الوضع المظلم
الجمعة ١٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
ماذا لو تعايشت إيران؟
خالد الجاسر

ماذا لو تعايشت إيران؟ ومُحاولة تصوير زعماء الدين المعممين بأوامر فرد، أن الاحتجاجات الغاضبة هي انتفاضة انفصالية كُردية، وليست بسبب وفاة مهسا أميني، بل وصوروها بأنها "مؤامرة سياسية" أشعلتها جماعات كردية انفصالية، لا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، فجعلوها قضية عرقية كردية وليست قومية بحجة أنها تُهدد وحدة الأمة وليس حكم رجال الدين. في حين كان التضامن الكبير بين الجماعات العرقية المختلفة بإيران في تلك الفوضى بكافة مناطق البلاد قد قوض جهود النظام وحرسه المتشدد.

ماذا لو تعايشت إيران؟ وانقسام المشهد السياسي الإيراني بين من يحذرون من أن أحادية نظام إلاهي، يُشكل تهديداً من شأنه تفتيت البلاد، وبين من يؤمنون أن النظام الأحادي هو وحده من يمكنه الحؤول دون وقوع كارثة الاستياء الشعبي منذ وصوله للحكم اللإسلامي عام 1979، بورقة انتخابات قدمت للإيرانيين وعوداً واهية بالإصلاح لتتكشف حقيقتها يوماً بعد يوم بحُكم فردي مُطلق للمرشد الأعلى البالغ من العمر 83 سنة، يحميه الحرس الثوري IRGC، فالانتخابات هي المنفس الوحيد للنظام في حالات الاضطراب التي تطرأ على المجتمع الإيراني- كتولي رئيسين إصلاحيّين مثل محمد خاتمي عام 1997، وحسن روحاني عام 2013، لتختلف في أغسطس 2021 بانتخاب الرئيس المتشدد رئيسي، لتتحول الجمهورية الإسلامية لفردية سياسية بعد عزل كبار السياسيين الإصلاحيين، والبراغماتيين والمحافظين الأكثر اعتدالاً في البلاد بواسطة سلسلة من الانتخابات المُسيسة لإنتاج ما يرغب المُرشد في تحقيقه، بالوكالة عبر ميليشيات إرهابية دمرت لبنان وأحرقتهُ ونهبت خيرات العراق، ومحت الوجود السوري وشرعيته وأنهكت الشعب اليمني بحوثي خائن لأرضه، لتتخوف كافة الأطراف من شبح انهيار الدولة، ولكن من أن يطرأ انهيار حضاري ينتهي بانفجار الدولة تاريخي يُنهي حياة النظام ككل.

ماذا لو تعايشت إيران؟ والاستياء الشعبي لسياسات أرهقت الشعب اقتصادياً، وزادت من تخللاته المُجتمعية واللاأخلاقية عكست فشلها بزيادة البطالة والتهميش، ليخشى الجنين قبل أن يتكون في أحشاء أُمِ إيرانية، أن يحيا في بيئة الخميني وأولوهيته الفردية، ضجت بها احتجاجات الأعوام الماضية، وأشعلت شرارتها "مهسا أميني"، وحجبت السلطات الإيرانية تطبيقي إنستغرام وواتساب لكن زادت البلاد فوضى واتسعت رقعة الاحتجاجات حتى طالت السجون، كسجن إوين في طهران، رغم إساءة معاملة السجناء وهم من سجناء سياسيين وأجانب، ليرد إبراهيم رئيسي "بالحزم" مع المتظاهرين، بل وهدد رئيس السلطة القضائية بـ"عدم التساهل"، ليخيب مسعاهم، وفق دراسات بموافقة حكومية، بينت أن حوالى 70 % من النساء الإيرانيات لا يتقيّدن بشكل كامل بقوانين اللباس المفروضة، ليُحرجوا دعاة "إسلامية" دولتهم بعد 43 عاماً من قيامها، دون النسبة التي ترتدي "التشادور الإيراني"، الذي نددت بقمعه مثيلاتها من النساء ابنة الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ليتم اعتقالها وأخريات مثل بارفانيه صلاح شوري إصلاحية وعضو سابق في البرلمان.

ماذا لو تعايشت إيران؟ وشجاعة النساء الإيرانيات في مقاومة شرطة اللاأخلاق في تحدٍّ مباشر للقيود التي يفرضها الخميني في كل زوايا الحيز العام في إيران وطلب رحيله، حيث تحول كل حجاب، لكل سيدة في إيران، إلى سلاح رمزي ضد نظامه البائس، وقضية جامعة وحدت شرائح المجتمع كافة، وحشدت حولهن الدعم العالمي، حتى لجأت طهرن لعناصر من "حزب الله" اللبناني و"الحشد الشعبي" العراقي لمُساعدة قوات الباسيج الإيرانية أو ما يعرفون بـ"أصحاب الزي المدني" في قمع الاحتجاجات الشعبية الموثقة عبر تسجيلات مصورة لرجال ينطقون العربية وهم يضربون المتظاهرين المشاركين في الاحتجاجات والتي تقودها نساء إيران ممن طلبن إنهاء حكم الملالي برمته، حيث يتوقع أن تقوم الحكومة باعتماد سياسات جديدة تؤدي إلى تخفيف بعض القيود المفروضة على ارتداء الحجاب من دون تغيير القانون نفسه لإطفاء تلك النيران المُستعرة

 

.

ليفانت - خالد الجاسر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!