الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • العملية التركية "قفل المخلب".. الهدف غاز كردستان وبغداد تندد

العملية التركية
العملية التركية "قفل المخلب"

تشنّ تركيا بانتظام عمليات جوية وعسكرية على شمال العراق، ضد عناصر حزب العمال الكردستاني "PKK"  الذي يخوض تمرداً ضد أنقرة منذ العام 1984. ويسود التوتر علاقة الحزب بإقليم كردستان لتأثير هجماته على أمن المنطقة والعلاقات التجارية بأنقرة، لكنّ عمليات تركيا العسكرية تفاقم الضغط على العلاقات بينها وحكومة بغداد التي تتهم تركيا بأنها تعتدي على سيادة العراق داعية إياها إلى التنسيق معها.

ومؤخراً، بدأت تركيا عملية عسكرية جديدة في إقليم كردستان بشمال العراق أُطلق عليها "قفل المخلب" تستهدف مواقع انتشار مقاتلي "حزب العمال الكردستاني" (pkk)، لكنّ العملية جاءت في وقت حساس عن سابقاتها حيث تعقد الصفقات لتصدير الغاز الكردي وسط الأزمة الأوكرانية.

وسبق أن أطلق الجيش التركي عمليتان "مخلب النمر" و"مخلب النسر" في إقليم كردستان بشمال العراق عام 2020.

العملية الجديدة جاءت بعد أيام  على زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني إلى أنقرة، حيث التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ورئيس الاستخبارات التركية، حقان فيدان، ما يشي بأنه أُبلغ على الأغلب بخطط أنقرة، حسبما أفادت وكالة فرانس برس.

عقب محادثاته مع أردوغان، قال بارزاني إنه يرحّب "بتوسيع التعاون لتعزيز الأمن والاستقرار" في إقليم كردستان.

اقرأ أيضاً: الخارجية العراقية: العملية التركية في شمال البلاد تعدّ خرقاً للسيادة

أعلنت تركيا أنها شنت هجمات جوية وبرية جديدة ضد مواقع مقاتلي "حزب العمال الكردستاني" في الإقليم شمال العراق بالقرب من حدوهما المشتركة. وتشارك في الهجمات قوات خاصة ومسيّرات قتالية ومروحيات هجومية. 

واستهدف الجيش التركي مناطق متين وزاب وأفاشين وباسيان، "مناطق تمركز" مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن وحدات كوماندوز ومسيّرات ومروحيات هجومية قصفت مواقع لحزب العمال الكردستاني في ثلاث مناطق قريبة من الحدود التركية، منذ ليل الأحد.

لم تعلن العملية عن عدد الجنود المشاركين فيها، لكنّ وزارة الدفاع التركية صرّحت بأنّ إطلاق العملية تمّ بعد أن تأكد لديها استعداد المسلحين لشن "هجوم واسع النطاق". 

في المقابل، اعتبر الناطق باسم "حزب العمال الكردستاني" في العراق أنّ الجيش التركي يريد التقدم براً بمحاولته إنزال قوات بالمروحيات، وأضاف لوكالة فرانس برس طالباً عدم الكشف عن هويته "تدور مواجهات عنيفة بين الجيش التركي وعناصر قوات الدفاع الشعبي" (الجناح العسكري لحزب العمال).

وتنفذ تركيا عادة هجمات في العراق، حيث لحزب العمال قواعد ومعسكرات تدريب في منطقة سنجار وفي المناطق الجبلية في إقليم كردستان الحدودي مع تركيا.

 غاز كردستان 

يقول وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار أن "العملية نفذت بالتنسيق مع أصدقاء وحلفاء تركيا، ووجهت فيها أنقرة ضربة قوية لوجود التنظيم الإرهابي في المنطقة، من خلال استخدام أكبر كمية من الذخيرة المحلية".

وأطلقت العملية بعد يومين من زيارة نادرة قام بها رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني إلى تركيا، ورحب بارزني بعد محادثاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوسيع التعاون ودعم الاستقرار والأمن في الإقليم.

يأتي ذلك في وقت يتكرر فيه الحديث مؤخراً عن المشاريع المحتملة لنقل الغاز الطبيعي من إقليم كردستان إلى أوروبا عبر تركيا. مع ارتفاع التوترات بينهما في أعقاب الهجوم على أوكرانيا، وتزايد احتمال إحياء الاتفاق النووي، الذي يرجح أيضاً إمكانية أن يصبح الغاز الإيراني بديلاً للغاز الروسي إلى أوروبا.

وتهدف عملية "قفل المخلب"، حسب محللين، لتأمين المنطقة  واستقرارها لتمرير الغاز الطبيعي عبر أنابيب النفط والغاز باتجاه تركيا. يأتي ذلك في ظل التنافس التركي الإيراني على المصالح في العراق.

وفي ديسمبر2021، توصلت النفط العراقية الكردية "كار" التي تمتلك 40% من خط أنابيب تصدير النفط في كردستان. وتعتبر شركة "روسنفت" النفطية الروسية العملاقة أكبر مساهم فيها، إلى اتفاق مع إدارة أربيل لمد خط أنابيب من حقل "خور مور" في جنوب كركوك لنقل الغاز إلى أربيل ومن هناك إلى دهوك.

اقرأ أيضاً: سعي إيراني لإقصاء غاز كردستان في ظل الحرب الأوكرانية والمنافسة التركية

ويعد الهدف من الخط هو تلبية الاحتياجات المحلية، ولكن بمجرد وصوله إلى دهوك ستكون المسافة المتبقية إلى الحدود التركية 35 كيلومتراً "22 ميلاً" فقط. 

وفي فبراير الماضي، التقى رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، طلب فيه أردوغان من نظيره الكردي المساعدة في استيراد الغاز من الاحتياطيات غير المُستغَلة في كردستان، المقدّرة  بـ25 تريليون قدم مكعبة.

لكنّ المحكمة الاتحادية العليا في العراق ألغت في 16 فبراير الماضي قانوناً يتعلَّق بالنفط والغاز يعود لعام 2007، مَنَحَ حكومة إقليم كردستان السلطة لإدارة موارد القطاع من الطاقة بصورة مستقلة، بما في ذلك إصدار التراخيص والتصدير.

عبّر رئيس حكومة إقليم كردستان "مسرور بارزاني"، عن غضبه من قانون النفط الجديد في بغداد، الذي سيعيق الإنتاج الكردي، إلا أنّه عاد وصرّح في 28 مارس الماضي، خلال منتدى الطاقة العالمي في دبي أن كردستان "ستصبح مُصدِّرًا للغاز إلى بقية العراق وتركيا وأوروبا في المستقبل القريب وستساعد في أمن الطاقة لهذه الدول".

تسعى طهران لإقصاء الغاز الكردي المحتمل إلى أوروبا عبر تركيا، وهو ما زاد وتيرة التنافس الإيراني التركي، خاصة وأنّ الأخيرة فقدت ثقتها بإيران بعد قطع إمدادات الغاز عنها بداية العام الجاري، ما جعل أنقرة تكثف سبل البحث عن بديل، وتسعى إلى استيراد الغاز الطبيعي من إقليم كردستان.

تنديد

تندد بغداد باستمرار بعمليات أنقرة التي لم تنسقها مع الحكومة المركزية، وتعتبرها انتهاكاً لسيادة العراق.

وكثيراً ما طالبت حكومة بغداد تركيا بإنهاء أنشطتها العسكرية على أراضيها، لكن تركيا تتهم جارتها بالتسامح مع وجود "حزب العمال" على أراضيها، وترفض إنهاء هجماتها عبر الحدود.

ورداً على العملية الجديد، استدعت الخارجية العراقية سفير أنقرة لدى بغداد وسلمته مذكرة احتجاج بسبب العمليات العسكرية التركية شمالي البلاد.

سبقها بيان تنديد لوزارة الخارجية العراقية أكدت فيه رفض الحكومة للعمليات العسكرية التركية التي تجري شمال البلاد، معتبرةً أنها "خرق لسيادة البلاد".

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف في بيان، إن "حكومة جمهورية العراق ترفض رفضاً قاطعاً، وتدين بشدَّة العمليّات العسكريَّة التي قامت بها القوّات التركيَّة بقصف الأراضيّ العراقيَّة في منطقة متينة، الزاب، أفاشين وباسيان في شمال العراق، عبر مروحيات أتاك والطائرات المُسيَّرة".

وأضاف أن "العراق يعد هذا العمل خرقاً لسيادته، وحرمة البلاد، وعملاً  يخالِف المواثيق والقوانين الدوليّة التي تنَظِّم العلاقات بين البُلدان؛ كما يخالف أيضاً مبدأ حُسن الجوار الذي ينبغي أنَّ يكون سبباً في الحرص على القيام بالعمل التشاركيّ الأمنيّ خدمةً للجانبين".

وأشار إلى أن "الحكومة العراقيّة تؤَكِّد على أنَّ لا تكون أراضي العراق مقراً أو ممراً لإلحاق الضرر والأذى بأيٍ من دول الجوار، كما ترفض أنَّ يكون العراق ساحةً للصراعات وتصفية الحسابات لأطراف خارجيَّة أخرى".

زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، ندد بالعمليات العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية، داعياً إياها إلى التنسيق مع الحكومة العراقية.

في تغريدة على تويتر، الثلاثاء 19 أبريل، قال الصدر إن "الجارة تركيا قد قصفت الأراضي العراقية بغير حق وبلا حجّة".

وأوضح أنه "إذا كان هناك خطرٌ يدهمها من الأراضي العراقية فعليها التنسيق مع الحكومة العراقية، فالقوات الأمنية العراقية قادرة على ذلك".

كما هدد الصدر بأن بلاده لن تسكت إن تكرّر ذلك، مشيراً إلى أنّ العراق دولة ذات سيادة كاملة مضيفاً: "لن نقبل بالتعدّي وزعزعة الأمن في أراضيها، كما ولن يقبل الاعتداء على دول الجوار الشقيقة والصديقة".

اقرأ أيضاً: تركيا تعلن إطلاق عملية عسكرية شمال العراق

من جانبها، أكّدت رئاسة الجمهورية العراقية، الثلاثاء 19 أبريل، أن العمليات التركية خرق للسيادة العراقية وتهديد للأمن القومي، فيما أشارت إلى أن تكرار هذه العمليات غير مقبول.

وقال الناطق باسم رئاسة جمهورية في بيان، إن "رئاسة الجمهورية تُتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية التركية الجارية داخل الحدود العراقية في إقليم كردستان، وتعدها خرقاً للسيادة العراقية وتهديداً للأمن القومي العراقي".

يتعقد الوضع السياسي في العراق مع تصاعد التوتر بين تركيا وحكومة بغداد على خلفية العمليات العسكرية في الإقليم، حيث تتهم العراق تركيا بأنها لا تحترم سلامة أراضي جارتها، والفراغ الحكومي يزيد الوضع سوءاً، في وقت تسعى فيه تركيا لحماية مشاريع أنابيب الغاز الطبيعي للإقليم وتمريره لأوروبا عبر أراضيها، في ظل اشتداد المنافسة التركية الإيرانية في المنطقة. 

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير: عبير صارم

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!