-
المبادرة الخليجية والتعنّت الحوثي
الخطوة التي أقدم عليها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بعقد مؤتمر في مقرّ الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي يجمع كافة أطراف الصراع في اليمن، والتي تهدف إلى "توحيد الصف ورأب الصدع بين الأشقاء اليمنيين دعماً للشرعية اليمنية ولتعزيز مؤسسات الدولة ولخلق مقاربة تدفع باليمنيين للجلوس مجدداً حول طاولة المفاوضات"، كان يمكن أن تشكل نقطة تحول مهمة في تمهيد الوضع في اليمن على طريق الاستقرار السياسي.
لكن هذه الخطوة للأسف ولدت ميتة لأنّ الطرف الآخر، وهي ميليشيات الحوثي، ليس لديها الاستعداد للجلوس إلى طاولة المفاوضات والانخراط في المساعي الهادفة لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في اليمن، وبالتالي لا يمكن النظر لاستمرارية ميلشيات الحوثي في محاولاتها الفاشلة لاستهداف المملكة العربية السعودية، والتي كان آخرها ما أحبطه التحالف العربي من هجوم للميليشيات الحوثية على معمل للغاز المسال بمحطة أرامكو في ينبع، ومحطة كهرباء ظهران الجنوب، وإسقاط 9 مسيّرات أطلقت نحو جازان وخميس مشيط والطائف وينبع وظهران الجنوب، سوى أنها تحمل تأكيداً بأن ميلشيات الحوثي ما تزال تصرّ أن تكون عاملاً رئيساً في زعزعة استقرار المنطقة، بدلاً من أن تكون عاملاً مساهماً في صناعة الاستقرار في الأراضي اليمنية.
السبب الرئيس خلف استمرارية ميليشيات الحوثي الإرهابية في إجهاض المحاولات الهادفة إلى تحقيق التسوية السياسية للملف اليمني، أولاً، إن هذه الميلشيات لا يمكن أن تتحول للانخراط في أية مساعٍ تهدف لبناء الدولة اليمنية لأن هذه الميلشيات مجرد ذراع لإيران تعتاش على صناعة الفوضى وتغذيتها لأن ذلك هو السبيل لتنفيذ الأجندة الإيرانية الهادفة لضرب الاستقرار في المنطقة. والأمر الآخر هو إدراك الميليشيات الحوثية بأنه لا يوجد لديها حاضنة شعبية لها في الداخل اليمني، وبالتالي تعتاش على الأساليب الإرهابية وسياسة الحديد والنار لتثبيت وجودها في اليمن.
استمرارية الميليشيات الحوثية في سياسة التعنت وزعزعة استقرار المنطقة، يؤكد أن الحوثيين اختاروا البقاء خارج مستقبل اليمن، وبالتالي فإنّ جلسة المشاورات والمفاوضات، المزمع انعقادها في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، يمكن النظر لها بأن تكون خطوة مهمة في طريق توحيد الصف اليمني لمواجهة الميلشيات الحوثية، لأن توحيد الصف اليمني هو الطريق نحو تضييق الخناق على الميليشيات الحوثية، ولعل تجربة "اتفاق الرياض"، التي تمت برعاية المملكة العربية السعودية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، والتي كان لها انعكاس مهم على الوضع العسكري في الأراضي اليمنية باتجاه تضييق الخناق على الميلشيات الحوثية، يعد خير دليل على مدى أهمية توحيد الصف اليمني في طريق استعادة الشرعية والدولة الوطنية في اليمن.
أمام هذا التعنّت الذي تمارسه ميلشيات الحوثي لإجهاض المبادرات التي تستهدف تهيئة الأجواء وخلق الأرضية الخصبة لتفعيل التسوية السياسية وتعزيز مؤسسات الدولة واستعادة الأمن والاستقرار والسلام في اليمن، فإن المنظومة الدولية (الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي) قد وضعت أمام اختبار حقيقي لترجمة قرارتها إلى واقع على الأرض، وإحداث تغيير جذري في طريقة تعاطيها مع الملف اليمني، والانتقال من سياسة المهادنة التي تنتهجها، إلى ممارسة كافة الضغوط على الميلشيات الحوثية لتنفيذ القرارات الدولية ووقف ممارستها الهادفة لزعزعة استقرار المنطقة وإجهاض كافة المبادرات الهادفة لتحقيق التسوية السياسية.
ليفانت – خالد الزعتر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!