-
خطة الصين للبنية التحتية بـ2.3 تريليون دولار
يلتفت الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى حلفاء موثوقين لمساعدته على تحقيق هدفه الطموح للنمو الاقتصادي، وهؤلاء الحلفاء هم عمّال البناء الذين يتجاوز عددهم 50 مليون نسمة في البلاد.
بتكليف من بكين، أعدت الحكومات المحلية قوائم بآلاف "المشروعات الكبرى" التي أصبحت ترزح تحت ضغط كبير لإنجازها. ووفقاً لتحليل "بلومبرغ"، تقدر قيمة الاستثمارات الصينية المخطط لها هذا العام بنحو 14.8 تريليون يوان (2.3 تريليون دولار)، بقيمة تتفوق على الإنفاق الجديد في حزمة تحفيز البنية التحتية الأمريكية بأكثر من ضعف.
توجّه غالبية الاستثمارات وفق الخُطَّة الصينية إلى قطاعات النقل، والمياه، والبنية التحتية الرقمية. لكن الصين لديها الآن أكثر من ضعف عدد محطات السكك الحديد عالية السرعة المنتشرة في أنحاء دول العالم مجتمعة، بالإضافة إلى امتلاك البلاد لأطول شبكة طرق سريعة على مستوى العالم.
ومِن ثَم تغيِّر الدولة الآسيوية هيكلة الحزم التحفيزية الموجّهة إلى قطاع البناء، إذ تندرج نحو 30% من المشروعات فقط تحت بند البنية التحتية التقليدية، مثل الطرق والسكك الحديدية، فيما يجري توجيه نصف المشروعات لدعم قطاعَي الصناعة والخدمات مثل المصانع، والمجمّعات الصناعية، وحاضنات التكنولوجيا، حتى المتنزهات الترفيهية.
يعكس التحول نحو التركيز على قطاعات بعينها التزام بكين ضمان احتفاظ الصين بنصيبها المهيمن في قطاع التصنيع العالمي، حتى مع تحولها إلى مجالات أكثر تقدماً مثل السيارات الكهربائية، والبطاريات، والطاقة المتجددة، والرقائق الإلكترونية الدقيقة.
ومن بين المشروعات ضمن مشروع قانون البينة التحتية تأتي توسعة بقيمة 2.2 مليار يوان في "زونغ غوان كون بارك" للعلوم والتكنولوجيا الواقع بمقاطعة دونغشينغ في بكين، التي ستحتضن جيلاً جديداً من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.
يهدف دعم قطاع البناء في الصين يهدف إلى ضمان وصول الحكومة المركزية إلى هدف النمو المحدد لهذا العام والبالغ 5.5%. وكذلك تعزيز سوق الأسهم الصينية، التي عصفت بها أحداث مثل القمع التنظيمي للشركات المالكة لمنصات الإنترنت، والهزة الهائلة التي شهدها قطاع العقارات. وكان المؤشر الرئيس في البلاد انخفض بنسبة 13.4% منذ بداية العام حتى الآن، فيما انخفض مؤشر فرعيّ يتتبع الشركات المرتبطة بالبنية التحتية بنسبة 4.7% فقط.
تتمتع هذه الجولة أيضاً بالقدرة على دعم الاقتصاد العالمي من خلال تعزيز واردات الصين. لكنها من المحتمل أن تؤدي كذلك إلى تفاقم تضخم أسعار السلع، في وقت يتعامل فيه عديد من البلدان مع صدمات أسعار الطاقة التي تفاقمت بسبب غزو روسيا لأوكرانيا.
من جهةٍ أخرى، تشكل حملة البناء تحولاً في اتجاه الاقتصاد الصيني. فخلال العقد الماضي، تراجعت وتيرة الاستثمار في البنية التحتية تدريجياً بسبب سياسات بكين للحد من مستويات الديون المرتفعة، إذ بلغ معدل النمو في العام الماضي 0.4% فقط، مقارنة بنحو 20% سنوياً قبل عقد من الزمان.
وبسبب الإنفاق الضخم المقرر هذا العام، تراهن الصين على ألا تتحول تلك المشروعات إلى أعباء تثقل كاهل النظام المالي بقروض لن يجري سدادها. ويعتقد لين أنه "إذا جرى استغلال الفرصة للاستثمار في مشروعات البنية التحتية لتخفيف الاختناقات، فإن ذلك سيزيد الإنتاجية، ويمكن أن يعاظم الإيرادات الحكومية".
في هذا الإطار، تُعتبر حملة البناء بمنزلة رهان على نقاط القوة الاقتصادية للبلاد، إذ يمكن للمصانع الصينية ضخ أكثر من مليار طن من الفولاذ و1.5 مليار طن من الأسمنت سنوياً، على الرغم من استمرار تدني أجور عمّال البناء. كما أشرفت شركات البناء المملوكة للدولة، التي تُعَدّ من بين أكبر الشركات في العالم، على آلاف المشروعات من بكين إلى بودابست.
تحاول بكين تجنب انفجار الديون الذي صاحب الجولات السابقة من تحفيز الاستثمار. وللقيام بذلك لجأ شي إلى مساعد موثوق به. وجده الرئيس الصيني في هي ليفينغ، 67 عاماً، وهو كان المستشار الاقتصادي للرئيس شي عندما كان الأخير حاكماً لمقاطعة فوجيان قبل عشرين عاماً من الآن. حالياً، يدير ليفينغ اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، وهي وكالة التخطيط المسؤولة عن الموافقة على جميع مشروعات البناء الكبرى وإنجازها.
كان رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، ليفينغ، حدد أولوياته في مؤتمر صحفي عُقد في مارس الماضي. وقال إنّ الاستثمار "يوفر قوة دافعة للمستقبل"، ووجَّه المسؤولين بـ"تسريع" البناء.
اقرأ المزيد: إضراب في الإرجنتين يشل الصادرات الزراعية
وللتعرف على كيفية تبلور مسيرة البناء، يمكن النظر إلى عاصمة الصين، إذ تضم قائمة العاصمة الأسيوية 300 مشروع رئيس في بكين، تتطلب استثمارات بقيمة 280 مليار يوان هذا العام، بما في ذلك مركز لتربية الباندا، ومدينة "ليغولاند" للترفيه العائلي، ومصنع للسيارات الكهربائية تديره شركة "شاومي" (Xiaomi ) للتكنولوجيا.
كما تنخرط بكين في بعض الأعمال المبتكرة في مجال المحاسبة المتمثلة في تحويل تريليونات من مدخرات الطوارئ، إلى جانب الأصول المملوكة للبنك المركزي والشركات المملوكة للدولة، إلى الحكومات المحلية المسؤولة عملياً عن سداد غالبية تكاليف المشروعات.
ليفانت نيوز _ بلومبيرغ
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!