبانية ولن تنتهي برحيله عنها، الأمر يتعلق بثقة واحترام متبادل جرى العبث بهما وتحطيمهما".

 يكرر فيه الكثير من المحللين والمفكرين من الجزائر والمغرب دوماً نداءات للإصلاح، لَمَّا يعتقدوا بأنه سيكون له من نتائج إيجابية على الاتحاد المغاربي. ما يبدو مستبعداً في الأقل في المدى القصير، لكن اتجاهات السياسة ولغة المصالح قد تدفع البلدين مستقبلا إلى التقارب.

وتسعى الجهات الفاعلة دولياً لتولية هذه القضية مزيدًا من الاهتمام لضمان عدم تحوله لصراع مباشر. تخوفاً من أن يؤدي إلى تعريض الاستقرار الإقليمي للخطر ويهدد بشكل متزايد الروابط التجارية الاستراتيجية بين أوروبا وحوض المتوسط وأفريقيا لما لها من أهمية للقوى العالمية كافة.

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير: عبير صارم

 

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!