-
تقرير: الولايات المتحدة فقدت الاهتمام بالتواجد العسكري في سوريا والعراق وتتجه نحو الانسحاب
وفقًا لمسؤولين أمريكيين، يظهر أن الولايات المتحدة قد فقدت الاهتمام بالتواجد العسكري في سوريا والعراق، وقد تكون على وشك الانسحاب من المنطقة في المستقبل، وخاصةً مع زيادة الضغوط المطلبة من العراق لسحب قوات التحالف الدولي.
ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، نقلاً عن مصادر داخل وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين، أن الإدارة الحالية في البيت الأبيض لم تعد مهتمة بمواصلة المهمة التي تراها "غير ضرورية" في سوريا، وهناك نقاشات داخلية تجري حاليًا لتحديد كيفية ومتى يمكن أن يتم الانسحاب.
وفقًا للموقع الأمريكي "المونيتور"، نقلت مصادر مطلعة عن مناقشات لتحديد كيفية ومتى سيتم الانسحاب من سوريا، حيث طرحت وزارة الدفاع الأمريكية خطة لدعم حلفائها السوريين، قوات سوريا الديمقراطية، في حملتهم ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" بالتعاون مع النظام السوري.
تشير المصادر إلى أن هذه الخطة جاءت كجزء من إعادة تقييم سياسة الولايات المتحدة في سوريا، والتي تجري حاليًا في وزارة الخارجية الأمريكية، وقد استغلتها تركيا، الحليف الرئيسي لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأكدت المصادر أن الخطوط العريضة للإستراتيجية المقترحة تمت مناقشتها خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، بناءً على طلب من وزارة الدفاع، لتشكيل لجنة سياسات مشتركة بين الوكالات، تضم ممثلين عن وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية.
ونقل الموقع عن مصادره أنهم رفضوا التعليق على ما إذا كانت هذه الاجتماعات تشير إلى انسحاب نهائي لحوالي 900 جندي أمريكي من شمال شرقي سوريا، أم لا.
في العراق، تزايدت الدعوات لانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، بسبب التوترات بين ميليشيات إيرانية والولايات المتحدة، وذكرت شبكة "CNN" أن العراق سيجري مناقشات مع مسؤولين أمريكيين لوضع خطة لسحب قوات التحالف الدولي من المنطقة.
وعلى الرغم من ذلك، ذكر مسؤول أمريكي بارز لـ "CNN" أن "إدارة بايدن لا تفكر في سحب القوات من سوريا".
تواصلت "عنب بلدي" مع القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن إدارة قوات واشنطن في الشرق الأوسط للحصول على تعليقات حول الشائعات الأخيرة حول انسحاب قواتهم من المنطقة، لكن لم يتم الرد حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.
عبر مسؤولون أمريكيون عن استيائهم إزاء النية المزعومة لإيران وميليشياتها الموالية لها في المنطقة، حيث تزايدت الهجمات على قواعد التحالف في سوريا والعراق، مما دفع بعض القوات للنظر في الانسحاب المبكر من تلك المناطق.
وفي مؤتمر صحفي يوم 27 نوفمبر 2023، أشار العميد بات رايدر، الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية، إلى أن وكلاء إيران يستفيدون من الصراع المستمر في غزة للضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من سوريا والعراق.
وأوضح أن الجماعات المرتبطة بإيران تطمح منذ فترة طويلة لرحيل القوات الأمريكية، وأن وجود تلك القوات في العراق كان بناءً على طلب من الحكومة العراقية، مع التركيز الأساسي على مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية"، دون إشارة واضحة إلى أسباب تواجدها في سوريا.
منذ بداية الصراع في غزة في أكتوبر 2023، تزايدت الهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، حيث بلغ عددها حوالي 140 هجومًا، وفقًا لنائبة الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية، سابرينا سينغ، في مؤتمر صحفي في 19 يناير الحالي.
وأشارت سينغ إلى أن 57 هجومًا استهدفت القواعد الأمريكية في العراق، بينما استهدفت 83 هجومًا قواعد في سوريا.
ردت الولايات المتحدة بشكل محدود على بعض هذه الهجمات، من خلال شن غارات على مواقع للميليشيات المدعومة من إيران، في أربع مناسبات في سوريا وأربعة أخرى في العراق، لكن الهجمات لم تتوقف.
وفي حادثة جديدة، أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" يوم أمس أنها نفذت هجومًا باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، على ثلاث قواعد أمريكية في العراق وسوريا، وهي قاعدة "كونيكو" في شرق دير الزور، وقاعدة "مطار أربيل" في إقليم كردستان العراق، وقاعدة "عين الأسد" الجوية في غرب العراق.
اقرأ المزيد: نتائج الجلسة الأولى لمحادثات أستانا حول الأزمة السورية
وتُعتبر "المقاومة الإسلامية" تحالفًا لمجموعة من الفصائل العسكرية المرتبطة بإيران، والتي يشير المسؤولون الأمريكيون إليها على أنها تنفذ أنشطة نيابة عن إيران في العراق وسوريا واليمن، وقد ظهرت بشكل مفاجئ على الإنترنت بداية الهجمات على القواعد الأمريكية، حيث أعلنت مسؤوليتها عن معظم الاستهدافات عبر مقاطع فيديو توضح تنفيذ الهجمات في سوريا والعراق.
في ظل تصاعد الأحداث في المنطقة وزيادة التكهنات بشأن إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، استمر الجيش الأمريكي في تعزيز قواعده العسكرية في هذا البلد بنقل معدات وآليات عسكرية من العراق عبر المعبر الحدودي "الوليد".
منذ بداية شهر يناير الجاري، رصد مراسل عنب بلدي في الحسكة دخول أرتال عسكرية إلى تلك القواعد بشكل متكرر، ولم يتسنى للمراسل التحقق مما إذا كانت هذه الأرتال تشكل تعزيزات أم تغييرًا في التشكيلات القتالية في المنطقة.
وأفادت وكالة "سبوتنيك" الروسية، التي تعارض وجود القوات الأمريكية في سوريا، أمس الأربعاء، بأن الجيش الأمريكي قام بنقل تجهيزات عسكرية متطورة إلى قواعدها في شرق سوريا، بهدف تعزيزها لمواجهة الضربات الصاروخية التي تعرضت لها خلال الأيام الثلاثة الماضية.
في الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة تنفيذ تدريبات عسكرية في مناطق تمركزها في سوريا، وأحدثها أعلنه "جيش سوريا الحر"، الذي يتلقى دعمًا من التحالف الدولي، في قاعدة "التنف" بريف حمص الشرقي، في 12 يناير الجاري.
من ناحية أخرى، أدانت رئاسة مجلس النواب العراقي الهجوم الأمريكي الذي استهدف مقرات أمنية في بابل والأنبار، كجزء من رد فعل واشنطن على الهجمات التي استهدفت قواعدها في سوريا والعراق.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن بيان لرئاسة المجلس يدين "الاعتداء الأمريكي" ويعبر عن انزعاجه من "تجاوزات" السيادة العراقية وعدم احترام الاتفاقيات الدولية من قبل الولايات المتحدة.
وطالبت رئاسة المجلس بسرعة تنفيذ قرار مجلس النواب بخروج القوات الأجنبية بالكامل من العراق، معتبرة أن وجود هذه القوات يشكل تهديدًا لأمن واستقرار البلاد، ومؤكدة أن "عدم تنفيذ القرار يمثل خرقًا صريحًا للقوانين وإرادة الشعب".
من جانبه، دعا اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته في دعم السلم والأمن ومنع التجاوزات التي تشكل تهديدًا فعليًا لاستقرار العراق وسيادته، مؤكدًا أن الرد على القصف الأمريكي سيكون بمثابة "عمل عدواني".
ووصف رسول، وفقًا لوكالة "واع"، الهجوم الأمريكي بأنه "محاولة واضحة لتقويض الأمن والاستقرار في العراق".
تأتي هذه التعليقات العراقية في أعقاب إعلان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" عن توجيه ضربات لميليشيات مدعومة من إيران في العراق، ردًا على الهجمات التي استهدفت قاعدة "عين الأسد" الأمريكية وقوات التحالف في سوريا والعراق.
وأعلنت الوزارة، في 23 يناير، أنها استهدفت ثلاث منشآت تستخدمها "كتائب حزب الله" وجماعات أخرى مرتبطة بإيران في العراق.
وتزيد الهجمات الأمريكية على مقار ميليشيات إيرانية في العراق من حدة المطالب بسحب القوات الأجنبية من البلاد، مما يؤكد تزايد التوترات والمخاوف من تصاعد العنف في المنطقة.
تُكرر إيران دائمًا نفيها لأي مسؤولية تتعلق بالهجمات التي تستهدف القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، بالمثل تمامًا مع النفي المستمر لها بشأن الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن التجارة في البحر الأحمر.
في السابق، تحدث سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إرافاني، في السابع من نوفمبر 2023، حيث أكد على عدم مشاركة بلاده في أي عمل عسكري أو هجوم ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق.
تأتي تصريحات مندوب إيران لدى الأمم المتحدة كرد على رسالة أرسلتها الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن، تتهم فيها إيران بالتورط في هجمات ضد قواتها في سوريا والعراق، وفقًا لما ذكرته وكالة "مهر" الإيرانية.
رسالة السفير الإيراني للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أشارت إلى محاولات الولايات المتحدة لتبرير أعمالها العسكرية غير القانونية في سوريا، وأن الادعاءات بمشاركة إيران في الهجمات على القواعد الأمريكية لا أساس لها من الصحة، وتستهدف تبرير الانتهاكات المستمرة للولايات المتحدة للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة في سوريا.
سابقًا، نفى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن يكونت لطهران أي دور في تلك الهجمات.
وفي التاسع من أكتوبر 2023، هدد السياسي العراقي هادي العامري، زعيم منظمة "بدر" السياسية والعسكرية التي تتبناها إيران، الأمريكيين، حيث أعلن: "إذا تدخلوا (في التصعيد بفلسطين) فسوف نتدخل، وسنعتبر كل الأهداف الأمريكية مشروعة".
تتكون منظمة "بدر" من جزء من قوات "الحشد الشعبي العراقي"، وهي منظمة عسكرية شبه حكومية تضم العديد من الفصائل المدعومة من إيران، وفقًا لوكالة "رويترز".
في الثالث عشر من الشهر نفسه، بعد مضي أسبوع تقريبًا من بدء المواجهات في غزة، نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية معلومات تفيد بأن الفصائل العراقية تلقت رسائل منتظمة من الإيرانيين، تشير إلى أن التدخل المباشر في الحرب يتطلب ظروفًا أخرى، وأن الظروف قد تحدث "مع توسع نطاق الحرب ومشاركة أطراف أكثر".
ليفانت - عنب بلدي
قد تحب أيضا
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!