الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
شاهد بقضية رسلان يشكك بوجود جهة تهدده
كوبلنز

مع بداية الشهر الأخير من العام 2020 لم يُستدعى شاهدٌ كضحية اعتقال ليدلي بأقواله أمام هيئة القضاة، بل رجل أمن سابقٍ مع خبرة تزيد عن 20 عاماً مع المخابرات العامة في سوريا.


تحدث الشاهد عن تجربته ومعرفته بفروع الأمن السوري وطبيعة عمله السابق حيث كان يعمل في قسمٍ إداري بعيداً كل البعد عما يجري في سجون الأفرع أو أقسام التحقيق فيها، غير أنه عاش تجربة ما يحدث فيها شخصياً حينما اعتقل مرتين من قبل إدارة المخابرات وتم ضربه بوحشية بإحدى مرات اعتقاله واصفاً ذلك بقوله: " من قاموا بضربي كانوا زملائي".


أخبر القضاة أيضاً عن طريقة الأمن السوري بالاعتقال العشوائي وذكر مثالاً على ذلك حادثة جامع الرفاعي بمنطقة كفرسوسة بداية الثورة وكيف جاءت الأوامر بتطويق المسجد كاملاً واعتقال كل من فيه وكان العدد لا يقل حينها عن 1000 شخص، تحدث كيف تم تعذيب من اعتقل يومها وإنهاء حياة البعض قبل التحقيق معهم ضرباً بالعصي أو بمواسير حديدية واصفاً إياها بأكثر الطريق وحشيةً لقتل أحدهم.


الشاهد الذي رفض الإفصاح عن معلوماته الشخصية للصحافة كان قد التقى رسلان سابقاً، ولكن ليس بحكم عمله، بل لأن الأخير استدعاه للتحقيق معه بداية العام 2011 حين رفض الشاهد مشاركة إحدى المجموعات الأمنية الخروج لقمع المظاهرات. لم يكن الاستدعاء في المكتب الرسمي لرئيس التحقيق السابق أنور رسلان، بل كان في مكتبه الآخر في القبو حيث زنازين الاعتقال. تأتي أهمية هذه النقطة في تعارضها مع ما قاله المتهم سابقاً في دفاعه عن عدم وجود مكتب له في الأسفل وعدم نزوله بالمطلق إلى قبو الفرع 251 حيث يتم تعذيب المعتقلين. أكد الشاهد أن للمتهم مكتبين وكان يستخدمهما كلاهما، أحدهما هو المكتب الرسمي في الطابق الأرضي والآخر هو مكتب العمليات والتحقيق في القبو.


أخبر الشاهد القضاة عن وجود قتل تحت التعذيب وخاصة في فرع الخطيب موضوع المحاكمة وتحدث عن رؤيته لبرادات الموتى المحملة بالجثث القادمة من عدة أفرع أمنية وعن قريبٍ له قتل تحت التعذيب أيضاً في فرع الخطيب.


لم يفتِ الشاهد أن يخبر القضاة عن تراتبية الطوائف باستلام المراكز الحساسة في الدولة وعن دور العلوية ومسؤوليتهم المباشرة بالقرارات الأمنية وعن "الرب الواحد" الذي جعل أحد القضاة يسأله بعد استخدامه هذا المصطلح: من تقصد؟ من هو هذا الرب؟ هل له اسم؟ " الشاهد: نعم هو بشار الأسد. القاضي: ظننتك تتحدث عن أحد رؤساء الأفرع الأمنية؟ الشاهد: لا هؤلاء زبانيته".


تحدث أيضاً عن اختلاف الوضع بشكل جذري قبل وبعد العام 2011 حين بدأت الثورة. ما استفز الشاهد ببعض أسئلة القضاة هو تسميتهم لهذه المرحلة ببداية النزاع حيث قال لهم: "لم استخدم هذا المصطلح أبداً واستغرب حقيقة استخدامكم له، لقد كانت بداية الثورة وليس النزاع".


وعن الصعوبات التي يعانيها كل من انشق عن النظام ولجأ إلى أوروبا أخبرهم كذلك عن مشاكله في الذاكرة والألم الذي يحمله معه حتى الآن وصعوبة البداية الجديدة واللغة مع ذاكرة مثقلة بكل أنواع الحزن والاضطهاد والخوف والقلق. "لقد تدمر كل شيء بداخلنا" أضاف الشاهد. بيد أن من أصعب ما مرَّ على الشاهد وما جعله يبدو قلقاً طيلة مدة الإدلاء بشهادته على مدى يومين في المحكمة، كان تهديده المباشر بشهادته في هذه المحكمة بعدة طرق، وصف الشاهد للقضاة إحدى هذه الطرق فقال: "لقد كان يصلني بريد منكم لهذه الجلسة وفي كل مرة جائني هذا البريد كنت أجده مفتوحاً في صندوق بريدي الخاص، بل وإحدى المرات تم ثني الورقة "كعلامة على تصويرها" وبعد وصول البريد بيومين يأتيني أحد من الصحافة ويقول لي: نحن نعرف كل شيء ونريد إجراء مقابلة معك.. هناك شيء خاطئ لا أعرف ما هو" عند هذه النقطة أكدت القاضية الأولى كيربر أن المحكمة لم تقم بأي تسريب وهم غير مسؤولون عما حدث وأضافت بأن الصحافة تأتي دائماً وتسأل من سيكون الشاهد التالي؟ وأنهم لا يجيبون حرصاً منهم على حماية الشهود، غير أن الصحافة لا تذكر السبب وتذكر فقط أن المحكمة لا تتعاون مؤكدة أن الصحافة لا تدرك الخطر المحدق بالشهود وعائلاتهم في حال تسريب أسمائهم وما حدث مع هذا الشاهد أكبر دليل. طلب القضاة من الشاهد تزويدهم بأسماء الصحفيين ووسائل الإعلام التي تواصلت معه بشكل خاص ودون إطلاع الجمهور عليها. من بين تلك الوسائل كانت وسيلة إعلام ألمانية مشهورة كما عرفت ليفانت بشكل خاص مع معلومات عن الصحفيين الآخرين. تمتنع ليفانت عن ذكر هذه المعلومات حرصاً منها على الالتزام بحماية الشاهد.


استمرت المحكمة بالاستماع للشاهد على مدى يومين بتاريخ 01 و 02 من الشهر الحالي شهر كانون الأول، حيث خصصت الجلسة الأولى لأقواله مع أسئلة القضاة والجلسة الثانية لأسئلة أطراف الدعوى التي انتهت قرابة الساعة العاشرة والنص من اليوم الثاني. استدعيت بعدها محققة الشرطة الجنائية والتي كانت مسؤولة عن الاستماع لأقوال الشاهد وأكدت عدم وجود أي مشاكل بالاستماع له أو بالترجمة أثناء ذلك.


الجلسة القادمة ستكون بتاريخ 09.12.2020 مع مدعٍ بالحق المدني وشاهد في هذه القضية.


ليفانت_ لونا وطفة 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!