-
عن المقاومة التي جرى تعليبها تحت المظلة الإيرانية!
ما زلت أشعر بالدهشة كلما سمعت أو رأيت موقفاً لأحد المثقفين العرب أو السوريين خلف متراس المقاومة والممانعة كلما ارتبط الحدث بإيران وأدواتها القذرة بالمنطقة. حيث يبدو أن فكرة المقاومة تم تعليبها وتنميطها لتصبح فقط إيران ومن يقف مع إيران، يتخندق هؤلاء ويتعامون عن كون النظام الإيراني بحد ذاته احتلال من جهة واستبداد أيضاً من جهة أخرى، وبأن أدواته في المنطقة والتي قد تلتقي خطابياً بفكرة مقاومة الإسرائيلي مع ملاحظة الخلاف بالأدوات والطريقة مع بعض أصحاب القضية الأساسيين وهم الشعب الفلسطيني حيث أن جزء من الفلسطينيين مؤمن بحل قضيته عبر المفاوضات والحل السياسي ووفقاً لقرارات الأمم المتحدة، وليس وفقاً لرؤية تلك الأدوات الإيرانية مثلاً.
المهم هؤلاء المثقفين ومدعي النضال يتناسون أن تلك الأدوات بحد ذاتها أجهزة وتنظيمات عميلة للنظام الإيراني وهو احتلال واستبداد خطير نكل بشعوب المنطقة كلهم بشكل مباشر أو عبر أدواته تلك بما فيها الفلسطينيين أحياناً، مثلاً النظام السوري قتل واعتقل الآلاف من الفلسطينيين غبر تاريخه المقاوم جداً وهو إحدى أدوات النظام الإيراني في المنطقة! كلهم أدوات قمعت شعوبها واشتركت مع إيران و الأنظمة الديكتاتورية بالمنطقة بارتكاب جرائم حرب وقمع الشعوب التي انتفضت ضدها، في سوريا والعراق ولبنان، كما قمع النظام الإيراني الإيرانيين المنتفضين في إيران وأعدم الآلاف منهم عبر السنين.
تسبب كل هؤلاء بالويلات وبقتل وتشريد مئات الآلاف من السوريين، بالإضافة إلى التغيير الديموغرافي، والتسبب بالأزمات ذات البعد الدولي، عبر رعونة ممارساتهم ضد دول العالم في منطقتنا العربية، وهو ما عرّض ويعرّض شعوب المنطقة للخطر بسبب تلك الممارسات، كل تلك الأدوات بالإضافة لبعض الحكومات في المنطقة هم امتداد وأجهزة تنفيذية للنظام الإيراني الذي لديه رغبات توسعية وأحلام قديمة لم تمت بالتوسع والسيطرة بشكل مباشر أو غير مباشر عبر تلك الأدوات، لكن هؤلاء المثقفين لا يعنيهم كل هذا، فليقتل ويشرد السوريين، وليقتل النشطاء في العراق ولتفتح النيران على المتظاهرين، وليقمع المتظاهرون في لبنان أقل من عادي! فالمهم أن يتم الاصطفاف مع هذه المقاومة المتمثلة بالنظام الإيراني والنظام السوري وحزب الله والفصائل والميليشيات العراقية التابعة لإيران حتى لو قتلوا مئات الألوف من السوريين وتسببوا بحروب في المنطقة، وقتلوا العراقيين واستهدفوا كل مقاومة الشعوب في المنطقة بما فيهم الشعب الإيراني ذاته، المهم أن يتم الاصطفاف مع هؤلاء القتلة لأنهم يلقون الكثير من الخطابات التي تدغدغ أحلامهم بينما يعيش شعوب المنطقة كابوساً كارثياً بسبب تلك الأنظمة والاحتلالات سواء كانت إيران أو غيرها من الطامعين في المنطقة.
فكرة المقاومة لا ترتبط حصراً بمقاومة الاحتلال فهي قد ترتبط بالنضال لتحصيل الحقوق الإنسانية، ورفض الظلم والاستبداد سواء كان سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً وحتى ثقافياً، وبالتأكيد مقاومة الاحتلال أيضاً ولكن هذا يعني كل الاحتلالات وليس التمييز بين احتلال وآخر حسب المزاج السياسي، المقاومة حق مشروع لكل إنسان ولكل شعوب الأرض، لكن الفكرة في الواقع الذي يعيش به عالمنا العربي تم اختزالها ووضعها فقط ضمن مفهوم مقاومة الاحتلال وربطها حصراً بمقاومة الإسرائيلي، واهمال كل ما يمكن أن ترتبط به الفكرة من مقاومة الاستبداد السياسي وتمثله ثورات الربيع العربي ومقاومة القمع والظلم ونضال المجتمع المدني لتحصيل الحقوق وتغيير المجتمعات نحو الأفضل، والمقاومة عبر النضال لتغيير القوانين الجائرة لتلتقي مع الشرعة الدولية لحقوق الانسان، ومنها أيضاً نضال النساء لتحصيل الحقوق في مجتمعات ذكورية قبلية وأنظمة ديكتاتورية هو مقاومة أيضاً، وأسمى أشكال المقاومة هي المقاومة اللاعنفية، والحراك المدني والسياسي للتغير الإيجابي، وهي تماماً تتمثل بحراك الشعوب في المنطقة العربية من أجل الخلاص من الديكتاتوريات والأنظمة الفاسدة، وهي ما يتم التغاضي عنها عندما يتحدث هؤلاء عن فكرة المقاومةـ بل أنهم وبمعظمهم اصطفوا ضدها لأنها لا تلتقي مع الرؤية الإيرانية ورؤية عملائها في المنطقة ـ هؤلاء المقاومون والمثقفون لا يرون الدمار والدماء التي تسببت به تلك "المقاومة" وأدواتها وأنظمتها في المنطقة العربية، بل أنهم لم ينتبهوا ان فكرة مقاومة تلك الأدوات مشكوك في أمرها أصلاً حيث أنها اعتبرت ان الطريق الى القدس يمر من دمشق وحمص و بغداد و بيروت وعلى جثث أبناء تلك المدن.
أخيراً.. تحية للمقاومين الحقيقيين المنتفضين ضد كل الطغاة في سوريا والعراق ولبنان وإيران وكل شبر من عالمنا العربي والمنطقة.
ريما فليحان
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!