-
المُفاوضات الروسية-الأوكرانية.. والسلام العالق بين هزيمة موسكو واستسلام كييف
منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي، عند بدء الغزو العسكري الروسي للأراضي الأوكرانية، لم تنقطع محاولات حل الأزمة، ونزع فتيل المعارك، لكن كل تلك المحاولات التي بدأت في بيلاروسيا على الحدود مع أوكرانيا، ومرت بتركيا وغيرها، أخفقت وباءت بالفشل، مع ارتفاع صوت المعارك التي أطرشت المتحاورين، ومنعت في كل فترة، الجهة المتفوقة من سماع الطرف الآخر، أو التنازل سعياً للسلام.
اقرأ أيضاً: ماكرون: النزاع بأوكرانيا سيطول.. وعلينا الاستعداد للاستغناء عن الغاز الروسي
سلامٌ لا يبدو قريباً، في ظل تعنت الجانب الروسي وإصراره على احتلال حوض بحر آزوف، وايصاله برياً مع إقليم دونباس شرق أوكرانيا، خاصة أن موسكو اعترفت قبل الغزو بانفصال إقليمين عن أوكرانيا، أما الأخيرة، فلا سلام يمكن أن يناسبها إلا بخروج الجنود الروس كلهم من أراضيها، كونهم غُزاة، وهو ما يبدو مُستبعداً في المدى المنظور.
الفرنسيون: سيتعين التفاوض
القوى الدولية ذات الثقل والمتأثرة بشكل أو بآخر بالحرب الأوكرانية، تباينت مواقفها، بين من دعا للحوار وآخر شجع أوكرانيا على الحرب حتى استعادة كل أراضيها، ففي الخامس عشر من يونيو الماضي، ومع دخول الحرب الروسي الأوكراني يومها الـ 112، جددت فرنسا حرصها على إبقاء باب الحوار مفتوحاً مع موسكو، رغم المعارك التي كانت ضارية في شرق أوكرانيا، حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه سيتعين على أوكرانيا إجراء محادثات مع روسيا في وقت ما، لمحاولة إنهاء الحرب بين البلدين.
اقرأ أيضاً: أوكرانيا: روسيا تستعد للمرحلة التالية من الهجوم
كما أضاف أنه "سيتعين على الرئيس الأوكراني ومسؤوليه التفاوض مع روسيا"، وعبر ماكرون صراحة عن حرصه على إبقاء صلات التواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب ما كررت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، آن كلير لوجاندر، التي أوضحت أن موقف سيد الإيليزيه يرتكز على وقف "العدوان وانسحاب روسيا من أوكرانيا"، لكي يسهل ذلك التوصل لحل دبلوماسي لاحقاً.
واشنطن: لن نضغط
أما الولايات المتحدة، فقد كان لها موقف آخر من موضوع السلام بين روسيا وأوكرانيا، حيث أكد جيك ساليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، في السادس عشر من يونيو، أن "الولايات المتحدة لن تضغط على السلطات الأوكرانية لتقديم تنازلات لروسيا"، قائلاً: "لن نضغط عليهم ونطالب بتنازلات إقليمية.. نعتقد أن هذا سيشكل خطأ صريحاً ويتعارض مع القانون الدولي"، وأضاف، أن "واشنطن تدرس حالياً مسألة دعم أوكرانيا عن طريق تزويدها بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية"، مشيراً إلى أنه "في النهاية، نعتقد أن هذا الصراع يجب حله عن طريق الدبلوماسية".
اقرأ أيضاً: طوني بلير: حرب أوكرانيا تظهر تراجع الهيمنة الغربية مع صعود الصين
في حين أشار من جهته، وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى أنه "يجب على أوكرانيا أن تحدد بشكل مستقل ما إذا كانت تريد تقديم تنازلات إقليمية"، ونشرت صحيفة "AgoraVox" رأياً مفاده، أنه "فيما يتعلق بالتقدم الناجح لروسيا في دونباس، فقد غيرت الدول الغربية موقفها بشأن أوكرانيا، وهي مستعدة لإجبار كييف على تقديم تنازلات إقليمية من أجل تسوية دبلوماسية للأزمة مع موسكو".
العرب: مشجعون للسلام
بينما وقفت معظم الدول العربية موقف الحياد من الصراع، باستثناء بعض الأنظمة كالنظام السوري، الذي ساند منذ البداية موسكو، كما اعترف بشكل رسمي باستقلال الانفصاليين الروس في شرق أوكرانيا، وعموماً يمكن التدليل على الموقف العربي العام من تصريح للأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في الثاني والعشرين من يونيو، عندما قال بأن أعضاء المجموعة الوزارية بالجامعة، تبحث في مساع لاستضافة مفاوضات روسية أوكرانية لوقف إطلاق النار.
اقرأ أيضاً: اعتقال صحافية روسية مشهورة معارضة للحرب الروسية في أوكرانيا
وقال أبو الغيط، إن العرب يرغبون في سيادة واستقرار المنطقة العربية، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تطال العالم أجمع، وتمس قضايا الغذاء والطاقة والسياحة، لهذا فإن مجموعة الاتصال الوزارية تنتظر اجتماعاً بتقنية الفيديوكونفرنس بين الوزراء العرب لمناقشة الأفكار المطروحة، بهدف تقريب وجهات النظر، ومحاولة التوصل لوقف إطلاق النار، وأوضح أبو الغيط أن "العرب ينؤون بأنفسهم عن هذا الاحتدام الدولي"، محذراً بأن هذه المواجهة المسلحة والتهديد باستخدام القدرات النووية أمر خطير.
بريطانيا: لا للتسوية المُبكرة
في حين كان الموقف البريطاني من المواقف المتشددة إلى حدً ما، وقد جرى التعبير عنه كثيراً، ومنه ما قالته وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس، في الثامن والعشرين من يونيو، عندما أكدت على ضرورة تقديم كل الدعم الممكن لأوكرانيا، والدعوة إلى عدم السعي إلى تسوية سلمية مبكرة، من شأنها أن تجعل كييف تقدم تنازلات على الأرض.
اقرأ أيضاً: شولتز: الاتحاد الأوروبي سيبقي على العقوبات إذا وُقّع السلام في أوكرانيا بشروط روسيا
وتابعت تروس في مقابلة مع صحيفة "فيلت" الألمانية، إن "أول شيء يتعين علينا القيام به هو منح أوكرانيا كل دعم ممكن، إذا لم تنتصر أوكرانيا، فإن العواقب على بقية أوروبا ستكون خطيرة للغاية"، موضحةً أن جواب الناتو عن تطورات الوضع حول أوكرانيا، يجب أن يكون زيادة حضور الحلف في المنطقة، فضلاً عن جعل حضوره له بعد استمراري وليس مؤقتاً، مضيفة: "أعتقد أنه أمر مهم للغاية".
موسكو: السلام باستسلام أوكرانيا
فيما كانت موسكو ولا تزال متعنتة في مواقفها، حيث أكدت في الثامن والعشرين من يونيو، أن القتال سيتوقف فور استسلام القوات الأوكرانية، وأعلن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف أن الهجوم الروسي في أوكرانيا سينتهي عندما تستسلم السلطات والجيش الأوكرانيين، وقال "يمكن للجانب الأوكراني إنهاء النزاع في غضون يوم واحد، إذا أصدر أوامر للوحدات القومية وللجنود الأوكرانيين بإلقاء أسلحتهم".
اقرأ أيضاً: ميدفيديف: سنصنع سلام في أوكرانيا بشروطنا
كما طالب أيضاً بضرورة "تنفيذ كل الشروط التي وضعتها بلاده لإنهاء القتال في يوم واحد" وفق تعبيره، وهو لربما ما دفع مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية أفريل هاينس، في الثلاثين من يونيو، للقول بأن الولايات المتحدة لا ترى في الوقت الراهن، إمكانية لعقد اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
أوكرانيا: السلام بهزيمة روسيا
ورغم دخول المعارك شهرها الخامس، قال وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، في الثامن عشر من يوليو الجاري، إن المفاوضات مع روسيا ممكنة "فقط بعد إلحاق الهزيمة بها"، مضيفاً: "يدرك الجميع أن المفاوضات مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالوضع في الجبهة، أقول لجميع الشركاء شيئاً بسيطاً:" يجب أن تجلس روسيا إلى طاولة المفاوضات بعد الهزيمة في ساحة المعركة"، وأشار إلى أنه لا توجد في الوقت الراهن، أية أسس لإجراء مفاوضات مع روسيا.
اقرأ أيضاً: سيدة أوكرانيا الأولى ستلقي كلمة أمام الكونغرس الأمريكي
لتعقب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن كييف أكدت مجدداً أنها لا تنوي إجراء مفاوضات مع روسيا، وأن الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي لا يريد السلام، وتكتب زاخاروفا في صفحتها على "تلغرام": الرد لكل من ينتقد روسيا بـ "عدم إجراء مفاوضات مع نظام كييف"، نظام كييف يتخلى عنها، هذا ما أكده كوليبا اليوم مرة أخرى"، معبرةً عن اعتقادها بأن وزير الخارجية الأوكراني لم يذكر أن "هذا ليس موقف دولة أوكرانيا، بل أغنية غنتها واشنطن، وبدأ نظام كييف بتكرارها".
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!