الوضع المظلم
السبت ٢٩ / يونيو / ٢٠٢٤
Logo
  • جبل مويا تحت سيطرة الدعم السريع: تداعيات استراتيجية

  • بالنظر إلى الموقع الجغرافي المتميز لجبل مويا، فإن سيطرة قوات الدعم السريع عليه تمثل تحولاً كبيراً في الديناميكيات العسكرية والسياسية في المنطقة
جبل مويا تحت سيطرة الدعم السريع: تداعيات استراتيجية
قوات الدعم السريع

احتلت منطقة جبل مويا في ولاية سنار السودانية عناوين الأخبار بعد اشتباكات حادة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، التي انتهت بفرض الأخيرة سيطرتها على المنطقة، يُطرح السؤال حول القيمة التاريخية والاستراتيجية لهذا الجبل وما يعنيه سيطرة الدعم السريع عليه.

ويقع جبل مويا في القسم الغربي من ولاية سنار، على مسافة تقريبية تبلغ 296 كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم، تحيط بها من الغرب مياه النيل الأبيض ومن الشرق النيل الأزرق، وتستقر في الجنوب السفلي لسهل الجزيرة، وتبرز المنطقة بموقعها الاستراتيجي كملتقى لثلاث ولايات مركزية في قلب وغرب السودان.

وتندرج ضمن سلسلة جبال ولاية سنار، وتشكل نقطة تقاطع لطرق حيوية تؤدي إلى النيل الأبيض غربًا والنيل الأزرق جنوبًا وولاية الجزيرة شمالًا.

اقرأ أيضاً: السودان تحت النار: قوات الدعم السريع ترتكب مجزرة بقرية "ود النورة"

وتُعرف منطقة جبل مويا بأنها ملتقى لعدة ولايات، بما في ذلك النيل الأزرق والنيل الأبيض والجزيرة، وتقع غرب مدينة سنار وشمال الطريق الرئيسي الذي يصلها بمدينة ربك. تتمتع بمساحة تفوق 12 كيلومترًا مربعًا، وتضم عدة قرى كبرى.

بالتالي، يُشير سقوط جبل مويا بيد قوات الدعم السريع إلى أن الطريق نحو شرق السودان ومدينة بورتسودان، العاصمة المؤقتة والميناء الرئيسي للدولة، أصبح متاحًا.

وهذا يعني أن خطوط دفاع قوات الدعم السريع الأمامية ضد القوات المسلحة السودانية ستتحول إلى جبل مويا. ومن المحتمل أن يؤدي سقوط جبل مويا إلى سقوط ولايتي شمال كردفان والنيل الأبيض في المستقبل، مما قد يعزز الحصار على هاتين الولايتين.

في هذا الإطار، أفاد مهند رجب الدابي، الباحث التاريخي والروائي والكاتب السوداني، لموقع "العربية.نت" بأن منطقة جبل مويا تُعتبر الحصن الرئيسي الغربي لولاية سنار ومركز السودان، وتُعد البوابة الشرقية لولاية النيل الأبيض وإقليم دارفور، وقد كانت هذه المنطقة بتضاريسها الجبلية الصعبة، معقلًا لمملكة سنار الإسلامية (1504-1820).

وعندما حاولت قوات حاكم مصر محمد علي باشا غزو مملكة سنار في عام 1820، والتي كانت تحت حكم الملك بادي السابع، رفض الجيش المعروف بـ"الجيش العرمرم" الاستسلام كما فعل الملك بادي السابع الذي سلم العاصمة مقابل الأمان.

ولجأ الجيش إلى جبل مويا وقاوم الغزاة لست سنوات، حتى عجزوا عن القضاء عليه رغم تفوقهم العسكري. ولم يجد الجيش الغازي بدًا من فرض الحصار على جيش سنار المتحصن في جبال مويا، وأنهى وجودهم في النهاية بعد أن وصل بهم الجوع إلى حد مبادلة جرة ذهب بجرة حبوب.

وأضاف الدابي أن منطقة جبل مويا تُعَدّ من أبرز المناجم الغنية بالذهب في البلاد. بدأت عمليات التنقيب في جبل مويا مبكرًا بواسطة السير هنري ويلكم، وهو يهودي أميركي، كان أول من نقب في هذه المناطق عام 1912م. وقد انتهت جهوده بمرضه ووفاته عام 1935م.

وقد بلغت حصيلة عمليات التنقيب المحمومة لويلكم 88 طنًا من الذهب الخالص والمشغول. ولأغراض التنقيب، أنشأ ويلكم خط سكة حديد داخل الجبل الذي يحتوي على مناجم ذهب ومغارات وكهوف أثرية لا تزال موجودة حتى اليوم.

وما زال السكان المحليون يجتمعون عند مصبات المياه في سفح الجبل، عند هطول الأمطار الغزيرة، حيث تجرف السيول غالبًا المشغولات الذهبية والأواني الفخارية الأثرية من باطن الجبل.

أما بالنسبة لأصل تسمية الجبل، فكما يؤكد الدابي، فإنها تعود إلى الملك مويا، أحد الملوك الذين حكموا تلك الأنحاء في أزمان بعيدة، وليس لكثرة عيون الماء النابعة من قمة الجبل كما يعتقد الكثيرون.

وتُعتبر جبل مويا نموذجًا للسودان بتنوعه القبلي، حيث يعمل سكانها في الزراعة والرعي والتجارة، وتشتهر المنطقة بزراعة الدخن والسمسم بكميات كبيرة، وتُعتبر من أكبر المنتجين في السودان بعد القضارف والدالي والمزموم.

كذلك تربي المنطقة أعدادًا كبيرة من المواشي، وتُتخصص في تربية الأبقار والضأن والماعز، بالإضافة إلى الصناعات اليدوية المستخدمة في الزراعة مثل المحاريث والفؤوس.

ليفانت-وكالات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!