-
تقرير.. محاسبة من يحاول طمس الأدلة في سجون النظام السوري بشار الأسد
إن طمس الأدلة في المواقع التي شهدت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُعتبر جريمة بحد ذاتها، تهدف إلى محو آثار الانتهاكات الفظيعة وحرمان الضحايا وذويهم من حقوقهم في العدالة. تمثل هذه الظاهرة اعتداءً فاحشًا على الإنسانية وعلى الحقائق المؤلمة التي تحتاج إلى الاعتراف بها وكشفها.
أعرب عدد كبير من الناشطين السوريين عن غضبهم بعد توارد أنباء تفيد بعملية طمس الأدلة في سجون النظام السابق، وهو ما قد يتيح للجناة الإفلات من المحاسبة القضائية. وقد تضمنت هذه الأنباء تكسير كاميرات المراقبة في سجن صيدنايا، بالإضافة إلى محو المعالم الموجودة داخل السجون التي قد تقود إلى تحديد هوية الجناة.
يُعرف طمس الأدلة بأنه سلسلة من الأفعال المتعمدة التي تهدف إلى إزالة أو تدمير الأدلة التي تُستخدم لإثبات ارتكاب الجرائم. وتشمل هذه الأفعال محو الوثائق الرسمية، وتدمير بقايا الضحايا، والتلاعب بالشهادات والذكريات. تمثل هذه الممارسات انتهاكًا مزدوجًا لحقوق الإنسان: الأول يحدث أثناء ارتكاب الانتهاكات، والثاني يتمثل في العمل على تجاهل أو إنكار تلك الانتهاكات.
تشكل السجون والمواقع التي شهدت هذه الجرائم أسسًا شاهدة على مأساة إنسانية ضخمة. يجب أن تبقى هذه الأماكن حية في ذاكرة العالم، فهي تمثل رموزًا لصمود الضحايا وواقع المعاناة التي عاشوها. إن طمس هذه المعالم يُعتبر خطرًا يهدد قدرة المجتمعات على التعلم من أخطاء الماضي وضمان عدم تكرارها.
طالب "المعتصم الكيلاني" مختص في القانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان، عبر حسابه الشخصي على فيسبوك بتقديم شكوى رسمية إلى النيابة العامة في محافظة اللاذقية ضد الأفراد الذين ظهروا في فيديو متداول لتورطهم في طمس الأدلة المتعلقة بسجن فرع الأمن السياسي هناك. تشمل الشكوى أيضًا المسؤول الأمني الذي منح الإذن لهؤلاء الأشخاص بالدخول إلى مسرح الجريمة والتلاعب بالأدلة، مما أدى إلى إخفائها.
هذا الفعل، وفقًا للقوانين الوطنية والدولية، يُعتبر نمطًا من أنماط التواطؤ والمشاركة المباشرة أو غير المباشرة في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
تتطلب محاسبة المتورطين في طمس الأدلة تقدير المسؤوليات الملقاة على عاتق الأفراد الممنوحين الإذن بالدخول إلى مسارح الجريمة. يشكل هؤلاء الأفراد جزءًا من نظام متكامل يسعى لحماية الجناة من خلال إخفاء الحقائق.
تشير الأطر القانونية الوطنية والدولية إلى أن السماح بطمس الأدلة يعتبر نوعًا من التواطؤ، مما يعني أن المسؤولين عن هذه الأعمال يجب أن يُحاسبوا، سواء كانوا جزءًا من جهاز الدولة أو ينتمون إلى جهات غير رسمية.
إن محو آثار الانتهاكات الجسيمة لا يؤثر فقط على الضحايا المباشرين، بل يطال أيضًا حقوق ذويهم. يؤدي طمس الحقيقة إلى فقدان كامل للعدالة ويعوق العقاب المناسب للمجرمين. من خلال تشويه التاريخ، يُحرَم المجتمع من فرصة التعلم والتواصل مع ماضيه.
يُعتبر الحفاظ على الأدلة والشهادات ضروريًا لضمان تحقيق العدالة. محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وضمان حقوق الضحايا يجب أن تمثل جزءًا أساسيًا من أي عملية مصالحة مستقبلية. بينما تسعى المجتمعات لبناء مستقبل أفضل، يجب أن تُعطى الأولوية لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة.
إن مسؤولية محاسبة من يسعون لطمس الأدلة في سجون النظام السوري ليست مجرد ضرورة قانونية، بل تُعد واجبًا إنسانيًا. على المجتمع الدولي والأطراف المعنية العمل بشكل منسق لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب. الحفاظ على الحقيقة والعدالة ليس فقط لصون ذاكرة الضحايا، بل لضمان عدم تكرار المآسي الإنسانية في المستقبل. إن التضحية بالحقائق تعني التضحية بالإنسانية، ومن واجبنا جميعًا محاسبة أولئك الذين يسعون إلى طمسها.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
لن نسمح بوجود الارهاب على...
- December 30, 2024
لن نسمح بوجود الإرهاب على حدودنا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!