-
سياسة الفتاة العذراء.. الحليف العدو. والسيادة الضائعة لقزم طهران
تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق أهميه في هذا العالم، وسبب ذلك يرجع إلى موقعها الاستراتيجي بالقرب من منابع النفط والثروات الباطنية الكبيرة التي تعتبر خزان الوقود لهذا العالم من بترول وغاز وثروات أخرى كثيرة، الأمر الذي يجعل هذه المنطقة محط صراع واهتمام لمختلف القوى العالمية والإقليمية، ولهذا الصراع سمات مختلفة سياسية واقتصادية وأحياناً عسكرية، ولسوريا وبحكم موقعها في هذه المنطقة أهمية بالغة جعلت منها محط أنظار جميع تلك المصالح والقوى.
تختلف السياسات الدولية في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص عن بعضها البعض ولكل منها أهدافها وسماتها وطبيعتها، ومعظمها تتحكم بها ظاهرة الاصطفاف لطرف أو لىخر في مختلف بقع الشرق الأوسط وخصوصاً سوريا، بإستثناء قوة واحدة يلف سياستها الكثير من الغموض
الذي لايمكن وصفها إلا بسياسة العذراء العفيفة التي تريد كل شيء، ولا تقدم شيء.. وتريد ثمن لكل حركة أو إيماءة، وهنا تكمن قوة السياسة الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وفي سوريا بشكل خاص، فقوتها في غموضها وعدم فهم الآخرين لطبيعتها وكيفية التعامل معها، وهذا ينطبق على حلفاء هذه السياسة قبل اعدائها، فهي مع الجميع وضدهم في وقت واحد. وهي من تصنع الأزمات، وهي من تدير الأزمات، وهي من تجد الحلول لهذه الأزمات وفقاً لمصالحها، ومن يراقب تلك السياسة في كل بلدان الشرق الأوسط يجد أنه من أهم سماتها التواجد في كل مكان ومع كل الأطراف وعلى حافتي الصراع الدائر في كل أزمة من أزمات الشرق الأوسط، فهي من أدارت الصراع العراقي الإيراني سابقاً، وهي من أنهته، وهي من أنهت النظام العراقي السابق بعد أن كانت داعمه له، وهي من احتضنت وسلّحت القوات الشيعيه في العراق كالحشد الشيعي المدعوم إيرانياً والذي يعتبر أحد أذرعها وهي بنفس الوقت تقود جبهة طويله للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة.
وهي أيضاً من تدير الصراع الدائر في سوريا عبر وكلائها الإقليمين والدوليين، وهي من ستنهيه بالتأكيد وسيكون القرار والكلمة الأخيره لها، وهي من تدير وتتحكم بكل ملف الصراع العربي الإسرائيلي، وهي من تقف على طرفي النزاع في ليبيا، فهي تعترف بحكومة الوفاق الوطني وتدعمها عبر وكلائها
وبنفس الوقت تدعم عبر وكلاء آخرين الجنرال حفتر.
تلك السياسة هي من تدير الصراعات وتعرف كيف تستفيد منها جميعاً خدمة لمصالحها دولياً وإقليمياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً، تلك السياسة التي تقوم على ضبط إيقاع الأحداث وخصوصاً بما يتعلق بالوطن السوري، فاستمرارية هذا الصراع والمحافظة عليه كانت إحدى سمات تلك السياسة في المرحلة السابقة خدمة للمصلحة الأمريكية لتحقيق ماترغب فيه سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بدون مقابل
بما يكفل المحافظة على الأمن الإقليمي للدولة الإسرائيلية لفترة طويلة بعد غياب مفهوم الصراع العربي الإسرائيلي وتحوله إلى صراع بعيد عن هذا المفهوم، لتعميق مفهوم أكثر شمولاً وهو مفهوم شرطي السياسة الأمريكية في المنطقه ونقصد هنا إسرائيل، ومن يراقب عن كثب موقف الولايات المتحدة منذ الأيام الأولى للربيع العربي ومنذ الأيام الأولى لما حدث في سوريا، يدرك أن الولايات المتحدة لم تتدخل بشكل مباشر في مايحدث من صراعات وتحالفات بقدر ما عنيت تلك السياسة بإدارة كل ماسبق
والإشراف العام على سير الأحداث.
وبصورة توضيحية للمشهد السوري منذ ثمانية أعوام، تظهر السياسة الأمريكية قوتها وحركيتها وسيطرتها على المشهد بكل تفصيلاته، فهي من ناحية دعمت المعارضة السورية بداية من أجل تحقيق أهدافها لإسقاط الأسد، وغضت الطرف عن تسليح المعارضين وتسليح جماعات متطرفه قامت لاحقاً بالسيطرة على أجزاء من سوريه مع إنها لاعلاقة لها بالحراك الثوري الشعبي، ووضعت نظام الأسد في مرحلة صعبة، ولكنها بنفس الوقت لم تسمح لجميع القوى المعارضة للنظام على اختلافها بإمتلاك ما يقوم بإسقاط نظام الاسد عسكرياً، ومنعت الدول الداعمة حينها لتقديم ذلك مع توفر الدعم المادي وفي نفس التوقيت، غضت الطرف عن التدخلات الإقليميه لدعم الأسد بتنظيمات إرهابية ودول مارقه تصنفها هي بالدرجة الأولى كإيران وحزب الله وملحقاتها، وتغاضت عن تدفق السلاح لهذه الاطراف جميعاً لإعطاء طابع الحرب الأهليه والصراع الطائفي وإقامة جدران من الدم لم يعد من السهل تحطيمها لاحقاً، كل هذا لتحقيق رغبات في الإدارة الأمريكيه تخدم مصالحها في توريط إيران وقوى الممانعه الزائفه واستعداء شعوب المنطقة جميعاً ضدها بحيث يتمكن النظام من البقاء بدون.. سيادة على أراضيه وبدون أدنى مقومات الدولة، من نظام وقانون ومؤسسات لتصبح الدولة فريسة لميليشيات متنوعه الشكل والهدف والتبعية.
ويأتي في الفصل الأخير، من سينقذ كل الشعوب ومنهم الشعب السوري؟ إلا وهي سياسة الفتاة العفيفة التي لم تتلوث بالخطايا، فهي برغم الحنان والعطف والجانب الإنساني التي تظهره من وقت لآخر عما سببه ذلك الصراع من ويلات ودمار لم تسمح بكل مايحول دون هذا الدمار وهذه الآلام ليظهر وجه الفتاة الحقيقي وهو القوة التي تمسك بكل الخيوط، وترسم جميع الخطوط وتوكل المهام للجميع في ظل هذا يأتي قزم ويدعي أنه يدافع عن السيادة، فقزم الاستبداد الإيراني الذي يحكم جزء من بلد مدمر
ترتفع فيه أعلام لعشرة دول آخرها علم الجمهورية السورية، ليحول سوريا إلى شكل من أشكال الدول الفاشله أو لنقل الضعيفه في أحسن الأحوال، وليسلب قرارها الوطني والسيادي، بسبب شغف البقاء على كرسي لم يبق منه إلا قائمة الدعم الخارجي، بعد انكسار القوائم الثلاث من اقتصاد وقانون وشعب.
مشهد يغلب عليه الطابع السوداوي الحزين للشعب السوري الذي يعاني بكل أطيافه من الجميع في ظل صراع محتدم لتحقيق سياسيات دولية وإقليمية يتقاسم فيها الجميع حصصهم حسب قوة وتأثير كل قوة دولية و إقليمية لتصبح سوريا وإلى أمد ليس بقريب رهينة للكثير من تلك القوى والسبب نظام استبدادي وسلطة قاتلة ومعارضة جوفاء خاوية.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!