-
في ليبيا.. تصدير النفط والمُطالبات السياسة صنوان لا ينفصلان
أوقفت الصراعات السياسية بين الأطراف الليبية، بشكل خاص بين الحكومتين المتنافستين، أغلب إنتاج النفط الليبي، منتصف أبريل الماضي، بعدما أغلق زعماء قبائل في شرق وجنوب البلاد حقول وموانئ نفطية رئيسية، اعتراضاً على مواصلة رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد الدبيبة في منصبه، وعدم تسليمه السلطة للحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، وللمطالبة بتجميد إيرادات النفط وحمايتها من الفساد، إلى حين التوافق حيال توزيعها بشكل عادل على جميع الأقاليم الليبية.
اقرأ أيضاً: مقترح لكسر الجمود وتجاوز الانسداد الدستوري في ليبيا
وفقدت البلاد نحو 50% من إنتاجها الذي يبلغ في الأوقات العادية مليون و200 ألف برميل يوميا، إذ ذكر المكتب الإعلامي للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، في العشرين من أبريل، إن ليبيا تخسر أكثر من 550 ألف برميل يومياً من إنتاج النفط نتيجة الحصار المضروب على حقول ومرافئ تصدير رئيسية، كما، تسبب الحصار الذي ضربته جماعات في جنوب وشرق ليبيا بسبب مطالب سياسية، في إعلان المؤسسة حالة القوة القاهرة على الإنتاج من عدة حقول ومرافئ رئيسية.
خسائر النفط
وفد أعلن وزير النفط الليبي محمد عون، في الواحد والعشرين من أبريل، إن خسائر ليبيا جراء إغلاق عدد من حقول النفط تتراوح بين 50 إلى 70 مليون دولار يومياً، مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية الأخيرة خفضت إنتاج النفط بنحو 400 ألف برميل يوميا، بعد أن كان نحو 1.2 مليون برميل نفط خام يومياً، ونحو 2.5 مليار برميل غاز، وأضاف: "شكلنا لجنة لإعداد تقرير تفصيلي عن تأثيرات إغلاق حقول النفط في الاقتصاد المحلي وحياة الأفراد".
وأوضح أن "الحكومة الليبية قد وضعت خطة لأن يصل الإنتاج بحلول نهاية العام إلى 1.4 مليون برميل يوميا"، مردفاً أن ليبيا لا تزال مستثناة من اتفاقية "أوبك+" ولم تصل بعد إلى حصص الإنتاج المحددة، مطالبأ بـ"عدم الزج بقطاع النفط في الخصومات السياسية باعتباره الثروة الوحيدة للبلاد"، وداعياً المسؤولين لـ"عدم الموافقة على دخول الإنتاج النفطي في المساومات السياسية".
اقرأ أيضاً: القاهرة تجري اتصالات مكثفة.. لوقف التصعيد العسكري بليبيا
وهي دعوة ساندتها المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني وليامز، التي طالبت رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا، في الثاني والعشرين من أبريل، إلى ضرورة النأي عن استخدام النفط الليبي سلاحاً لأغراض سياسية، وتوزيعه بعدل، قائلةً إنها دعت، في اتصال هاتفي مع باشاغا، إلى إنهاء إغلاق النفط، وشددت على ضرورة الحفاظ على الهدوء التام على الأرض في ظل تزايد الاستقطاب السياسي في البلاد.
وأضافت وليامز، حسب صفحة البعثة في "فيسبوك"، أنها تفاهمت مع باشاغا على "أن عائدات النفط، التي تعد بمثابة شريان الحياة للشعب الليبي، يجب أن تدار بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة بالكامل وأن يتم توزيعها بشكل منصف بين جميع الليبيين"، بينما ذكر باشاغا عبر حسابه في "تويتر" أنه ناقش مع المبعوثة الأممية "نتائج مشاورات اللجنة المكلفة بإعداد إطار دستوري توافقي يحدد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية"، وأضاف أنه أكد "على ضرورة التوزيع العادل والإدارة الشفافة لعائدات النفط، حتى لا تستخدم لأغراض سياسية، مضيفاً أن الحكومة خلال اجتماعها في سبها، قررت زيارة الحقول النفطية والوقوف على أسباب الإغلاقات ومعالجتها".
المرافق النفطية ساحات للمواجهات المسلحة
لكن النفط ومرافق إنتاجه، لم تكن ساحةً للمواجهات السياسية فحسب، بل أيضاً العسكرية منها، إذ قالت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، في بيان بتاريخ الرابع والعشرين من أبريل، إن مصفاة الزاوية النفطية تعرضت إلى أضرار متفاوتة بسبب اشتباكات مسلحة، وأضاف البيان أن الإحصاءات الأولية تشير إلى تضرر 29 موقعاً من ضمنها خزانات المشتقات النفطية وخزانات أخرى متعددة وأن فرق الصيانة بالشركة، ما زالت تقوم بأعمال التقييم والحصر والمعالجة حتى اللحظة.
اقرأ أيضاً: مرتزقة ليبيا إلى تونس.. ما علاقة إخوان الجزائر؟
وطالبت المؤسسة الوطنية للنفط جميع الأطراف بضرورة ضبط النفس وإبعاد المنشآت النفطية عن أي أعمال مسلحة من شأنها أن تعرض حياة العاملين للخطر وتضر بالبنية التحتية لقطاع النفط المتهالك أصلا، موضحةً أن مجمع الزاوية النفطي قد تعرض إلى أضرار جسيمة ومتكررة نتيجة الاشتباكات المسلحة التي حدثت بجواره خلال السنوات الماضية، الأمر الذي أدى ولا زال يؤدى إلى تعريض حياة المستخدمين للخطر ويهدد سلامة العمليات وسلامة الأصول والمنشآت.
باشاغا يستجيب
وفي إطار محاولاته لتحييد المؤسسات النفطية عن صراعه مع حكومة عبد الحميد الدبيبة المتشبثة بالسلطة والرافضة لتسليمها رغم منح البرلمان الليبي الثقة لفتحي باشاغا، فقد دعا الأخير، بعد زيارته لمنطقة الهلال النفطي، في الرابع والعشرين من أبريل، لاستئناف تصدير النفط وفق آليات قانونية منضبطة، تضمن نزاهة وشفافية إدارة الإيرادات بشكل عادل لكل الليبيين، وقال باشاغا عبر حسابه على "تويتر": "التقيت بأهالي منطقة الهلال النفطي، واستمعت إلى مشاكلهم وما يعانونه من تهميش وظلم وتردي مستوى المعيشة والخدمات لديهم".
وأضاف: "رغم وجاهة المخاوف والحرص على عدم التصرف في إيرادات النفط بشكل مخالف للقانون، إلا أننا طالبنا وبوضوح بضرورة استئناف تصدير النفط وفق آليات قانونية منضبطة تضمن نزاهة وشفافية إدارة الإيرادات النفطية بشكل عادل لكل الليبيين"، حيث يتهم عبد الحميد الدبيبة بتبديد عائدات النفط على مليشيات موالية له، بقصد كسب ولائها، ولحماية رئاسته للحكومة في طرابلس، ومنع باشاغا من دخول العاصمة.
اقرأ أيضاً: ليبيا.. توافق بين البرلمان ومجلس الدولة بشأن الاستحقاق الدستوري
وبالصدد، دعت الولايات المتحدة القادة الليبيين إلى العمل على إنهاء إغلاق المنشآت النفطية في بلادهم "على الفور"، واعتبرت في السابع والعشرين من أبريل، أن وقف الإنتاج إجراء متسرع يضر بالليبيين ويقوض الثقة الدولية في ليبيا بصفتها فاعلة في الاقتصاد العالمي، كما أوضحت السفارة الأمريكية في طرابلس في بيان، أن واشنطن "تشعر بقلق عميق من استمرار إغلاق النفط، الأمر الذي يحرم الليبيين من عائدات كبيرة، ويساهم في زيادة الأسعار، ويمكن أن يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، ومشكلات في إمدادات المياه، ونقص في الوقود".
الليبيون يرفضون
لكن الليبيين بقوا مصرين على اتخاذ الخطوات التي قد تكفل حقوقهم، وتمنع حكومة الدبيبة من التصرف بعائدات النفط بشكل يحافظ به على سلطاته فحسب، إذ أعلن ممثلون عن قبائل وأعيان ونشطاء منطقة الهلال النفطي في المنطقة الوسطى بليبيا، في الحادي عشر من مايو، عن استمرارهم في إغلاق الحقول والموانئ النفطية إلى حين تلبية مطالبهم.
وقال الممثلون في بيان: "نحن قبائل وأعيان ونشطاء وسكان منطقة الهلال النفطي، نؤكد على ما صدر منا من البيانات السابقة بتاريخ 13 أبريل 2022، في كل من حقل النافورة، والزويتينية، والبريقة، وجالو، بشأن إغلاق الموانئ النفطية وإيقاف تصدير النفط حتى تتم تلبية جميع مطالبنا".
اقرأ أيضاً: في ليبيا.. المنفي والمشري يدعمان توحيد العملية السياسية
بينما أعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح في الرابع عشر من مايو، عن تجميد إيرادات النفط بمصرف ليبيا الخارجي، حتى وضع ضمانات وآلية لاستفادة كل الليبيين من هذا الدخل بما يحقق العدالة والمساواة للجميع، موضحاً في بيان أن هذا الإجراء "يهدف للحفاظ على مصلحة الليبيين ولضمان الاستفادة من ارتفاع سعر النفط في الوقت الحالي، مما يتطلب الاستمرار في ضخ النفط ولضمان انتظام عمل المنشآت الحيوية وحمايتها من العبث والفساد وإهدار المال العام".
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!