الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • المسلط.. رحلة "توزيع النياشين" شمال سوريا على أصحاب القرار المعاقبين دولياً

المسلط.. رحلة
سالم المسلط رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة
تعليق إخباري _ ليفانت

ما أن برُد التفاعل المتهكم والمُنتقد لرئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة المنتخب حديثاً، الشهر الفائت، سالم المسلط على لقائه "المثمر" مع المتهم بجرائم حرب قائد فرقة "السلطان سليمان شاه" محمد الجاسم، الملقب بـ “أبو عمشة" حتى أطلّ علينا بمشهد احتضان جديد مع مجرم آخر هو قائد فصيل أحرار الشرقية "أبو حاتم شقرا" كما يلقبونه، الذي أدرجته وفصيله مؤخراً الولايات المتحدة في قائمة عقوباتها لارتكابه انتهاكات بحق تجنيد الأطفال وأخرى بحق المدنيين.


لقد رحّب أبو عمشة الحاكم الفعلي في مكان تواجده والمدعوم بشكل مباشر من تركيا، بالمسلط الذي قام بجولة ميدانية في الشمال. وحيّا قيادة فرقة الحمزة على حسن الترتيب والاستقبال للمسلط والوفد المرافق. غنيٌ "أبو عمشة عن التعريف به ولا مندوحة لنا عن ذكر أنه صاحب سجلٍ إجرامي بالاغتصاب والقتل وفرض الإتاوات والسرقة. لقد سبقت جولة المسلط في الشمال جولة تمهيدية وتوطئة من طرف رئيس المجلس الإسلامي السوري أسامة الرفاعي؛ جاءت هذه الزيارة للشيخ المقيم في تركيا والمولود في دمشق 1944 والمحسوب على تيار الإخوان المسلمين بالتنسيق مع ميليشيات “الجبهة الشامية” وما يسمى “الجيش الوطني السوري” وتحت حمايتها في إطار خلق مرجعية دينية موحدة شمال وغرب سوريا تسعى لها تركيا ليتعزز دور الائتلاف أكثر في تلك المناطق ويكسب غطاءً دينياً.


سأل السوريون كثيراً، لماذا لا يكتف مسؤولوا الائتلاف بالتمرغ بالوحل ليبحثوا عن الغوص فيه، لقد كانت فرص التغيير حاضرة باستمرار منذ سنوات أن يعيدوا عكس عقارب الساعة ويديروا الدفة باتجاه إصلاح هيكلي ملحوظ فيعيدون للسوريين الثقة في هذا الجسم حتى ولو قليلاً، رغم كل الإخفاقات لكنّهم أصروا أن يتجاوزا النظام بكل عيوبه. نعم سيشترك السوريون بالإجابة، هو الارتهان وسطوة الإخوان والهيمنة التركية على مؤسسة الائتلاف، انحسار السيطرة على الأرض لصالح ميليشيات تدعمها تركيا بشكل مباشر فتوازن هذه الأخيرة توزيع القوة بين جميع الأطراف فيسري الضغط وتنفيذ الأجندات على الجميع عند الطلب. أمر آخر أن المجتمع الدولي لا يجد جسماً سياسياً غيره يمثل الضد الآخر/المعارض للنظام السوري.

تلك هي رموز "النضال الثوري" التي يصر الائتلاف على تبنّيها، ولا عذر لقيادة الائتلاف حتى لو كانت مرغمة، وهي التي لا تمون على قائد فصيل ممن كرّمتهم، إصرارٌ على الغوص في الوحل أكثر؛ حتى لم يعد من جدوى لحساب العمق. خلال كل هذا ستجد الائتلاف يبحث "بالسراج والفتيلة"، على توسيع جسمه وإعادة ضبط هيكليته لتشمل كل المكونات السورية السياسية والطائفية، لكن تقدمه دائماً للوراء، ما يجعل الفرقاء السياسيين يحجمون عن أي خطوة باتجاه هذا الجسم السياسي المنشأ منذ عام 2012 ويستمر باحتكار التمثيل كمؤسسة معارضة سورية في مواجهة النظام السوري أمام المجتمع الدولي.


هل سيتغير شيء مع قدوم المسلط، لا يتفاءل المراقبون؛ فالائتلاف ليس وحده الشيخ سالم رئيس مجلس القبائل السورية وشيخ قبيلة الجبور، وعلى الرغم من سماع عبارات للمرة الأولى في خطابه بتاريخ 13/7 الشهر الفائت، تبنّت سوريي الداخل في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، ضمناً الموالين له، لكن يستبعد المتابعون حصول تغيرات جوهرية وذلك لتحقق كل إمكانيات التعطيل بفعل عوامل ذاتية وموضوعية مستمرة.


أحد هذه العوامل على سبيل المثال لقاء الوحل الأخير للرئيس المسلط مع المجرم حاتم أبو شقرا، تُظهر الصور مستوى الشجن العالي وتربيتة على الكتف من المسلط يستحقها قاتل! فإما قناعة عالية في تبني هذا "النموذج الثوري" أو نفاق مقيت عندما يظهر الابتسامة وتتناثر الأحضان والضحكات بكل وقاحة دون مراعاة لإشكالية هذه الشخصية المجرمة فيمارس بعض التحفظ، لكن حتى هذه لم تظهر ما عاظم منسوب الانتقاد وخصوصاً من الكُرد السوريين من أهل عفرين على وجه الخصوص العارفون لجرائم "شقرا".





 

باشر السوريون بسن شفرات ألسنتهم على الائتلاف ورئيسه المسلط على السوشيال ميديا بعد هذا اللقاء الثاني مع "قيادي ثوري عتيد"، نعم يمكننا القول كل السوريين، لقد فقد هذا الجسم السياسي قاعدته الشعبية بما يظهر عليه من قيادات، ولم تعد مسألة التهكم والنقد مقتصرة على شريحة أو فئة محدّدة من السوريين. السوريون فقدوا ثقتهم بالجميع، بالمجتمع الدولي والمعارضة السياسية والعسكرية بكل مشاربها وتوجهاتها.


قد نقول ما تنفعنا الآن السخرية والتهكم مما هو معروف أصلاً بما يخص فشل مؤسسة الائتلاف وارتهانها، والتي لم تقبل كحل وسطي لتعيد لملمة شتات السوريين بنقل هذا الجسم السياسي إلى دولة أوروبية عندما عُرض عليهم، لكن الأمر فوق طاقتهم.



القادة الثوريون.. النضال الثوري يخرج من مؤخرة ضبع

ما بين أبو عمشة وأبو حاتم، يبحر الائتلاف بسفينة المسلط حاملاً نياشين التكريم يزين بها صدور "الأمثلة العليا للسوريين"، تاركاً مهملاً آلاف الضباط المنشقين ممن قاتلوا في بداية الانتفاضة السورية وعُزلوا عن المشهد ليجلسوا في بيوتهم.


https://twitter.com/abo33amsha/status/1424476085987721219

لطالما صرخ الضباط المنشقون يتساءلون لماذا لا يتم دعمنا، لماذا لا يتشكل مجلس عسكري، يدير المعارك على الأرض ويمارس الائتلاف دوره في السياسة في سياق مسارين متلازمين، بينما تُدعم مئات الفصائل والميليشيات وكل يغني على ليلاه. هذه اللقاءات التي تؤكّد وقاحة عالية وقطيعة مع كل السوريين عند الالتفات إلى تكريم مجرمين لانذكر حتى أن النظام فعلها مع زعماء الميليشيات خاصته؛ بل أصبحوا لاحقاً نسياً منسياً لتسود مؤسساته بينما لم ولن يتعلم الائتلاف الدرس.


يفترض أن تكون هذه الجولات المكوكية السلطوية رسالة للضباط المنشقين قبل أن تكون رسالة للسوريين بأن هذا الجسم لا أمل فيه طالما بقي بعهدة الإخوان المسلمين وتركيا وأن أول أولويات السوريين يجب أن تكون سحب البساط من تركيا ليصار إلى نقل هذا الجسم إلى أوروبا طالما أن المجتمع الدولي يصر عليه كممثل رسمي عن المعارضة.


اقرأ المزيد: في ريف جبلة.. احتجاجات على توزيع الخبز


يبدو أن المسلط يهتم للخبرة على حساب الدراسة الأكاديمية، للإنجازات على حساب الشهادات والدورات العسكرية، فأحمد إحسان فياض الهايس، الملقب بـ”أبو حاتم شقرا”، عمل في مجال الزراعة في قريته الشقرا الواقعة في ريف دير الزور الغربي. لكنّه مع انطلاق الانتفاضة السورية، انخرط في صفوف “حركة أحرار الشام”، إحدى كبرى الفصائل "المعارضة" للنظام، ليصبح بعدها قائداً عسكرياً داخلها. وتبدأ رحلته مع "النضال" ليَخط في سجلّه عشرات الانتهاكات أشهرها اغتيال القيادية الكردية هفرين خلف زعيمة حزب سوريا المستقبل، عضو قيادي في "مجلس سوريا الديمقراطية" ومرافقيها والتمثيل بجثتها، في جريمة بشعة استنكرها العالم.


لا جدال حول جريمته فصوره مع مرافقيها وهو يضحك ساخراً قبل تصفيتهم وهما بعرف الأسرى على الأقل تشرح نهج هذا القائد الذي حضر اجتماعات مع قادة مليشيا آخرين من "الجيش السوري الحر" عام 2018 مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


لم يلتقه المسلط ليسأله عن النشطاء الإيزيديين وجرائمه بحق أهالي عفرين وأعزاز، على وجه الخصوص الأقلية الإيزيدية، أو عن عمله في تجارة العوائل والمختطفين، واحتجازهم، بعد سيطرة الفصائل الموالية لتركيا على مناطقهم. لكنّ المسلط يصرّ في مؤتمره الشهر الماضي أن هناك تهويل بخصوص الانتهاكات في منطقة عفرين مشيراً لممارسة بروبوغندا من وسائل إعلام سورية لم يسمّها. لم ينسَ خريج العلوم السياسية من الولايات المتحدة والعضو المؤسس في الائتلاف وعضو الهيئة العليا للتفاوض والناطق الرسمي لها أن يشير إلى لجنة متابعة الانتهاكات في عفرين التي لم يخرج عنها شيء حتى الآن واعداً أهل عفرين بعودتهم لديارهم وإعادة حقوقهم وحقوق أي مكون آخر.


اقرأ المزيد: بيدرسون لـISSG: قلق من تطورات في جنوب سوريا


إن تحقيق الإمكانية اللوجستية لزيارة رئيس الائتلاف لمناطق في شمال سوريا ما كانت لتتم بدون حماية فرقة أبو عمشة و"أحرار الشرقية" حيث الأخيرة أحد أهم مكونات الفصائل السورية المدعومة تركياً وكانت تتبع تنظيم القاعدة في سوريا، وأكثر الفصائل إجراماً، والأكثر خطفاً للمدنيين.


فصيلٌ متهمٌ بانتهاكات كثيرة، جرائم قتل بدعوى الانتقام، جرائم حرب، اعتداءات بحق المدنيين، آخرها كانت موجّهة ضد سكان “مخيم ترحين” بريف حلب في 13 أيار، انتهاكات في عفرين، ومعتقلات، واستثمار للمعابر لحسابهم الخاص، وتهريب عناصر تنظيم الدولة وأخرى غيرها.


تلك جردة سريعة عن خلاصة نهج اليد الواحدة التي أعلنها المسلط في مؤتمره الصحفي بعيد تنصيبه الشهر الفائت وتلك ثوابت يتمسك بها حيث الضرورات تبيح محظورات كأبو عمشة وأبو حاتم شقرا ليصبحوا أبطالاً بنياشين.


خاص-ليفانت نيوز

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!