-
قوارب الموت تلتهم آلاف طالبي اللجوء السوريين
-
أجهزة النظام الأمنية اعتقلت الشبان الناجين بحجة أنهم "مطلوبون أمنياً وللخدمة الإلزامية"
منذ عام 2014 والغرق أحد أشكال الموت التي يتوفى عليها السوريون بشكل جماعي، فالقوارب التي يجب أن تقلهم نحو حياة أفضل، تحمل أضعاف قدرتها، وفي الغالب لا تضمن لهم العيش بعد مضي كيلومترات قليلة، وما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وتدهور اقتصادات دول عديدة تعتمد على الطاقة والحبوب المستوردة من البلدين، صار خيار الهجرة عبر البحار أو أي طريق آخر لا مفر منه، خصوصاً السوريين الذي يقيمون في دول جوار سوريا.
وحتى نكون أكثر إنصافاً، ليست الحرب في أوكرانيا وحدها هي من فرضت على السوريين في الأشهر الأخيرة السفر وركوب البحر سعياً لحياة أفضل واستقرار مستدام، بل هناك عوامل ذاتية وموضوعية فُرضت عليهم بشكل أو بآخر.
عنصرية الجوار
لا يكاد أن يمضي أسبوع إلا ويقتل سوري بسبب العنصرية المستفحلة في تركيا أو لبنان تجاه السوريين، ومن لا يموت قتلاً في هذين البلدين، يموت وهو يعبر حدودهما البحرية إلى الدول المتوسطية الأوروبية. كان آخرها غرق القارب المتجه من لبنان إلى قبرص بالقرب من شاطئ مدينة طرطوس الساحلية في سوريا. والمفارقة أن السوريين الذين كانوا في القارب، لو كانوا يريدون أن يموتوا في بلدهم الأم سوريا، لما ركبوا البحر -هم وأبناؤهم- ليلقوا حتفهم على شواطئها التي حرموا منها بسبب الحرب التي فرضتها السلطة على الشعب وجاءت بالمليشيات الطائفية لتقتل وتفتك بهم براً وجواً.
اقرأ المزيد: العنصرية التركية لم تتوقف عند حاجز السوريين.. بل تعدتهم لتشمل الدول واللغة العربية
هذا وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن النظام السوري، أن عدد الضحايا الذين انتُشلت جثامينهم من البحر قبالة ساحل طرطوس تجاوز الـ 100 شخص، في حين استقر عدد الناجين عند 20 ولا أمل بإنقاذ أي جديد بعد أن مضى على غرق المركب خمسة أيام.
وكان القارب انطلق من المنية شمالي لبنان منذ عدة أيام بقصد الهجرة إلى أوروبا، وعلى متنه ما بين 120 و150 شخصاً من عدة جنسيات، وغرق قرب سواحل جزيرة أرواد بمحافظة طرطوس.
اعتقال الناجين
أشار تقرير صادر عن "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، أنّ الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد اعتقلت عدداً من الشبان السوريين والفلسطينيين الناجين من حادثة غرق المركب قبالة سواحل محافظة طرطوس.
ونقلت "مجموعة العمل" عن مصادر مطلعة، أنّ أجهزة النظام الأمنية اعتقلت الشبان بحجة أنهم "مطلوبون أمنياً وللخدمة الإلزامية"، في حين لم يتسنَّ للمجموعة التأكد من أسماء وهوية المعتقلين.
وتحدّثت شبكة "شاهد عيان حلب" المعنية بنقل أخبار اللاجئين السوريين عن معلومات مؤكدة وصلت لها من داخل "مستشفى الباسل" في طرطوس تفيد بأن أجهزة النظام الأمنية اعتقلت ناجين من حادثة غرق القارب في طرطوس بعضهم من الجنسية الفلسطينية.
وفي ذات السياق، حذّر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد الفائت، من الخطر المحدق ببعض الناجين من "مركب الموت" على اعتبار أنهم مطلوبون للنظام في سوريا، وكانوا يقيمون ضمن الأراضي اللبنانية، ويطالب الجهات الدولية بالتدخل ومتابعة أمرهم.
ومن جانبها، نبهت "مجموعة الإنقاذ الموحد" المتخصصة باستلام نداءات الاستغاثة من المهاجرين الذين يلجؤون إلى دول الاتحاد الأوروبي، من المصير الخطير الذي يمكن أن يهدد حياة بعض الناجين من المركب اللبناني الغارق قبالة سواحل طرطوس.
وأظهرت المجموعة في منشور لها على صفحتها الرسمية في فيسبوك، مخاوفها من قيام الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، باعتقال وتعذيب الناجين من حادث انقلاب قارب المهاجرين، ولا سيما أنّ أغلبهم من اللاجئين السوريين بلبنان الذين فضّلوا البحر ومواجهة الموت على العودة إلى بلادهم.
منظمات دولية تعلّق على الحادثة
وتعليقاً على هذه الحادثة، قال أنطونيو فيتورينو، المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، أن أولئك الذين يبحثون ببساطة عن الأمان "لا ينبغي إجبارهم على القيام برحلات هجرة محفوفة بالمخاطر ومميتة في كثير من الأحيان".
ودعا فيتورينو "المجتمع الدولي إلى التضامن الكامل للمساعدة في تحسين ظروف النازحين قسراً والمجتمعات المضيفة في الشرق الأوسط، لا سيما في البلدان المجاورة لسوريا".
وأضاف المدير العام للمنظمة الدولية "يجب علينا أن نفعل المزيد لتقديم مستقبل أفضل ومعالجة الشعور باليأس في لبنان وفي جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك بين لاجئي فلسطين".
اقرأ أيضا: النظام يعتقل ناجين من حادثة غرق "مركب الموت" قبالة سواحل طرطوس
ومع ذلك، تزعم الوكالات الدولية أنّه من الأهمية بمكان اتخاذ إجراء لمعالجة الأسباب الجذرية لحركات الهجرة واللجوء، وعلى المجتمع الدولي اتخاذ خطوات بما يتماشى مع مبدأ تقاسم المسؤولية، لتعزيز الوصول إلى مسارات بديلة أكثر أماناً. وإذا تعذر ذلك، سيستمر طالبو اللجوء والمهاجرون والنازحين داخلياً في القيام برحلات خطرة بحثاً عن الأمان والحماية وحياة أفضل.
وفي نفس الصدد، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في بيان أصدرته، يوم الخميس، الفائت، إن المأساة "وتلك التي سبقتها تذكير قاسي بأن العمل الجماعي مطلوب بشكل عاجل لمنع الأسر من الموت في البحر".
وسبق أن ذكر تقرير حركة الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط أن 1838 مهاجراً ماتوا أو اختفوا في البحر عام 2021، بمعدل 5 وفيات يومياً. ويمثل الرقم زيادة بنحو 20٪ مقارنة بعام 2020 عندما كان العدد 1448.
ومن باب الصدفة، أن يكون شهر سبتمبر من العام الماضي، من أكثر الشهور ابتلاعاً للمهاجرين كما هو الحال في سبتمبر الجاري من هذا العام، فقد كان أعلى معدل للوافدين على الشواطئ الأوروبية - أكثر من 16000 شخص.
وقالت باحثة الهجرة واللجوء في الأورومتوسطي، ميشيلا بوجليس: "تنذر هذه السياسات الأوروبية المشددة بارتفاع كبير في عدد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين تُركوا ليموتوا بعيداً عن دائرة الضوء".
ومما لا شك فيه أن ما تمرّ به دول عديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينذر بمزيد من موجات اللجوء إلى القارة الأوروبية وهو ما يستدعي تحركاً عاجلاً من قبل المنظمات الدولية لتأمين وصول المهاجرين بأمن وسلامة، لا سيما ونحن على أبواب فصل الشتاء وتغير للمناخ قد يودي بحياة المئات ويكون موسم شتاء قاسٍ على الإنسانية بالتهام البحور الكثير من طالبي اللجوء.
ليفانت – خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!