الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • ماذا بعد يا تجار القضية الفلسطينية.. ألم تكتفوا ببيع شعارات؟

ماذا بعد يا تجار القضية الفلسطينية.. ألم تكتفوا ببيع شعارات؟
سامي خاطر

عادة ما يلجأ المفلسون سياسياً إلى استخدام الشعارات والخطاب الديني والمذهبي والعرقي كوسيلة للوصول إلى السلطة والبقاء فيها، وقد شبعنا حد التخمة من بيع الشعارات والتجارة بالقضية الفلسطينية التي احترفتموها كتجارة رائجة لكم تصب في مصالحكم ومصالح أعداء القضية الفلسطينية.. تجارةٌ قتلتم بها الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية الأصيلة، ولا نستبعد أن يكون ذلك بالتنسيق بينكم وبين الغرب، وسئمنا كذبكم وتضليلكم الذي اعتدناه منذ تسلقكم السلطة بعد أن سلبتم الثورة من الثوار الوطنيين في إيران بدعم من الغرب.

تجار القضية الفلسطينية

تجار القضية الفلسطينية هم الأشخاص أو الجماعات التي استغلت وتستغل القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، وحقيقة الأمر أن هؤلاء التجار لا يهتمون بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بل يهتمون بمصالحهم الخاصة فقط ، وتجار القضية الفلسطينية الذين نعنيهم في هذا المقال هو نظام الملالي الحاكم باسم الدين في إيران ولكون القضية الفلسطينية قضية دينية مقدسة لدى المسلمين اتخذها نظام ولاية الفقيه (نظام الملالي) شعاراً ووسيلة للاستعراض والمتاجرة والمزايدة دعماً لوضعه السياسي الهش وتمهيداً لبسط نفوذه ونشر فكره المتطرف وفرض رؤيته وشروطه بعضاً أو كلاً على دول المنطقة والعالم بعد أن أصبحت لديه أوراق وأدوات فلسطينية يلعب ويقامر بها ومن خلالها؛ عدا على تأثيره المباشر في مسار القضية الفلسطينية وتعطيله لمسيرة شرعيتها نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

كيف تمت المتاجرة بالقضية الفلسطينية؟

يمكن تقسيم تجار القضية الفلسطينية إلى عدة فئات منها:

الأحزاب والحركات والشخصيات السياسية: مثل بعض الأحزاب والحركات السياسية، الذين يستخدمون القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية.

كبير التجار نظام الملالي الحاكم في إيران: يتاجر نظام الملالي بالقضية الفلسطينية منذ قيامه قبل 44 سنة وأعلنها حباً دفينة على منظمة التحرير التي تمثل الشرعية الفلسطينية من خلال شق الصف الوطني الفلسطيني ودعم جماعات فلسطينية خارج إطار منظمة التحرير، وبذلك قوّض الملالي كافة المساعي الرامية لقيام الدولة الفلسطينية.

جماعات إسلامية: قيام بعض الجماعات الإسلامية باستخدام القضية الفلسطينية لتعزيز بنيتها ومواقفها السياسية بما يعود بالنفع عليها.

ملالي إيران يتاجرون بالقضية الفلسطينية بالتنسيق مع الغرب

تاجر ملالي إيران بالقضية الفلسطينية من خلال تقديم الدعم المالي والعسكري لحركتي الجهاد وحماس الإسلاميتين اللتين تسيطران على قطاع غزة، وقد كان الهدف من ذلك تقويض عملية السلام وإعادة القضية الفلسطينية إلى المربع الأول مربع اللا دولة واللا وجود، وقد كان وجود حركتي الجهاد الإسلامي وحماس في الكيان السياسي الفلسطيني أكبر دعم للاحتلال الغاصب للأراضي الفلسطينية وهو ما يسعى إليه الغرب ويرجب به خاصة وأن نظام الملالي الحاكم في إيران مُستعدٌ لذلك مقابل البقاء على سدة الحكم في إيران، ولا زال الغرب يقدم دعمه للملالي في هذا الإطار على الرغم من الجرائم والانتهاكات الصارخة التي يرتكبها الملالي بحق الشعب الإيراني.

يعلم القاصي والداني بأن ملالي إيران يقدمون كامل الدعم علانية للفصائل الفلسطينية التي تسير في فلكها وهذه بعض الأدلة التي تدعم ذلك ضمن متاجرتهم بالقضية الفلسطينية:

قدم ملالي إيران مئات الملايين من الدولارات لحركتي حماس والجهاد الإسلاميتين، كما قامت بتزويدها بالأسلحة والتدريب العسكري.

ساعد ملالي إيران حماس في تطوير أسلحتها ومن بينها الصواريخ.

سعي ملالي إيران إلى هدم أي نوع من الوفاق الوطني الفلسطيني من خلال دعمهم التام لجماعات فلسطينية بعينها وتأجيج نيران الشقاق بين المناضلين الفلسطينيين بدلا من الدفع إلى توحيد الصفوف من أجل مواجهة العدو ونيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

عواقب التجارة بالقضية الفلسطينية؟

لم يكتفِ تجار القضية الفلسطينية بيعاً ولا شعارات وما زالوا على دأبهم المعهود وسيبقى الحال على حاله لطالما بقي نظام ولاية الفقيه الحاكم على إيران حاكماً متسلطاً وعلى دول وشعوب المنطقة مهيمناً ومتنفذاً هادماً، وهذا حال القضية الفلسطينية وتلك هي غزة على وشك أن تكون ذكرى وأهدروا حقوق الشعب الفلسطيني وأضعفوا الدعم والإسناد الدوليين له، وهذا هو حال اليمن والعراق وسويا ولبنان وكل ذلك نتاجٌ لمتاجرة الملالي بالقضية الفلسطينية والمتاجرة والتشدّق بشعارات جوفاء لا صدق ولا خير فيها، وقد وصل بنا الحال إلى رفض أجيالنا الأخيرة لعقائدنا الكريمة كردة فعل منهم على ممارسات أنظمة كنظام الملالي وكيانات متطرفة أخرى تسير في فلكه مدعين باسم الدين والدين منهم براء.

الحل

في واقع كالذي نعيشه وتعيشه المنطقة اليوم لا حل يتقدم على القضاء على كبير التجار بالقضية الفلسطينية وأساس دمار وخراب المنطقة خدمة للغرب ومخططاته ومصالحه، وتبني تفعيل دورٍ فكري وسياسي تعبوي للشعوب العربية والإسلامية في دعم القضية الفلسطينية ورفض أي محاولات للاستغلال السياسي أو المالي للقضية، ولا خلاص للمنطقة إلا بزوال نظام الملالي وأذنابه من المنطقة من خلال دعم الشعب الإيراني والمقاومة الوطنية الإيرانية في مشروعها الرامي لإسقاط النظام وإقامة بديل ديمقراطي يلبي مطالب كافة مكونات الشعب الإيراني، ويحترم الجوار والروابط التاريخية بين دول المنطقة.

الخاتمة:

في نهج أنظمة كنظام الملالي كل شيء قابلٌ للبيع والتجارة مهما بلغت أهميته وقدسيته، فماذا نتوقع ممَن يبيع دينه بدنياه ويبدل الحق بالباطل وترجاه؟ وماذا نتوقع ممَن لا يعتبر لدماء الشهداء وكد وكدح الفقراء ورقة حالهم وهم رعية الله ورجاه، ولا وقار ولا رجاء فيمَن لم يحترم حيائه وهو في أرذل العمر.. ماذا يمكننا أن نتوقعه أنا وأنتم وكلنا جميعاً ممَن باع حقوق الشعب الإيراني ومقدساته.. وماذا نتوقع ممَن ينال من كرامة وعفة أبناء شعبه؛ وقد كان من المفترض أن نُدرك جميعاً أن من يسمي ويصف حقن دماء شعبه ودماء المسلمين بـ تجرّع كأس السم سوى أنه لا علاقة له بالرشد والصلاح والصدق والوفاء، وكان الأجدر بنا كعرب أن نتّعظ من تجارب نظام الملالي التاريخية، وأن نؤمن بالتاريخ ودوره في بلورة حياتنا فقد توافرت صفات النفاق الشرعية في ملالي طهران المنادين باسم الدين حيث خانوا الأمانة ونقضوا العهود وفَجروا في الخصومة إلى أبعد الحدود، وفوق كل هذا يتجرد نظام الملالي من الحياء وقيم العُرف والدين ويتهم منظمة مجاهدي خلق بالنفاق والشيطنة علماً بأنهم أصدق منه في عقيدتهم وآثروا الجهاد بالزهد والعفاف ونقاء اليد والسريرة على السلطة ماضين على طريق إحقاق الحق منذ ستين عاماً من التضحيات، ولم يمسوا حتى أعداءهم في أعراضهم لا في فرقة الشاهنشاهية الطاغوتية ولا في فرقة الملالي الرجعية الظلامية.. فهل نأتمن الملالي وهم لا ثوابت ولا عهد لهم على أقدس قضايا العرب والمسلمين والمسيحيين وهي فلسطين وأقصاها وكنيستها؟

 لم تكتفوا أيها الملالي بشعاراتكم ومناوراتكم منذ خطاكم الأولى ولم يبدر عنكم أي فعلٌ صادق بشأن القضية سوى قيامكم بشقّ الصف الوطني الفلسطيني ودعمكم لقوىٍ لا تمثل الشرعية الفلسطينية فقمتم وإياهم بالمغامرة بحق الشعب الفلسطيني في قيام دولته المعاصرة المشروعة على أرضه المغتصبة، وما كان نهجكم المتدني هذا إلا دعماً للمحتل ومخططات الغرب بعيدة المدى الرامية إلى تركيع دول وشعوب المنطقة، وما كان نهجكم المشين هذا حتى داخل إيران إلا هدما للروح المعنوية والقيم والثوابت الدينية لدى المجتمع الإيراني الذي سئم من شعارات الادعاء والنفاق باسم الدين بعد أن عرِف حقيقة الادعاء والنفاق باسم الدين والمذهب، ولم يكن الشعب الإيراني بعيداً دينه وعقيدته لا قبل الملالي ولا أثناء حكمهم ولن يكون كذلك بعدهم؛ لكن نهج الشعارات هذا أرهقه وقضى على مستقبله ولا يمكن للشعارات أن تأتي بنتيجة مرجوة على كافة الأصعدة داخل إيران وخارجها، وبعد أن فُضِحت أكاذيب الملالي وشعاراتهم لم يعد حتى الصبية في إيران يكترثون بالملالي ولا بشعاراتهم ولا يطئون أعلام ما يسمونه بقوى الاستكبار العالمي التي يضعها الملالي على أرضية الشارع بعد أن رأوا حجم العلاقة الحميمية بين الملالي وهذا الاستكبار الذي يدعم الملالي سياسياً ومادياً.

دأب نظام الملالي في حكمهم على إطلاق وتسويق الشعارات والدعايات التي من شأنها تسويق ذاته والحفاظ على وجوده، وقد تطلب ذلك بناء أذرع خارجية له لتنفيذ أجندته ومخططاته ونشر فكره المتطرف ودعاياته وها هي النتائج في فلسطين وغزة والعراق ولبنان وسوريا واليمن.. فهل سننتظر المزيد من الكوارث على يد الملالي أم سنقف إلى جانب الشعب الإيراني ومقاومته الوطنية المؤسساتية في مشروعهم من أجل إعادة صياغة المنظومة السياسية في بلدهم وإحلال حكمٍ ديمقراطي عادل تقدمي يحترم القوانين والأعراف الدولية وحسن الجوار.

تقترب منطقتنا من حافة الجحيم، فهل نستدرك الأمر وننقذ ما تبقى من سيادة بلداننا ومقدرات شعوبنا؟

 ليفانت - د. سامي خاطر

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!