الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • تصعيد في السويداء: احتراب أهلي أم فرض الخضوع لقوة عسكرية؟

تصعيد في السويداء: احتراب أهلي أم فرض الخضوع لقوة عسكرية؟
السويداء..

تبدو معادلة السطوة في السويداء تتمدد رويداً رويداً، بدءاً من حي المقوس شرقي السويداء، لتصفية عناصر قوة مكافحة الإرهاب في قرية خازمة، والتي رغم سوئها لكنها لم تجد رد فعل شعبي حينها. ولكن تمددت العمليات لخطف أفراد متعددة الانتماءات، بحيث يتم السطو على أصحابها لتقديم فروض الطاعة لقوات الفجر، وزعيمها راجي فلحوط، التابعة للأمن العسكري، دون أن يظهر الأمن بوضوح على الساحة.

حيث فرض على آل "أبو عساف" من عتيل وسليم (مكان تواجد قوات الفجر الرئيسة) ذات الفعل، واليوم تمتد اليد لأهالي شهبا، والمعادلة المطروحة: إما الرضوخ لشروط فلحوط أو التهديد بالتصعيد لاحتراب أهلي، الموقف الذي يرفضه الواقع الأهلي والمجتمعي لليوم. فهل تستمر هذه المعادلة، وهل ينجح الأمن العسكري بتعزيز سطوة فلحوط وجماعته كحاكم عسكري بالسويداء منفرد ينفذ مآربه الأمنية ليصبح، كما حزب الله في جنوب لبنان بهذه الطريقة؟

اقرأ المزيد: ماسك ينفي علاقته بزوجة برين المؤسس المشارك لشركة غوغل

في الأحداث الحالية، لم يزل التوتر قائماً في محافظة السويداء، بل ويتصاعد أكثر، فمنذ يوم السبت قام فصيل ما يُعرف بقوات الفجر والذي يتزعمه راجي فلحوط بخطف شاب من آل الطويل من مدينة شهبا، متهمة إيّاه بالانتماء لفصيل قوات مكافحة الإرهاب وتلقي تمويل خارجي، حسب زعمها. ويُذكر أنّ الفصيل الأخير قد أنهي وجوده فعلياً على يد الأول وبمؤازرة مجموعات تتبع للأمن العسكري وحزب الله اللبناني.

لم تقف الأحداث عند هذه الحادثة، فقد تصاعدت الأحداث عبر قطع الطرق. ليرد المجتمع الأهلي في مدينة شهبا بقطع طريق دمشق السويداء، ممّا تسبّب بإشكاليات لطلبة الجامعات والموظفين وغيرهم، وبرر الأهالي ذلك بأنّه للضغط على السلطة الحاكمة والراعية لفصيل قوات الفجر، حيث يتبع هذا للمخابرات العسكرية ويقوم بدور الضابطة العدلية غير القانونية بظل غياب القانون ومؤسسات الدولة الأمنية.

بالمقابل، قام هذا الفصيل باختطاف عدد من أشخاص من العائلة المذكورة بداية، ومن أهالي شهبا، وكل من يمر صدفة على حواجزه، وصل العدد إلى 9 أفراد، ليرد أهالي شهبا باحتجاز ستة ضبّاط من الجيش والمخابرات، والأحداث تشي بالتصعيد من كلا الطرفين.

غالبية الناشطين والأهالي برروا ما قام به الأهالي في شهبا، واعتبروه حقاً مدنياً، رغم تضرر المحافظة من قطع طريق دمشق، فيعتبر شريان المحافظة الاقتصادي والخدمي، وكثيراً ما هدد النظام بإغلاقه، وعبره يبتز التجار ويعتقل ويهين الناس. أما ما قامت وتقوم به الجهة المقابلة المدعية تمثيل النظام والقانون في المحافظة، فلا يعتبر إلّا تمادياً بخرق القوانين والدستور، عبر فرض سياسة العنف والأتاوات وسلب حقوق وكرامة الناس.

اقرأ المزيد: وانغ يي: بحر الصين الجنوبي ليس "ساحة قتال" للقوى الكبرى

ويُذكر أن مدينة شهبا كانت قد انتفضت منذ عام بوجه عصابات الخطف والسرقة وتجار المخدرات، بعد اغتيال ثلاثة أشخاص يُعرف عنهم السمعة الطيبة والنشاط المدني السلمي، وقامت حينها بطرد كل من يتعامل مع العصابات وتجار المخدرات من المدينة.

وتعود اليوم للواجهة أمام القوة التي باتت تسيطر على المحافظة كذراع للمخابرات العسكرية وتفرض شروط هيمنتها، بينما السلطة غائبة، فالمحافظ الجديد قد سلك طرقاً فرعية للوصول إلى مقر عمله الجديد، وينشغل رئيس فرع الحزب بالمحافظة في التنقل بين الأنشطة الفنية المتنوعة، وكأنه لا شيء يحدث في المحافظة، وسط تهكمات الناس والصفحات الإلكترونية المحلية.

ويعيش الأهالي موسماً زراعياً سيئاً ينذر بكارثة جوع، وسط تفاقم الأزمات السياسية بين حرب تلوح في الشمال السوري وبين مشاريع حرب في الجنوب، حيث يلوح النظام لاجتياح وقصف مدن درعا. يتساءل الناس هل سيستمر النظام بالاعتماد على أذرعه المحلية من تجار المخدرات واللصوص، والإبقاء على حيادية السويداء عبر بثّ الفوضى فيها، فينتهي حدث قطع الطرقات والخطف المتبادل دون حلٍّ جذري لتغوّل فصيل قوات الفجر، أم أن الأحداث ستتصاعد، لينعكس سلباً على مدينة شهبا المنتفضة بوجه النظام منذ بدايات الثورة عام 2011؟ وهل يلبي الأهالي دعواتها ودعوات الناشطين لمظاهرات غاضبة، ليحذوا حذوها في التصدي لجماعات الخطف وتجار المخدرات وذلك بالتزامن مع ذكرى مجزرة داعش عام 2018؟ وما دور المحافظ الجديد في الأحداث وتصاعدها أم ستفرض جماعة قوات الفجر كقوة وحيدة في السويداء، كما حزب الله في جنوب لبنان؟

يتساءل الناس بعدما فشل المحافظ السابق المقرّب لرأس النظام في حل مشاكل المحافظة الاقتصادية والأمنية وجلّ ما فعله هو المزيد من التعزيزات العسكرية بوجه المحتجين على سوء الأوضاع في المحافظة، فيما الأمن العسكري يعزز قوات الفجر لوجستياً وعددياً، ولسان حال الناس يقول القادم أخطر ما لم يوضع حد لها.

ليفانت - سالم المعروفي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!