الوضع المظلم
الأربعاء ٠٦ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • انعطافة الصدر تربك المشهد السياسي العراقي والإطار التنسيقي يطرح سيناريوهات

انعطافة الصدر تربك المشهد السياسي العراقي والإطار التنسيقي يطرح سيناريوهات

بعد ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة، وعجز الأطراف السياسية الأساسية في العراق عن الاتفاق على الحكومة المقبلة، نفّذ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تهديداته، وقدم نوابه، الأحد، 12 يونيو، استقالاتهم من البرلمان العراقي. 

خطوة بدت صادمة للحلفاء والخصوم، وسط أزمة سياسية متواصلة منذ الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر 2021.

وقال الصدر في بيان، "إنه طلب من رئيس كتلته التي تضم أكبر عدد من النواب هم 73 نائباً أن يقدم استقالات الأخوات والإخوة في الكتلة الصدرية إلى رئيس مجلس النواب". وأضاف "هذه الخطوة تعتبر تضحيةً مني من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول.

ليعلن بدوره، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي قبوله الاستقالات، قائلاً في تغريدة "قبلنا على مضض طلبات إخواننا وأخواتنا نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة من مجلس النواب العراقي".

وقبل شهرين، أعلن الصدر أنه سيتجه إلى المعارضة. ودعا خصومه السياسيين في الإطار التنسيقي الذي يضم كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، إلى أن تشكيل الحكومة.

"الانسداد المفتعل"

وكان نواب الكتلة الصدرية جميعاً قد وقعوا، الجمعة، على استقالاتهم، ووضعوها بتصرف زعيم التيار. 

جاء ذلك بعد إعلان الزعيم الصدري الذي تحصد كتلته النيابية الأكثرية في البرلمان المكون من 329 نائباً، خلال خطاب تلفزيوني، الخميس، بأنّ نواب كتلته مستعدون للاستقالة، إن "كان بقاء الكتلة الصدرية عائقاً أمام تشكيل الحكومة".

اقرأ أيضاً: انسحاب مرشح الصدر من سباق رئاسة الوزراء في العراق

لكنّ الصدر جدد تأكيده على أن "إصلاح البلد لن يكون إلا بحكومة أغلبية وطنية". وقال الصدر: "قررت البقاء في المعارضة البرلمانية فما استطاعوا أن يشكلوا الحكومة، وبقي ما يسمونه انسداداً سياسياً، وأسميه الانسداد المفتعل، فإن كان بقاء الكتلة الصدرية عائقاً أمام تشكيل الحكومة فكل نواب الكتلة مستعدون للاستقالة من مجلس النواب، ولن يعصوا لي أمراً".

وأوضح "هذان خياران: إما المعارضة وإما الانسحاب، وعموماً فالعراق ليس بحاجة لمطلق الحكومة بل للحكومة المطلقة، ذات أغلبية تخدم شعبها وترجع هيبته وطاعته لله سبحانه وتعالى".

وتختلف القوى السياسية المتخاصمة على شكل الحكومة، ويهدف التيار الصدري  الذي يرأس تحالف "إنقاذ وطن" مع كتلة "تقدم" السنية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني، لتشكيل حكومة أغلبية، مؤكداً أن كتلته هي الأكبر في البرلمان (155 نائباً).

بينما يسعى الإطار التنسيقي (83 نائباً) لتشكيل حكومةً توافقية تضم جميع الأطراف الشيعية، كما جرى عليه التقليد السياسي في العراق منذ سنوات.

وبسبب الخلاف السياسي وعدم قدرة أي طرف على حسم الأمور، أخفق البرلمان ثلاث مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، متخطياً المهل التي ينص عليها الدستور.

اقرأ أيضاً: الصدر يُقرر التضحية بنوابه في البرلمان "من أجل الوطن"

وبعد قبول الاستقالات من الحلبوسي، أصدر الصدر بياناً بغلق مؤسسات تابعة إلى التيار الصدري في المرحلة الحالية، وهي مؤسسة "المرقد" بكافة مفاصلها الإدارية، و"مكتب الشهيد" (النجف الأشرف)، والمكتب الخاص، و"هيئة التراث الشهيد"، و"براني السيد الشهيد" (المتحف)، إلى جانب مشروع "البنيان المرصوص".  

الأثر السياسي والقانوني

على المستوى السياسي، يرى مراقبون بأن خطوة الصدر تمثّل صدمة لحلفائه ومعارضيه الذين وجد بعضهم أن هذا الموقف بمثابة إعلان عجز من الصدر، وأيضاً لحلفائه "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني، و"السيادة" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، اللذين لا يعرفون ماهية الموقف الواجب اتخاذه في ظل هذا الانعطاف الحاصل بموقف الصدر.

وسبق أن أكد طرفا التحالف في تصريحات سابقة أنهما لن ينتميا لأي حكومة ليس الصدر جزءاً منها.

وتحدثت تقارير إعلامية إلى أن خطوة الصدر بداية التوجه نحو حلّ البرلمان الحالي، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

وتشير التحليلات إلى أنّ الأطراف السياسية بما فيها "الإطار التنسيقي" لا تريد ذهاب الصدر نحو المعارضة أو الانسحاب من العملية السياسية، لأنّ ذلك يعني أن عمر أي حكومة جديدة لن يطول، لما يملكه الصدر من قاعدة شعبية يمكن أن تهيّج الشارع العراقي بتظاهرات شعبية غاضبة، ولهذا الكل يريد الصدر مشاركاً لا معارضاً.

على المستوى القانوني، قال مصدر مسؤول في مفوضية الانتخابات، لوكالة شفق نيوز، إن "المفوضية لم تتسلم حتى اللحظة، أي شيء رسمي بخصوص استقالة نواب الكتلة الصدرية، كي تقدم البدلاء عنهم لمجلس النواب، لغرض أداء اليمين الدستورية".

وأضاف المصدر، أن "بدلاء نواب الكتلة الصدرية، سيكونون أعلى الخاسرين بالدائرة الانتخابية، بعيداً عن انتماء المرشح لأي كتلة كانت"، لافتاً إلى أن "قانون الانتخابات أكد أن بديل أي نائب يكون الذي يليه بأعلى الأصوات، بعيداً عن الكتلة التي ينتمي إليها".

وأشار إلى أن "المفوضية ستقوم بجمع الأسماء والأرقام لبدلاء نواب الكتلة الصدرية، فهم حتى الآن غير معرفين، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت، وبعد تسلم استقالة النواب بشكل رسمي، للبحث عن البدلاء في كل دائرة انتخابية استقال منها نائب عن الكتلة الصدرية".

يأتي ذلك في وقت بدأت فيه العطلة التشريعية للبرلمان (الخميس)، وتستمر حتى شهر يوليو (تموز) المقبل.لا تَلوح في الأفق إمكانية تحقيق حل خلال الفترة القادمة.

سيناريوهات الإطار التنسيقي

حسب الأنباء المتداولة، نقل موقع شفق نيوز عن مصدر قيادي في الإطار التنسيقي، اليوم الاثنين، عن السيناريوهات المطروحة، لمرحلة ما بعد استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان.

وأشار إلى أنّ الإطار ينتظر مبادرة الزعيم الكردي مسعود بارزاني التي قد تفضي لتجديد ولاية رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.

وقال المصدر القيادي لوكالة شفق نيوز، "نحن في انتظار مصادقة مفوضية الانتخابات على استقالة نواب الكتلة الصدرية وتسمية بدلاء عنهم وفقاً لقانون الانتخابات الذي تم اعتماده، وعندها سيبدأ الإطار جولة جديدة من المباحثات مع جميع القوى لتشكيل الحكومة حسب الاستحقاق والثقل السياسي، وهو سيناريو قد لا يحظى بمقبولية الجميع".

اقرأ أيضاً: الدفاع التركية: مقتل أربعة جنود شمال العراق

وأشار إلى أن "الإطار لا يستبعد عودة الكتلة الصدرية للمعادلة السياسية وبحسب ما تتضمنه مبادرة زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني التي من المؤمل طرحها قريباً، التي قد تفضي إلى تجديد الولاية لرئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي وتغيير وزراء الكابينة الحالية ليتماشى بمفهوم الحكومة المنتخبة".

لكنّ السيناريو الأقرب للتنفيذ، حسب المصدر نفسه، هو أن يسعى الإطار لإقناع زعيم التيار الصدري بالعدول عن قرار الاستقالة مقابل أن يشارك الإطار ب50 نائباً شيعياً بالإضافة لنواب الكتلة الصدرية لتشكيل الكتلة الأكبر مقابل الوصول إلى تفاهمات مشتركة حول رئيس الوزراء القادم.

فضلاً عن توزيع الوزارات بما يتناسب والثقل السياسي بمعنى آخر الوزارات الـ 12 المخصصة للمكون الشيعي سيتفق على منح 8 منها للصدر بينها وزارة واحدة سيادية مقابل أربع وزارات للإطار التنسيقي بينها ثلاث سيادية".

شكلت انعطافة الصدر إرباكاً جديداً في المشهد السياسي العراقي، وخطوة قد تتصاعد تدرجياً وتدفع باتجاه الصدام العنيف إذا لم تتمكن المكونات السياسية من إيجاد حل سريع يهدّأ من التوتر ويجنّب البلاد شللاً آخر في الواقع السياسي.

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير: عبير صارم

 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!