الوضع المظلم
الإثنين ١٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • في اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري.. مصير مجهول ما زال يلاحق السوريين

في اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري.. مصير مجهول ما زال يلاحق السوريين
في اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري.. مصير مجهول ما زال يلاحق السوريين

يمثل استخدام الاختفاء القسري استراتيجية لبث الرعب بين أفراد المجتمع. إذ لا يقتصر الشعور بانعدام الأمن والخوف الناجم عن الإخفاء القسري على أقارب الضحايا فحسب، بل يطال التجمعات المحلية والمجتمع بأكمله.

وكان استخدام الاختفاء القسري إلى حد كبير من قبل الدكتاتوريات العسكرية، أما الآن فيقع في كل منطقة من مناطق العالم، وفي مجموعة واسعة من السياقات. وعادة ما يتم تنفيذه في النزاعات الداخلية، وخاصة من قبل الحكومات التي تحاول قمع المعارضين السياسيين، أو جماعات المعارضة المسلحة.

مارس النظام السوري مع معارضيه هذا الأسلوب لبث الخوف والذعر في المجتمع. لم يقترن أسلوب الإخفاء القسري بحقبة نظام بشار الأسد، بل سبقه إليها والده، إذ تشير التقارير الحقوقية إلى  وجود آلاف المفقودين منذ حقبة الثمانينيات.

ومع ذلك وخلال فترة الحرب، تبنت مجموعات مسلحة مناوئة للنظام ممارسة يمكن اعتبارها مماثلة للاختفاء القسري في انتهاك واضح لالتزاماتهم وفق القانون الإنساني الدولي العرفي.

درجت بعض المجموعات المسلحة المناوئة للنظام وبشكل متزايد على أخذ الرهائن لمبادلتهم بسجناء آخرين أو مقابل فدية.

وتقوم العديد من المجموعات المسلحة بحجز الأشخاص الذين يعتقد بأنهم موالين للنظام ومنهم مدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيون وناشطين وعمال إغاثة وزعماء دينيون حيث يحتجزون تحت التهديد بالقتل. ومثل هذه الاعتداءات تترك الأسر في حالة من الإرتباك والحيرة بشأن أماكن تواجد أقاربهم.

على الرغم من أن عدد المفقودين الدقيق غير معروف تماماً، فقد تعرض ما لا يقل عن عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال السوريين للاختفاء القسري أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أمسوا في عداد المفقودين، على أيدي الحكومة وجماعات المعارضة المسلحة والجماعات الإرهابية العاملة في سوريا منذ اندلاع النزاع في العام 2011.

وصادف يوم أمس الثلاثاء، الثلاثين من أغسطس/آب "اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري"، الذي تنظمه الأمم المتحدة كل عام للفت الانتباه إلى مصير الأفراد الذين سُجنوا في أماكن وظروف سيئة، ويجهل ذووهم أو ممثلوهم القانونيون كل شيء عنهم.

آخر الإحصائيات

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم أمس، تقريرها السنوي الحادي عشر عن الاختفاء القسري في سوريا، بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري 30/ آب من كل عام، وقالت فيه إنَّ قرابة 111 ألف مواطن مختفٍ قسرياً منذ آذار 2011 وحتى آب 2022، غالبيتهم العظمى لدى النظام السوري، مما يشكل جريمة ضد الإنسانية.

اقرأ أيضاً: "ليس الموت أسوأ ما في الأمر.. إنه أيضاً الانتظار".. تقرير للكشف عن المختفين قسرياًً

وأشارت الشبكة في تقريرها، إلى أن ظاهرة الاختفاء القسري ترتبط بظاهرة الاعتقال التعسفي بشكل عضوي، وإن أغلب المعتقلين تعسفياً يصبحون مختفين قسرياً.

وأضافت، أن النظام السوري "واجه المتظاهرين السياسيين ضد حكمه بعمليات واسعة النطاق من الاعتقال التعسفي منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي في آذار/ 2011، واستخدم الإخفاء القسري بشكل منهجي كأحد أبرز أدوات القمع والإرهاب التي تهدف إلى سحق وإبادة الخصوم السياسيين لمجرد تعبيرهم عن رأيهم".

ووفقاً للتقرير، فقد مارست جميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة عمليات واسعة من الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري للمواطنين السوريين على خلفية النزاع المسلح، وضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها، بهدف ترهيب الخصوم السياسيين وإخضاع المجتمع في تلك المناطق.

وبحسب ما ذكره التقرير، فإنَّ ما لا يقل عن 154398 شخصاً بينهم 5161 طفلاً و10159 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2022، بينهم 135253 لدى النظام السوري بينهم 3684 طفلاً، و8469 سيدة.

فيما لا يزال ما لا يقل عن 8684 بينهم319 طفلاً و255 سيدة مختفون لدى تنظيم داعش، و2373 بينهم 46 طفلاً و44 سيدة لا يزالون قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام.

وبحسب التقرير فإنَّ ما لا يقل عن 3864 شخصاً بينهم 361 طفلاً و868 سيدة لا يزالون قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، إضافة إلى وجود ما لا يقل عن 4224 شخصاً بينهم 751 طفلاً و523 سيدة لا يزالون قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى قوات سوريا الديمقراطية.

مراسيم عفو

ونوّه التقرير، إلى أنَّ الحصيلة المرتفعة للمعتقلين والمختفين قسرياً لدى النظام السوري "تؤكد بشكل صارخ أن جميع مراسيم العفو التي أصدرها النظام السوري منذ عام 2011 والبالغ عددها 20 مرسوماً تشريعياً للعفو العام لم تؤد إلى الإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسرياً لديه".

اقرأ أيضاً: الاختفاء القسري في سوريا.. بين الهواتف والأرقام

وأشار التقرير، بأنه قد سجل منذ 1/ أيار/ 2022 حتى 30/ آب/ 2022 إفراج النظام السوري على خلفية مرسوم العفو 7 / 2022 عن قرابة 569 شخصاً من مُختلف السجون المدنية والعسكرية والأفرع الأمنية في المحافظات السورية، بينهم 63 سيدة و17 شخصاً كانوا أطفالاً حين اعتقالهم.

انتهاكات نظام الأسد 

وجدّد التقرير تأكيده على استمرار النظام السوري منذ مطلع عام 2018 في تسجيل جزء من المختفين قسرياً على أنهم متوفون عبر دوائر السجل المدني، وبلغت حصيلة الحالات الموثقة بحسب التقرير ما لا يقل عن 1072 حالة كشف النظام السوري عن مصيرهم بأنهم قد ماتوا جميعاً بينهم 9 طفلاً و2 سيدة منذ مطلع عام 2018 حتى آب/ 2022، لم يكشف عن سبب الوفاة، ولم يقم بتسليم جثامين الضحايا لأُسرهم أو إعلامهم بمكان دفنهم.

وأشار تقرير الشبكة السورية، بأن النظام السوري قد سخَّر مستويات عدة من مؤسسات الدولة السورية لتنفيذ هذا الإجراء المخالف للقانون السوري والتلاعب ببيانات السجل المدني للمختفين قسرياً بدءاً من وزارتي الداخلية والعدل وحتى مسؤولي دوائر السجل المدني في كافة المحافظات السورية.

وأوضح، أنه وفقاً للقانون الدولي الإنساني يتحمل القادة والأشخاص الأرفع مقاماً مسؤولية جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم، وأوضحَ أن الإخفاء القسري قد مورسَ وفقَ منهجية عامة اتخذ قرار بتنفيذها وفق سلسلة القيادة التي تبدأ من رئيس الجمهورية وترتبط به مباشرة وزارتي الدفاع والداخلية ومكتب الأمن القومي/ الوطني، وما يرتبط بها من الأجهزة الأمنية، وعرض التقرير أبرز أسماء المتورطين لدى النظام السوري في جريمة الإخفاء القسري لعشرات آلاف المواطنين السوريين، بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان الخاصة ببيانات مرتكبي الانتهاكات.

إدانات

طالبت الولايات المتحدة النظام السوري، بالكشف عن مصير أكثر من 132 ألف شخص من المختفين أو المحتجزين قسرياً في سوريا.

وقالت السفارة الأمريكية في دمشق عبر تغريدة على تويتر: "في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، الولايات المتحدة تطالب نظام الأسد بالكشف عن مصير 132 ألف محتجز أو مختف".

وأضافت السفارة في بيانها، أن"الولايات المتحدة تدين فشل النظام في توفير المساءلة، بينما تقف مع الضحايا وعائلاتهم".

من جانب آخر، أكد القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، دان ستوينيسكو، أنه يجب مواصلة الضغط لمعرفة مصير المفقودين والمغيّبين قسرياً في سوريا.

وقال ستوينيسكو في تغريدة على تويتر إن "اليوم هو اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري"، مشيراً إلى أن "عشرات الآلاف من السوريين وقعوا ضحايا الاختفاء القسري خلال أكثر من عقد من الصراع".

وأكد على أنه "من أجل المختفين وعائلاتهم، نحتاج إلى مواصلة الضغط معاً لمعرفة مصيرهم".

لمحة تاريخية

تسعى المنظمات والهيئات الحقوقية في مختلف أرجاء العالم لمجابهة جريمة "الاختفاء القسري" من خلال إحياء اليوم الدولي للمختفين قسرياً، والذي حددت له الأمم المتحدة يوم 30 أغسطس/ آب من كل عام استجابة لمبادرة جهة غير حكومية تأسست في كوستاريكا عام 1981 وأطلقها "اتحاد روابط أقرباء المعتقلين المختفين قسرياً في أميركا اللاتينية"، حيث شهدت دول أميركا اللاتينية منذ خمسينيات القرن الماضي موجة كبيرة من عمليات الاختفاء القسري للمعارضين السياسيين.

اقرأ أيضاً: مطالب أممية بالكشف عن مصير المغيّبين قسرياً والمفقودين السوريين

وبحسب تعريف منظمة العفو الدولية، فإن ضحايا الاختفاء القسري هم أشخاص اختفوا فعلياً بعيداً عن أحبائهم ومجتمعهم، وهم يختفون عندما يقبض عليهم مسؤولو الدولة أو أي شخص يعمل بموافقة الدولة من الشارع أو من منازلهم ثم ينكرون ذلك الأمر، أو يرفضون الكشف عن مكان وجودهم. وفي بعض الأحيان تقوم بعمليات الإخفاء عناصر مسلحة غير تابعة للدولة، وهذا الإخفاء يعد جريمة بموجب القانون الدولي. 

تعود أصول "جريمة الاختفاء القسري"، إلى أدولف هتلر حين أصدر مرسوم "الليل والضباب" في 7 ديسمبر/كانون الأول 1941، لاستهداف الناشطين السياسيين المعارضين وناشطي المقاومة خلال الحرب العالمية الثانية، ولم يعرف أحد بالضبط مصير هؤلاء الناشطين الذين استُهدفوا خلال هذه العملية، ومنذ ذلك التاريخ وقع مئات الآلاف ضحايا لهذه الجريمة.  

وتحيي الأمم المتحدة، سنوياً، اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، لتسليط الضوء على محنة مئات الآلاف الذين اختفوا في أثناء النزاعات أو فترات الاضطهاد فيما لا يقل عن 85 بلداً في كل أرجاء العالم، بحسب الصفحة المخصصة لليوم الدولي.

ووفقاً للإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 133/47 المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1992، يحدث الاختفاء القسري عند "القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون".

ليفانت نيوز_ خاص

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!