الوضع المظلم
السبت ٠٢ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
براءة القرش من دم بن يعقوب
إبراهيم جلال فضلون (1)

القرش كان يلاعب السائح ويراقصه على طريقة كلب البحر قبل مُهاجمته، جملتان أشبعتا المُهرجين من كل حدب وصوب سخرياتهم المعهودة دون النظر لبواطن الأمور، هكذا السطحية في التفكير والابتذال في طريقة حياتهم (لا مبالاة)، في كلّ الأمور المُعاشة.

وأيُ خبر يطفو على سطح محركات البحث بقص من هنا وهناك تتداوله بالنقل دون الاجتهاد في التأكد من صحته، وكأنه اضطراب قهري لا ينطوي على تعاطي المُسْكِرات، وتلك عادة ملايين البشر على وسائل التواصل الاجتماعي التي تُشبه في ذلك "القُمار المرضي"، مما أهلك بل في طريقه لاندثار المحتوى الجيد، متحولاً للابتذال والتراشق، وأمراض العالم الافتراضي التي صرنا جميعاً ضحاياه على الرغم من فوائده كثيرة إلا أن هناك جانباً مُظلماً فيه طال الجميع بنسب متفاوتة كـ (تدني مفهوم الذات، والنرجسية، والغيرة، والحقد، والحسد، والانطواء)، وكي لا نغرد بعيداً، فإن ما صار بحادثة القرش الاستثنائية، ينُمُ عن تفاهة ما تم تداوله ولو بالمزاح لحُبّ الظهور، واللعب على الأوتار المشدودة باستخفاف عقول الجماهير.

إن أسماك القرش ليست المخلوقات الوحيدة الأكثر شراسة، بل هناك من يسبقها في جدول الشراسة وهم بني البشر، في الوقت الذي لم يتفق فيه العلماء على السبب الدقيق الذي يدفع أسماك القرش للقيام بهجماتها الشرسة على الإنسان، وبالفعل هناك العديد من الفرضيات حول الأسباب التي تدفع أسماك القرش لمهاجمة الإنسان في بعض الأحيان ومنها فرضيات، ترى أن بعض فصائل أسماك القرش التي تهاجم الإنسان قد يختلط عليها الأمر وتهاجم الإنسان اعتقاداً منها أنه كلب البحر أو أنه فريسة حيوانية تستطيع أن تأكلها، مثلما خرجت الدعابات بأن القرش كان يُراقص ضحيتهُ فبل مهاجمته، وهو ما يحدث للمتزحلقين على الماء وكأنهُ على لوح التزحلق "كلب بحر أو فقمة" وهي الوجبة المفضلة للقرش.. بل وقد يلتقط القرش إشارات كهربائية تقوم العضلات بتوليدها عند الحركة بأجهزة استشعار فيعُض ويهرب، بينما يفسر آخرون الأمر بأنه يعود إلى أسباب جينية. استنادا إلى "السجل العالمي لهجمات أسماك القرش" (International Shark Attack File) على موقع متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي والتي تم جمعها خلال فترة 55 عاما من 1960 إلى 2015.. وقد تتأثر هجمات أسماك القرش بالإضاءة القمرية وفقا لقوة إضاءتها في مراحل القمر المختلفة وفق دراسة نُشرت في دورية "فرونتيرز إن مارين ساينس"، وهناك علاقة لبعض الظواهر الطبيعية البحرية على سلوكيات بعض الحيوانات مثل ظاهرة المد والجزر، غير أن النتائج الرئيسة ترى أن المحفزات المحتملة لذلك تحتاج إلى دراسة بطريقة أكثر واقعية؛ لفهم أفضل لسلوك القرش، مما قد يساعد في إدارة المخاطر في المستقبل وذلك باستخدام الأساليب الرياضية لاختبار الظواهر العالمية ثم الحالات الفردية، مع ترك التخمين جانبا، كما حيك حول قصة سفينة الماشية النافقة

لكن ما صار مع "هجوم من سمكة قرش من نوع النمر (Tiger Shark) على أحد رواد الشاطئ، الذي (لم يكن سائحا، بل مقيماً دائماً في مصر)، من أمور الغيب كالقضاء والقدر مثل حوادث السيارات والطائرات وغيرهما، فما بالك بالحروب والمجاعات والإرهاب واضطهاد المسلمين في الهند والصين وغيرهما.. وهلُم جرة، وتمتلء بأعدادها الإحصائيات الدولية، وهي حادثة لا تُمثل أي نسبة مقابل ما يحدث على شواطئ العالم مُقارنة بحوادث مماثلة في أميركا وأوروبا وجنوب أفريقيا، حسب ملف هجوم القرش الدولي التابع لمتحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي (ISAF) أن 137 حادثاً مزعوماً عالمياً في عام 2021 حدث بين أسماك القرش والبشر. وأكدت قاعدة بياناتهم بـ 73 هجمة سمكة قرش غير مبررة على البشر و39 هجمة مُبررة أو استفزازية، وهو ما يعني أن حوادث التهام أسماك القرش في مصر نادرة. فالقروش كبعض البشر تسير خلف غرائزها الطبيعية كالأمومة لا سيما عند الولادة فتحمي أطفالها مهما حدث، بل وتصاب بحالة من الهياج إذا شعرت بخطر وتهاجم على الفور، فضعوا الأمور في نصابها ولا تتفوهوا بالزيف والافتراءات دون التدقيق في المعلومات والحقائق، فما (يَكُبُّ النَّاسَ في النَّار عَلَى وُجُوهِهِمْ أَو عَلَى مَنَاخِرهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهمْ) أخرجه الترمذي. حفظ الله بلادنا العربية من شرور وألسُن المتشدقين.

 

ليفانت - إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!