الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • تراوحت بين 200 و 300 مليار دولار.. هل تسترجع الجزائر أموالها المنهوبة؟

تراوحت بين 200 و 300 مليار دولار.. هل تسترجع الجزائر أموالها المنهوبة؟
الجزائر

أمين بن لزرق / الجزائر


يترقب الجزائريون بشغف كبير استرداد الأموال الضخمة المنهوبة من قبل أفراد العصابة الحاكمة ورجال الأعمال المتورطون في قضايا فساد ثقيلة في عهد الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة التي قدر مراقبون قيمتها ما بين 200و 300مليار دولار.


ومنذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي، ظهرت قضايا فساد كثيرة، أصدر بشأنها القضاء أوامر بالحبس بحق رجال أعمال ومسؤولون ساميون و سياسيون أودعوا جميعاً في سجن الحراش بالعاصمة الجزائر، ونسبت إليهم تهماً تتعلق بالفساد وتبديد أموال عمومية فاقت قيمتها الإجمالية 200 مليار دولار خلال 20 سنة من حكم الرئيس بوتفليقة.


وعلى الرغم من وجود إتفاقيات دولية ستلجأ إليها الجزائر من أجل إستعادة أموالها المنهوبة إلا أن هناك من يعتبر الأمر بالمستحيل وصعب المنال، ويتطلب بذل كثير من الجهد والمساعي الديبلوماسية من أجل إقناع بعض الدول لمنح أموال الجزائر.


ويتساءل سياسيون واقتصاديون عن قدرة الجزائر على استرجاع أموالها وكيف ستوظف علاقاتها مع بعض الدول التي لها مصالح معها وماهي الآلية التي ستلجأ إليها لتحقيق حلم الشعب الجزائري بإسترداد امواله المنهوبة؟

وسبق وأن طمأن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الشعب الجزائري خلال حملته الإنتخابية على قدرته التامة في اسسترجاع هذه الأموال ولو تاجزء الأكبر منها، وقال بأنه على دراية تامة بهذا الملف دون أن يذكر تفاصيل كثيرة، وهو ما سيجعله أمام اختبار حقيقي من قبل الشعب الذي بات ينتظر ماذا سيفعله تبون بخصوص هذه القضية التي تضاهي مليارات الدولارات.


وكشف الوزير الأوّل، عبدالعزيز جراد، أن الجزائر ستباشر إجراءات لاسترداد الأموال المنهوبة المهرّبة للخارج خلال فترة حكم بوتفليقة، مؤكداً بأن الآلية القانونية الوحيدة التي ستعتمد عليها الجزائر هي اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد.


وأوضح الوزير الأول يوم أمس في رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني حول استرداد الأموال المنهوبة، أن العملية تمر بثلاث مراحل، ستعتمد بشأنها الحكومة على إثبات الأملاك وتحديد مكانها كمرحلة أولى، فيما ستتركز المرحلة الثانية على توفر أحكام قضائية نهائية، في حين المرحلة الثالثة في عملية استرداد الأموال المنهوبة هي وجود اتفاقيات قضائية.


وإعتبر عبدالعزيز جراد أن المواد الدستورية في محاربة الفساد تعتمد وجوباً على عدم تقادم الدعوى في مجال محاربة الفساد، فيما ستسند هذه العملية إلى وزارة العدل هي التي ستتكفل بها قريباً.

ويرى متابعون للشأن الاقتصادي والسياسي بالجزائر أن كل الآليات موجودة لإسترجاع الأموال المنهوبة وربطت ذلك بإنتهاء التحقيقات في جرائم الفساد المطروحة على جهاز العدالة، بإعتبار أن الجرائم الاقتصادية المتعلقة بالصفقات العمومية والمبالغ المالية الضخمة التي نهبت من الخزينة العمومية ستأخذ وقتاً طويلاً وهو ما سيؤخر إصدار أحكام قضائية ستستد عليها الدولة لتحقيق غايتها. 


وقدّر خبراء اقتصاديون في الجزائر بأن قيمة الأموال المنهولة والمهرّبة إلى الخارج من قبل أفراد العصابة وشركائها تتراوح ما بين 200 إلى 300 مليار دولار يتوجب أولاً تحديد مكانها بدقة من خلال مباشرة تحقيقات معمقة مع رجال الأعمال الموقوفين الذين كانوا يعملون تحت غطاء سياسي وحماية غير عادية من قبل السلطة الحاكمة خلال فترة حكم بوتفليقة ما سهل لهم توسيع نشاطاتهم وتلقي تحفيزات وتهريب الأموال بطريقة غير قانونية.


وبخصوص تهريب الأموال إلى الخارج، يجمع المختصون أنها تمت بطريقتين، الأولى تضخيم الفواتير، التي تفطّن لها وزير التجارة الراحل بختي بلعايب حين أشار علانية أن 30% من قيمة الواردات كانت عبارة عن فواتير مضخمة اعتمدها المهربون لتحويل الأموال بالعملة الصعبة للخارج.

فيما تبقى الطريقة الثانية أكثر خطورة تتعلق بخلق مشاريع وهمية، من خلال اقتناء سلع غير مطابقة لما صرّح به المستورد، وهذا بعد تلقي تسهيلات كبيرة من مصالح الجمارك التي كانت تحت قبضة السلطة الحاكمة في ذلك الوقت وبالتواطؤ مع ممونين.


ويتوقع بعض الخبراء القانونيين بأن الإتفاقيات الدولية ستساعد على استرجاع الأموال المنهوبة الموجودة خارج الوطن، خصوصاً من أوروبا حيث ستكون أسهل من الدول الأخرى غير الآمنة مثل الإمارات وهونغ كونغ التي يجب عليها أن تتجاوب مع هذه الإتفاقيات وتعمل بها.


فيما ينصح آخرون بأن تنتهج الدولة طريقة سهلة توفر بها الكثير من الوقت والجهود تتعلق بالتفاوض المباشر مع الناهبين ومساومتهم بتخفيف الأحكام عنهم مقابل إعادة المال المنهوب ورغم أن هذه الطريقة تبدو غير قانونية لكن تبقى إحدى الطرق الذكية لإستعادة أموال الشعب الذي يصعب إقناعه بها مادام أن حلمه كان يتركز على رؤية أفراد العصابة الناهبة في السجن بأثقل الأحكام.


وحسب مصادر مختلفة فإن الجزائر سارعت إلى تحريك طلبات دولية على شكل إنابات قضائية لبعض البلدان تأكدت من ضمها لفارين من العدالة أو بها حسابات بنكية مشبوهة، على غرار ما قامت به مع الحكومة اللبنانية لتسليم وزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب التي وجهت له تهم فساد ثقيلة، كما وجهت مذكرة إلى الحكومة السويسرية لأجل بيانات بنكية مشبوهة.

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!