-
مليشيات أنقرة وكورد سوريا.. التعذيب روتين يومي ومُمنهج
تعيش المناطق السورية الخاضعة لسلطة تركيا، عبر أدواتها السورية العسكرية المسماة بـ"الجيش الوطني السوري"، والتي يعتبر "الائتلاف الوطني السوري" واجهتها السياسية، أوضاعاً أقل ما يمكن أن توصف به بانها مزرية، من رأس العين إلى تل أبيض، ومن جرابلس، مروراً بالباب وإعزاز ومارع والراعي، لكن "عفرين" ذات الخصوصية الكردية، كان لها حصة الأسد من الانتهاكات.
اقرأ أيضاً: أردوغان يناشد دعم الحلفاء في عمليته العسكرية شمال سوريا
إذ تسود حالة فوضى ممنهجة إلى حد بعيد، لقدرة الجانب التركي على ضبط الأمور لو ملك الرغبة والإرادة لذلك، لكن حالة الفصائلية والمنفعة والعطايا حسب الولاء وتنفيذ الأجندات التركية، هو الأنسب لأنقرة، التي ترى كيف يرتكب مسلحو مليشيات "الجيش الوطني السوري"، جرائمهم، وعلى رأسها التعذيب والإخفاء القسري، والإتجار بالبشر عبر فرض فدى مالية مقابل إطلاق سرح المعتقلين، وأغلبهم مدنيون "من المكون الكردي" لا حول لهم ولا قوة.
سجون أردوغان السرية.. واغتصاب النساء
وبالصدد، قالت صحيفة "أحوال" التركيّة المعارضة في تقرير نشرته في الخامس عشر من أبريل الماضي، بعنوان “سجون أردوغان السرّية في سوريا”، إنّه بينما كانت انتهاكات حقوق السجناء في تركيا من أبرز ما جاء في تقرير الخارجيّة الأمريكيّة حول أوضاع حقوق الإنسان في تركيا، تسرّبت معلومات عن وجود سجون سرّية تتبع الحكومة التركية في شمال سوريا الخاضع لسيطرة أنقرة بشكل مباشر، حيث تمّ احتجاز العديد من الأشخاص وتعذيبهم دون تقديم أيّ اتهامات رسميّة.
وبحسب جوناثان سبايدر من صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، فإنَّ تصريحات المحتجزين في هذه السجون والذين تمَّ إطلاق سراحهم تم تسجيلها، وذكر سبايدر أنَّ الملف المرسل إليه احتوى على بيانات وصور، وأنّ الملف نفسه تمّ تقديمه أيضاً إلى الولايات المتحدة، وأنهم كانوا متأكدين من دقة الوثائق التي فحصها الخبراء من قبل مجموعتين منفصلتين لحقوق الإنسان.
اقرأ أيضاً: الاستيلاء على "سد الطبقة".. هدف تركي رئيسي من غزو شمال سوريا
وتطرق التقرير حينها، إلى قصة المواطنة ناديا سليمان التي كانت محتجزة في أحد هذه السجون التركيّة شمال سوريا، وأنّه بعد شهرين من اختفاء زوجها، في يونيو 2018، نقلها الأشخاص الذين قالوا إنهم سيأخذونها إلى زوجها المختطف في عفرين، لتعتقل بعد ذلك، وتمر بأيام مروعة، وتوجّه إليها تهمة تأييد النظام السوريّ وحزب العمال الكردستاني، وتعرضت للتعذيب الممنهج يومياً وللاغتصاب المتكرر.
وذكرت ناديا وجود عددٍ لا يحصى من السجون غير الرسميّة في شمال سوريا، وأنَّ 11 امرأة أخرى كن محتجزات معها، وأن هذه الأماكن تدار من قبل المخابرات العسكريّة التركية، وقد تم استجوابها بشكل متكرر من قبل المسؤولين الناطقين باللغة التركيّة، وفي إشارة إلى تعرض السجينات الأخريات لنفس المعاملة السيئة، قالت سليمان إن الأطفال المحتجزين في هذه السجون غير الرسمية لا يتم فصلهم عن سوء المعاملة، وأوضحت ناديا سليمان أنه تم إعطاؤهم أدوية غير معروفة، وتعرضوا للصعق بالكهرباء، كما يتم رشّهم بالماء البارد باستمرار في الشتاء.
وأُفرج عن ناديا بعد إخفاء قسريّ واحتجاز غير قانونيّ لمدة 29 شهراً، وأدلت بشهادتها للرأي العام عن حالات التعذيب والاغتصاب في سجون مليشيا “الحمزات”، والاستخبارات التركيّة، وفي شهادتها الجريئة أكدت بالفعل تعرض كلّ امرأة من النساء المحتجزات للتحرش والاغتصاب والشتائم، وصنوفٍ متعددة من التعذيب بطرق شتى أمام وبمشاركة جنود وعناصر من المخابرات التركية، ولفتت إلى أنّهم عذبوها، وصوروها، وأنّها ذاقت التعذيب في بادئ الأمر، ثم الاغتصاب مرات عدة، وذكرت أنّ حالات الاغتصاب طالت نساء أخريات، وقالت إنّها كانت شاهدة على وفاة شخصين تحت التعذيب.
التعذيب في عفرين.. روتين يومي
ولا يكاد يمر يوم، دون أن يكشف ناشطون من عفرين، عن عمليات تعذيب تطال المدنيين الكرد، على يد المليشيات السورية التابعة لتركيا، حيث من الصعب التطرق لها بالكامل، لكونها روتين يومي لا يتوقف، ولا يجري رصده بشكل كلي، ففي السادس من أبريل الماضي، أعلن ناشطون من عفرين عن اعتداء مسلح ميليشيا “لواء المعتصم” على مواطن من عفرين، بالضرب المبرح بعد أن طالبهم بمستحقاته المالية، ليتطور الأمر لأطلاق الرصاص في الهواء.
وفي الحادي عشر من أبريل، اعتدى عناصر من مليشيا “فرقة الحمزة” على راعي بالضرب المبرح في قرية كيماريه التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين.
وفي الثاني والعشرين من أبريل، أفاد ناشطون بتعرض مواطن من أهالي قرية وليكليه/ميدانا بناحية راجو، للضرب الشديد بواسطة قضبان حديدية من قبل مسلحي ميليشيا “فيلق الشام”.
اقرأ أيضاً: وزير الداخلية التركي يتفقد مستوطنات بلاده في شمال سوريا
وفي الثلاثين من أبريل، اعتدت ميليشيا “نور الدين الزنكي”، بالضرب والإهانة على مواطن كردي، لمطالبة والده باسترجاع منزله الذي استولى عليه أحد عناصرها، وهددته بطرده من قريته في حال تقدّم بالشكوى.
وفي الأول من مايو، اعتدى عنصر في ميليشيا “الشرطة العسكرية”، على مواطن كرديّ، بالضرب المبرح، وأطلق الرصاص فوقه، بسبب رفضه دفع “خوة” عن سيارته المحملة بالحطب من أرضهم، وذلك عند مدخل بلدة راجو.
فيما أعلن ناشطون في الثلاثين من أبريل، عن قتل ميليشيا “الجبهة الشامية”، مواطن بحجة أنه كان يرعى أغنامه في منطقة عسكرية في ناحية شرّا/ شران.
أيضاً، اعتقلت مليشيا "الشرطة العسكرية" في مدينة عفرين، في العاشر من مايو، الناشط المدني المدعو “محمود الدمشقي” بتهمة نشر معلومات “مضللة “عن متزعم في مليشيات “جيش الإسلام”،
فيما كشفت مصادر خاصة من مدينة عفرين لليفانت نيوز، في السابع من مايو، عن تعرض الشقيقين "محمد مصطفى محمود" و "مصطفى مصطفى محمود"، من سكان قرية "كفر صفرة" التابعة لناحية جنديرس بريف منطقة عفرين، للضرب المبرح.
وفي الثاني عشر من مايو، كشفت مصادر محلية من عفرين، عن إقدام عناصر يتبعون لميليشيا العمشات في قرية كاخريه بناحية معبطلي بالاعتداء بالضرب العنيف بحق الطفل الآن محمد حسو 10 أعوام، أمام مرأى أهل القرية، دون تمكن أحدهم من الاقتراب منهم خشية تعرضهم كذلك للاعتداء.
في سياق منفصل، قتل الشاب "جوان عبد الحنان" 33 عاماً، من سكان قرية خرابة شران التابعة لناحية شران بريف عفرين، حياته تحت التعذيب في إحدى سجون هيئة تحرير الشام في مدينة إدلب، وذلك بعد مرور فترة سنة ونصف على اختطافه.
انتقادات واسعة
هذه الوقائع وغيرها، تدفع المنظمات الدولية وبعض الجهات الحكومية إلى إعلاء صوتها رفضاً لتلك التجاوزات، وبالصدد، أفادت منظمة العفو الدولية في التاسع والعشرين من مارس الماضي، بأن الميليشيات التابعة لتركيا تواصل تعريض المدنيين في عفرين ورأس العين لمختلف صنوف التعذيب والاعتقال والمعاملة السيئة.
وقالت “استمر الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، في تعريض مدنيين في مدينتي عفرين ورأس العين شمالي البلاد للاحتجاز التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة والاختطاف"، وأضافت أن “الجيش الوطني السوري، وهو ائتلاف من جماعات مسلحة موالية لتركيا، استمر في ارتكاب مجموعة من الانتهاكات ضد المدنيين، وأغلبهم من الأكراد السوريين، في مدينتي عفرين ورأس العين".
اقرأ أيضاً: دعوة أممية لأستراليا.. أعيدوا دواعشكم من شمال سوريا
ونقلت عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن الميليشيات المسلحة التابعة للاحتلال التركي قامت بتعذيب المعتقلين أثناء استجوابهم من أجل انتزاع “اعترافات”، مشيرةً إلى أن المعتقلين حرموا من “التمثيل القانوني ومن الاتصال بعائلاتهم خلال احتجازهم في مراكز احتجاز غير رسمية".
في حين نشرت وزارة الخارجية الأميركية، منتصف أبريل الماضي، تقرير حقوق الإنسان في العالم، وقال التقرير الخاص بسوريا، إن الوضع الأمني غير المستقر في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعات المعارضة المسلحة، أسهم في تعزيز بيئة ارتكبت فيها انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والإيذاء البدني الشديد والاختطاف.
وقال إن الجماعات الإرهابية المسلحة، مثل هيئة تحرير الشام، ارتكبت مجموعة واسعة من الانتهاكات، بما في ذلك عمليات القتل والاختطاف غير المشروعة، والإيذاء البدني الشديد، ومقتل المدنيين أثناء الهجمات التي وصفتها لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا بأنها عشوائية.
اقرأ أيضاً: المبعوث البلجيكي لسوريا: سنسعى للاعتراف بـ"الإدارة الذاتية" شمال سوريا
وقال التقرير إن جماعات المعارضة السورية المسلحة المدعومة من تركيا في المنطقة الشمالية من البلاد ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان، حيث أفادت التقارير بأنها استهدفت السكان الأكراد والإيزيديين وغيرهم من المدنيين، وشملت انتهاكاتها عمليات القتل خارج نطاق القانون، الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري للمدنيين، التعذيب، العنف الجنسي، عمليات الإجلاء القسري من المنازل، ونهب الممتلكات الخاصة والاستيلاء عليها، ونقل المدنيين المحتجزين عبر الحدود إلى تركيا، وتجنيد الأطفال، ونهب وتدنيس الأضرحة الدينية.
وأخيراً، أصدر مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في وزارة الخارجية الأمريكية، في الرابع والعشرين من يونيو الجاري، تقريره السنوي عن حرية الأديان في سوريا لعام 2021، وتحدث التقرير عن أنَّ جماعات المعارضة السورية المسلحة المدعومة من تركيا قد ارتكبت انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب وأخذ الرهائن والنهب، والاستيلاء على الممتلكات الخاصة، لا سيما في المناطق الكردية، فضلاً عن تخريب المواقع الدينية الإيزيدية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!