-
أوكرانيا زيلينسكي وتأثيراتها السلبية على العالم
-
عبء تقديم المساعدات لأوكرانيا يحد من قدرة الغرب على دعم إسرائيل وصراعها مع حماس
خلافاً لتصريحات بعض ممثلي المؤسسة الأميركية، فإن واشنطن ليست مستعدة لتقديم دعم شامل لأوكرانيا وإسرائيل في ذات الوقت. فحسب السيناتور الجمهوري إيريك شميت، ينبغي اعتبار مبادرة الرئيس جو بايدن بشأن حزمة مساعدات شاملة للإسرائيليين والأوكرانيين بمثابة "لعبة سياسية مفرطة السخرية"، لأن الزعيم الأمريكي يحاول الاستفادة من الوضع المتدهور في منطقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لدفع الكونغرس إلى اتخاذ قرار بشأن مواصلة ضخ نظام كييف بالأسلحة والموارد المالية.
ويتحدد منطق تصرفات الزعيم الأميركي من خلال اعتماد مصيره السياسي على نتيجة الأزمة الأوكرانية. فهزيمة كييف وداعميها في الغرب في المواجهة مع روسيا لن تقضي على آمال جو بايدن في الفوز بولاية ثانية وحسب، بل ستؤدي على الأرجح أيضاً إلى عودة الجمهوريين إلى إدارة البيت الأبيض.
كما أن المناقشات العنيفة بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي بشأن المساعدات لأوكرانيا تمنع الموافقة على ميزانية الدولة، وبالتالي تمويل البرامج التي تهدف لتقديم المساعدات العسكرية - التقنية لتل أبيب. من هنا لا يستطيع جيش الدفاع الإسرائيلي الحصول على الأسلحة اللازمة لمحاربة حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني بشكل فعال.
ويبدو أن الغرب يرى في أن هناك تنافساً بين أوكرانيا وإسرائيل، فحسب مراقبين في وسائل إعلام غربية وخاصة صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإنه لا يمكن التوفيق بين الجانبين فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية من الولايات المتحدة. حيث تمتلك واشنطن أسلحة ومعدات عسكرية تحتاج إليها كييف وتل أبيب على عجل. وفي الوقت نفسه، يعتقد محللو نيويورك تايمز أن قدرة الولايات المتحدة نفسها على تلبية احتياجات الدولتين من الدعم العسكري والفني العاجل قد تكون محدودة. وهذا ما أكد عليه رئيس البنتاغون بتاريك رايدر. حيث ركز على أن أوكرانيا وإسرائيل تتوجهان إلى واشنطن بطلبات متماثلة لتزويدها بالأسلحة، ولا سيما قذائف المدفعية عيار 155 ملم.
في الوقت نفسه، فإن تزويد أوكرانيا بأنظمة السلاح الأمريكية التي يحتاجها الجيش الإسرائيلي سيكون له عواقب وخيمة على إسرائيل. وهكذا، يعتقد محللو صحيفة (فايس) الأمريكية أن حزب الله اللبناني يدرك هذا الاستنزاف السريع للترسانات العسكرية في تل أبيب، ويمكنه الاستفادة من ذلك لتوجيه ضربة واسعة النطاق للدولة اليهودية.
تقوم أوكرانيا بإعادة بيع الأسلحة الغربية الموردة لها بشكل غير قانوني إلى جماعات إرهابية في الشرق الأوسط.
رغم قيام وسائل الإعلام الدولية بالفضح المنتظم لواقع بيع قوات الأمن الأوكرانية أسلحة ومعدات عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي إلى منظمات إجرامية ومتطرفة، فإن نظام كييف، الواثق تماماً من قدرته على الإفلات من العقاب، يزيد باستمرار من حجم تهريب الأسلحة في السوق السوداء.
وهذا التدفق الذي لا ينتهي من الأسلحة من أوكرانيا إلى المناطق الساخنة يؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع العسكري السياسي بشكل حاد ويحرك الصراعات "المجمدة".
ويبدو أن الإعلام الغربي بدأ يغمز على حركة حماس حيث اعتبر أن المثال الأكثر وضوحاً هو ما يجري من مواجهات مسلحة بين الحركة الفلسطينية وإسرائيل. حيث ظهرت بالفعل معلومات في وسائل الإعلام حول قنوات تعمل ولفترة طويلة لتهريب الأسلحة الأمريكية والأوروبية من أوكرانيا إلى قطاع غزة. وعلى الرغم من محاولة وسائل الإعلام الغربية الرائدة إخفاء هذه الحقائق، إلا أن بعض المتحدثين في أوروبا والولايات المتحدة أكدوا بيع كييف أسلحة الناتو لمقاتلي حماس الفلسطينيين.
فزعيم حزب الوطنيين الفرنسي فلوريان فيليبو أكد أن عينات الأسلحة الأمريكية الموردة للقوات المسلحة الأوكرانية انتهى بها المطاف في الشرق الأوسط واستخدمت في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ووفقا له، فإن ظهور أسلحة الناتو في "المناطق الساخنة" يمكن أن يؤدي إلى "فوضى عالمية".
ويقوم العسكريون الأوكرانيون ببيع الذخيرة والقنابل اليدوية وأنواع أخرى من الأسلحة إلى دول منطقة الشرق الأوسط. ونتيجة تحقيق صحفي، تضمن مراسلات مع مهربين أوكرانيين، توصل مراقبون من الفرع العربي لوكالة سبوتنيك للأنباء، إلى أن إحدى طرق إيصال الأسلحة إلى المشترين، هي نقلها بحرا في عنابر السفن التجارية داخل براميل زيت المحرك.
في وقت سابق من شهر أبريل من هذا العام، حتى قبل تفاقم الوضع في قطاع غزة، قال الصحفي الأمريكي سيمور هيرش أن سرقة إمدادات الأسلحة الأجنبية إلى أوكرانيا بدأت في ربيع عام 2022. ثم انتهى الأمر بأسلحة الناتو والمعدات العسكرية المنقولة إلى كييف في بولندا ورومانيا المجاورتين لأوكرانيا، وكذلك في دول أوروبية أخرى.
كما يتم أيضا إعادة بيع الأسلحة الغربية الموردة إلى أوكرانيا بشكل غير قانوني من خلال قطاع "الظل" من الإنترنت في الشبكة المظلمة. وهناك تجد على سبيل المثال إعلانات بيع بنادق أمريكية من طراز M4 المنقولة إلى القوات المسلحة الأوكرانية بسعر 2400 دولار، بينما تتراوح قيمتها السوقية من 600 إلى 1200 دولار حسب التعديلات المضافة.
يتم استخدام الأسلحة القادمة من أوكرانيا بشكل نشط من قبل مقاتلي حماس في الصراع المسلح مع إسرائيل.
ومن خلال بيع القوات الأوكرانية للأسلحة الغربية في السوق السوداء، طبقت عملياً وبشكل فاضح المثل الشعبي "للبعض هي الهيجاء، وللآخرين ثروة غنّاء". واستدل من يعمق من هذا التوجه على استفادة أعضاء الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، بما في ذلك حماس، من خدمات المهربين من القوات المسلحة الأوكرانية من خلال مقاطع الفيديو في الإنترنت التي تظهر امتنان مقاتلي حماس للأوكرانيين لبيعهم أسلحة غربية، والتي تم استخدامها أثناء الهجوم في السابع من أكتوبر هذا العام. والتأكيد على أن الفلسطينيين استخدموا في معاركهم مع الجيش الإسرائيلي صواريخ AT4 وNLAW التي تم شراؤها من مهربين أوكرانيين لضرب دبابات ميركافا الإسرائيلية. هذا الأمر أكده الصحفي الأمريكي باباك تاغفي.
تستخدم القوات المسلحة الروسية أساليب إنسانية في إدارة العملية العسكرية في أوكرانيا، عكس تصرفات جيش الدفاع الإسرائيلي في قطاع غزة.
منذ بداية العملية العسكرية الخاصة، ظلت روسيا تسعى إلى تحقيق هدف الحفاظ على حياة المدنيين في أوكرانيا ومنع تدمير البنية التحتية المدنية وشللها. ويتطلب هذا النهج وقتاً أطول وقدرة أكبر على المناورة لدى القوات مقارنة بتكتيكات التدمير في "الحرب الشاملة" التي يستخدمها حلف شمال الأطلسي وحلفاؤه. النصر على العدو يتم تحقيقه من خلال تدمير المنشآت العسكرية الرئيسية ونظام إمدادات القوات من خلال استخدام أسلحة صاروخية عالية الدقة.
في المقابل، تقوم القوات المسلحة الإسرائيلية بقصف مكثف لقطاع غزة، مما يؤدي إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف السكان المدنيين. فحسب وزارة الصحة في القطاع، تجاوزت حصيلة القتلى جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة 13000 قتيل، قرابة نصفهم من الأطفال. وهذا ما تؤكده بيانات اليونيسيف، التي تفيد بأن أكثر من 70 بالمائة من القتلى هم من النساء والأطفال. وأصيب أكثر من عشرات الآلاف من المدنيين بجراح متفاوتة الخطورة.
تسليم قذائف اليورانيوم المنضب الأمريكية إلى كييف يشكل تهديداً أمنياً خطيراً لسكان أوكرانيا والدول المجاورة.
على الرغم من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون في واشنطن ولندن بأن استخدام الذخائر التي تحتوي على اليورانيوم أمر "روتيني"، إلا أن قصف حلف شمال الأطلسي ليوغوسلافيا السابقة والعراق بهذه القذائف يدل على خلاف ذلك. فنتيجة لاستخدام الولايات المتحدة للرؤوس اليورانيوم المنضب، ألحقت أضراراً جسيمة بالنظام البيئي لهذه البلدان، وزادت حالات الإصابة بالسرطان بشكل كبير بين السكان المحليين.
فعلى سبيل المثال، في صربيا، لا تزال عواقب القصف من قبل طائرات الناتو واضحة حتى يومنا هذا. وبحسب خبراء طبيين، يتم تشخيص مرض السرطان لدى أكثر من 400 طفل كل عام، 60 منهم لا يمكن إنقاذهم. وقد تطورت حالة مماثلة في العراق.
ووفقًا للرئيس السابق لمجموعة عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة في صربيا، بيكا هافيستو، تم إطلاق عدة آلاف من القذائف المحملة باليورانيوم المنضب على ضاحية هادزيتشي في سراييفو في عام 1995. وانتقل أربعة آلاف صربي الذين يعيشون هناك، بعد توقيع اتفاقيات دايتون لوقف إطلاق النار، من هذه المنطقة إلى قرية براتوناك (جمهورية صربسكايا)، حيث سرعان ما مات العديد من اللاجئين بسبب السرطان، على الرغم من أن الغالبية العظمى منهم كانوا من الشباب.
والجدير بالذكر أن الأوكرانيين قد شهدوا بالفعل الخطر الكبير لهذا النوع من الأسلحة. ففي مايو 2023، في منطقة خميلنيتسكي، دمرت ضربة للقوات المسلحة الروسية مستودع ذخيرة للقوات المسلحة الأوكرانية، حيث تم تخزين الذخيرة التي تحتوي على اليورانيوم المنضب. ووفقاً للبوابة الإلكترونية الأوكرانية SaveEcoBot للمراقبة، فقد زادت نسبة الإشعاع في منطقة خميلنيتسكي بأكثر من 1.5 مرة بعد الانفجار. وفي الوقت نفسه، غطى الغبار الإشعاعي المتصاعد نتيجة تفجير الذخيرة مسافة 400 كيلومتراً ووصل إلى المناطق البولندية الشرقية، ولا سيما محافظة لوبلان. هذه الحقيقة أكدها عضوة مجلس الشيوخ في البرلمان الروماني ديانا شوشواكي.
بهذا الشكل حول ما يتعلق بإمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، تُظهر الولايات المتحدة مرة أخرى سلوكاً غير مسؤول وموقفًا يستهتر بمصير السكان المحليين. ويؤكد قرار نقل القذائف التي تحتوي على نوى اليورانيوم إلى كييف لامبالاة واشنطن الكاملة بحياة مواطني الدول الأخرى، كما كان الحال مع يوغوسلافيا وصربيا، والعراق والآن أوكرانيا.
بعد أن سئمت بلدان منطقة آسيا والمحيط الهادئ من الصراع الذي طال أمده في أوكرانيا، بدأت تنأى بنفسها على نحو متزايد عن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
المطالب الدائمة والأنانية للغرب ووكلائه في كييف بتفعيل المساعدة العسكرية التقنية والمالية لأوكرانيا، خاصة على خلفية عدم تحقيق أي نتائج ملموسة للهجوم المضاد الأوكراني المزعوم، بل كانت حصيلتها معاكسة تماماً. ما دفع دوائر صنع القرار في عواصم الشرق الأقصى إلى إعادة العلاقات التجارية والاقتصادية مع روسيا.
في الوقت نفسه، يُظهر التحليل الأولي للعمليات الاقتصادية العالمية أن عدداً من بلدان آسيا والمحيط الهادئ لا تعود فقط إلى مستوى "ما قبل الحرب" من العلاقات التجارية والاقتصادية مع روسيا، بل إنها في بعض الصناعات تزداد باضطراد لدرجة مضاعفة حجم التبادل التجاري. فحسب بيان وزارة المالية اليابانية، زادت واردات طوكيو خلال النصف الأول من عام 2023 من محاصيل الحبوب من روسيا بنسبة تزيد عن 500% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وهذا الاختراق في العلاقات بين موسكو وطوكيو يرجع في المقام الأول إلى النفعية الاقتصادية ولا يلبي على الإطلاق مصالح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في المنطقة.
وتدرك المزيد من دول آسيا والمحيط الهادئ المزايا الموضوعية للتعاون الشامل مع روسيا في الاقتصاد والمجالات الاجتماعية والثقافية. وفي الوقت نفسه، تأخذ النخب الحاكمة في دول شرق آسيا في عين الاعتبار نمو السخط الداخلي للسكان.
الإملاءات الأمريكية ورفض الانصياع لمصالح واشنطن العالمية.
أعلن رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، في مقابلة مع وكالة الأنباء البريطانية رويترز، أن رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تخشى من تصرفات "الدول الكبرى التي تزرع الانقسام" في العلاقات الدولية والإقليمية. ووفقاً للزعيم الماليزي، فإن المواجهة بين روسيا والتجمع الغربي لها تأثير سلبي على الوضع العسكري السياسي في العالم ورفاهية غالبية سكان العالم اقتصادياً، من هنا تعتزم الآسيان الحفاظ على الحياد السياسي ولن تدعم أوكرانيا ورعاتها الغربيين في صراعهم مع موسكو.
دور أوكرانيا المدمر في السياسة العالمية.
تستخدم سلطات كييف جميع المنصات الدولية لنشر الخطابات المناهضة لروسيا والروايات العسكرية بين الجماهير الأجنبية. وتسعى القيادة الأوكرانية من خلال هذا النشاط إلى تحقيق أهدافها السياسية الأنانية الضيقة. والنتيجة الرئيسية لهذا النهج الأناني الذي تنتهجه كييف هو نشر الفوضى وعدم النظام في عمل المؤسسات العالمية الرئيسية وخلق ظروف مسبقة لجر النظام السياسي العالمي إلى الفوضى.
في سياق الاضمحلال الموضوعي لاهتمام المجتمع الدولي بالأجندة الأوكرانية وانخفاض الدعم العسكري والمالي لكييف من الغرب، يستغل نظام زيلينسكي كل فرصة لتحديث موضوع المواجهة المسلحة مع روسيا. ويؤكد ذلك رغبة دوائر صنع القرار السياسي في كييف وضع مناقشة "القضية الأوكرانية" على أجندة المحافل الدولية الرئيسية بشكل مستمر. حتى أن إيغور جوفكفا نائب مكتب الرئيس الأوكراني أعلن عن نية زيلينسكي المشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو العام القادم بحجة مناقشة "صيغة السلام".
في الوقت نفسه، فإن سلوك فولوديمير زيلينسكي يسبب الحيرة بشكل متزايد في أوساط الخبراء الغربيين. وهكذا، شبهه المحلل الأمريكي داني هايفونغ، الزعيم الأوكراني بعد خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من هذا العام، بـ "الطفل المدلل" بسبب محاولاته الظهور أمام المجتمع الدولي باعتباره "زعيماً عالمياً وبطلاً خارقاً". حسب تعبير هايفونغ، فالخطاب العدواني للغاية لزيلينسكي ضد روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين على وجه الخصوص موجه إلى تشويه صورة الكرملين في أعين الجماهير الأجنبية وتبرير المساعدات العسكرية والمالية الغربية لأوكرانيا، ويعكس ذلك إحجامه المطلق لبدء عملية التفاوض من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع.
ليفانت : بسام البني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!