-
المرأة العربية ومفهوم حقوق المرأة بين الغرب والشرق
المرأة العربية ومفهوم حقوق المرأة بين الشرق والغرب
يعتبر موضوع حقوق المرأة أحد أبرز المواضيع الجدلية في العصر الحالي، ورغم الجدلية التي أثارها هذا الموضوع لم يتمكن من تحقيق نتائج ملموسة ومؤثرة ايجابيا على واقع المرأة بشكل عام والمرأة العربية بشكل خاص، ويتم التركيز على حقوق المرأة العربية باعتبارها كائن مظلوم بسبب نظرة المجتمع والنظرة التقليدية، كما أنه يتم الترويج لفكرة أن الدين الإسلامي نفسه هو من أسس لقاعدة ظلم المرأة وفق المفهوم الغربي الحالي، إلى أي حد تثبت صحة هذه المقولة؟ وهل الدين الإسلامي بالفعل ظلم المرأة ؟ وهل المرأة العربية متخلفة ومظلومة إذا ما قورنت بالمرأة الغربية؟ وما الدليل على ذلك؟
حقوق المرأة : نظرة عامة
ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على جملة من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية التي يجب أن يتمتع بها كل انسان في العالم، لكن تم اضافة قوانين خاصة إلى تلك القوانين وهي حقوق الطفل وحقوق المرأة، وتنص حقوق المرأة وفق القانون الدولي إلى ضرورة ان تتمتع المرأة بجملة من الحقوق كالتالي:
الحقوق التعليمية
ممارسة الحرية السياسية والحق في الترشح والانتخاب
عدم التميز والمساواة بالرجل
محاربة كل مظاهر العنف ضد المرأة وحمايتها من التحرش
الحق في اختيار الزوج، والطلاق، وبقية الحقوق المدنية الأخرى
خلل مجتمعي
من جانبه يشير الكاتب محمد حسن المبارك إلى أن الحرية والمساواة بالمفهوم الغربي تعتبر جريمة بحق المرأة لا مكرمة، وذلك أن النظام الرأسمالي لا يراعي الاختياحات الخاصة للافراد بل يتعامل معهم على أساس مبدأ الربح والخسارة والانتاج، وبهذا يصبح الرجل غير مخول بالنفقة على أسرته، بل وتصبح المرأة شريكة في الانفاق والعمل خارج وداخل المنزل.
ومن خلال تتبع مخرجات الواقع نرى المرأة الغربية تعاني من جملة من التحديات الاقتصادية والأمنية والنفسية التي يفرضها عليها الواقع، فمثلاً من الناحية الاقتصادية نرى أن المرأة مطالبة بالانفاق والعمل تماماً مثل الرجل رغم انها لا تستلم إلا نصف المبلغ الذي يستلمه الرجل كما يحدث حتى الآن في فرنسا!
وإذا قارنا وضع المرأة المسلمة في الجانب الاقتصادي نرى أن المراة المسلمة مصونة في كل الجوانب ومكفولة حقوقها وفق التشريع الإسلامي، فالرجل ملزم بالنفقة عليها، كما أن لها ذمتها المالية المستقلة، ولا تشارك في النفقة على المنزل إلا بإرادتها.
تكامل أدوار
يرى الكاتب في مجلة الوعي الإسلامي السنوسي محمد أن الدين الإسلامي نظر وأصل وطبق مفهوم حقوق المرأة بشكل متوازن ومتكامل، فلم يلغي دورها من المجتمع، كما أنه لم يدرس حقوقها فقط، بل درس واجباتها أيضاً لذا مقولة أن الدين الإسلامي ظلم المرأة هي مقولة خاطئة وتنم عن جهل بحقيقة الدين الإسلامي، أما بخصوص القواعد التشريعية المتعلقة بالميراث وضوابط عمل المرأة وغيرها من الشروط التي ينظر لها على أنها نقيصة في حق المرأة لا ينبغي أن يتم النظر إليها بمعزل عن بقية الأدوار التي يجب أن تقوم بها المرأة والرجل في المجتمع، وذلك لان أدوارهم متكاملة لا متناحرة.
ويشيد السنوسي بشهادات لنساء غربيات جربن حرية وحقوق المرأة بمفهوم غربي، ومن تلك الشهادات شهادة السيدة الإنجليزية «أليسون محمود»، التي تتحدث عن تجربتها ورحلتها مع الإسلام فتقول: «كان أعظم ما عرفتُ، وضع المرأة في الإسلام، والمكانة الرفيعة التي تتمتع بها، وهي المكانة التي لم تَرْقَ إليها المرأة الغربية بعد، بلا أية مبالغة، يكفي أن نعلم أن للمرأة في الإسلام شخصية لها تقديرها، لقد سميت سورة باسمها وهي سورة «النساء»، وفيها ما يخص المرأة في الزواج، والإرث، والطلاق، وكيف يرعى الإسلام حقوق المرأة، التي هي شريكة للرجل في رحلة كفاحه، أما في جانب العمل فيشيد بشهادة البريطانية «ميشيل» -التي أسلمت وتسمت بـجميلة، وتقول في تعليقها حول مفهوم الشراكة في العمل: «يجب أن تعرف المرأة المسلمة أن حرية المرأة في أوروبا ليست حرية حقيقية، فليس لها حقوق متساوية في الأجر والعمل مثل الرجل.. كما أن الرجل هنا لا ينظر إلى المرأة نظرة تقدير واحترام.. هو فقط ينظر إلى جمالها وفتنتها، ولا يفكر فيها إلا كشريكة في الفراش!
أزمة قديمة
لم تمنح المرأة حقوقها السياسية ( انتخابا وترشيحا ) في كثير من الدول العربية والإسلامية إلا منذ سنوات، بل إنها مازالت محرومة منها في بعض الدول العربية والإسلامية حتى الآن، وحتى في الدول التي أعطيت فيها حقوقها السياسية مازالت قوى كثيرة تحرّم مشاركتها وتحجب عنها أصواتها لالعدم الكفاءة والخبرة بل بسبب الأنوثة فقط.
نظرة الكثير من الناس أن المرأة إنما خلقت للمتعة فقط، فيغيب عقلها ويهمل كلامها وفهمها ولا يرجع إليها إلا حينما تثور شهوة الرجل.
قضية التعليم قضية هامة جدا فما زال الكثير من الناس ينظرون إلى أن المرأة ليست بحاجة للتعليم فمآلها لبيت زوجها ومطبخها فلماذا تضيع وقتها فيما لا فائدة منه !!
هضم حقوق المرأة المالية، وتبدأ حينما يأخذ الأب راتب ابنته أو ما تملكه ثم يجيء الزوج أو الوالد ليستولي على مهرها ثم يتولى الرجل وصايته المالية على المرأة، ومع أن الإسلام جعل الرجال قوامين على النساء إلا أنه لم يجعل لهم سبيلا إلى أموال النساء أبدا.
جرائم الشرف، هكذا تسمى في بعض الدول العربية والتي تعيد عهد الموؤودة، فبمجرد الشك في تصرفات البنت أو بمجرد خطأ صغير أو كبير منها يعطي الأهل لأنفسهم صلاحية القتل والذبح دون أي تأكد أو تثبت. وكم من امرأة قتلت خطأ أو تسرعا ثم تبينت براءتها وحتى لو ثبت ذلك عليها فهناك حد شرعي عليها لا يجيز لأهلها أو أولياء أمورها قتلها.
يخجل الكثيرون من ذكر أسماء نسائهم ( الأم والزوجة والأخت والبنت والقريبة ) وكأن اسمها عورة أو عار، بل إن البعض لا يقول زوجتي بل يقول عيالي ويريد بذلك زوجته!! مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجاهر باسم زوجته عائشة بل بزوجاته كلهن رضي الله عنهن وأرضاهن.
مساواة منقوصة
تقول الطالبة في الأزهر أمينة لطفي أنه لا مجال لمقارنة حقوق المرأة المسلمة بالمرأة العربية، وذلك لأن الإسلام ينظر للمرأة بشكل متكامل لاحتياجاتها النفسية وبنيتها البدنية ودورها الأساسي في المجتمع، بينما يتم إلغاء كل هذه الجوانب في الفلسفة الغربية عندما يتم التعامل مع مفهوم حقوق المرأة وواجباتها.
وهنا ينبغي التأكيد على نقطة مهمة مفادها أن الدين الإسلامي لا ينادي بالمساواة وفق مفهومها الغربي بل بالمساواة التي تراعي حقوق وواجبات كل طرف، والواجبات هنا ترتبط بالقدرات البدنية التي تميز المرأة عن الرجل، إذ أن المرأة تتميز على الرجل في الكثير من المجالات خصوصاً القدرة على تربية الإجيال، بينما يتميز الرجل على المرأة بقدرته على القيام بالأعمال البدنية الشاقة، وهنا تضيف أمينة لطفي أن المرأة الغربية في حقيقة الأمر مظلومة لأنها تقوم بكل واجباتها في الخارج وعندما تعود إلى حياتها يطلب منها ايضاً ان تقوةم بأدوارها في الداخل.
جدلية قائمة
وفي حال استمرت مقارنة وضع المرأة العربية بالغربية سنجد أن المرأة الغربية بالفعل تقدمت على المرأة العربية في كثير من الجوانب العلمية والسياسية والاقتصادية، لكن ينبغي الاشارة إلى أن النجاحات التي حققتها المرأة الغربية حتى الآن تكاد تكون نماذج فردية بينما وضع المرأة ككل في ظل الفلسفة الرأسمالية يعتبر وضع مزري للغاية.
وفي هذا السياق يقول الإعلامي السعودي عيد اليحيى إلى أنه من الضروري أن يتم استخدام نفس الأسلب النقدي الذي تمارسه الاطراف الدولية في نقدها لوضع المرأة العربية، فحقوق المرأة في الدول الأوربية لا تقل فضاعة عن واقع حقوق المرأة في كثير من الدول العربية، غير أن الانتهاكات التي تطال المرأة العربية ناتجة لقصور الفهم والممارسات المجتمعية الخاطئة التي يمكن معالجتها من خلال بناء الوعي، بينما الممارسات القائمة حالياً والتي تنتهك كرامة المرأة في الغرب تقوم على النظام نفسه ، ويمكن الاستشهاد بذلك من خلال رؤية واقع المرأة الغربية في الشارع الأحمر في امستردام، أو من خلال تتبع واقع المرأة العاملة في فرنسا والتي لا زالت حتى الآن تستلم نصف المبلغ الذي يقدم للرجل رغم أنها تقوم بنفس الجهد.
خاتمة
لا يزال واقع حقوق المرأة في الغرب والشرق وذلك لأنه يتم النظر إلى حقوقها دون واجباتها، وعند النظر إلى واجباتها يتم الغاء خصائصها البدنية والنفسية والاجتماعية، ولذا يظل مفهوم حقوق المرأة مفهوماً جدلياً لا يؤدي إلى أي طريق، لكن إذا تم مناقشة حقوقها وواجباتها بنظرة شمولية تكاملية تماماً كما قدمها الإسلام في وقت سابق سيتم التوصل إلى طريق يحفظ كرامة المرأة ويصون حقوقها وينظم واجباتها تجاه نفسها وتجاه المجتمع.
مصادر
مجلة الوعي الإسلامي
صيد الفوائد
موقع الوفد
موقع موضوع
منتدى الخليج
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!