الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
كمال اللبواني

خرجت مظاهرات حاشدة يوم الجمعة في عموم الشمال الخاضع للنفوذ التركي وفي المدن التركية احتجاجاً على تصريح وزير الخارجية الذي يطالب المعارضة بالتصالح مع نظام الأسد حفاظاً على وحدة سوريا.

هذه المظاهرات لم نشهد مثيلاً لها من سنوات طويلة، وقد قالت بالفم الملآن لن نصالح.. وهي مظاهرات يجب أن تستمر أسبوعياً وتنتقل للمهمة الأساسية، وهي إسقاط المعارضة ووفود التفاوض، كونها أداة تزور إرادة الشعب، تستخدم لتمرير المصالح الدولية التي لم تكن يوماً تريد الخير لسوريا وشعبها واستخدمت الساحة السورية لتمرير مصالحها ومشاريعه .

نتيجة إغلاق التركي أذنيه عن سماع أي صوت غير صوت الانتهازيين الذين نصبهم زعماء للمعارضة يدعون تمثيلها، وهم في معظمهم جواسيس وعملاء للنظام، يخططون منذ سنتين ونصف من أجل نقل التفاوض لدمشق وتطبيق مبدأ العدالة التصالحية الذي طرحوه على بيدرسون عبر مندوبي المجتمع المدني وفي الورقة التي سلمها رئيس وفد التفاوض عن استعداده لنقل المفاوضات لدمشق والتوصل لسلطة مشتركة مع نظام الأسد، مخالفاً نص وروح قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ المبني على إعلان جنيف وهو تسليم السلطة لسلطة انتقالية كاملة الصلاحيات، ليس فيها من تلطخت أيديهم بالجرائم ودماء الشعب السوري، وهذا يعني إبعاد كلا طرفي التفاوض أصلاً.

بالأصل وفي اجتماع القاهرة خريف عام ٢٠١٢ كان البيان الختامي الذي صوت عليه المجتمعون برعاية جامعة الدول العربية وهم أوسع طيف من المعارضة والمجتمع السوري، ينص على أن الحل السياسي يبدأ بعد إسقاط النظام ومحاكمة رموزه، وآلية إسقاط النظام هي الجيش الحر والضغط العسكري والسياسي والاقتصادي، وهو ما تأسس عليه الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة، وقد كنت ممن صاغ هذه الثوابت يومها، لكن الدول العربية، ومعها تركيا، تعاونوا على استبعاد كل الثوريين الرافضين لفكرة التفاوض مع مجرم قاتل ذبح مليون سوري وقتل في السجون ربع مليون وهجر ودمر منازل خمسة عشر مليوناً آخرين واستخدم الكيماوي ضد شعبه، وبالرغم من هذا البيان وبقية وثائق القاهرة فقد تم إعادة تشكيل المعارضة مرة إثر مرة لتضم فقط الوكلاء والعملاء، الذين سمتهم تركيا وروسيا، لكتابة دستور للشعب السوري، مستبعدة كل الثوريين، ومستبعدة كل آلية للانتخاب أو التداول.

عملت تركيا ضمن مسار سوتشي وقدمت للروس تنازلات ضخمة أدت لتسليم حلب وحماة وجزء من إدلب، ضمن سياسة خفض التصعيد، وبعدها قامت باجتياح عفرين وإحداث تغيير ديموغرافي فيها، مفتعلة صراعاً كردياً عربياً يصعب حله، ضاربة أسس العيش المشترك بين أطياف الشعب السوري، ومهددة بتقسيم سوريا، أو بالأصح تقاسمها بين روسيا وايران وتركيا.. وهي اليوم بسيرها في طريق مصالحة المعارضة الإخوانية التي تحتضنها مع النظام تحقق خطة إيران في السيطرة التامة والنهائية على شرق ووسط وجنوب سوريا، تاركة دويلة علوية لروسيا، ودويلة في الشمال لتركيا، حيث لم يطالب المجتمعون في طهران سوى بخروج الجيش الأمريكي فهو الاحتلال الوحيد الذي يدعم الإرهاب ويهدد وحدة سوريا.

السلطان الذي يريد تخليد سلطانه على حساب القيم والأخلاق وحقوق الشعوب، قد قطع مسافة طويلة في طريق السقوط وخسارة وحدة سورية وتركيا أيضاً بسبب سياساته قصيرة النظر، وضيق أفقه تجاه حقوق الهويات الأخرى التي يفكر بطريقة عنصرية بإلغائها.

كنا دوماً نقول إنه لا يجب استعداء دولتين مجاورتين هما الأردن وتركيا، لكن كلا الدولتين ماضيتان في استعداء الشعب السوري واسترضاء قاتل هذا الشعب، يبدو أن إسقاط نظام واحد غير ممكن فلا بد من إسقاط كل الأنظمة التي عملت مشتركة لوأد ربيع الكرامة وثورة الحرية التي لا بد ستنتصر في سوريا ثم في غيرها، رغم أن الفاشيين والمستبدين والطغاة ورغم أنف الوصوليين والانتهازيين ممن يسمون أنفسهم بالمعارضة السورية الذين هم خونة ثورته.

 

ليفانت - كمال اللبواني 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!