-
روسيا وإيران وهندسة الإبادة
اللوحة الاحتلالية في سورية بعد هزيمة الثورة دوليا، تتوزع على الشكل التالي:
تركيا تحتل عفرين وراس العين وتل ابيض. وتنتشر في نقاط مراقبة وفق اتفاق سوتشي في ادلب وريفها وريف حماه وريف حلب. تعززت هذه النقاط حتى وصلت لأكثر من 56 نقطة مراقبة، يتواجد فيها وفقا لآخر الاحصاءات أكثر من 29 ألف عسكري تركي. هذه الزيادة في تواجد القوات التركية تم بعد الاتفاق بين بوتين واردوغان في موسكو الشهر الفائت.
القوات الامريكية تحت مسمى قوات التحالف لمحاربة داعش، تتواجد في منطقة الجزيرة السورية، بالتحالف مع قوات البي كي كي- حزب العمال الكردستاني التركي. حيث تسيطر تقريبا على ثلاث محافظات كبرى هي دير الزور والحسكة والرقة. هناك مورد العملة الصعبة لسورية. حيث النفط والغاز والقمح والقطن. اضافة لوجود قاعدة فرنسية داعمة او استشارية. ثم دخول الروس والاتراك الى منطقة تحت مسمى دوريات مشتركة لتطبيق الاتفاقيات المبرمة بين روسيا وتركيا وبموافقة امريكية خمس احتلالات تتجاور بمحبة في منطقة ضيقة!!. اضافة الى تواجد أمريكي بريطاني في قاعدة التنف على الحدود العراقية السورية. في الاراضي السورية طبعاً.
العصابة الأسدية باعتبارها دوليا ووفق الأمم المتحدة "الامريكية" ممثلة لدولة سورية العضو فيها، اعطت شرعية قانونية للتواجد التركي والروسي والايراني وفقا لاتفاقات سوتشي واستانة وغيرها. ولم تعطي شرعية لقوات التحالف بقيادة امريكا، لأنها لم تنسق مع الاسد على حد التصريح الشهير لوليد المعلم وزير خارجية الاسد بعد دخول التحالف الى سورية. رغم انها تتجاور معها في القامشلي وريفها. هل الامريكان وقوات البي كي كي لا يقدموا شيئا من الريع النفطي للأسد؟ هذا الامر لايزال في علم الامريكان. رغم ان النظام الاسدي لايزال ينعت القوات الامريكية بانها قوات احتلال، بينما لا يذكر قوات البي كي كي بوصفها كذلك. تحت غطاء ما يسمى قوات سورية الديمقراطية- قسد. والحوار مفتوحا بين الطرفين. ايضا الاسد لا يأتي على ذكر التواجد الفرنسي والبريطاني في إعلامه.
جيش الأسد والقوات الروسية وميليشيات إيران الشيعية تتوزع في المناطق التي يسيطر عليها ما يسمى نظام الاسد. هي ما تبقى من سورية. عدا ان محافظة السويداء غير مسموح لجيش الأسد بالدخول اليها لاعتبارات يطول الحديث عنها. يحتفظ بسيطرته عليها عبر اجهزته الامنية المتواجدة هناك وعصابات محلية.
تقدر حجم القوات الروسية المتواجدة على الارض السورية، بطلب من الاسد وموافقة امريكية ودولية بحوالي 75 ألف عسكري. اضافة الى قاعدتين ثابتتين الأولى جوية في مطار حميميم في اللاذقية، الثانية بحرية على شاطئ طرطوس. اضافة الى قواعد متنقلة عبر الأراضي السورية.
لتتم الإبادة واحتلال الثورة، وفق للمعطى الدولي على طريقة أوباما منذ نهاية عام 2011 تقريبا. حاجة الاسد لمزيد من الميليشيات كي تقاتل معه. فكانت ميليشيات إيران وحزب الله على راسها.
إضافة إلى قوة جوية ذات كثافة نارية مرعبة فكانت روسيا. والعامل الثالث هو حماية منطقة الساحل لأنها خزان اساسي لمن يقاتل مع الأسد. والحفاظ على دمشق من السقوط. لأنها قانونيا تربك هذه الاستراتيجية في حال سقطت بيد المعارضة.
السؤال الذي لا نراه كثيرا في الحقيقة هو: لماذا إيران لم ترسل جيشها الى سورية واعتمدت على ميليشيات شيعية من العراق ولبنان وباكستان وافغانستان بقيادة ايرانية. في الحقيقة حتى الان لا توجد ارقام دقيقة عن حجم التواجد الايراني عسكريا. تقديرات المعارضة الايرانية تشير الى 70 الفا.
أغلبهم ميليشيات من الجنسيات المذكورة اعلاه وليسوا جيشاً إيرانياً. هنالك تقديرات اخرى تشير الى 100 ألف مقاتل. هذه الميليشيات تتبع لقيادة الحرس الثوري الايراني. وفقا لكثير من التقارير وتقاطعها، استبعد وجود أكثر من عشرة الاف استشاري وعسكري وضابط ايراني في سورية ممن يتبعون للحرس الثوري او لاختصاصات اخرى في الجيش الايراني. ما تبقى جميعهم ميليشيات من جنسيات أخرى.
مقاتلي هذه الجنسيات هم من يقاتلون على الارض ويقتلون الشعب السوري. تحت اشراف ايراني. ما يميز الاحتلال الايراني ان قواعده ليست مستقلة عن قواعد ميليشيات الاسد. غالبا تكون في المطارات. اما قواعد حزب الله فهي استثناء لان الحزب نفسه، تنسيقه مع الاسد مستقل نسبيا، بحكم تاريخية العلاقة واختراق الاسد لهذا الحزب لمصلحته تحديدا. اضافة للتشارك في كثير من الملفات في لبنان تاريخيا. ودور الاسدية في تأسيس هذا الحزب. وايصاله لهذا الدور والمكانة.
اعتقد أن النوع المسموح به امريكيا واسرائيليا في التواجد الايراني هو ميليشياتي فقط. تستطيع إيران المساومة عليهم لحظة الحاجة، ويستطيع الامريكان والاسرائيليون طردهم عند الضرورة. اضافة الى انني أرجح ان الاسد نفسه لا يجد من مصلحته تواجد عسكري ايراني ملحوظ ومقونن على الطريقة الروسية. هذه المليشيات تبقى قانونيا محاصرة. كما اننا نلحظ انه خارج اتفاقيات سوتشي واستانة مع الروس يصير الوجود الايراني كما التركي قانونيا مربك واحتلالي. عكس التواجد الروسي.
رغم أن النظام وايران وحزب الله لا يفصحوا عن وثائق قانونية بينهم وبين الاسد تشرعن وجودهم كما هو الحال بالنسبة للتواجد الروسي.
بعد بدء أول هجوم إسرائيلي على مواقع ايرانية في سورية، ووضع ترامب خروج إيران من سورية على لوحة الاعلام الغربي، كتبت أكثر من مادة ان هذه الخطوة تأتي بعد هزيمة الثورة، ومن اجل تأهيل الابادة وتعويم الاسد. اخراجه خارج الدائرة ومطالبته بطرد إيران!! هذه الحركة انما هي نوع من اضفاء الشرعية في هذا الحقل على عصابة الاسد.
إيران وروسيا والأسد قاموا بدورهم امريكيا. طبعا القضية اتت نتيجة لمفاوضات طويلة بين اوباما وإيران من جهة والروس من جهة اخرى لإنقاذ الاسد. هذه الاستراتيجية هي ما اسفرت عنه مفاوضات مسقط آنذاك 2011. ولها اهداف وملحقات اخرى اسرائيلي واوروبي وتركي وصيني. هكذا احتلت ثورة السوريين وبلدهم. هكذا مزقونا شر تمزيق.
هكذا هندس أوباما الإبادة التي تعرض لها الشعب السوري. بقي خلالها الأسد ممثلاً قانونياً بالنسبة للأمريكان والأوروبيين والإسرائيليين حتى اللحظة. اما الدور الصيني فيحتاج لوحده مادة مستقلة نتيجة لتعقيداته.
ليفانت - غسان المفلح
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!