-
فهد ديباجي لـ”ليفانت نيوز”: موافقة برلمان مصر على إرسال قوات للخارج ليس إعلاناً للحرب
مع التصعيد العسكري التركي في ليبيا، تشكلت مرحلة مفصلية جديدة، في الأزمة الليبية، سرعان ما تطورت مع رسائل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي حذّر فيها من تجاوز مليشيات حكومة الوفاق الليبية المدعومة من تركيا، للخط الأحمر المتمثل في سرت -جفرة. برلمان مصر
وطرحت التحركات المتسارعة في مواجهة العدوان التركي، كان آخرها موافقة البرلمان المصري على إرسال قوات عسكرية للقتال خارج البلاد، أسئلة ملحة، حول ما إذا كانت مصر ستتدخل عسكريا في ليبيا قريبا، وهل قرأ أردوغان رسائل الردع التي وجهتها القاهرة، والأهم آفاق الحل السياسي في ظل وضع يتسم بالخطورة البالغة.
“ليفانت نيوز” التقت بالكاتب والمحلل السياسي السعودي “فهد ديباجي”، الذي اعتبر قرار البرلمان المصري بالموافقة على إرسال قوات للخارج، “ليس إعلاناً للحرب، كما تصوره البعض، ولكنه منح الإذن والرخصة الشرعية للجيش المصري للدفاع عن الأمن القومي”.
ولكن “ديباجي” رأى أيضاً أنّ “طبول الحرب تقرع في ليبيا، مع إصرار العدوان التركي على الاقتراب من حدود مصر”، موضحاً أنّ “أنقرة تسعى لمحاصرة القاهرة من جهة الغرب، بعدما قضت الأخيرة على أحلامها بإسقاط حكم الإخوان”.
ويؤكّد المحلل السياسي السعودي خلال حديثه المطول، أنّ “حنكة بلاده سبقت الجميع في معرفة حقيقة تركيا، وأنّها لا تصلح للتحالف”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ “التهديد التركي أشد خطراً من التهديدات الإيرانية في المنطقة.
وحول الأزمة القطرية، فنّد “ديباجي” كيف نجح الرباعي العربي، في إخماد نار الفتنة التي كانت تشغلها قطر، من خلال كشف أساليبها الملتوية واستغلال الدين والإعلان والحروب والرشاوي لنشر الإرهاب. برلمان مصر
ومع الأسئلة الأكثر إلحاحاً في المنطقة، أجاب ديباجي عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي في ظل الأزمة القطرية، ومصير جماعات الإسلام السياسي في المنطقة، ولماذا تخشى دول عربية اتخاذ إجراءات صارمة تجاه جماعة الإخوان الإرهابية.
وإلى نصّ الحوار:
-تشهد الساحة الليبية حالياً وضعاً خطيراً في ظل التصعيد العسكري التركي، ما تقييمك للوضع الراهن في ليبيا؟
لا شك أنّ ليبيا تعيش في حالة من عدم الاتّزان والاستقرار، بفضل المليشيات والمرتزقة التي تسيطر على الغرب الليبي، وبفضل حكومة الوفاق التي لا تملك من الأمر شيئاً، وقرارها مختطف، وتعتمد كلياً على قطر وتركيا في كل أفعالها وتوجهاتها، وهي بذلك ترفض الحلول السليمة لأنّ الموافقة على أيّ حل سلمي يعني نهاية المليشيات ونشر السلام ونهاية مشروع قطر وتركيا والإخوان.
-إذاً مع هذا الإصرار والتعنّت من قبل أنقرة، هل تتوقعون خوض مصر مواجهة مع تركيا إذا تجاوزت الخط الأحمر (سرت والجفرة)؟
يبدو لي أنّ طبول الحرب بدأت تقرع لأنّ مصر ترى أنّ تجاوز الخط الأحمر يعني تهديداً للأمن القومي لها، وخطراً يهدد مئات الملايين من المصريين، كما يعني اقتراب الخطر والعدو التركي من حدودها، ولأنّها تعي تماماً أن دخول الأتراك إلى ليبيا من ضمن أهدافه الكبرى، محاصرتها من جهة الغرب، لاسيما وأنّ مصر طردت جماعة الإخوان، وبالتالي طردت أحلام تركيا في مصر. برلمان مصر
– هل ترون ثمّة “تحريض إقليمي” واضح من قبل أنقرة لاستفزاز مصر وحثّها على الدخول في هذه المواجهة؟
تركيا حالياً لا تحتاج أي تحريض، فشرّها وعدوانها وخطرها منتشر في سوريا والعراق وقبرص واليونان وتونس والصومال، وحالياً في ليبيا، ولم تعد تحتاج أي تحريض، وهي بذلك تتحول من دولة إلى ناقل وراعٍ رسمي للإرهاب، بينما مصر تعلم وتعي جيداً الخطر التركي، كما أنّها دولة كبيرة ومؤثرة سياسياً؛ لهذا لاتحتاج أي تحريض أو استفزاز للدخول للمواجهة ولديها الحق في حماية أمنها القومي.
-كيف قرأتم قرار البرلمان المصري الموافقة على إرسال قوات للقتال خارج بلاده؟
يجب على الجميع أن يعلم أنّ قرار البرلمان وموقفه ليس إعلاناً للحرب كما يعتقد البعض، إنّما البرلمان أعطى الموافقة والإذن والرخصة الشرعية للجيش المصري، وحكومة مصر، للقيام بالحق السيادي لها، وهو الدفاع عن أمنها، والذي هو في الأصل شرعي وحق قومي لها، كما أنّه يشرعن مساعدة القبائل الليبية والجيش الليبي في الوقوف معهم في وجه العدوان التركي.
-كيف تنظر المملكة العربية السعودية للمسألة الليبية والتدخل التركي؟
موقف المملكة العربية السعودية هو نفسه موقف الجامعة العربية والإجماع العربي، برفض التدخل التركي والأجنبي، عموماً، لتبقى الأزمة ليبية_ليبية لأنّ تدخل الأطراف الخارجية كان سيعقّد الأزمة وهذا ما حدث بالضبط. برلمان مصر
-قلتم في تغريدة سابقة لكم أنّ “حنكة السعودية سبقت الجميع في معرفة حقيقة تركيا”، ماذا كنتم تقصدون؟
قصدت موقف السعودية عموماً من تركيا، فأنا أعتقد أنّ السعودية كانت تعلم أنّ الرهان على تركيا هو رهان خاسر في ظل حكومتها الحالية، بوجود أردوغان وحزب العدالة والتنمية المتحالف مع إيران وإسرائيل، وتستغل الإخوان لتقويض الأوطان العربية، رغم استماتة البعض في تصويرها كحليف ثقة.
وهنا يجب أن نؤكد أنّ حنكة المملكة سبقت الجميع في معرفة حقيقة تركيا وعداوتها للعرب، بأنها لا تصلح لتحالفنا وليست جديرة بأي ثقة، وها هي الأحداث تكشف زيف وكذب المطبلين لتركيا وأطماع تركيا الاستعمارية وطموحاتها الإمبراطورية.
-في رأيكم، ما هو السيناريو الممكن والأقل كلفة للخروج من الأزمة الليبية؟
من المؤكد أنّ السيناريو الأقل كلفة هو الوصول إلى حل سياسي توافقي، بعيداً عن التدخلات الخارجية سواء بتشكيل حكومة جديدة، من خلال البرلمان، أو من خلال انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة والجامعة العربية، طبعا مع حل المليشيات وطرد المرتزقة وانسحاب الأتراك من ليبيا، وبذلك نستطيع أن نجنّب الليبيين ويلات الحرب. برلمان مصر
-دعنا ننتقل لملف ليس ببعيد، وهو ممارسات قطر العدائية الواضحة، ليس فقط خارج مجلس التعاون الخليجي، ولكن مع أعضاء المجلس أيضاً، كيف تقيّمون دور المجلس حالياً ومستقبلاً في ضوء الأزمة القطرية؟
رغم ما تنتهجه قطر من سياسة عدائيّة واضحة، ليس فقط خارج المجلس، ولكن مع أعضاء المجلس أيضاً، سيبقى مجلس التعاون الخليجي واقفاً شامخاً، سواء بوجود قطر أو بدونها، وأعتقد أنّه أصبح من المُلّح إبعاد العنصر الفاسد والمخرّب أو بتره ما لم يعود إلى رشده، وأعتقد أنّ الصبر على هذه الأفعال فاق الحدود والمعقول، وفي حال استمرارها أعتقد مستقبل المجلس أفضل بدونها.
-بعد مرور 3 سنوات من قرار الرباعي العربي الداعي لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) مقاطعة قطر.. ما الذي تغير في الأزمة القطرية، هل تراها إلى صعود أم إلى هبوط؟ برلمان مصر
أعتقد من الأفضل القول (الدول الداعمة للاعتدال)، بدلاً من الدول المقاطعة، كذلك أن تسمى (أزمة قطر) وليس الأزمة الخليجية، فهي من أوقعت نفسها في هذه الأزمة، نتيجة أفعالها الشيطانية وطموحاتها الصبيانية، وتمرّدها الحزبي والانصياع لأوامر الأعداء.
كما أنّ التغيّر قد حدث فعلياً، على قطر بعد التزامها ببعض الشروط المطلوبة منها، وإن كان بشكل غير مباشر، ولكن هذا التغير يعتبر بسيط وغير مؤثر، لهذا ستبقى أزمة قطر وتتمدد ما لم تلتزم بالمطلوب منها.
-ما قراءتك لخطاب قطر ومواقفها.. هل ثمة تغيير حدث أم أنّ الإصرار هو ذاته، سواء على صعيد خطاب العداء ودعم التنظيمات الإرهابية في المنطقة؟
خطاب ومواقف قطر المعادية لكل ما هو عربي، ما زالت مستمرة، في ظل هيمنة تركية وإيرانية على القرار القطري، فهي ما زالت تشنّ الحملات على العرب، وخصوصاً الدول التي تقف ضد المشروع التركي والإيراني، وما زالت تجنّد المرتزقة والإخوان للتشويه والتشويش على دول الاعتدال بكل ضراوة، كما إنها مازالت تمارس الإرهاب ودعمه وتمويله وإن كان بشكل أقل وأكثر حذراً وحرصاً، باستخدام أساليب ملتوية وغير مباشرة، وليس كما كانت تفعل في السابق.
-كيف تقيمون مساعي الرباعي العربي في إخماد نار الفتنة التي تشعلها قطر؟
أجمل مافي مقاطعة قطر هو اتضاح الصورة الحقيقية للدولة المارقة على واقعها وحدوها وتاريخها وعروبتها، فقد استطاع رباعي الاعتدال وضع قطر في حجمها الحقيقي واستطاعوا توضيح وكشف أساليبها الملتوية واستغلالها للدين والإعلام والحروب والفديات والرشاوي، لنشر الإرهاب لتمرير أهدافها هنا وهناك، فلم يعد يهتم ويصدق ويؤمن بقطر ومشروعها إلا الإخوان ومرتزقتها الذين زرعتهم في كل العالم.
ونعم لقد نجح رباعي الاعتدال في إخماد نار الفتنة التي كانت تشعلها قطر، بل والأهم نجاح الرباعي في تقويض الدور القطري على الأقل في الوطن العربي والجامعة العربية، بعد أن عادت إلى حجمها الطبيعي وتأثيرها المحدود.
-ننتقل للملف الأبرز، وهو جرائم الحوثيين واعتداءاتهم، تعليقكم على التصعيد العسكري المستمر لجماعة الحوثي المدعومة من إيران، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ضد مواقع سعودية؟
من المعروف أنّ الحوثي مجرد أداة من أدوات إيران المنتشرة في الوطن العربي، وهي جماعة كهنوتية رجعية لا مستقبل لها في القرن الواحد والعشرين، لهذا هي تنفذ ما يطلبه منها سيدها في طهران (نظام الملالي)، والتصعيد العسكري المستمر من قبل جماعة الحوثي المدعومة من إيران، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ضد مواقع سعودية، لا يعدو إلا ازعاج وإشغال واستنزاف للسعودية، والتي بفضل الله استطاعت الحدّ من خطرها والقضاء على تأثيرها.
-هل ثمّة ما يتوجّب على المجتمع الدولي فعله ويكون رادعاً لهذه الانتهاكات؟
لا شك لدي بأنّ المجتمع الدولي مقصر تماماً في كل الأزمات التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط، فهو يساوي بين الظالم والمظلوم، وبين المعتدي والمعتدى عليه، الذي يحاول الدفاع عن أمنه القومي وإعادة إرادة عربية التهامها، وهو يعلم علم اليقين تبعية الحوثيين لإيران، ورغم ذلك لم يتّخذ ضدهم أي إجراءات صارمة؛ بل أحياناً نجده يقف معهم في بعض الأحداث، ويتواطأ في بعض المواقف بحجج الإنسانية والمدنيين، ويتجاهل ضربهم لكل الأعراف والمواثيق الدولية والانتهاكات الإنسانية.
-ما هو تقييمكم لدور التحالف العربي بعد مرور 5 سنوات منذ اندلاع الأزمة اليمنية؟
الدور الذي يقوم به التحالف العربي هو دور مشرّف لكل عربي، فهو يحارب من جهة، ويلتزم بكل قواعد الاشتباكات بضربات مركزة ومنتقاة للأهداف العسكرية، ولم يذهب إلى التدمير الشامل والقتل العشوائي، كما فعل التحالف الدولي في العراق و سوريا ضد داعش، وكما فعلت روسيا في سوريا، كما أنّ التحالف ذهب وانتقل من مرحلة عاصفة الحزم إلى مرحلة إعادة الأمل، بعد عدة اسابيع فقط من الحرب، لأنّ هدفه لم يكن تدمير اليمن بل إعادة الحياة والسلام لليمن لولا تعنّت الحوثيين وصمت المجتمع الدولي حول أفعالهم.
-هناك رأي يتبنّى التدخلات التركية، أشدّ خطراً من التهديدات الإيرانية في المنطقة، بينما يذهب رأي آخر أنّ أنقرة وطهران يشكّلان الخطر ذاته، على المنطقة.. أيّهما تؤيد ولماذا؟ برلمان مصر
لا فرق عندي بين التدخلات التركية والإيرانية في المنطقة، و إن كنت أرى حالياً التهديد التركي أشدّ خطراً من التهديدات الإيرانية في المنطقة، لاسيما أنّها أصبحت مكشوفة ومعروفة، وبدأت تضمحل رويداً رويداً، بفضل العقوبات الأمريكية على إيران، وانكشاف واتّضاح أمرهم، حتى أمام أتباعهم والموالين في العراق وسوريا ولبنان. أرى أنّ أنقرة_طهران تشكلان معاً الخطر بعد التعاون المشترك في الكثير من الملفات في المنطقة، لاسيما وأنّ تركيا تعتمد كلياً على الإخوان في تنفيذ مشروعها الاستعماري، ويعملون في الخفاء، وبشكل سري، لتدمير الدول من الداخل، من خلال التآمر والخيانة والفساد.
-هل ترون جماعات الإسلام السياسي في المنطقة إلى الهاوية، لاسيما بعد حلّ إخوان الأردن وطرد وزراء النهضة، وقبلهم لفظهم في بقية الدول العربية؟
المعركة مع جماعات الإسلام السياسي في المنطقة ما زالت مستمرة وطويلة، ولن تنقطع إلا بنهاية تنظيم الحمدين الممول الرسمي لهم، والرعاة الرسميين (تركيا)، عبر حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان و(إيران) عبر نظام الملالي، وبنهاية جماعة الإخوان وفكرها الذي يغذّي كل الجماعات الارهابية، مثل داعش والنصرة والقاعدة، ثم بنهاية كل المليشيات الإيرانية المتطرّفة، وإن كان هناك تحسّن في هذا الملف، وبدأت جماعات الإسلام تتجه إلى الهاوية، لاسيما بعد حلّ إخوان الأردن، وطرد وزراء النهضة، وقبل ذلك لفظهم في بعض الدول العربية، مثل مصر والسعودية والإمارات والبحرين والسودان. برلمان مصر
-لماذا هناك بعض الدول العربية لم تجرّم الإخوان حتى الآن رغم خطرها؟
أعتقد أنّ الدول التي لم تجرّم الإخوان رغم خطرها، بسبب الخوف من هذا الخطر، فهم يعلمون أنّ الإخوان متغلغلين في هذه الدول وإعلان الإخوان أنّها منظمة إرهابية قد يجرّ الوبال عليها، لكن هذه الدول بدأت عملياً في الإجراءات التي تساعدها للتخلص منهم مستقبلاً، هذا الذي أعتقده ويجب العمل عليه وليس بالضرورة أن يكون معلن للجميع من أجل نجاح الإجراءات.
ليفانت – هاجر الدسوقي ليفانت
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!