-
سؤال وجواب: مع الدكتور خالد علوان المحاميد نائب رئيس هيئة التفاوض السابق
أجرت ليفانت نيوز حواراً مع الدكتور خالد علوان المحاميد نائب رئيس هيئة التفاوض السابق للحديث حول الوضع السوري واللجنة الدستورية والمفاوضات مابين النظام والمعارضة والتواجد الإيراني في سوريا وللحديث أيضاً عن الجنوب السوري ورؤيته حول الحل في سوريا.
من هو خالد علوان المحاميد؟
- ولد خالد المحاميد في درعا عام 1964، من عشيرة المحاميد التي تعتبر من كبريات عائلات المحافظة، وقد قدمت أكثر من 400 شهيد للثورة السورية. ورغم يسر حال والده، كان العمل والتعليم أهم ما ربى عليه الأب عائلته، ومعروف أن والدته كانت تصر على العمل في الخياطة إضافة لتربية أبنائها.
أنهى خالد دراسته الثانوية في ثانوية درعا للبنين في 1982، وفي نهاية العام نفسه توجه إلى بلغاريا لدراسة الطب. أنهى دراسته الطبية واختار الاختصاص في الأمراض النسائية. ولكن لم يطيل البقاء في عالم الطب، خاصة بعد سقوط معسكر وارسو والتغييرات الاقتصادية الكبيرة في أوروبا الشرقية نحو اقتصاد السوق. فتحول من الطب إلى عالم الأعمال، وبقي في بلغاريا حتى 1995 حيث قرر توسيع نشاطه التجاري إلى اليونان وقبرص. ومثل العديد من رجال الأعمال السوري، قرر الإنتقال في عام 2000، إلى العاصمة الاقتصادية للإمارات. وهناك تعرّف على عدد من رجال الأعمال السوريين. وكان من مؤسسي مجلس رجال الأعمال السوريين في الإمارات.
في مارس/آذار 2012 صرّح الدكتور خالد المحاميد لصحيفة الفايننشال تايمز: “أنا مستعد لتقديم كل ما عندي للمساعدة في هذه الثورة، الثوار يقدمون دماءهم، والدم أغلى بكثير من المال”. وبعدها في 23/4/2012 وجّه رسالة مفتوحة إلى هيثم مناع ينتقده على التمسك بسلمية الثورة.
مع موجات اللجوء إلى دول الجوار والعسكرة، توجه خالد المحاميد لمسائل الإغاثة. وما بين 2012 و2014 أقام مركز الإغاثة الطبية في إربد الذي كان يعمل فيه 54 طبيباً (كان منهم نصر الحريري الذي كان يتلقى مرتباً على عمله قدره 1000 دولار)، إضافة إلى لجان تبني الأطفال الأيتام وأول مركز لإعادة تأهيل المعاقين.
في 24 أيلول/سبتمبر 2012، صدر عن وزارة المالية في دمشق القرار 1588 بالحجز الإحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لخالد المحاميد مع ستة آخرين من رجال الأعمال السوريين الداعمين للثورة.
كان في اللجنة التحضيرية لمؤتمر القاهرة 2015 الذي حضرة أكثر من 176 سورياً من ثلاثين حزباً ومجموعة. وشارك في وفود عدة لمؤتمر القاهرة إلى عواصم غربية وإلى اجتماعات فيينا وإلى موسكو. وكان على الدوام يحمل صفة يحبها (معارض مستقل). ونجح في انتخابات مؤتمري الرياض في الوفد التفاوضي ونائباً للرئيس عن المستقلين أيضاً. سعت الهيئة العليا للتخلص منه بحجج مختلفة، فأقيل مرة واستقال في المرة الثانية.
السياسة عند خالد المحاميد تتلخص بجمل بسيطة لا تحتاج فلسفة ولا تحليل: الحل الأمني العسكري والجهادية الخمينية والقاعدية والإخوانية أوصلونا إلى الحضيض. على السوريين تقرير مصيرهم بدون تدخلات خارجية… ولا مخرج إلا في دولة المواطنة ذات السيادة.”.
ما هي رؤيتكم حول تشكيل اللجنة الدستورية ومآلاتها؟ وإلى أين تسير الأمور في ظل إيقاف المحادثات؟
- يجب العودة إلى أصل الداء للإجابة على هذا السؤال. ومن الضروري الإجابة عليه بشفافية وصدق وبدون مجاملة. كنت في في آخر وفد لمباحثات جنيف بعد مؤتمر الرياض 2، والحقيقة أنني وصلت جنيف مستاءاً من قرارات المؤتمر التي كانت مزاودات من البعض على البعض أكثر منها تركيز على القرار 2254 وآليات تطبيقه. وقد قلت لزملائي في الوفد سيتذرع النظام بأنكم قادمين بأجندة غير منصوص عليها في القرار الأممي، لكن للأسف لم يستمع لي أحد. ورفض النظام اللقاء مع الوفد الرسمي. فاقترحت على إثنين من مكونات مؤتمر الرياض اللقاء بالجعفري بحضور الجانب الروسي. وضغط الروس على الوفد الحكومي والتقينا معه. وطرحنا وجهة نظرنا المتمثلة بقراءة قانونية وعملية للقرار الأممي. طرح الرئيس الروسي في ذاك الوقت مؤتمراً للحوار الوطني. فتباحثت مع عدد من أعضاء الوفد لدعم فكرة الحضور والمشاركة بشكل فاعل لأن الغياب سيجعلنا الطرف الأضعف في أية مفاوضات قادمة.وقد صوتنا عشرة أعضاء مع الحضور، ومن المضحك المبكي أن "جماعة تركيا" صوتت بضغوط تركية وأوربية ضد المشاركة. غياب وفد الرياض عن مؤتمر سوتشي استثمره الجانب التركي بإرسال وفد من اسطنبول بدلاً عنهم مقابل أن يسلّم الروس تمثيل المعارضة لأنقرة. مخرجات سوتشي أقرّت كل النقاط المطروحة فيما سمي باللا ورقة أو النقاط الإثني عشر للمبعوث الأممي ستافان ديميستورا. والسيد نصر الحريري أعلن عن تأييده لمخرجات سوتشي. المعارضة الوطنية الديمقراطية انتزعت في سوتشي ما لم تحققه 4 سنوات من المباحثات، وكان النظام في وضع صعب. إلا أنه التف على هذه المقررات بمساعدة روسية واختار منها سلة واحدة هي السلة الدستورية، الأمر الذي وافق عليه ثلاثي الأستانة. فإذا بنا أمام موضوع واحد من مخرجات سوتشي والنقاط الإثني عشر والقرار 2254.
هيئة التفاوض المقيمة في غرفة العناية المشددة، عوضاً عن رفض هذا الإختزال لموضوع المفاوضات في اللجنة الدستورية، كانت تتناهش على مقعد في هذه اللجنة. وبقدرة قادر لم يعد يتحدث أحد لا عن مرحلة انتقالية ولا بناء جيش وطني وأجهزة أمن تحترم المعايير الدولية لحقوق الإنسان وأقل من ذلك مقومات أية مفاوضات جدية، أقصد ما يعرف دولياً بإجراءات بناء الثقة. تصور أخي العزيز لجنة دستورية تجلس في جنيف والطيران السوري يقصف في إدلب والسجون مكتظة بعشرات آلاف المعتقلين وأقل من نصف الشعب السوري بقليل بين مهجر ولاجئ؟ والجيش التركي يقيم منطقة تحت سيطرته على الأراضي السورية؟. حتى لو أن هذه اللجنة تشكلت على أساس الكفاءات وضمت خيرة المختصين ماذا بوسعها أن تعمل؟ لقد أدخل النظام السوري الجميع في أنبوبة اللجنة الدستورية، باعتبارها الموضوع الوحيد القابل للتفاوض. ومن داخل هذه الأنبوبة جاء بشروط تتعلق فيما يناسبه في هذا الموضوع: أي ملف الإرهاب والتدخل العسكري الخارجي خارج موافقة السلطات السورية. التركي سعيد لأنه وضع أزلامه في اللجنة، وهو يقول للعالم أنه في صلب العملية السياسية رغم توجه دباباته إلى الأراضي السورية، والروسي سعيد لأن الأمم المتحدة قبلت الدخول في الأنبوبة. وبالتالي يمكنه الاستمرار في عملية إدلب، والقرار 2254 في الجارور لا حس ولا خبر.
أما حول سؤالك عن توقف "المباحثات الدستورية"، فقد تحدثت عن ذلك في مطلع شهر نوفمبر. أي مبتدئ في العمل السياسي يدرك أن قراءة النظام لاختزال القضية السورية في "اللجنة الدستورية" قائمة على إنهاء ما يسمى مفاوضات جنيف. ويوافقه في ذلك ثلاثي الأستانة لأسباب خاصة بكل منهم. وبما أن مفاوضات جنيف غير موجودة فالمماطلة والوقت في صالح النظام. هيئة التفاوض، التي تحولت بقدرة قادر إلى مجرد أعضاء في اللجنة الدستورية لا تستطيع القول نطالب بالعودة لمفاوضات جنيف، ووفد الرياض تحول لغياب مؤتمر رياض 3 إلى وفد تسيير أعمال ومرتبات للشباب. هو يمدد لنفسه ثلاثة أشهر، فيؤجل الجانب الآخر اجتماعات اللجنة الدستورية ثلاث أشهر.. وفي المحصلة الأوجاع السورية مستمرة.
هل تعتقدون بأن "الائتلاف الوطني" قد انتهت صلاحيته دولياً فضلاً عن "داخلياً"؟ وهل شخوص اللجنة الدستورية هي بديل الائتلاف لاحقاً؟ وهل نحن أمام جسم جديد؟
- الائتلاف لم يعد موجوداً إلا كمجموعة تعيش من بقايا المساعدات وتغطي على السياسات العدوانية التركية. لم تعد تركيا تقبل بأقل هامش لاستقلالية من تبقى من أعضائه. بعد ثماني سنوات من تشكيل الإئتلاف نحن نعيش اليوم أمام أجسام تشكلت قبل زمن ولم تعد تمثل إلا نفسها في قطيعة كاملة مع المجتمعين السياسي والأهلي. وهذا الكلام ينطبق على مختلف مكونات هيئة التفاوض. وكون المجتمعات كالطبيعة لا تعرف الفراغ، فإنها ستصنع من داخلها، وفي رفض لأي تدخل خارجي أجسام تمثلها.
هل هناك مفاوضات "غير معلنة" ما بين النظام والمعارضة حول إنهاء الأزمة؟ أم أننا أمام مفوضات كما يسميها البعض " النظام يفاوض نفسه" ولا وجود لمعارضة أصلاً وأننا أمام مسرحية مخابراتية هزلية؟
- كلمة مفاوضات بالمعنى الحقيقي غير موجودة على أي مستوى. حتى ما يجري بين قسد والنظام لا يتعدى إدارة المؤقت. النظام سيفرض رؤيته في غياب أجسام تمثيلية قوية ووطنية، سواء بترك من يختلف معه ضحية للعدوان التركي، أو يفرض شروطه في أية "مصالحات". من هنا نحاول تخفيف الخسائر بانتظار قيام جسم وطني قوي تمثيلي ووازن، يضع المجتمع الدولي والأستانة والنظام أمام تحدي مفاوضات جدية لخلاص البلاد والعباد.
تشير بعض التقارير إلى تواجد "إيراني" و"عراقي " و"حزب الله" في الجنوب السوري فضلاً عن "الروسي"، فمن خلال التواصل والتقارير الواردة إليكم، ما هو حجم هذا التواجد الإيراني وحزب الله عسكرياً وأفراد ومنظمات إلخ؟
- وفق معلوماتنا الميدانية هذا التواجد العسكري موثق، ونحن نعتبره انتهاكاً لما تم التوصل إليه مع الضامن الروسي الذي تعهد باحترام اتفاق ينص على خروجهم من حوران. بالتأكيد لا تقبل المقاومة في الجنوب بهذا التواجد وهي في مواجهة دائمة معه.
ما هو تقيمكم للوضع في جنوب سوريا بشكل عام؟
- السلوك الأمني الأهوج لأجهزة المخابرات يجعل من الوضع في الجنوب على حافة انفجارات لا يمكن لأحد الحؤول دون وقوعها. العقلاء يتوجهون لهذه السلطة بالقول: إرفعوا أيديكم عن أبنائنا، هذه الرسالة إذا لم يفهمها النظام، فهو لم يفهم بعد أن ما انطلق من درعا في 18 آذار 2011 هو ثورة حقيقية من أجل الحرية والكرامة وأن من يناضل من أجل الكرامة والحرية، لا يمكن لأحد أن يواجهه.
ما هي رؤيتكم للحل في سوريا؟ وهل سوريا أمام "طائف" جديد خاص بها؟
- أظن أن هيجل هو القائل: التاريخ لا يتكرر إلا بمأساة أو مهزلة. القضية السورية لها معالمها ومشاكلها ومهمتنا ابتكار وسائلنا الخاصة للحل السياسي. السوريون لم يشاركوا لا في صياغة بيان جنيف ولا كتابة قرار مجلس الأمن 2254، ولكنهم بالتأكيد متفقين على ما نصت عليه القرارات الأممية من أن الشعب السوري وحده هو من يقرر مصيره. من هنا ضرورة تكاتف أكبر وأوسع جسم بين السوريين المتمسكين بسيادة البلاد ودولة المواطنة والحقوق والحريات، في جسم جديد قادر على الدفاع عن حقوقهم وطموحاتهم. وأظن بأن هذا لن يتأخر، فالحاجات الموضوعية للشعوب تولد حكماً، عاجلاً أو آجلاً.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!