الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
كيف تجاوز قاسم سليماني
قاسم سليماني

كان لافتاً أن خاتمه ظل سليماً رغم تأكيد الأنباء  تناثر جسده إلى أشلاء، فلم يعد قاسم سليماني، الرجل الذي كان يثير فزع كثيرين خاصةً من أنصاره موجوداً، ولم يعد معها مهندس التوسع الفارسي في المحيط العربي حياً، فقد ولى عهده عقب غارة جوية أمريكية بطائرة مسيّرة، لتعلن أفول عهده إلى غير رجعة، وهو حدث أكبر من مقتل شخص، بقدر ما هي قصمٌ لظهر إيران خارجها.


حظر سفر أممي..


سليماني الذي قتل في بغداد، كان قادماً من دمشق، عقب زيارة بيروت، رغم أنه قد تمت المصادقة على تصنيفه ضمن قائمة العقوبات بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231، بأن يخضع لحظر سفر مفروضاً من قبل الأمم المتحدة، لكن كل ذلك لا قيمة له، أمام السطوة التي صنعها لنفسه، حتى تجرئ قائدٌ ضمن مليشياته في فيلق القدس على الاعتراف باستخدام الطيران المدني لنقل الجنود، بعد ان أدرجت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العديد من شركات خطوط الطيران الإيراني على قائمة عقوبات، وجاء ذلك خلال حديث "نصرت الله بور حسيني" أحد قادة قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا، إلى وكالة "مهر" شبه الرسمية الإيرانية في التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي، حيث قال إن " طائرات شركة "ماهان " العملاقة كانت تساعدنا في نقل القوات إلى سوريا بالرغم من أن مطار دمشق كان تحت القصف"، وأضاف بور حسيني أن "إيران تدعم كل دولة لديها معاهدة صداقة معها".


سليماني والمظاهرات العراقية..


وعقب خروج آلاف العراقيين إلى الشوارع نهاية أكتوبر، في موجة ثانية من الاحتجاجات ضد الحكومة وما يصفونها بالنخبة الحاكمة الفاسدة، حيث بلغ عدد القتلى 250 شخصاً على الأقل منذ موجة الاضطرابات الأكبر، وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، فقد لعبت إيران دوراً محورياً في قمع الاحتجاجات في العراق، التي راح ضحيتها العشرات من العراقيين، وبعد يوم على اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق، مطلع أكتوبر الماضي، توجه الجنرال الإيراني قاسم سليماني، جواً إلى بغداد في وقت متأخر من الليل، واستقل سليماني طائرة مروحية من أجل الوصول إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط العاصمة العراقية، حيث فاجأ مجموعة من كبار مسؤولي الأمن بترأسه اجتماعاً ليحل محل رئيس الوزراء، بحسب "أسوشيتد برس".


وقال سليماني لمسؤولين عراقيين: "نحن في إيران نعرف كيفية التعامل مع الاحتجاجات"، وفقاً لمسؤولين اثنين كبار مطلعين على الاجتماع تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما كونهما يتحدثان عن فحوى اجتماع سري، وأضاف سليماني حينها: "لقد حدث هذا في إيران وسيطرنا عليه".


مليار دولار لدعم الإرهاب..


ويبدو أن التدخلات الإيرانية في عموم المنطقة قد دفعت وزارة الخارجية الأميركية، في تقرير صادر عنها في الأول من نوفمبر، للتأكيد على أن إيران ما زالت أسوأ دولة راعية للإرهاب في العالم، من خلال دعم عدة جماعات متشددة، وأورد التقرير الأميركي حول الإرهاب في  العام 2018، أن النظام الإيراني أنفق نحو مليار دولار لدعم وكلائه من الجماعات الإرهابية.


وأشار التقرير الذي جرى تقديمه في واشنطن، إلى دعم إيران لجماعات إرهابية مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، مشدداً على أهمية العقوبات التي جرى فرضها على إيران، عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، في مايو 2018، بسبب تمادي طهران في سلوكها المزعزع للاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، وأضافت الخارجية الأميركية أنه "على الرغم من جهود الحكومة اللبنانية الرسمية بالنأي بنفسها عن النزاعات الإقليمية، واصل حزب الله دوره العسكري في العراق وسوريا واليمن".


وفي تدوينة على حسابه الرسمي على "تويتر"، قال وزير الخارجية الأميركي ​مايك بومبيو في الثاني من نوفمبر​، إن الهدف من فرض العقوبات المالية، على إيران، هو حماية العالم منها، مشيراً إلى أنها تسيء استخدام الأموال، التي تصل إليها، وكتب: "ترحب الولايات المتحدة الأمريكية، بما قامت به مجموعة العمل المالي الدولية "إف إيه تي إف"، بفرض إجراءات إضافية لحماية العالم من إيران"، وأضاف: "النظام لا يريد أن يرى العالم، كيف يساء استخدام الأموال في إيران"، مشيراً إلى أن طهران يجب أن تنصاع لاتفاقية باليرومو، واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب "تي إف".


الإيرانيون يطالبون بالكف عن التدخل..


وإثر قيام السلطات الإيرانية في الخامس عشر من نوفمبر، بتقنين توزيع البنزين ورفعت أسعاره، خرجت تظاهرات حاشدة في عدد من المدن الايرانية كـ طهران وشيراز وأصفهان وتبريز، احتجاجاً على الزيادة، فيما أصدر "مهدي عقبائي" عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيراني، تصريحاً بشأن المظاهرات في مختلف المدن الإيرانية بعد زيادة سعر البنزين، قال فيه إن لا حلّ للمساوى التي حلّت بالشعب الإيراني والحروب والإرهاب ضد شعوب المنطقه إلا بإسقاط نظام ولاية الفقيه، وأشار عقبائي للمظاهرات الإيرانية بالقول: "مساء اليوم احتشد الأهالي في مدينة مشهد ثاني أكبر مدينة إيرانية علي الطريق السريع «وكيل آباد» وقاموا بسدّ الطريق بسياراتهم وهتفوا بشعارات «اخجل أيها الدكتاتور واترك السلطة»، و«اخجل روحاني واترك البلد»، و«الموت لروحاني». وكتبوا لافتات بشعار«لن أشتري البنزين بعد ذلك»"، قائلاً: "هؤلاء ينهبون ثروات الشعب ويبددونها في تأجيج الحروب وتصدير الإرهاب والمشاريع النووية والصاروخية ضد مصالح الشعب الإيراني وشعوب المنطقة"، وهو ما يبدو أن الشعب الإيراني قد تيقنه، إذ كشف مقطع فيديو لمتظاهرين إيرانيين، في السادس عشر من نوفمبر، وهم يهتفون ضد تدخلات نظام طهران في شؤون المنطقة، وصاح المتظاهرون في مظاهراتهم منادين بشعار "لا غزة لا لبنان.. روحي فدا إيران".


سليماني يُحدد السياسات..


فيما فضحت صحيفة "نيويورك تايمز" The New York Times الأميركية، في الثامن عشر من نوفمبر، تقارير استخباراتية إيرانية مسربة عن مخطط إيران للنفوذ الإقليمي، تؤكد هيمنة إيران على العراق، والتي ترسخت من خريف 2014، مبينةً كيف تفوقت إيران على الولايات المتحدة في العراق، عبر تجنيد طهران عملاء "سي آي أيه" CIA سابقين عقب الانسحاب الأميركي من العراق، كما جندت مسؤولاً بالخارجية الأميركية لمدها بخطط واشنطن في العراق، مضيفةً أن الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، اشترط الإطاحة بنوري المالكي لتجديد الدعم العسكري للعراق.


وأعتمدت معلومات الصحيفة على الوثائق التي كتبها ضباط وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية في عامي 2014 و2015، قائلةً إن التقارير الإيرانية المسربة تؤكد زيارة قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، للعراق لدعم رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، وأن سليماني يحدد سياسات إيران في لبنان وسوريا والعراق، وأردفت الصحيفة الأمريكية أن الوجود الإيراني لم يغب عن مطار بغداد، وأن جواسيس إيران بمطار بغداد راقبوا الجنود الأميركيين ورحلات التحالف الدولي لمحاربة "داعش".


مشيرةً أن سفراء إيران في لبنان وسوريا والعراق من الرتب العليا للحرس الثوري، مؤكدة أن مسؤولين عراقيين سياسيين وأمنيين وعسكريين أقاموا علاقات سرية مع إيران، مشيرة إلى أن إيران ركزت على تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق، وأن وزير الداخلية العراقي السابق، بيان جبر، من أبرز المسؤولين المقربين من إيران، وكشفت الوثائق أن إيران تعتبر مراقبة النشاط الأميركي في العراق ضرورة لبقائها وأمنها القومي، مشددة على أن جواسيس إيران متغلغلون في جنوب العراق، وأردفت "نيويورك تايمز" في تقريرها إلى أن إيران تحرص على إرسال طلابها إلى الحوزات الدينية بالعراق، كما تحرص إيران على بناء الفنادق في كربلاء والنجف، كما أشارت إلى أن عمليات التطهير في جرف الصخر نفذتها ميليشيات تابعة لإيران.


توقع أمريكي بفعل إيراني غير مسؤول..


واستشعر الأمريكيون بخطر إيراني داهم، إذ قالت وسائل إعلام نقلاً عن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، في الثالث من ديسمبر الماضي، أن أدلة جديدة عن تهديد إيراني للقوات والمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، قد وجدت، وأشارت وسائل إعلام عن الوزارة قولها إن إيران حركت قوات وأسلحة بشكل يثير مخاوف الولايات المتحدة من هجوم محتمل إذا أمر النظام الإيراني به، فيما أكدت على أنه لا توجد أدلة على وجود تهديد إيراني لمسؤولين أميركيين، فيما نوهت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مسؤول في إدارة ترامب أنه "ليس من الواضح ما إذا كان التهديد المحتمل سيأتي من الحكومة المركزية أو الحرس الثوري الإيراني".


وصرّح قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال كينيث ماكنزي: "أتوقع أنه إذا نظرنا إلى الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية ، فمن المحتمل أن يفعلوا شيئاً غير مسؤول"، وشددت الولايات المتحدة أن الإيرانيين قاموا بالعديد من الاستفزازات ضد الشحن التجاري في الخليج في وقت سابق من هذا العام، وكانوا أيضاً مسؤولين عن هجوم ضخم بطائرات بدون طيار على البنية التحتية للنفط في السعودية، وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر منذ أسابيع عدة، إن "الإدارة مسرورة لرؤية تراجع في الأعمال الإيرانية العلنية في المنطقة وإن الإدارة أرادت أن ترسل إشارة بأن الطريق إلى الأمام عبر الدبلوماسية لكن الجيش على استعداد للعمل حسب الحاجة".


مُصادرة أسلحة إيرانية..


وفي سياق دورها المشبوه القائم على تمويل وتسليح المليشيات، أكد مسؤولون أمريكيون في الخامس من ديسمبر،  تمكن بارجة تابعة للبحرية الأمريكية من مُصادرة أجزاء متطورة من صواريخ يعتقد بأنها تعود لإيران من قارب أوقفته في بحر العرب، وشددت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في بيان أن بارجة أمريكية عثرت في 25 نوفمبر تشرين الثاني، على ”مكونات صواريخ متقدمة“ على متن سفينة غير معلومة الهوية وأن تحقيقاً أولياً يشير إلى أن الأجزاء مصدرها إيراني، وصرّح مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن ثمة مؤشرات على احتمال قيام إيران بأعمال عدائية في المستقبل وسط تصاعد للتوتر بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.


وأشار جون رود، ثالث أكبر مسؤول في البنتاغون، للصحفيين ”وما زلنا أيضاً نرى مؤشرات، ولأسباب واضحة لن أخوض في تفاصيلها، على إمكانية شن عدوان إيراني“، متابعاً: ”أرسلنا إشارات واضحة وصريحة للغاية إلى الحكومة الإيرانية عن تداعيات العدوان المحتملة“، ونوه مسؤولان أمريكيان طلبا عدم الكشف عن هويتهما إن ثمة معلومات مخابرات خلال الشهر المنصرم تشير إلى أن إيران تحرك قوات وأسلحة في المنطقة.


سليماني يختار رئيس الوزراء..


ولطالما تعامل سليماني مع البلاد التي يمتلك مليشيات فيها على أنها حديقة خلفية لـ إيران، وصرّح حول ذلك مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط ديفيد شنكر في السابع من ديسمبر، إن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني "لديه سجل في انتهاك السيادة العراقية، وهو موجود في بغداد لاختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل، وهذا أمر مرفوض".


ونوه إلى أن "سليماني ينتهك حظر السفر المفروض عليه من قبل مجلس الأمن"، كما أوضح أن واشنطن لا تملك الصلاحيات لاعتقال سليماني في العراق، وتابع: "بإمكان الحكومة العراقية اعتقال قاسم سليماني حسب قرار من مجلس الأمن"، وأشار أن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية على أربعة مسؤولين عراقيين متهمين بقتل المتظاهرين أو بالفساد هي "رسالة موجّهة للحكومة العراقية ولإيران أيضاً".


وفنّد شنكر أي تدخل أميركي في الشأن العراقي أو اللبناني، قائلاً: "نحن لا نتدخل في شؤون العراق أو لبنان ولا نقرر من هو رئيس الوزراء المقبل، كما أننا لا نؤسس مليشيات أو منظمات إرهابية في العراق، إيران هي من تفعل ذلك"، وحذر شنكر من أن واشنطن قد تفرض مزيداً من العقوبات، بما في ذلك ضد مسؤولين حكوميين، وصرّح خلال مؤتمر صحافي في واشنطن، "نحض الجيران على عدم التدخل وتقويض دستور البلاد"، معتبراً أن تواجد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد "غير طبيعي ومشكلة ويشكل انتهاكًا كبيراً لسيادة العراق".


الخط الأحمر والقواعد الامريكية..


ويبدو أن الرسائل الأمريكية بضرورة الابتعاد عن العراق قد فهمت بشكل مقلوب من الجانب الإيراني، إذ لجئ إلى اتخاذ خطوات عسكرية ضد القواعد الأمريكية، حيث صرّح مسؤول عسكري أميركي كبير في الحادي عشر من ديسمبر الماضي، بإن الهجمات التي تشنها فصائل مسلحة مدعومة من إيران على قواعد عسكرية تستضيف قوات أميركية في العراق تتزايد وتصبح أكثر تعقيداً، مما يدفع بكل الأطراف نحو تصعيد خارج نطاق السيطرة.


وجاء ذاك التحذير عقب سقوط أربعة صواريخ كاتيوشا على قاعدة بالقرب من مطار بغداد الدولي، مما أدى إلى إصابة خمسة من أفراد جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وهو الأحدث في سلسلة هجمات صاروخية خلال الأسابيع الخمسة التي سبقت التصريح، استهدفت منشآت عسكرية تستضيف قوات تابعة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة والذي يهدف إلى إلحاق الهزيمة بمقاتلي داعش.


وكشف المسؤول الأميركي في حديث مع وكالة "رويترز" أن الهجمات تُعرّض قدرة التحالف على محاربة مقاتلي التنظيم للخطر، ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران، فيما تبادل الطرفان الاتهامات بخصوص هجمات على منشآت نفطية ومخازن أسلحة خاصة بالحشد الشعبي إضافةً لقواعد عسكرية تستضيف قوات أميركية، وأشار المسؤول الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه: "اعتدنا على النيران المزعجة، لكن وتيرة ذلك كانت تأتي عرضاً في السابق.. أما الآن فإن معدل التعقيد يتزايد، كما أن كمية الصواريخ التي يتم إطلاقها في الوابل الواحد تزيد، وهو أمر مقلق جداً لنا".


مضيفاً: "هناك نقطة ستُحدث أفعالهم عندها تغيراً على الأرض وتجعل من المرجح أكثر أن تتسبب بعض الأفعال والخيارات الأخرى التي يتخذها البعض، سواء كان هم أو نحن، في تصعيد غير مقصود"، ونوه المسؤول العسكري الأميركي أن الفصائل التي تسلحها إيران تقترب من الخط الأحمر الذي ترد عنده قوات التحالف بالقوة وعندها "لن تكون النتيجة محببة لأحد".


ورغم أنه لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن أي من تلك الهجمات، بيد أن المسؤول الأميركي أكد أن تحليلات المخابرات وخبراء الطب الشرعي ومعاينة الصواريخ وقاذفات الصواريخ أشارت إلى مسؤولية الحشد الشعبي المدعوم من إيران، لا سيما "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، موضحاً أن الحكومة العراقية لم تتخذ إجراء تجاه هذه الهجمات، وقال: "الأمر مقلق جداً بالنسبة لي.. أن نكون هدفاً لهجمات من عناصر يُفترض أنها تحت إمرة الحكومة العراقية كجزء من قواتها الأمنية"، وتابع أن فصائل مسلحة استخدمت شاحنة معدلة لإطلاق 17 صاروخاً على قاعدة القيارة العسكرية جنوبي الموصل في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مشيراً أن الهجوم لم يتسبب بسقوط قتلى أو بوقوع خسائر جسيمة، لكن تم اتباع هذا الأسلوب في هجمات على قاعدتي بلد وعين الأسد الجويتين الأسبوع الماضي، باستخدام صواريخ كبيرة بما يكفي للتسبب في ضرر بالغ بالمجمعات السكنية ومدارج الطائرات في عين الأسد.


تحذير أمريكي..


ونتيجة اقتراب إيران من الخط الأحمر الأمريكي، وجه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو تحذيراً إلى إيران في الثالث عشر من ديسمبر، من رد حاسم إذا تعرضت مصالح بلاده للأذى في العراق بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية على قواعد عسكرية، وأشار في بيان "يتعين علينا، اغتنام هذه الفرصة لتذكير قادة إيران بأن أي هجمات من جانبهم أو من ينوب عنهم من أي هوية تلحق أضراراً بالأمريكيين أو بحلفائنا أو بمصالحنا فسيتم الرد عليها بشكل حاسم"، منوهاً أن "وكلاء إيران نفذوا مؤخراً هجمات عدة على قواعد تؤوي قوات أمنية عراقية وطواقم من الولايات المتحدة والتحالف الدولي"، ومضيفاً: "يجب أن تحترم إيران سيادة جيرانها وأن تتوقف فوراً عن دعم الأطراف الثالثة في العراق وفي جميع أنحاء المنطقة".


دعوات أمريكية للرد..


ومع مواصلة إيران دعمها وتحريضها المسلحين التابعين لها في العراق على شن الهجمات ضد القوات والقواعد الأمريكية، وجه السيناتور الأمريكي توم كوتون عن الحزب الجمهوري في الثامن والعشرين من ديسمبر، دعوته إلى الرد بشكل حاسم على هجوم القاعدة الأمريكية في كركوك والذي أودى بحياة متعاقد أمريكي وإصابة جنود أمريكيين، ودون في تغريدة له على حسابه في تويتر: "إذا كان الدم الأمريكي تم سفكه من قبل مجموعة تدعمها إيران، يجب أن تواجه طهران عواقب سريعة وخيمة"، وذلك بالتزامن مع ما أعلنه التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، مساء السابع والعشرين من ديسمبر، عن مقتل أمريكي وإصابة عدد من العسكريين في هجوم صاروخي استهدف قاعدة عسكرية في كركوك شمال العراق، حيث اتهمت مصادر عسكرية أمريكية الميليشيات العراقية التابعة لإيران بالوقوف خلف الهجوم.


استنفار أمريكي..


ومع تصاعد المواجهة بين الطرفين، توجه وزيرا الدفاع والخارجية في الثلاثين من ديسمبر، إلى فلوريدا حيث يتواجد الرئيس دونالد ترامب، لإطلاعه على آخر المستجدات والضربات الجوية الأمريكية لمواقع قيل إنها "تابعة لإيران" في العراق، وأشار وزير الخارجية مايك بومبيو في مؤتمر صحفي إلى جانب وزير الدفاع مارك إسبر في منتجع مار لاجو في فلوريدا: "حضرنا لإطلاع الرئيس على الأحداث التي وقعت خلال الـ72 ساعة الماضية .. لن نترك إيران تقوم بأعمال تعرض الرجال والنساء الأمريكيين للخطر"، وأردف بومبيو أنه سيترك المجال للوزير إسبر للحديث عن الجوانب العسكرية، لكنه أراد توضيح سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بإيران.


بدوره قال إسبر: "استهدف البنتاغون خمسة مواقع في العراق وسوريا رداً على الهجوم الذي شنته مليشيا مدعومة من إيران على منشأة عراقية، والذي من شأنه تعريض القوات الأمريكية للخطر"، وتابع إسبر بأن الضربات كانت ناجحة وعاد الطيارون والطائرات إلى القاعدة بأمان، وأود أن أضيف أنه خلال لقائنا اليوم مع الرئيس، ناقشنا معه الخيارات الأخرى المتاحة، وأود أن أشير أيضاً إلى أننا سنتخذ الإجراءات الإضافية التي نراها ضرورية، ونؤكد أن تصرفنا كان دفاعاً عن النفس ولردع المزيد من التصرفات السيئة من قبل المليشيات أو من إيران".


ضربات أولية لوكلاء إيران..


ليأتي القرار الأمريكي حاسماً بالتصدي لأذرع إيران عندما اقتربت من الأمريكيين أنفسهم، حيث أفادت وسائل إعلام في العراق في الثلاثين من ديسمبر، بوقوع 66 قتيل في غارات أمريكية على قواعد لـ حزب الله العراقي، بينهم 41 إيراني و25 من عناصر الحشد الشعبي العراقي، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" قيام طائرات أمريكية بشن غارات على مقار لميليشيات حزب الله العراقي ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المقاتلين، من بينهم القيادي في الميليشيات، أبو علي الخزعلي معتبراً أن هذه الغارات تشكل ردّاً أولياً".


واستهدفت المقاتلات من نوع إف 15 الأمريكية وذلك وفق ما ذكر مصدر عسكري أميركي 5 قواعد تابعة لميليشيات حزب الله العراقي: 3 في الأنبار و2 في سوريا، وقال المتحدث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان في بيان إن هذه الضربات نفذت "رداً على هجمات متكررة لكتائب حزب الله (العراقي) على قواعد عراقية تضم قوات" أمريكية، مؤكداً "أنها ستضعف قدرات كتائب حزب الله على شن هجمات مستقبلاً على قوات التحالف"، وأفاد بيان للجيش الأمريكي أن المنشآت الخمس المستهدفة لحزب الله العراقي منها مخازن أسلحة ومواقع للقيادة والسيطرة.


أمريكا تلوم العراق..


ولم يقتصر الجواب الامريكي على الاستفزازات الإيرانية في العراق بضربات لوكلائها، بل وجهت واشنطن في الثلاثين من ديسمبر أيضاً، اتهاماً للسلطات العراقية بأنها لم تبذل الجهود اللازمة من أجل "حماية" مصالح الولايات المتحدة، وصرّح مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين في واشنطن: "لقد حذّرنا الحكومة العراقية مراراً، وتشاركنا معها المعلومات لمحاولة العمل معها للاضطلاع بمسؤوليتها عن حمايتنا بصفتنا ضيوفاً".


ونوه المسؤول بأن الجيش الأميركي والدبلوماسيين الأميركيين يتواجدون في العراق "بدعوة من الحكومة العراقية"، وأكد أن "من مسؤوليتها وواجبها أن تحمينا، وهي لم تتّخذ الخطوات المناسبة لذلك"، فيما قال وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو على حسابه في "تويتر": "تحدثت اليوم مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس في أعقاب الرد الأميركي على الهجمات الأخيرة في العراق. أوضحت أن عملنا الدفاعي كان يهدف إلى ردع إيران وحماية أرواح الأميركيين".


أمريكا تقرر وداع سليماني..


وبعد كل ذلك الأخذ والرد بين الجانب الأمريكي من جهة والإيراني من جهة أخرى، وعجز السلطات العراقية عن القيام بواجباتها وفق المنظور الأمريكي للقضية، أعلن التلفزيون الرسمي العراقي، فجر يوم الثالث من ديسمبر، مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، إلى جانب مقتل نائب رئيس ميلشيات الحشد الشعبي "أبو مهدي المهندس"، وذلك في قصف أمريكي، وذكر مسؤولون أميركيون لوكالة رويترز أن واشنطن قد نفذت ضربات ضد هدفين لهما صلة بإيران في بغداد.


ليطوي معها الأمريكيون سيرة سليماني التي ارهبت كثيرين خلال السنوات الماضية، عقب انتشار تنظيم داعش الإرهابي، وتمكن الأذرع الإيرانية من بسط نفوذها على مساحات شاسعة من عدة بلاد عربية، لا تزال تعاني من نار الطائفية والتشرذم المذهبي.


ليفانت-خاص


متابعة وإعداد: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!