-
انهيار المبادئ الفرنسية في الدولة البُوليسية
منذ سنوات وترزخ الحكومة الفرنسية تحت طاولة الاحتجاجات العنصرية التي أججتها التصريحات الكريهة والعنصرية التي أطلقها الرئيس ماكرون والمعادية للإسلام والمسلمين في ظل تنامي ظاهرة مشاريع القوانين العنصرية وصعود اليمين المُتطرف وعلاقاته بالإرهابيين من الإخوان والدواعش مع تعاظم حضور خطاب الكراهية واستشراء نظرية الإسلام_فوبيا، تحت ستار الجمعيات والمنظمات الإسلامية، التي سيطرت على مبادئ الثورة الفرنسية الأساسية التي اندلعت شرارتها التحريرية عام 1789، مُتحدية وجودها في تحدي خطير للحرية وتقليدية الديمقراطية في بلد الفلاسفة والمُفكرين التقدميين المتنورين، فأين فرنسا بقيادة ماكرون وقبله ساركوزي اليوم من منظّري عصر النهضة ومفكريها العظام من جان جاك روسو وديدرو ومونتسكيو إلى فولتير.. ممن قضي على أحلامهم مشروع قانون "الأمن الشامل" وانتهاكه للحريات العامة بهدف إطلاق يد الشرطة تحت مظلة حماية قانونية، ليجعل أي شخص يستخدم هاتفه المحمول لالتقاط الصور على وجه الخصوص أثناء المظاهرات أو أي حركات شعبية أو اجتماعية وليس فقط الصحفيون ومراسلو الوكالات وصُناع الأفلام الوثائقية هم المستهدفين بهذا القانون، الذي يُقيد حرية التصوير والنشر وفرض عقوبة السجن عام وغرامة مالية قدرها ' 45' ألف يورو على كل من ينشر صور' وجه أو أي علامة تعريفية ' لأي رجل شرطة أو درك أثناء أداء وظيفته وفق المادة الفقرة "24" بالقانون، وهو ما أقام الدنيا وأقعدها، لثلاثة أسابيع أرهقت الحكومة الفرنسية وأخرجت ما بجعبتها من "سوء نية"، لترتفع ضدهم شعارات "من يحمينا من شراسة الأمن؟"، "أخفضوا سلاحكم لنخفض كاميراتنا" في "جنوح أمني" و"إساءة للحقوق" الأساسية للثورة الفرنسية ورفض أن تكون فرنسا بلد عُنف الشرطة والإساءة إلى الحريات كافة... قد جعل "عُنف الشرطة غير مرئي" ، فهل ما يجري هي "حرب الصورة" وكأننا نرى حرباً من نوع خاص هي فعلا معركة الدولة الفرنسية مع "الصورة" لأن هذا القانون يشجع الشرطة على إخفاء تجاوزاتها الخطيرة ونواياها السيئة، مما يؤسس لـ«مراقبة جماعية».
لقد أتت الاحتجاجات بثمارها واتخاذ خطوة للوراء بعد اجتماع الرئيس الفرنسي ماكرون مع رئيس الحكومة جان كاستيكس ووزراء أساسيين بالحكومة ورؤساء كتل نيابية لتُعلن الأغلبية البرلمانية أنها ستعيد صياغة المادة 24 في مسودة القانون بشكل كامل، وقد عارضها زعيم النواب الشيوعيين فابيان روسيل وبعض المعارضين لمشروع القانون وضرورة سحب المادة كلياً من نصوص القانون لأنها تهدف بالأساس إلى النيل من الحريات العامة الأساسية في نظام الجمهورية الفرنسية، لنري حالة التخبط والتناقض التي تعيشها الحكومة الفرنسية المُسيسة ضد إرادة شعبية ومهنية وقضائية لهدف أناني فيه مغازلة لليمين المُتطرف، ليجعل من فرنسا الفرانكوفونية والليبرالية الدولة القاتلة للعالم الديمقراطي والحر، لتنضم للأنظمة السياسية الدكتاتورية المتخلفة في قمعها حرية الرأي والتعبير والتصوير وقهر شعوبها بسطوة رجال الأمن وتعسفهم، والتي انتقدها الداخل الفرنسي وامتدت إلى خارج حدوده عبر انتقاد أممي وأوربي جعل شعارات الداخل للمتظاهرين: "الكل يكره الشرطة"، "أوقفوا القوانين التي تقضي على الحريات، أوقفوا الإسلاموفوبيا"، فهل يتعظ العالم الغربي؟!!، أي هل فهمت أوربا ضريبة من يأوي الإرهابيين وأفكارهم؟!!.
حماد الثقفي
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!