الوضع المظلم
الإثنين ٢٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الصراع الأمريكي الإيراني وانعكاسه على لبنان
الصراع الامريكي الايراني وانعكاسه على لبنان .

أحمد مطر - كاتب ومحلل سياسي لبناني


تتداخل عناصر سياسية واستراتيجية عديدة في اللحظة الدولية الراهنة، تدفع بالتصعيد الأميركي الإيراني الى حافة الانفجار، سيما وأن الحشد العسكري الأميركي للأساطيل والقوى البرية لم يسبق أن شهدته المنطقة في السنوات العشر الماضية، سيما وان المواقف والتصريحات والتهديدات المتبادلة والمتصاعدة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، يرافقها مواقف دولية حذرة، حركة ميدانية عسكرية لا تقل تصعيداً عن السقف السياسي، وإذ يتفق المتابعين والمحللين على خطورة اللحظة التي دخلتها المنطقة منذ الثاني من أيار حيث انتهاء فترة السماح لبعض الشركات المصدّرة للنفط الإيراني، واشتداد الحصار على طهران، فإن البعض بات يتحدث عن سيناريوهات كارثية، يربطها بحاجة الولايات المتحدة الأميركية توجيه ضربة عسكري قاسية لإيران دون اغفال العامل الاسرائيلي ايضاً.


على الرغم من الحُشود العسكريّة الأميركيّة المُتصاعدة في المنطقة، وعلى الرغم من حال الاستنفار في صُفوف القوى المُسلّحة الإيرانية، فإنّ أغلبيّة التقارير والتحليلات الغربيّة والمُتخصّصة بأوضاع منطقة الشرق الأوسط، كانت ولا تزال تستبعد أيّ مُواجهة مُباشرة بين الأميركيّين والإيرانيّين.


لكنّ استبعاد الصدام العسكري المُباشر لا يعني النوم على الحرير إن جاز التعبير، حيث أنّ الصراع الإقليمي الدَولي المُتفاقم في المنطقة، والذي أخذ أخيرًا منحى أمنيًا خطيرًا ولوّ بالواسطة،حتماً يُهدّد الاستقرار الإقليمي، وحتى الأمن الدَولي بكامله، ومن شأنه أن يترك آثارًا سلبيّة كبيرة ومُهمّة على دول تُعاني من أوضاع خاصة ومن انقسامات داخليّة حسّاسة، على غرار الواقع اللبناني. فهل سيتمكّن لبنان من النجاة من انعكاسات الصراع الإيراني الأميركي الحالي؟.


بالنسبة إلى لبنان الغارق في مشاكله الاقتصاديّة والماليّة، فهو يسير حاليًا بين الألغام إن جاز التعبير، لتجنّب الارتدادات السلبيّة للصراع الأميركيّ الإيراني المُتصاعد.


فالغضب الخليجي، وتحديدًا السُعودي والإماراتي، على إيران، وعلى كل من يُؤيّد مواقفها بشكل مُباشر أو مُواربة، بلغ ذروته في هذه المرحلة، خصوصاً بعد التطوّرات الأمنيّة الخطيرة التي حصلت في الخليج، الأمر الذي جرى التعبير عنه بحدّة عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي في الخليج، وعبر نشر مقالات صحافيّة عربيّة تُهاجم الموقف اللبناني من الصراع بين السُعوديّة والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى.


وقد سارعت يومها الخارجيّة اللبنانيّة إلى إصدار بيان استنكرت فيه التعرّض للسُفن التجاريّة قرب المياه الإقليميّة لدولة الإمارات العربيّة المُتحدة إضافة إلى ما حصل في السعودية ايضاً، داعية الأمم المتّحدة والمُجتمع الدَولي إلى ضمان أمن الملاحة البحرية، في الوقت الذي أجرى فيه قائد الجيش العماد جوزيف عون مُحادثات في الولايات المتحدة الأميركيّة بشأن المُساعدة العسكريّة الأميركيّة المُستمرّة للجيش اللبناني، وتطرّقت بجانب منها إلى مسألة تجنيب لبنان أيّ توتّر عسكري إقليمي.


وحالياً في غُضون أيام، سيصل الموفد الأميركي الجديد ديفيد شينكر، الذي سيبحث في مسألة ترسيم الحُدود البحريّة والبريّة بين لبنان وإسرائيل، وفي تقيّد لبنان بالاتفاقات الدَوليّة الرامية إلى الحفاظ على الاستقرار على حدوده، وكذلك تقيّده بالعُقوبات الاقتصاديّة والمالية على إيران وعلى كل القوى والشخصيّات المحسوبة عليها، حيث تتبنّى المصارف اللبنانيّة سياسة حذرة في تعاملاتها وتحويلاتها الماليّة مع الخارج، منعًا لأي دعسة ناقصة وخصوصاً بعد وضع جمال ترست بنك على لائحة العقوبات الأمريكية قد تستجلب عُقوبات أميركيّة هي في غنى كلّي عنها!.


في الخُلاصة، المنطقة بعد فشل المبادرة الفرنسية باتت على شفير حرب بين واشنطن وطهران، لكنّ الأكيد أنّ التصعيد الحالي خطير جدًا، والصراع بين الطرفين المَذكورين بلغ ذروته ولوّ بشكل غير مُباشر أو بالواسطة إن جاز التعبير. وليس بسرّ أنّ لبنان المُنقسم بحدّة على نفسه إزاء النظرة إلى الصراع في المنطقة، سيكون أمام أكثر من حقل الغام عليه تجنّبه في الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة، في حال بقي منحى الكباش الإقليمي الدَولي الحالي، في تصاعد مُستمرّ، وهو بالتأكيد مستمر.


الصراع الأمريكي الإيراني وانعكاسه على لبنان الصراع الأمريكي الإيراني وانعكاسه على لبنان

العلامات

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!