الوضع المظلم
الأحد ٢٤ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
انتباه.. تركيا تستدير وتتراجع إلى الخلف (الجزء1)
تركيا

بعد سنة من استعراض العضلات، وإرسال السفن الحربية والخاصة بالتنقيب إلى المتوسط، بجانب حشد المرتزقة للقتال في مجموعة بؤر ملتهبة، والتهديد المتواصل لأوروبا بالمهاجرين وفتح الأبواب في وجههم، ومهاجمة السعودية والإمارات ومصر، المصحوب بلغة استعلاء طوراني عثماني، يبدو أنّ العام الجديد 2021، يحمل في طياته ما يعاكس تلك السياسات التركية المستندة على منطق القوة، مع إدراك أنقرة بأنّ قوتها العسكرية ليست كافية للتمدّد أينما تشاء، نتيجة وجود قوى أخرى صنعت لها خطوطاً حمراء، إن في ليبيا، وإن في المتوسط، وإن في أرمينيا، وإن في شمال سوريا، بجانب اندحار ترامب لصالح بايدن في واشنطن.


اقرأ أيضاً: الإخوان يضحون وبالاً على تركيا.. وفشلهم في ليبيا “بداية للنهاية”


مرد الحديث، التصريحات الأخيرة الصادرة عن أركان النظام التركي، والتي توحي بما لا شك فيه، أنّ أنقرة باتت مدركة بأنّها قد وصلت إلى الدرك الأخير مما هو مسموح لها بالتمدّد ضمنه، نتيجة حالة الفلتان الأمني والإداري التي كانت لها اليد الطولى فيه بمجموعة بلدان، عبر تمويل وتسليح المليشيات المحلية، بما يضمن لها حصتها في مستقبل تلك البلاد، أو على الأقل محاولة ذلك.


مع اليونان.. انسحاب من المتوسط


فمع اليونان، التي كادت أن تصل الأمور بينها وبين تركيا إلى مرحلة التصادم العسكري، وبالتزامن مع القمة الأوروبية التي انعقدت حينها، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في الأول من أكتوبر الماضي، عن توصلها إلى تفاهم مشترك مع الجانب اليوناني حول "مبادئ عامة" لتسوية التوتر العسكري بينهما، في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.


اقرأ أيضاً: الطـبـطـبة الأوروبـيـّة لا تـنـفـع إيــران.. والـعـقـوبـات الأمـريـكـيـة تــرسُم لـ”الختام”


فيما كشفت معطيات "رفينيتيف أيكون" للملاحة، أنّ سفينة التنقيب التركية "ياووز"، تركت المنطقة التي كانت تعمل بها بجنوب غربي قبرص وبلغت الساحل التركي، وأفصحت معطيات تعقّب حركة السفن، أنّ السفينة "ياووز" رُصدت قرب ميناء تاشوجو التركي في إقليم مرسين، صباح الخامس من أكتوبر، عقب أن أبحرت من منطقة تقع إلى الجنوب الغربي من قبرص، وذلك في استجابة لتهديد زعماء الاتحاد الأوروبي بمعاقبة أنقرة، إذا واصلت أعمال التنقيب في أجزاء متنازع عليها في البحر المتوسط.


تركيا في إدلب


مع سوريا.. انسحابات من نقاط عسكرية


أما في سوريا، فبعد سنوات من تمويل وتسليح الجماعات المتطرّفة، التي استولت على تطلعات السوريين وآمالهم في بناء وطن جديد، بعيداً عن دكتاتورية "آل الأسد" وأجندات الدول الإقليمية، وعقب أن سقطت خطوط أردوغان الحمراء، في حماه وحمص وحلب ودمشق ودرعا ودير الزور وإدلب، أعلن الرئيس التركي، في الثامن من أكتوبر، أنّ بلاده ليست باقية في أراضي سوريا إلى الأبد، مضيفاً: "سننهي تواجدنا فيها بمجرد إيجاد حلّ دائم للأزمة"، وهو تصريح لم يكن مفهوماً، لكون القوات التركية تستولي عسكرياً على قطاع واسع من شمال سوريا، إن بشكل مباشر عبر جيشها، أو عبر المليشيات المحلية على اختلاف مسمياتها، من إدلب إلى عفرين، مروراً بإعزاز ومارع والراعي ووصولاً إلى جرابلس، إضافة إلى مدينتي رأس العين وتل أبيض.


اقرأ أيضاً: الكُرد لـ أرمينيا وأذربيجان: النصر لمن يعيدنا إلى “كُردستان الحمراء”


لكن لم تمر إلا فترة قليلة، حتى توضح المقصود به بـ"الحل الدائم"، الذي أشار إليه أردوغان، وهو تسليم المناطق الخاضعة لتركيا إلى النظام السوري، بوساطة روسيّة بكل تأكيد، ففي التاسع عشر من أكتوبر، أكدت مصادر مطلعة لوكالة رويترز، أنّ تركيا بدأت بسحب قواتها من نقطة عسكرية شمال غرب سوريا، بعد أن حاصرتها قوات النظام السوري العام الماضي، وقال حينها أحد متزعمي المليشيات السورية التابعة لتركيا، والمعروفة بمسمى "الجيش الوطني السوري"، لـ"رويترز"، إنّ تركيا بدأت تفكيك نقطة مراقبتها في مدينة مورك شمال محافظة حماة، علماً أنّ نقطة المراقبة في مورك تعتبر النقطة التاسعة من أصل 12، أنشأتها أنقرة في إدلب بموجب اتفاقات مع روسيا ضمن عملية أستانا.


اقرأ أيضاً: الإسلام السياسي يُحقق وعد أردوغان لـ ماكرون بـ”المزيد من المشكلات”


وعقب عشرة أيام، وتحديداً في التاسع والعشرين من أكتوبر، أفادت مصادر إعلامية سورية، بأنّ تركيا شرعت في سحب قواتها من نقطة المراقبة في قرية شير مغار بريف حماة الشمال غربي، وعقبها أيضاً بحدود العشرة أيام، وتحديداً في الثامن من نوفمبر، ذكرت وسائل إعلام سورية، أنّ الجيش التركي بدأ تفكيك "نقطة مراقبة" جديدة له في ريف حلب تمهيداً للانسحاب منها، وقالت إنّ الجيش التركي قرّر إخلاء نقطة "قبتان الجبل" الواقعة في ريف حلب الغربي، والمعروفة بالنقطة 3، ليعقبها مباشرةً، في العاشر من نوفمبر، خروج 50 آلية عسكرية تركية، من نقطة معر حطاط التي تتوسّط مدينتي خان شيخون ومعرة النعمان، جنوب إدلب، والتي تعتبر ذات أهمية استراتيجية، نتيجة إشرافها على الطريق الدولي الذي يربط بين حلب ودمشق (إم 5).


مع فرنسا.. انسحاب دبلوماسي


أما فرنسا التي طالها نصيب كبير من التشهير والشتائم على لسان أردوغان بحق ماكرون، فقد بدأت أنقرة بمحاولة مصالحة باريس بداية عبر تعيين سفير جديد لها في باريس، في بداية ديسمبر الماضي، إذ اختارت شخصاً عرف عنه أنّه صديق مقرب للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وهو علي أونانار، وقد عرضت مجلة "Le Point"، خبر تكليف أونانار تحت عنوان "تم تعيين أونانار صديق ماكرون سفيراً في باريس"، كما بينت المجلة أنّ ماكرون وأونانار تلقيا تعليمها خلال الفترة من 2002 - 2004 في المدرسة الوطنية للإدارة، التي تعتبر واحدة من أعرق المدارس للقادة السياسيين في فرنسا، ولفتت إلى أنّ "أونانار يتحدّث الفرنسية بطلاقة، كما أنّه لا يدعم الموقف التركي تجاه اللواء خليفة حفتر في ليبيا".


اقرأ أيضاً: (آيا صوفيا.. إيبرو تيمتك.. قره باغ) حصيلة تركيا 2020.. الجزء الثاني


تلاها تصريح من وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في منتصف ديسمبر، قال فيها إنّ بلاده يمكن أن تطبع العلاقات مع فرنسا، شريطة أن تغيّر باريس موقفها بشأن العمليات العسكرية التركية في سوريا، ليعود لاحقاً بتاريخ السابع من يناير الجاري، إلى الزعم بأنّ بلاده تعمل مع باريس على وضع خارطة طريق لتطبيع العلاقات الثنائية، مدّعياً "إحراز تقدّم"، دون أن ينسى تحميل الجانب الفرنسي المسؤولية عن التوترات القائمة بين أنقرة وباريس، بالادّعاء أنّ تركيا ليست معارضة لفرنسا بشكل قاطع، بل إنّ فرنسا هي التي تعارض تركيا بشدة منذ إطلاق أنقرة عملية "نبع السلام" ضد الوحدات الكردية في شمال شرقي سوريا، في خريف عام 2019، مردفاً: "إذا كانت فرنسا صادقة، فتركيا مستعدّة لإعادة العلاقات معها إلى طبيعتها".


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!