مطارق دهاقنة السياسة وقمة طهران

هناك القليل من الإلحاح أو الزخم العالمي أمنياً وإظهار الدول الثلاث عدم جدوى المحاولات الأمريكية الأوربية لاحتوائها، وفشلها بعد إعلان الولايات المتحدة عن أهدافها الرامية إلى عزل كلّ من روسيا وإيران.

بل وفساد أهدافهم التي لم يخرجوا بها من قمة جدة الناجحة بالنسبة لمحور (الدرون والنووي)، (فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان وإبراهيم رئيسي) في قمة أطلقوا عليها "قمة طهران" في خطوات مشتركة محددة، لكن ليست لدفع التسوية السورية، تحت أعيُن المُرشد الأعلى علي خامنئي، بل وكأنها رد على أمريكا وجولة بايدن العجوز في الشرق الأوسط، وهو ردّ جيوسياسي قوي، وإن شئت فلنقُل تتويجاً لخمس سنوات من جهود حلّ النزاع بين الرئيس السوري بشار الأسد وفصائل المعارضة.

إن بيع طهران أسلحة إلى دولة نووية، كروسيا، سيُشكّل علامة فارقة بالنسبة لإيران، وفي حال تأكدت معلومات واشنطن بتزويد روسيا بعدة مئات من الطائرات المُسيّرة، من بينها طائرات ذات قدرة على حمل أسلحة، وأن طهران تستعدّ لتدريب القوات الروسية على استخدامها. هنا وقفة: لا بُد وأن ينتبه الجميع، خاصة دول الخليج العربي، لتلك الطامة، وعليها تنويع مصادر أسلحتها، دون الاعتماد على أمريكا وحدها، لصد ما يُمكن أن يكون هجوماً من أي نوع أو لردع العمليات الإيرانية بالمنطقة، بل وعلى واشنطن، والناتو بالأخص، أن يترقبا موتهما إذا تم بيع طائرات مقاتلة بدون طيار لروسيا، وقد هلكت أوكرانيا والاتحاد الأوربي وصولاً للبيت الأبيض.

إذاً تلك التحالفاتٍ المُمتدة لمواجهة القطب الثُلاثي والصعود الصيني، وسياسة الاحتواء من كافة الأقطاب للشرق الأوسط والعالم العربي، سيجعل العالم ناظريه عليهما دون خسارتهما، فحينما تولى رونالد ريجان رئاسة الولايات المتحدة، وكانت الحرب الباردة على أشدّها، لم ينسنَ العالم عام 1981، ودخول السوفييت أفغانستان، ثُم مواجهة أمريكا "الحليف السابق" إيران بعد احتلال سفارته واحتجاز مئات من الدبلوماسيين الأمريكيين، ليُنقذ "ريجان" حينها وحنكة مُستشاريه، أهمية العالم العربي وثقل منطقة الشرق الأوسط، بدليل أن رفاق الإدارة البايدنية تعلموا الدرس وحضروا قمة جدة التي خرجوا منها بـ 18 اتفاقية دون حلول لأهدافهم الأخرى، خاصة في زخم التحديات النفطية والأمنية. فهل تُبدي "صيغة أستانا" بطهران ما خفي في جولة بايدن؟

إن العلاقات الاقتصادية بين إيران وروسيا آخذة بالتطور، في ظل مواجهتهما نفس العقوبات من الخصم المُشترك (أمريكا وناتو الغرب)، ليكون شريكهم الثالث ضداً في عدد من القضايا، ألا وهي سوريا المُمزقة، علماً بأن الضغط الإيراني – الروسي "سيمنع العملية التركية" فيها، ليكون للدولة السورية صديقين من أصل ثلاثة في قمة طهران، إذاً، لم يكن مسار أستانا في صالح مناطق شمال وشرق سوريا في يوم من الأيام، كما أنني لم أقتنع أن القمة كلها من أجل دولة لا سيادة لها، وكأنها غطاء لما وراء الرد على قمة جدة العربية الأمريكية.

لعل الأيام القادمة ستمنحنا فرصة لمعرفة نوايا الجميع، في ظل انتشار إعلانات في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب المريضة عن كيفية التعامل مع الأسلحة النووية أو البيولوجية في حال قامت قيامة الحرب التي يُهدد بها بوتين وغيره وكأنها "لبانة" في أفواه "دهاقنة السياسة والصحافة".