-
حصيلة الهجمات والاعتداءات التركية على شمال شرق سوريا
في الفترة الأخيرة، شهدت مناطق شمال شرق سوريا تصاعدًا في الأعمال العسكرية التي نفذتها تركيا والمجموعات المسلحة السورية الموالية لها. تمحورت هذه الهجمات حول تدمير البنية التحتية الحيوية مثل محطات الكهرباء وشبكات المياه والغاز، وذلك باستخدام القصف الجوي والقذائف والطائرات بدون طيار. هذا العنف المتصاعد أسفر عن تعطل خدمات أساسية بشكل كبير.
وقد أثر هذا التصعيد بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يعيشها السكان والنازحون في هذه المناطق. المرافق الخدمية الأساسية على طول الحدود مع تركيا تعاني من توقف شبه كامل، وتضررت منشآت نفطية حيوية وتم إخراجها عن الخدمة.
تلك الأحداث المؤلمة جرت في الفترة من 4 أكتوبر إلى 10 أكتوبر 2023 ووصفت على أنها الأعنف منذ احتلال تركيا لمدن سيري كانيه وتل أبيض في عام 2019. وفقًا للتقارير الصادرة عن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا (AANES)، تم تنفيذ 580 ضربة جوية وبرية باستخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار والمدافع.
تركز هذه الهجمات على تدمير البنية التحتية في العديد من المدن والضواحي، بما في ذلك ديريك، تربسبيه، القامشلي، عامودا، الحسكة، كوباني، وعين عيسى. ووفقًا لأحدث الإحصائيات، أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 44 شخصًا وإصابة أكثر من 55 آخرين، بما في ذلك المدنيين والعسكريين وقوى الأمن الداخلي.
تأثير القصف التركي على الاستقرار في شمال وشرق سوريا:
- نتيجة لهذا التصعيد، شهدت المناطق المستهدفة نزوحًا طفيفًا للسكان، وزادت طموحاتهم للهجرة خارج الحدود نحو كردستان العراق وأوروبا، مما أدى إلى نقص الموارد البشرية في المنطقة وزيادة الضغط على الموارد في المناطق المجاورة والدول.
- تضررت المرافق الخدمية الأساسية بشكل كبير.
ركزت هذه الهجمات على تدمير البنية التحتية في عدة مدن وضواحيها، بما في ذلك ديريك، تربسبيه، القامشلي، عامودا، الحسكة، كوباني، وعين عيسى. ووفقًا لأحدث الإحصائيات، أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 44 شخصًا وإصابة أكثر من 55 آخرين، بما في ذلك المدنيين والعسكريين وقوى الأمن الداخلي.
ما هي آثار القصف التركي على الاستقرار في شمال وشرق سوريا؟
يعد القصف التركي المتكرر على مناطق في شمال وشرق سوريا من العوامل الرئيسية التي أثرت بشدة، وما زالت تؤثر على استقرار المنطقة، كما أن الآثار الملاحظة لهذا القصف الذي طال البنية التحتية تشتمل على:
1. النزوح واللجوء السكاني: أدى القصف إلى نزوح طفيف للسكان، وأسهم في تعزيز الفكرة السائدة لدى فئات واسعة من السكان، وهي تفضيل الهجرة خارج الحدود باتجاه كردستان العراق وأوروبا، الأمر الذي يستنزف الموارد البشرية للمنطقة، كما يمكن أن يزيد من الضغط على الموارد في المناطق والدول المجاورة، وذلك يخلق تحديات تأمين الإيواء والغذاء والرعاية الصحية. عدا عن تبديد المدخرات المالية المتبقية في أيدي المواطنين، والتي تمنح لشبكات التهريب الدولية بغية الخروج من مناطق شمال وشرق سوريا. وفقًا لتقييم الرأي العام، زادت مستويات الخوف والقلق بين السكان بعد هذه الهجمات، حيث بات الأطفال يشعرون بالخوف حتى من أصوات الطرق المفاجئة على الأبواب.
2. تقويض الاستقرار المحلي: أثرت الهجمات الأخيرة على المبادرات الجارية لتحقيق الاستقرار في المناطق التي تم تطهيرها من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت العديد من المناطق جهود محلية ودولية كبيرة لإرساء الاستقرار في هذه المناطق، وخصصت ملايين الدولارات من قبل المؤسسات الدولية لدعم هذا الهدف.
حسب بيان للإدارة الذاتية الصادر في ١٨ تشرين الأول، تأثر أكثر من 5 مليون مواطن نتيجة استهداف قطاع النفط، مما أثر على خدمات الغاز والوقود. تم استهداف 17 منشأة، منها محطة السويدية الرئيسية التي توفر الكهرباء والغاز لمناطق شمال وشرق، بالإضافة إلى مواقع أخرى في ريف تربسيه وجل آغا وديرك.
3. تمكين ونشر الجماعات المتطرفة: تستغل الجماعات المتطرفة الفوضى والاضطرابات التي تنجم عن هذه الهجمات، ويأتي على رأسها تنظيم الدولة الإسلامية، الذي مازال نشطاً في العديد من المناطق في سوريا، والذي استعاد جزءا من قوته، وحاول ضرب الاستقرار بشكل متكرر بعد القضاء على خلافته في الباغوز. مثال آخر على ذلك هو تمدد هيئة تحرير الشام في منبج. فبالتزامن مع الاشتباكات في دير الزور بين "قوات سوريا الديمقراطية/قسد" ومجموعات من "مجلس دير الزور العسكري" و"المقاتلين العشائريين"، أرسلت هيئة تحرير الشام المئات من مقاتليها بالإضافة إلى عشرات الآليات العسكرية من مناطق سيطرتها في إدلب نحو جبهات منبج. وقد جاء هؤلاء المقاتلون من عفرين عبر معبر الغزاوية، وفقًا لتقرير منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
4. ردود الفعل على الساحة الدولية: استقبلت الأوساط الدولية القصف التركي بمواقف متفاوتة، حيث رأت مجموعة من الدول في هذا الهجوم تجاوزًا للحدود ولسيادة سوريا، في حين أظهرت بعض الدول تأييدا للهجمات التركية، إلا أن ردود الدول التي تشارك بشكل مباشر في الأحداث ضعيفة وتفتقر للحزم، وخصوصًا دول التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة وكذلك روسيا. ولوحظ انحياز واضح في التغطية الإعلامية، سواء العربية أو الغربية، نحو النزاعات الأخرى كالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والنزاع الروسي-الأوكراني.
5. تصاعد التوتر بين تركيا والأكراد: تبرر تركيا أنشطتها العسكرية بأنها تركز على استهداف مقاتلي حزب العمال الكردستاني، خصوصًا بعد استهداف أحد المباني التابعة لوزارة الداخلية التركية من قبل الحزب. هذا التصعيد يعمق الخلافات بين الجانبين، ويمكن أن يقود لاحتقان داخلي داخل حدود تركيا، ويبدد فرص السلام، إضافةً إلى زيادة التصعيد في مناطق شمال وشرق سوريا.
6. إعادة تكوين التوازنات السياسية والعسكرية: نظرًا للتدخل المتعدد الجوانب في الأوضاع السورية، يمكن لأي تحرك عسكري جديد، كالعمليات التركية، أن يعيد رسم المشهد ويغير التوازنات الحالية، مما يؤثر في ديناميات النزاع. فقد تستخدم المليشيات الموالية لإيران وقوات النظام السوري، بالإضافة إلى روسيا، هذه الأوضاع كفرصة لإعادة تقييم مواقعهم الاستراتيجية. وفي هذا السياق، قد يتحول القصف إلى نقطة تصادم جديدة في المشهد الشرق أوسطي، خاصة مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحماس، ومع احتمالية اندلاع مواجهات في لبنان وسوريا مع إسرائيل. كما يمكن أن يسهم في تعقيد البيئة السياسية في سوريا، مما يعرقل الجهود المبذولة لتحقيق تسوية سلمية شاملة وفق القرار الأمم ٢٢٥٤، وفي الوقت نفسه، يدعم توجهات الأطراف التي تؤيد استمرار التصعيد العسكري.
من الجلي أن الهجمات التركية على المناطق الكردية في سوريا وإقليم كردستان العراق قد تضعف استقرار المنطقة، مع تأثيرات سياسية وأمنية وإنسانية واقتصادية متعددة.
ما هو المزاج العام للسكان؟
بناءً على تحليل وسائل التواصل الاجتماعي، واستمزاج آراء مجموعة من المواطنين والمعنيين في الشأن العام تجاه الانتهاكات التركية المستمرة في شمال وشرق سوريا، يمكن تحديد المزاج العام عبر عدة نقاط:
التطلعات المستقبلية: تسود حالة من القلق بين السكان بسبب الغموض المحيط بتطورات الوضع في المستقبل القريب، كما تتعاظم شكوك المواطنين حيال وجود آفاق للحل في سوريا، هذا ما يعزز خيار الهجرة إلى الدول المجاورة أو أوروبا لدى فئات واسعة من السكان، بينما يتمسك قسم آخر بخيار البقاء رغم التحديات الراهنة نتيجة قناعاتهم، أو نتيجة افتقادهم لمتطلبات الهجرة التي تستلزم تكاليف باهظة.
التصور السائد حيال تركيا: تنظر الغالبية العظمى من السكان إلى تركيا على أنها قوة احتلال تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وتغيير ديموغرافيتها، وإلحاق الضرر بمقومات الحياة فيها. كما ترى شريحة واسعة من المواطنين أن تركيا تتذرع بتهديدات حزب العمال الكردستاني مبررًا لسياساتها العدائية تجاه الكرد.
النظرة إلى المجتمع الدولي: يشير السكان إلى الاحباط والاستياء من الموقف الدولي، وخصوصًا من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، حيث يشعر العديد من المواطنين بأن هذا التحالف غير قادر أو غير راغب في ممارسة الضغط على تركيا. وهذا الموقف يعكس أيضًا خيبة الأمل من تغطية الإعلام العربي والدولي.
الموقف من الأحزاب والمؤسسات المحلية: ترى الغالبية أن سياسات وتصرفات حزب العمال الكردستاني قد قدمت لتركيا ذرائع لتنفيذ هجماتها. وفي الوقت نفسه، يُعبر البعض عن قلقهم إزاء بعض القرارات والتحركات التي اتخذتها مؤسسات الإدارة الذاتية. إذ شهدت مناطق سيطرته مسيرات لحزب العمال الكردستاني مع رفع لافتات، وصور منفذي الهجوم بالإضافة الى اعلام حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبدلله اوجلان. ذهب البعض إلى اتهام بعض القيادات في صفوف الإدارة الذاتية بالتواطؤ، الأمر الذي ساعد تركيا في تسهيل تنفيذ ضرباتها، وخاصة بعد استهداف تجمع لقوى الامن الداخلي (الأسايش) مما أدى لخلق تساؤلات كبيرة حول مبررات تجميع أعداد كبيرة من منتسبي الأمن الداخلي في نقطة عسكرية واحدة، في وقت لا يغيب فيه الطيران التركي عن أجواء المنطقة.
بالطبع، إليك النص بصياغة أكثر دقة:
ماذا ينبغي علينا فعله في ضوء التصاعد الحالي للأوضاع؟
1. الدعوة لوقف الأعمال العدائية: يتوجب على المجتمع الدولي والدول ذات الصلة أن يمارسوا ضغطًا كبيرًا على تركيا للتوقف عن هجماتها المتكررة على مناطق شمال شرق سوريا. هذا يشمل التدابير لحظر الطيران بشكل كامل.
2. دعم البنية التحتية: نظرًا للأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية في تلك المناطق، ينبغي تقديم الدعم المالي والتقني لإعادة تأهيل المرافق المتضررة.
3. حماية السكان المدنيين: ينبغي توفير مناطق آمنة للسكان المدنيين وضمان تلقيهم الدعم الكافي من حيث تأمين الغذاء والمأوى والرعاية الصحية أثناء فترة النزاع. كما يتوجب على تركيا تجنب استهداف المدنيين.
4. التعاون الإقليمي: يجب تعزيز التعاون بين الأطراف المحلية والدول المجاورة للمساهمة في الحفاظ على استقرار المنطقة. حيث أن الحلول الأمنية وحدها لن تكفي لتحقيق الاستقرار والسلام لأي طرف.
5. تعزيز الحلول السياسية: ينبغي دعم المحادثات السياسية والجهود المبذولة نحو تحقيق حل سلمي في سوريا وفقًا لقرار مجلس الأمن 2254.
في الختام، يوضح هذا التحليل التحديات والتعقيدات التي يواجهها المواطنون في شمال وشرق سوريا نتيجة للتصاعد الحالي للأوضاع. ينبغي على الأطراف المعنية، سواء كانت إقليمية أو محلية أو دولية، اتخاذ خطوات فعالة لضمان الاستقرار والسلام في المنطقة من خلال التعاون والتحرك الجاد نحو حلول سلمية تلبي احتياجات جميع الأطراف وتلتزم بها.
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!