-
طهران تتوجّه نحو الهاوية الرابعة خلال 5 شهور
على الرغم مما تمتلكه من ترسانة حربيّة تتفاخر بها، تبدو طهران مستميتةً بغية رفع حظر الأسلحة الدوليّة عنها، ويبدو أنّ لها غايات سريّة من وراء ذلك، كونها ليست بحاجة كما تدّعي إلى الأسلحة التقليدية أو الذخائر، التي تعمد إلى إنتاجها بنفسها، وهو ما يبدو أنّ واشنطن تدركه، فتصرّ على ضرورة إعادة فرض الحظر على طهران، حيث قالت الأخيرة، اليوم السبت، إنّها أبلغت واشنطن بأن تمديد الحظر الأمريكي على شراء إيران السلاح “سيواجه بردّ قاسٍ”.
وأتى ذلك على لسان المتحدّث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، خلال مؤتمر صحفي شدّد فيه أنّ هذا الإجراء سيحمل تداعيات وخيمة على الاتفاق النووي وأبعد من الاتّفاق النووي، وستكون له تداعيات سلبيّة على أمن المنطقة واستقرارها.
اقرأ أيضاً: إيران تواصل مهارتها بصناعة مليشيات اللادولة في العراق بثلاثٍ جديدة!
ويعتبر تصريح ربيعي الثاني حول ذات الموضوع خلال أيام، حيث سبقه في الـ29 أبريل، تصريح للسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة ماجد تخت رافانشي، الذي قال: “إنّ المحاولة الأمريكية لتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، تتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2231″، مضيفاً: “إنّ أعضاء مجلس الأمن ينبغي أن ينتبهوا لحقيقة أنّ أي خطوة لمعارضة رفع حظر الأسلحة عن إيران، تنتهك قرار مجلس الأمن رقم 2231″، وأنّ الولايات المتّحدة انتهكت من خلال انسحابها من الاتّفاق النووي الإيراني، كلاً من القرار رقم 2231 والتزاماتها المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتّفاق النووي الإيراني).
سلسلة طويلة من العقوبات الأمريكية
وهذه ليست المرّة الأولى التي تدّعي فيها طهران، خرق واشنطن لقرار مجلس الأمن رقم 2231، حيث قالت وزارة الخارجية الإيرانية، في العاشر من يناير الماضي، في بيان إنّها تدين العقوبات الأمريكية ووصفتها بـ “الأحادية والمكررة وغير القانونية وعديمة الجدوى”، وذلك في أعقاب فرض الولايات المتّحدة عقوبات على 8 مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، اتهمتهم واشنطن بزعزعة الاستقرار في المنطقة والتورّط في الهجوم الصاروخي على القوّات الأمريكية في العراق يوم 8 يناير.
وادّعت حينها طهران أنّ تلك العقوبات انتهاك للقانون الدولي وانتهاك صارخ للقرار 2231 لمجلس الأمن الدولي والتزامات الإدارة الأمريكية، مشيرةً إلى أنّ تلك العقوبات استهدفت صناعات تؤثر مباشرة على ملايين الإيرانيين، فيما قال مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، روبيرت أوبراين، إنّ احتمال خوض إيران مفاوضات مع الولايات المتحدة بات أكبر بعد اغتيال قائد “فيلق القدس”، قاسم سليماني.
اقرأ أيضاً: عناد سلطاته ووحشية كورونا: عندما يدفع الشعب الإيراني الثمن مرتين
واعتبر أوبراين، في حديث لموقع “Axios”: “أعتقد أنّ فرص الجلوس حول طاولة المفاوضات مع الإيرانيين والتوصل إلى صفقة باتت أكبر بكثير لأنّ سليماني صار خارج ساحة المعركة”، وتابع أوبراين: “إنّ الإيرانيين أدركوا أنهم لا يريدون مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة وأنّ حملة الضغوط القصوى لن تنتهي”، مشيراً إلى أنّ سليماني كان يؤمن بأنّه سيتمكّن من وقفها عبر التصعيد مع الجانب الأمريكي واستهداف طائراته المسيّرة ومنشآت النفط السعودية والاستيلاء على سفن.
وأردف مستشار الأمن القومي الأمريكي: “أعتقد أنّ هذه القصص انتهت وأنّ الإيرانيين يتراجعون”، في إشارة إلى تنفيذ الولايات المتّحدة، يوم 3 يناير، بأمر من رئيسها، دونالد ترامب، عملية عسكرية جوية قرب مطار بغداد أسفرت عن مقتل سليماني، قائد “فيلق القدس” المسؤول عن العمليّات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، ونائب قائد “الحشد الشعبي” العراقي، أبو مهدي المهندس، ومرافقيهما، بالتزامن مع تشديد واشنطن أنّ الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران هي الاستمرار في عزلها دبلوماسياً واقتصادياً، حتى “تتصرّف كدولة طبيعية”.
اقرأ أيضاً: إيران: عندما تخشى السّلطة من فيروس على حكمها!
لكن التعويل الأمريكي على دفع طهران إلى طاولة المفاوضات عقب مقتل قاسم سليماني لم يؤتِ أكله كما تبيَّن بعد قرابة خمسة شهور من مقتل سليماني، رغم ما كانت تعتقده الإدارة الأمريكية، وهو ما استشفّ من تصريح لاحق لـ”أوبراين”، في منتصف يناير، من أنّه يعتقد بأن النظام الإيراني “يمرّ بأسبوع سيء للغاية”، مستشهداً بإسقاط الطائرة الأوكرانية، وأردف: “هذا النظام يعاني من أقصى قدر من الضغط، ويعاني من عدم الكفاءة، وقد سئم الشعب الإيراني من ذلك”، مستكملاً بأنّ أفضل ما يمكن أن نفعله للشعب الإيراني والعالم هو مواصلة حملة الضغط القصوى لضمان عدم حصول النظام الإيراني على سلاح نووي، ووقف أنشطته الإرهابيّة في المنطقة، ووقف برنامج الصواريخ الباليستية.
حظر الأسلحة استمرار لمواصلة الضغط
ومن الواضح من خلال متابعة التصريحات الأمريكية، أنّ الاستراتيجية المتبعة مع طهران هي بمضاعفة العقوبات عليها بشكل تدريجي إلى أن تستجيب للمطالب الغربية التي تتعلّق ببرنامجها النووي ونشاطات أذرعها المليشيوية في مجموعة من البلاد المحيطة بإيران، وهو ما أظهرته في السادس والعشرين من مارس، وزارة الخزانة الأمريكية من أنّها فرضت عقوبات على 15 إيرانياً، وخمس شركات هناك في إطار برنامج لمكافحة الإرهاب.
وقالت وزارة الخزانة في بيان لها: “إنّ الكيانات والأفراد الذين فرضت عليهم العقوبات دعموا الحرس الثوري وفيلق القدس التابع له، والمسؤول عن العمليات الخارجية والتجسس، ونقلوا مساعدات تستخدم في القتل لجماعات مسلحة تدعمها إيران في العراق منها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق”، وأضافت: “إنّهم متورطون في تهريب أسلحة للعراق واليمن وبيع النفط الإيراني، المحظور بموجب العقوبات الأمريكية، للحكومة السورية ضمن أنشطة أخرى”.
اقرأ أيضاً: عناد سلطاته ووحشية كورونا: عندما يدفع الشعب الإيراني الثمن مرتين
وعليه، وفي ظلّ فشل التعويل الأمريكي على دفع طهران للتنازل ومراجعة حساباتها، يبدو أنّ واشنطن ستعود بشكل تدريجي إلى استراتيجيتها السابقة القائمة على تضييق الخناق حول طهران، ودفعها إلى حافة الهاوية مجدداً، كما حصل معها ثلاث مرات سابقاً خلال العام الجاري، عندما قتلت قاسم سليماني، ومن ثم افتضاح قضية اسقاط طهران للطائرة الأوكرانية، ومن ثم افتضاح إجراء طهران للانتخابات النيابية على الرغم من انتشار كورونا، وإن كانت سلطات ولاية الفقيه قد نجحت في التملّص من السقوط في الهاوية خلال ثلاث أزمات محققة خلال فترة 5 أشهر، ربما سيوجب ذلك عليها المزيد من الحرص على عدم الاصطدام بالحائط الأمريكي الغربي، عبر الإصرار على الخوض في سياساتها التوسعيّة التي لم تجلب لبلاد محيطيها الإقليمي سوى الحرب والصراع الطائفي، كونها قد تضعضعت داخليّاً بوتيرة لم تشهدها من قبل، وهو ما قد يشجع الإيرانيين على الدفع بالمرشد نحو الهاوية، من داخل إيران هذه المرة، لو جلب لهم المزيد من العقوبات والحصار والجوع الذي يحاصرهم مع كورونا.
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!