الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
كورونا و الجائحة الإعلامية!
كورونا والجائحة الإعلامية

مع انتشار وتمدّد رقعة كورنا عالمياً، تشهد وسائل الإعلام وبكافة أشكالها هجوماً وتنافساً محموماً تشنّه على المجتمعات البشرية وبكل أنحاء العالم. فتباين الآراء والتقارير واختلاط المعرفة بالوعي الشعبي سبّب رعباً وهلعاً يقضّ مضاجع الجميع دون استثناء، ومنتزعاً منهم العامل الأهم للشفاء والتعافي في حال التعرّض للمرض ألا وهو الطمأنينة، وبنفس الوقت المزيد من القلق والإرباك ونقص الحصانة للمنتظرين والمترقبين والكلّ ينتظر. كورونا و الجائحة


بدون شك، جائحة كورونا المستجد Corona Covid-19 تشكل خطراً عالمياً على كل سكان المعمورة، وتزداد اللوحة سوداً وقتامةً بسبب هذا الضخّ المستمرّ للإحصاءات اللحظية لأعداد الداخلين الجدد إلى قوائم المصابين وأعداد الوفيات المتزايد باستمرار حول العالم، ما استلزم تخصيص الجزء الرئيسي من مؤتمر قمة الدول العشرين في العالم، والتي عقدت افتراضياً لتجنب اللقاء المباشر، ومحاولة تشاركها جميعاً في إيجاد حلول راهنة وأخرى بديلة، وضخ مالي لتدارك الكارثة!


لكن، في الجهة المقابلة، فقد أعطى الفضاء الأزرق المفتوح الإمكانية للجميع كي يجدوا منابراً يدلون من خلالها بآرائهم حول مايجري في العالم حاليا، وهذا أمر طبيعي ويحدث كتفاعل مع الحدث. لكن عندما يتعلق الأمر بموضوع له علاقة بالوجود البشري برمته وسلامته، فلا رأي قاطع فيه إلا للمختصين وذوو الخبرة والمسؤولية، وعليه يجب كشف المتسلقين ومدعي المعرفة وهم كثر للأسف، غاياتهم تتراوح بين الشهرة والمال أو كليهما! فحادثة من ادّعى أنه يحمل شهادة الدكتوراه من ألمانيا ومتخصّص في الأبحاث الفيروسية المدعو "مجد بريك هنيدي" خير دليل على استغلال الحدث بشكل لا أخلاقي للوصول للشهرة التي لم يستطع أن يصلها بجهد وعلم حقيقي.


متابعي صفحة "بريك" على شبكة الإنترنت قرابة الخمسة آلاف شخص، يتابعون ماينشر على أنّها أبحاثه بخصوص فيروس كورونا، وبغض النظر إن كان ماينشره نافعاً لمتابعيه أو ضاراً، يكفينا هنا أن من يقوم بهذا الفعل المزيف وغير الموثق واللامسؤول له نتائج سلبية وقد تكون كارثية أيضاَ. فلقد دحضت الباحثة الدكتورة ميلاني كونراد، مديرة "مخبركونراد" الألمانية _الذي ذكر أنه حصل على شهادة الدكتوراه منها_ ادعائه بنيل درجة الدكتوراه، وبينت أنهم تعاقدوا معه لخمسة أشهر، بعد قدومه من روسيا عبر تركيا، ومن ثم لم يجددوا عقده بسبب عدم كفاءته، وكان ذلك في عام 2017، وما يقدمه اليوم يعتبر غير قانوني وغير شرعي غرضه الشهرة فقط.


الأغرب من ذلك، والمثير للتساؤل، هو أن تقوم صحيفة رسمية كصحيفة تشرين السورية بإجراء لقاء مطول معه حول الفايروس وأخطاره بصفته دكتور وباحث في هذا المجال، ما يجعلنا نفتح السؤال مجدداً لا عن الخبرات وفقط في هذا المجال، بل أيضاً عن المسؤولية ودور الحكومات وصحافتها الرسمية في مكافحة الوباء.


لن نتوقف كثيرا حول وضع الإعلام الرسمي السوري ومصداقيتة، فهو غني عن التعريف بترويجه لسياسات سلطة النظام وادعائه المتكرر أن لاشيء بسوريا سوى الإرهاب والممانعة والمقاومة والمؤامرة، وسلسلة منها لم تنتهي لليوم ودمار البلد قائم على مرأى من العالم، وسورية قد تذهب بشكل كارثي لانفجار كوروني حسبما تحذر منظمة الصحة العالمية.

هل كان من البديهي أن تتأكد صحيفة تشرين، على الأقل، أن محاورهم فعلا دكتور كما يدعي؟ فنشر أي معلومة تتعلق بصحة الإنسان أمر أخلاقي قبل كل شيء ولايجوز التهاون به، لأنّه سيعرّض الجميع للخطر بمن فيهم القائمين على الجريدة، ولكن لا نظنهم يمتلكون إجابة!. كورونا و الجائحة


لقد عايش السوريون كل حالات التشبيح والتعفيش وفي كل المجالات ونواحي الحياة، ولكن عندما يطال الجانب المعرفي والعلمي، وبالأخصّ الطبي المتعلق بحياة الإنسان، في مثل هذه الحالة يفرغ المعجم اللغوي ولاتجد الكلام للتوصيف، وتقف حائراً مرة أخرى: هل جائحة كورونا بيولوجية فقط، أم ثمّة جائحة سياسية إعلامية إن لم تكن أشد خطراً من هذا الفيروس، لكنها توازيها فتكاً اخلاقياً ومعيارياً وربما تكون من أهم العوامل المساعدة على انتشاره كجائحة في بلد لا يملك اليوم لا مقومات الاقتصاد ولا الصحة ولا الشفافية، وكل ما يملكه فقط ترديد كلمة مؤامرة، مؤامرة، وسيان أن يستطع المواطن أن يؤمّن شروط وقايته وحمايته من الفيروس حتى يعرف كيف يتصدى للمؤامرةالمزعومة.


 


ليفانت - سلامة خليل

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!