الوضع المظلم
الجمعة ١٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
رهان ذو عواقب غير محمودة
حسين داعي الإسلام

تشير عمليات الإعدام الأخيرة في إيران، والتي وصلت إلى 146 فردًا على الأقل في شهر مايو 2023، إلى النية الجادة لخامنئي لخلق الخوف داخل المجتمع وقمع الناس المنتفضین. ومع ذلك، هل حققت عمليات الإعدام هذه هدفها المقصود حقًا، مما ترك المجتمع مرعوبًا وخائفًا كما ينوي خامنئي، أم أنها أصبحت بدلاً من ذلك حافزًا للانتفاضة والتمرد داخل المجتمع؟

خلال التاريخ المعاصر، لا يمکن أن نجد نظاماً سياسياً يمکن أن يضاهي النظام الإيراني من حيث عدم اکتراثه بالقيم والمبادئ الإنسانية والحضارية واستخفافه الملفت للنظر بالرأي العام العالمي وعدم وضعه من أي اعتبار له.

القرارات الدولية الصادرة بحق هذا النظام فيما يخص انتهاکاته لحقوق الإنسان والمرأة وتنفيذه أحکام الإعدامات والتي وصلت إلى 69 قراراً، لم تثن هذا النظام وتغير من طبيعته العدوانية الشريرة بحق شعبه عموما والمرأة بشکل خاص، بل وحتى إنه يتصرف وکأنها لا تعنيه لا من قريب ولا من بعيد، والمثير للسخرية أن هذا النظام ومع کل الجرائم والانتهاکات الفظيعة التي يرتکبها بحق الشعب الإيراني والتي أصبحت مضربا للأمثال، فإنه مع ذلك يصر وبصلافة فريدة من نوعها، بأنه لوحده يعتبر المراعي الأفضل لحقوق الإنسان وإن هذه الحقوق لا تنتهك في ظله بل وإنها تنتهك في عقر دار الدول الديمقراطية ذاتها!

ليس المهم ما يدّعيه ويزعمه هذا النظام بخصوص أنه الأفضل من حيث مراعاته لمبادئ حقوق الإنسان، إذ إنه بإمکان أي نظام سياسي أن يدعي ويزعم ما يشاء، ولکن المهم والفيصل هو ما يتجسد على أرض الواقع، ولذلك فإنه من الواضح جدا أن المجتمع الدولي عموما والدول الغربية خصوصا يعلمون حقيقة الطبيعة العدوانية الشريرة لهذا النظام ليس بحق الشعب الإيراني بل وحتى بحق شعوب المنطقة والعالم، وهم وبعد 44 عاماً من عمر هذا النظام قد توصلوا إلى قناعة کاملة باستحالة تغييره نحو الأحسن وأن يتحقق شيئاً من مزاعم الاعتدال والإصلاح.

الحديث عن احتمال تغيير سلوك هذا النظام والرهان عليه، هو بمثابة حديث سفسطائي عقيم لا يمکن أبداً أن يفضي إلى نتيجة بل إنه لا يعتبر إلا مجرد عملية خداع للنفس والرهان على وهم لا وجود له، لکن مع ذلك فإن البلدان الغربية ما زالت مستمرة في رهانها العقيم هذا وما زالت تنتظر حدوث المعجزة وهي تبرر تواصلها مع هذا النظام بطرق وأساليب مباشرة أو غير مباشرة على فرضية احتمال تغييره من الداخل، وهو أمر ثبت استحالته، خصوصاً بعد تجربة 16 عاماً من أربع ولايات لرئيسين ملآ الدنيا ضجيجاً وصخباً بمزاعمهم بخصوص الإصلاح والاعتدال والتي لم تکن في النهاية إلا مجرد زوبعة في فنجان.

هذا الرهان الخائب الذي تعقده البلدان الغربية على النظام الإيراني، هو رهان ذو عواقب غير محمودة على وجه الإطلاق، خصوصاً وإنه لم يغير شيئا من سلوکه أبداً بل وحتى إنه في أغلب الأحيان يتمادى أکثر من اللازم، وحتى إنه عندما يجنح للتفاوض ويظهر الليونة والمرونة، فإنه يفعل ذلك عندما يکون في حالة ضعف ويشعر بالخطر المحدق به لأن الأوضاع في غير صالحه، کما يجري حالياً، وبشکل خاص بعد الانتفاضة الأخيرة، حيث إن الحالة بالنسبة للشعب الإيراني أشبه ما تکون باستراحة محارب.

ليفانت - حسين داعي الإسلام

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!