الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
ليست كل ثورة حق!
0ea2cc34-58b3-4395-bfe2-dcfdc113780e

عماد شريتح - صحفي سوري


مجرد قراءة هذا العنوان سوف يدفع معتنقي الفكر (الثوري) إلى الدعوة لمحاربة كاتبه، وسيشارك شرعيُّ الفصائل المتطرفة وأتباعهم والمنتفعين منهم في إطلاق الأحكام (الشرعية) التي تفضي لتصفية دم من صاغ حروفه، وبل سوف يشمل الأمر كل الأفذاذ من عوام الناس والمشاركة أيضاً في إطلاق الأحكام العشوائية والاتهامات بالتخوين على وسائل التواصل الاجتماعية والتي كشفت عن ملايين السياسين والجهابذة والعلماء.


منذ (استقلال) سوريا عن الدولة العثمانية لم تنجح كل المحاولات في إرساء حكم ديمقراطي حقيقي يكفل الأمن والحرية وكرامة العيش للشعوب، و كل النظريات التي تدور حول عقد اجتماعي طبيعي ينظم حقوق الأفراد في المجتمع لم تجد طريقها أبداً.


تلك النقطة الزمنية هي الفاصلة لتاريخ المنطقة العربية الحديث، حيث استعان الشريف حسين بالجيش الأنكليزي للتخلص من الحكم العثماني عبر ثورة مسلحة انطلقت من الحجاز معلناً كما سميت بالثورة العربية الكبرى، وبعض الوثائق والمخطوطات كشفت عن تقنين المساعدات العسكرية الإنكليزية التي أخرت دخول القوات العربية لدمشق، والهدف إفساح المجال لفرنسا لترتيب أمورها وخططها في احتلال سوريا بعد ذلك عبر تفاهمات استعمارية بما يخص تقاسم المناطق العربية.


منذ ذلك الوقت لم نملك الوعي السياسي الحقيقي الذي يساعدنا في فهم طبيعة التحولات والصراعات والأهداف والاستراتيجيات التي تدور من حولنا، بل يصل الأمر إلى عدم تملّك حرية القرار بأبسط الأمور.


حتى في تاريخ سوريا المعاصر جميع (الثورات) أو الانقلابات المتتالية التي قام بها ضباط الجيش السوري كانت مدفوعة من قبل السفارات الأجنبية التي كانت موجودة، أو بعبارة أخرى كانوا هؤلاء عبارة عن سفراء لهم. بغية إحكام السيطرة على مقدرات البلاد. فالاستعمار، رغم معناه اللغوي المرتبط بحقبة تاريخية معينة والذي لم أجد مصطلح بديل عنه، ألهى شعوب المنطقة بقضية الأقطار المقسمة ونجح في جعل مفهوم الوطن ضمن بقعة جغرافية ضيقة، ومع مرور الوقت سوف ينجح بتضييق مفهوم الوطن لتصبح المحافظة أو العشيرة أو حتى الشارع هو الوطن المنشود وله فقط تبذل الدماء .




الثورة الحقيقبة تبدأ بتغيير هذا المفهوم، فالوطن بحسب المعطيات التاريخية قابلاً للتغيير بتوالي الأجيال والأحداث الاجتماعية والاقتصادية. والثورة الحقيقية هي الثورة التي تهدف إلى إعداد الفرد وتهيأته ليكون أساسياً في بناء الدولة الحضارية التي تكفل لأبنائها الأمان والكرامة والحرية .


عام2011 كان يجب أن يكون درساً مهماً لنا في مفهوم الثورة الحقيقية، التي يجب تكون ركيزة قوية في وجه التدخلات الخارجية ولو حتى أظهرت هذه التدخلات حسن النية كما حدث عند دخول أول اللاجئين السوريين للحدود التركية، فالعمليات القتالية عند الحدود أعطت الفرصة لتركيا لتحقيق مجدها في تزعّم المنطقة عبر فتح الحدود وتأمين المساعدات للفارين. و من هنا بدأ التدخل التركي في الشأن السوري الذي كان سبب الرئيسي في اقتطاع قسم كبير من شمال سوريا لصالحه.


ليس بالضرورة كل حركة أو اضطراب يمكن تسميتها ثورة وهذا ينطبق تماماً على كل دول المنطقة، فالأوروبين اجتمعوا خلال أيام وقرروا إنهاء النظام الليببي عبر تقديم التغطية النارية الجوية ( للثوار الليبين)، والتي جعلت من قصور النظام و منشأته ووزارته بنك أهدافهم.


فالأمر برمته أن النظام الليبي لم يعد يخدم الدول تلك، فوجودت من فكرة (الربيع العربي) وسيلة للتخلص منه عبر دعم (الثوار) ميدانياً حيث وصف العناصر المقاتلة هذا الدعم بالمقنن والمحدود حتى لا ترجح الكفة للمقاتلين بسرعة .


الثورة الحقيقية هي الثورة التي يقوم بها البسطاء ويستفاد منها البسطاء، والحركة الثورية الصحية السليمة يجب أن تحوي جميع الأفراد من مختلف الثقاقات والأديان والميول ، وترك النخب العلمية والثقافية و السياسية قيادة الحركة لها، ولكن الفرد الثوري ليس إنساناً جيداً بالمطلق، وللأسف نعاني من انعدام وجود النخبة الثورية الجيدة التي تصلح للقيادة، فالنخب إما مغيبون أو لهم أجندتهم، أو بعبارة أخرى لا نصلح حالياً لأي عمل جماعي سياسي ثوري، فلهذا ليست كل ثورة ..حق! ليست كل ث


 


 





ورة حق !

العلامات

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!