-
المقابر الجماعية في سوريا ومصير المفقودين
المقابر الجماعية في سوريا ومصير المفقودين
"النظام وداعش" نموذجاً
ليفانت نيوز
تتوالى اكتشاف المقابر الجماعية في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش، شمال شرق سوريا، بالتزامن مع طلب الأهالي بالكشف عن مصير معتقليهم.
بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية تم اكتشاف عدد غير محدد من المقابر الجماعية في مدينة الرقة والمناطق المحيطة بها.
تضم هذه المقابر آلاف الجثث التي لم تستخرج بعد، ذلك من قِبَل مجموعات مدنية محلية في المنطقة، كما طالبت المنظمة بدعم المجموعة المحلية في جهودها ذات الصلة بالكشف عن تلك المقابر، وتقديم المساعدة الفنية لها للحفاظ على الأدلة على جرائم محتملة والتعرف على الرفات.
إلا أن المنظمة تقول: "أن الأهالي يواجهون تحديات لوجستية متمثلة في جمع وتنظيم المعلومات حول الجثث، التي تم العثور عليها، وتوفيرها للعائلات التي تبحث عن أقارب مفقودين أو متوفين".
وتحدثت "بريانكا موتابارثي"، مديرة قسم الطوارئ في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "أنه تم العثور في مدينة الرقة على تسعة مقابر جماعية على الأقل، في كل منها عشرات الجثث إن لم تكن المئات، مما يجعل استخراج الجثث مهمة غير سهلة دون المساعدة التقنية اللازمة".
مع خروج عناصر "داعش" بعد احتلالها للقرى والمدن السورية، وممارستها الاعتقال والقتل ضد الآلاف من السوريين دون معرفة مصيرهم، تواردت أنباء كثيرة عن قتلهم لمعتقلين مدنيين وعسكريين ودفنهم في مقابر جماعية في الأماكن التي كانت تسيطر عليها، وعن اكتشاف بعض المجموعات المدنية على مقابر جماعية تعود لداعش في الكثير من المناطق.
كان عناصر "داعش" يقتلون الناس كمجموعات، ويدفنونهم بشكل جماعي خارج القوانين الإنسانية، هذه المقابر الجماعية التي تعتبر إحدى الأدلة أو الصور التي تتحدث عن شكل العنف وحجمه الممارس من قبل التنظيمات التكفيرية في سوريا وقتلها للأبرياء على مدى السنوات الماضية.
بعد مغادرة "داعش" لمدينة الرقة شمال شرق سوريا، عثر على إحدى المقابر الجماعية التي كان قد دفن فيها ما يقارب من 115 جثة بين مدنيين وعسكريين، وهذه أدلة بحسب القوانين الدولية على ارتكاب داعش لعمليات إبادة جماعية بحق السوريين في المناطق التي سيطر عليه في السابق.
كما سبق وأن عثرت قوات سوريا الديمقراطية على جثث لأطفال ونساء دفنوا في حديقة الجامع القديم في مدينة الرقة، حيث تم قتلهم بشكل جماعي من قبل تنظيم "داعش".
في حين تم العثور على مقابر جماعية عديدة في مناطق مختلفة من ريف الرقة كانت تحتوي على عشرات الجثث لعناصر وجنود النظام السوري خلال المعارك التي دارت بين التنظيم والنظام بين عامي 2013/2014 في الرقة وريفها.
ما يزال اسم حفرة "الهوتة" البركانية، التي تقع جنوبي منطقة سلوك في ريف مدينة الرقة الشمالي يشكل رعباً لدى الأهالي، فهي المقبرة الجماعية الشهيرة التي كان يلقى بالجثث فيها من قبل التنظيم.
حيث صور التنظيم عدة عمليات قتل ورمي في الحفرة لمدنيين اعتقلوا على يد عناصر التنظيم في الرقة وريفها، وشكلت تلك الحفرة رعباً حقيقياً لدى أهالي المدينة فترة احتلال التنظيم عليها.
يعتقد أن المقابر الجماعية كان الفعل الجمعي المشترك بين تنظيم "داعش" والنظام السوري، اللذين مارسا القتل ضد السوريين، وأخفيا جرائمهما في مناطق عديدة على شكل مقابر جماعية.
فمنذ عام 2012، بدأت تظهر مقابر جماعية نفذتها أجهزة المخابرات السورية، بعد اعتقالها للآلاف من السوريين، ووضعهم من قبل المنظمات الدولية تحت بند الاختفاء القسري، إضافة لمجازر الحولة، والقنيبر، والتريمسة، التي ارتكبها النظام السوري في ريف حمص، إلى جانب التنظيمات الموازية كجند الأقصى التي ارتكبت مجازر عديدة في إدلب وريفها.
في شباط عام 2017 وفي ريف إدلب الشرقي، تم اكتشاف مقبرة جماعية على خلفية مجزرة نفذه "لواء جند الأقصى" بحق العشرات من مقاتلي المعارضة السورية الذين كانوا يحاربون التنظيمات الإسلامية، وسميت المجزرة بـ"مجزرة الخزانات" آنذاك.
في حين نفذت نفس الجهة "لواء جند الأقصى" المبايع لتنظيم داعش عمليات قتل جماعية في ريف حماه الشمالي، وبعد طردهم من المنطقة من قبل المعارضة السورية تم العثور على مقابر جماعية نهاية عام 2013.
يحاول النظام السوري ومن خلال إعلامه الحربي والمدني، الترويج لفكرة أن تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة هي من كانت فقط تمارس القتل الجماعي، وتنشر من خلال وسائل إعلامها صور المقابر الجماعية بعد طرد عناصر داعش من أغلب المناطق.
إلا أن الشبكات الحقوقية المختصة بالشأن السوري، حذرت في فترات سابقة أنهم وثقوا العديد من المجازر التي ارتكبها النظام بح السوريين، ولديهم أدلة ووثائق تثبت تورط النظام السوري أيضاً في ارتكاب عمليات قتل جماعية ودفن الجثث بشكل جماعي.
كما تشير التقارير الحقوقية، أن النظام السوري يدفن المعتقلين السوريين الذين يقتلون تحت التعذيب في مقابر جماعية بمنطقة نجها، في ريف دمشق، ولعل التقارير الحقوقية التي خرجت عن سجن "صيدنايا" العسكري كان أكبر دليل على قيام النظام بقتل المعتقلين ودفنهم في مناطق مجهولة أو حرق جثثهم.
إلا أن منع النظام السوري لدخول فرق دولية مختصة لسوريا، وعدم استطاعة تلك الفرق لتثبيت أدلتها هي المشكلة الحالية التي تعيق تحقيق العدالة للسوريين من خلال الكشف عن تلك المقابر الجماعية.
كما تشير بعض الجهات الحقوقية والمختصة بالشأن السوري، أنه: "حاول النظام السوري تنفيذ عمليات قتل جماعية، كمخطط استراتيجي له في إحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة، وهذا الفعل كان الفعل المشترك بينه وبين التنظيمات الإسلامية المتطرفة كتنظيم داعش، الذي نفذ تلك المجازر وعمليات القتل لنفس الغاية والسبب".
هذا وتبقى آليات الكشف عن المقابر الجماعية لدى كل التنظيمات المقاتلة في سوريا إلى جانب المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، تحتاج إلى تدخل دولي وأدوات مساعدة ودقيقة للبحث عن تلك المقابر واكتشاف مرتكبي تلك الجرائم الإنسانية التي تصنف وفق القوانين الدولية تحت بند "الإبادة الجماعية"، والتي ستستمر لعشرات من السنوات إن انتهت الحرب بين الفرق المقاتلة في سوريا.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!