الوضع المظلم
السبت ٠٤ / يناير / ٢٠٢٥
Logo
عام جديد.. 2025 بأي حال تعود؟
إبراهيم جلال فضلون (1)

هذا عام آخر، يحين مجيئه وسط استعدادات العالم العربي قبل الغربي متناسيين غزة، فرحين بضيوف يقصدون الحياة بينما هناك أبرياء لم -ولم ولم - تجد إلا الفُرجة عليها، يأتيهم الموت والتشريد والتهجير من كل حدب وصوب، يعلوهم طموح السلام من آلة الحرب الإسرائيلية الغربية الأمريكية الهمجية، كما عاش السوريين تحت غطرسة الأسد بواقع اجتماعي وسياسي خاص، وبحركة غير اعتيادية يدب فيها الشيطان بكل مكان، أمور فاقت خيالات العقل الاصطناعي لا الإنسان،  من المغرب إلى المشرق في حلقة دائرية لهذا العالم الواسع، بإنتظارات كبيرة تكاد لا تتباين عن مثيلاتها، فالخلفيات تتلاشى وتاريخ التقويم يندمل وتقاليد الاحتفالات تتعدد من مكان لآخر، بينما ستختلف الاحتفالات هذه المرة في غزة ومنها لسوريا التي تحررت من براثن المخلوع (بن الأسد) في عام 2024.. وفاله على العالم، خاصة منطقة الشرق الأوسط، وما دوى فيها من خراب الموت وأحداث مدوية دفعت العديد من الدول إلى إعادة التفكير في الكثير من حساباتها السياسية والاقتصادية والأمنية المستقبلية.

عام جديد.. فبأي حال تعود؟، وقد ألهمتنا 2024 حروباً وتغيرات سياسية لحكومات وأحزاب، أثّرت فيها الانتخابات على كثير من الدول بما فيها فرنسا وألمانيا واليابان والهند، إلا أن روسيا ظلت متمسكة بدبها الروسي الحالي فلاديمير بوتين الذي حصل بعد إعادة انتخابه على 88% من الأصوات، رغم الحرب بين موسكو وكييف دون تحقيق أي مكاسب على الأرض، وخسارة قواعدها في سوريا بمنطقة الشرق الأوسط، لتجد السلطات الغربية حراكاً عالمياً، فشاهدنا المظاهرات في العالم أجمع نصرة لفلسطين وفرحة لسوريا.

لقد أطلقت غزة وسوريا العنان لموجة عملاقة اجتاحت سائر العواصم العالمية، لتتشابه موجتي 1848 و2011 الثوريتين بالوطن العربي وأوروبا في إسقاط الأنظمة الاستبدادية، ليتوسع القتال في غزة مع عدة مسارات للتصعيد إلى حرب إقليمية، جرت أميركا وإيران بشكل مباشر عبر إسرائيل إلى القتال.. ودمرت الألة السورية الكبرى ومقدراتها، لكن أبنائها فيهم الخير، ليشكل الصراع مخاطر على المنطقة ممتداً لليمن والاقتصاد العالمي، فاتحاً الباب أمام مزيد من الانقسامات الجيوسياسية والسياسية، وتأجيج "التطرف" العالمي.. إن الطريق الأقصر للتصعيد هو قرار إسرائيل أو السلام الذي لم يري الحياة بموت القوانين الدولية كلها.

سيكون هذا عاما مضطربا آخر للعلاقات الأمريكية-الصينية، لا سيما بشأن تايوان والمنافسة التكنولوجية، لكن الانشغالات المحلية أقنعت الدولتين بأن العلاقات التي تدار بشكل أفضل تخدم كلا الجانبين، بينما يأتي ترامب معلناً الحرب على دول البريكس، بينما يستمر الشعبويون في أوروبا في إثارة الخوف في المؤسسة السياسية الأوروبية، لكن الانتكاسات المحدودة للأحزاب الرئيسية في البرلمان الأوروبي والانتخابات الوطنية والمحلية لن تقلب النظام السياسي الأوروبي ولن تعرقل طموحات الاتحاد الأوروبي التي تجدد شبابها خوفاً من سنوات ترامب القادمة عليها وحرب أوكرانيا، إذ لم تنجح المُنظمات الاشتراكية وغيرها في خلق جذور حقيقية بين العُمال، مما قلل من الدعم الشعبي لهذه الأنظمة، وبسقوطها تولدت فجوة سياسية كبيرة قامت تيارات الإسلام السياسي سريعاً بملئها. فهل علينا إذاً أن نسبح ضدّ التيار؟!!. في ظل غياب القيادة الأمريكية ودورها الخلفي بعد فقدانها هيبتها العالمية في أفغانستان وسقوط بايدن وهاريس أمام ترامب، والاهتمام بالاتحاد الأوروبي كما ظهر في الحملة الجوية التي قام بها الناتو في ليبيا وأوكرانيا، كما عكست الحرب الدائرة في سوريا تغيّر خارطة القوى العالمية، فبينما كانت الولايات المتحدة على وشك توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري في آب سنة ٢٠١٣، دخلت روسيا على الخط لتغيّر الموقف بشكل دراماتيكي، فيما اعتُبِرَ دلالةً على أنّه ليس بإمكان الولايات المتحدة التصرف بمفردها، ويدلل ذلك في جوهره على انقلابٌ في السياسة الأمريكية نحو الداخل إثر الأزمة المالية العالمية سنة 2008م، ومشكلة المهاجرين على حدودها 2018 والحرائق والعواصف والفضائح التي تطال قاداتها مؤخراً. 

أما أوروبا فطُرقها ظلّت مترددة وحائرة أمام تلك الموجة العارمة من الحراك الداخلي لشعوبها، فتأخرت عن إدراك ومواكبة الأحداث الدائرة في جوارها الجنوبي، غير أنها استدركت ذلك في وقت مُتأخر مع تطوّر الأمور في سوريا التي كانت تُناضل من أجل حريتها من إيران ومليشيات حزب الله الخاسر الأكبر، وكأنها لحظةٍ ألهمت عالم السياسة والاقتصاد فرانسيس فوكوياما لكتابة مؤلّفه العظيم "نهاية التاريخ والإنسان الآخير" لتثبت صدق نبوءة فوكوياما. فبماذا سيعود 2025  علينا؟.

ليفانت: إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

سوريا وهيئة تحرير الشام

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!