الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
مفاوضات روج آفا وشمال وشرق سوريا
فتح الله حسيني

تشهد روج آفا من جهة، وشمال وشرق سوريا من جهة أخرى، سلسلة مفاوضات مرتقبة وكثيفة، سواء برعاية أمريكية أو برعاية سورية سورية، وذلك على جبهتين مختلفتين.


روج آفا أطلقت مشروع التقارب الكردي – الكردي للتوافق حول مسائل سياسية وإدارية وعسكرية بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية "ب ي ن ك" وأحزاب المجلس الوطني الكردي "أنكسي"، برعاية أمريكية وبمبادرة من القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، وشاب تلك المفاوضات الكثير من اللغط والكثير من التشويش الإعلامي من قبل بعض أقطاب الطرفين في رفضهما للمشاريع المطروحة، ويبدو أنّ ذلك يضرّ بمصالح الكثير من الشخوص والأحزاب إذا تم تتويج تلك المفاوضات من أجل ترتيب البيت الكردي حيال التحديات الخطرة المقبلة والتحديات القائمة، داخلياً من قبل النطام السوري، وخارجياً من قبل تركيا، التي تتوائم حدودياً مع سوريا لأكثر من 800 ألف كيلو متر.


شمال وشرق سوريا، من جانبها، أطلقت مشروع التوسع في هيكليتها وفق قرار مجلس سوريا الديمقراطية المتخذ في مؤتمره الأخير في منطقة "ديريك"، إذ يستوجب وفق ذلك القرار جذب أكبر قدر من فصائل وتكتلات المعارضة العربية في هيكلية مجلس سوريا الديمقراطية، لترسيخ مبدأ التوافق السوري – السوري داخلياً، وأهم ما سيتم جذبه والحوار معه أكبر كتل المعارضة العربية الداخلية، وهي هيئة التنسيق الوطنية، بعد أن تم توقيع مذكرة تفاهم من قبل مجلس سوريا الديمقراطية مع حزب الإرادة الشعبية، برئاسة قدري جميل، والذي يمثّل في الوقت نفسه رئيس منصّة موسكو المعارضة، كأحد أهم منصّات المعارضة في الخارج بدعم روسي.


إنّ طرح المفاوضات المكثّّفة وبرعاية سورية – سورية، سيعزّز مؤكداً موقف مجلس سوريا الديمقراطية داخلياً أكثر، وكذلك سيعزّز من موقها حيال التدخلات الخارجية، وخاصة التركية، وأيضاً سيقوّض الاستفزازات الآتية من جانب النظام السوري، وربما يهدأ من غروره الفضفاض، ويجبر موسكو للضغط على النظام بقبول الحوار الجدي والمسؤول للوصول الى تسوية سياسية، وإن كانت مؤقتة حتى رسم ملامح الحل دولياً، وأيضا بتوافق روسي – أمريكي. إنجاح المفاوضات الكردية، وأيضاً، إنجاح المفاوضات السورية المرتقبة سينعكس إيجاباً على الوضع برمته، وربما يشكل قفزة جديدة في المشاريع المطروحة للحل سليماً بعد أن فرضت لغة العسكرتاريا على الشعوب السورية من الخارج، ولكن بكل تأكيد سيكون الحل في الداخل. وسط كل الحوارات الجارية والتي ستجرى لاحقاً، لم يخرج من النظام السوري أية مبادرة تجاه كل ما يجري في روجآفا أو في شمال وشرق سوريا، وأيضاً وسط تقارب روسي وأحياناً عدائي للمشاريع القائمة، في موقف متذبذب من أهم الدول الراعية للصراع والحل معاً وهي روسيا.


عملياً، سيترتب على الراعي الأمريكي الجديد الذي يشرف إلى جانب مظلوم عبدي على المفاوضات الكردية أخذ هاتين المسألتين بأنّهما خارطة طريق للحل في ثلث الجغرافيا السورية، ولا بد أن يكون للروس أيضا موقف إيجابي حيال ما يتم من مؤتمرات التفاوض بعد أن لم تستطع موسكو ترويض طهران وأنقرة على قبول الحلول المطروحة. الجانب الأمريكي ملزم أيضاً إذا أراد تمرير مصالحه في شمال وشرق سوريا بعد الوجود العسكري والدعم اللوجستي الكبير لقوات سوريا الديمقراطية، بدعم وتأييد الحل السوري السوري، وهذا الإلزام ليس أخلاقياً أو إنسانياً فحسب، وإنما تبادل مصالح أمريكا مع مصالح الكرد عسكرياً، وربما سياسياً لاحقاً، لفرض الحل داخلياً، وإجبار النظام على قبول الحل، لا سيما وأنّ الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة ستشكل رهاناً جديداً للأسد وسط تدهور الوضع الأمني والسياسي والحصار الاقتصادي الخانق.


فتح الله حسيني


ليفانت - فتح الله حسيني


 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!